“أنتو قلتو أنو هذا القانون قانون حماية كاشفي الفساد؟” نقاش حول الحماية والحوافز الواقعية لكاشفي الفساد في لبنان


2018-10-19    |   

“أنتو قلتو أنو هذا القانون قانون حماية كاشفي الفساد؟” نقاش حول الحماية والحوافز الواقعية لكاشفي الفساد في لبنان

بتاريخ 24/9/2018، أقرّ مجلس النواب اقتراح القانون الرامي إلى حماية كاشفي الفساد، وذلك في الجلسة المسائية من اليوم الأول للجلسات الاستثنائية التي عقدت في 24 و25 أيلول الفائت والتي عرفت “بتشريع الضرورة”، وقد شكلت بالواقع جلسة لإقرار القوانين التي يتطلبها مؤتمر CEDRE. أما الانطباع الأولي الذي يمكن أن نستشفه من النقاش الذي دار حول الموضوع والذي شارك فيه نحو 26 نائبا منهم رئيس الحكومة ووزير المالية إلى جانب وزير العدل، فهو إنطباع سلبي مفاده أنه لن يكون هناك في المستقبل القريب كاشف جدي للفساد وذلك لعدة أسباب أبرزها ما صرح عنه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أنه”لم يتم تشكيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (الهيئة) بعد”. إلى ذلك، انحصرت المناقشات النيابية في طرق حماية كاشفي الفساد إزاء ما قد يتعرضون له من تدابير انتقامية وطرق تحفيزهم. وكلام النائب جميل السيّد الذي اعتبر بأن”الكاشف إذا كان سيصرح عن كامل هويته فإن أحداً لن يتقدم حتى لو أعطي كل الضمانات، إذا لم تتحدد آلية سليمة لذلك وبالتالي فإن هذا القانون لن يكون قابلاً للتنفيذ”. وكان السيد النائب الوحيد الذي سجّل اعتراضه على هذا القانون.

 

قانون معلق على مشروع قانون إنشاء الهيئة

بدأت مناقشة هذا القانون بمداخلة لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وذلك بناءً على طلب رئيس مجلس النواب نبيه بري فتحدث متناولاً قانونيّ “حماية كاشفي الفساد” و”مكافحة الفساد في عقود النفط”. وقد قال: “البندان 4 و5 على جدول الأعمال من المهم جداً إقرارهما، لكن الأهم أن يتم إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وإلى الآن لم نقم بذلك، فيما أي شيء نود أن نطبقه من هذه القوانين يجب أن يتم عبر هذه الهيئة”.

فعلق النائب في كتلة الوفاء للمقاومة نواف الموسوي قائلاً: “لكن هذه مسؤولية مجلس الوزراء يا دولة الرئيس”.

فسأل الرئيس بري الرئيس الحريري عن تشكيل الهيئة قائلاً:وينها، خلصتوها إنتو بمجلس الوزراء شي؟”

فطلب النائب الموسوي الكلام وقال: اسمحلي أنا بجاوبك. فرد الرئيس بري: عم اسأل دولة الرئيس أنا.

لكن عوضاً عن الحريري، تحدث وزير الدولة لمكافحة الفساد نقولا التويني قائلاً: “إن مشروع الهيئة جاهز، كان لدى لجنة الإدارة والعدل وقد عملنا عليه وكنّا ننتظره قبل هذا القانون، لأنه يعدّ أم القوانين وأم منظومة مكافحة الفساد”. وهو بذلك ذكر أن المسؤولية الأولى هي لدى المشرع الذي يتعين عليه أن يضع القانون المنشئ لهذه الهيئة قبل أن يطلب من الحكومة تعيين أعضائها.

النقاش تناول المواد 1 وهي كناية عن “مصطلحات”، المادة 2 وتناول موضوع “شروط الاستفادة من الحماية والحوافز”، والمادة 3 التي تتعلق بـ “صلاحيات هيئات مكافحة الفساد”.

وعلّق الرئيس بري قائلاً: السيد نواف يقول أن هناك تناقضا بين القانونين (أي قانون حماية كاشفي الفساد، وقانون الهيئة الوطنية لحماية كاشفي الفساد).

فرد الموسوي قائلاً: كلا. بالعكس يا دولة الرئيس يوجد ترابط.

وتحدث النائب في كتلة الوفاء للمقاومة حسن فضل الله قائلاً: سبقني رئيس الحكومة. فعلّق الحريري ممازحاً: دايماً إنشاء الله.

وقال فضل الله: “لا أعرف كيف نقرّ قانونا عن هيئة ستنشأ لاحقاً”. وإذ رد عليه الرئيس بري “أنه لا يوجد مشكلة في ذلك”، يلحظ أن النواب كانوا أقروا فيما سبق قانون حق الوصول إلى المعلومة، بعدما أناطوا النظر في الطعون على رفض الإدارات العامة إعطاء المعلومات بهيئة مكافحة الفساد.

فتابع فضل الله: الملاحظة الثانية، الموظف، كان هناك جدل في اللجان المشتركة حول إن كنا نعتبر أن الذي شغل منصباً تشريعياً هو موظفٌ أم لا. إن الذي يشغل منصباً تشريعياً لا يوصف قانوناً بأنه موظف من هنا طلبنا حذف عبارة الذي يشغل منصباً تشريعياً.

واعتبر النائب جميل السيد أن “كل الأمور تدخل في بعضها البعض ذلك أن قانون مكافحة الفساد في المادة 19 منه يتحدث عن صلاحيات ومهام الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد فيما هي غير موجودة”.

ورأى النائب الموسوي”أن المسألة ليست مسألة نقاش بقدر ما هي مسألة تعريف”، وقال:”نحن في اللجان المشتركة، توقفنا عند تعريف الموظف وأحد الزملاء أحضر لنا تشريعات تبيّن أن الموظف هو كل من يعمل في إطار الدولة اللبنانية، وحتى لو كان رئيساً للجمهورية فإنه ينطبق عليه إسم موظف”.

ثم قام الرئيس بري بالتصويت على المادة الأولى برفع الأيدي فتم التصديق عليها، وكذلك الأمر بالنسبة للمواد  2و3.

كاشف الفساد: أي حماية إذا كان اسمه علنيا؟

أخذت المادة الرابعة من القانون مساحة عظيمة من زمن النقاش على مشروع القانون. وكان الخلاف حول إذا كان على الكاشف أن يعطي كل التفاصيل الشخصية المتعلقة به من اسم وعنوان سكن وعمل أم يكون الخيار له في هذا الأمر. وتحدّث السيد شارحاً معنى “كاشف الفساد” وهو “المخبر” في المفهوم المخابراتي، مستفيداً من خبرته السابقة كلواء. وقال: “الكاشف في المفهوم المخابراتي هو المخبر. خبرتنا السابقة بالأمن تسمح بأن نبدي رأينا في هذا الموضوع لأنه بالنهاية هذا مخبر وكلامه وشهادته تؤدي إلى خراب بيت فاسد وإلى إنعكاسات ستطال حياته. لكن المادة الرابعة تنص على أنه على الكاشف أن يتقدم بكشفه بأية وسيلة خطية (…) وعلى مستلم الكشف أن يسجل تاريخ حصول الكشف ومكانه وإشعار (..) ثم يجب أن يتضمن الكشف المعلومات التالية: الإسم الكامل للكاشف ونشاطه المهني، عنوانه وعنوان ورقم هاتفه، وإذا نظرنا بين المادة الرابعة والخامسة نجد كأنه يُحكم عليه تلقائياً بالإعدام. المخبر بالمبدأ العام عندما يقدم إخباراً، وقانوناً حسب النيابة العامة لا يُعرف عنه شيء. هنا الاسم يتم تداوله أمام هيئة طويلة عريضة وبالتالي أي وسيلة حماية ستصدر لاحقاً في المواد التي سنقرها. إذا هذان البندان لم يتم تصحيحهما، لن ينفع القانون: لأن أي كاشف إذا كان سيأتي ويعرف عن نفسه ويعطي عنوانه فإن أحداً لن يتقدم وبالتالي لا يمكن السير بالقانون، لأنه لن يوجد كاشف فساد واحد حتى لو أعطي كل الضمانات، إذا لم تتحدد آلية سليمة. وبالتالي فإن هذا القانون لن يكون قابلاً للتنفيذ.

وتابع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل من حيث توقف السيد ليقول: “أود أن أربط ما قاله الزميل السيد بالمادة 6 التي تحتوي على ثغرة في نهايتها مفادها أنه “يعود للهيئة إدراج إسم الكاشف ضمن صفة شاهد في قائمة الشهود”، وإذا ربطنا الأمور ببعضها كأننا نقول للناس ما تروحوش”.

واقترح السيد أن”يتقدم الكاشف بالكشف إلى النيابة العامة، وبالتالي تنتقل المعلومات من النيابة العامة إلى هيئة حماية كاشفي الفساد، وتكون حماية الكاشف من قبل القضاء”.

وأيد النائب آلان عون زميله السيد فيما قاله. لكنه رأى أن “بالإمكان الإبقاء على القانون مثلما هو، لكن هناك العديد من الأشخاص الذين يريدون الكشف عن الفساد لكن من دون الإفصاح عن هويتهم وبالتالي يجب أخذ هذا الأمر بعين الإعتبار لأن الأهم بالنسبة إلينا ليس اسم الكاشف بقدر ما هو عمل الفساد الذي حصل. لذلك يجب أن يكون هناك إمكانية لإيصال الدليل مع التحفظ على الهوية وإن إبقاء هذا المجال متاحاً يعطي استمرارية وأن يكون هناك إضافة على القانون أن الهيئة بإمكانها أن تتقبل رغبة الشخص بعدم الإفصاح عن هويته”.

وأيّد النائب سامي جميل كلام زميله قائلاً: “معو حق آلان”.

وتحدث النائب جهاد الصمد مؤيداً كلام زميله السيد لكنه سأل: “أنا مع اللواء جميل السيد، ولكن ماذا يحصل إذا أراد الكاشف أن تعرف هويته؟”

وتحدث النائب في كتلة لبنان القوي نقولا الصحناوي مؤيداً اقتراح زميله السيد.

واستند نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي إلى خبرة زميله السيد لـيطرح السؤال التالي: “من الذي يحمي المتهم بالفساد من إخبار دبرته المخابرات؟” فرد الرئيس بري: “إذا أعطى الإسم للقاضي للمراجعة والتأكد إذا كان كذباً، هذا حل”.

وعلق عضو اللقاء الديمقراطي النائب فيصل الصايغ قائلاً: “ربما المخالفة لا تستوجب تدخل القضاء”.

ولفت النائب فضل الله إلى ضرورة “شطب كلمة وسيلة خطية” من المادة الرابعة معتبراً أنه يجب حصرها بتعبير أي وسيلة. وقال: “اليوم بعدما أقرينا قانون المعاملات الإلكترونية، يمكن أن يقدم الكاشف كشفه عن طريق الإنترنت”.

وصحح الوزير خليل المادة قائلاً: “على الكاشف التقدم بكشفه بواسطة أي وسيلة إلى القضاء المختص ووفق الصيغة التي يقررها القضاء،على أن يتضمن الإخبار: طبيعة الفساد، اسم الشخص المعني، المكان والزمان. كما يرفق بالطلب أي وسيلة من الوسائل المتاحة.

وطلب الرئيس بري التصويت على النص المقدم من قبل الوزير خليل، إلاّ أن النائب السيد قاطعه طالباً أن”يكون الإخبار لدى النيابات العامة”. فرد عليه الوزير خليل بقوله: “مش بالضرورة”.

وأبدى النائب  الموسوي” تخوفه من إحالة الإسم إلى القاضي وقال: “إحالته للقاضي أو المدعي العام لا تطمئن ولا تشجع كاشفي الفساد”.

فسأله الرئيس بري عن السبب في ذلك، فأجاب الموسوي: “بعد الأسباب الوجيهة التي ذكرها اللواء السيد، لسنا مضطرين أن نجبر الكاشف بأن يتضمن كشفه الإسم والعنوان الخ.. يجب أن نقدم رؤية متكاملة”. فسأله الرئيس بري: “ماذا إذا قدم اتهامات في الهواء الطلق.. يجب أن يكون هناك حدود”.

فردّ النائب الموسوي قائلاً: “هذه الإتهامات تأتي إلى الهيئة ولا تعرض أمام الإعلام. يكفي أن تكون الرواية المقدمة متماسكة وتعمل الهيئة على التحقق منها”.

فرد الوزير خليل موضحاً: “لقد قمنا بشطب اسم وعنوان الكاشف وأبقينا على الاسم والعنوان للمفسد. اسم الكاشف يسجل عند القاضي سواء أكان النائب العام أم غيره بالإمكان الاتفاق على الصيغة لاحقاً”.

ولفت الرئيس الحريري إلى أن النقاش يدور حول من يحمي الكاشف فيما لم تقر الهيئة الوطنية بعد وقال: “نحن الآن نتحدث عمن سيحمي الكاشف، فيما لم نقر الهيئة الوطنية لحماية كاشفي الفساد بعد، دعنا نقر القانون اليوم وعندما نشكلها، نحدد الجهة التي سيتوجه إليها الكاشف”. فأجابه الرئيس بري: “بيصير في تناقض بين الإثنين”.

وتحدث النائب في كتلة التنمية والتحرير إبراهيم عازار قائلاً: “تصديقاً لهواجس اللواء السيد، واستكمالاً لاقتراح الوزير خليل، يجب إزالة من المادة 6 الفقرة الأول، مسألة “إدراج اسم الكاشف بصفة شاهد”. فقاطعه الرئيس بري قائلاً: تنوصل عليها.

وأشار نائب كتلة لبنان القوي حكمت ديب إلى أن “المادة 3 تتحدث عن صلاحيات الهيئة في حماية كاشفي الفساد وظيفياً وجسدياً. هذا هو دور الهيئة”.

واعتبر نائب كتلة التنمية علي فياض أن”كل الفكرة قائمة على تسهيل الكشف عن الفساد وتوفير سرية الكاشف”. وقال:”إذا أردنا إعفاء الكاشف من تحديد اسمه ومكانه، سنكثر من الإخبارات المدسوسة لأن المادة 6 تتحدث عن سرية هوية الكاشف وبالتالي فإن الهيئة ملزمة بالحفاظ على السرية والكشف عن هذا الموضوع يعد مخالفة للقانون وبالتالي يعرّض لعقوبات. الكشف عن اسم الكاشف منوط بموافقته، والحالة الوحيدة التي هي خارج موافقته هو حق الهيئة بتحويل اسمه إلى شاهد وهذه خارج إرادته. وأنا برأيي يجب حذف هذه العبارة، أما عدا ذلك فلا يوجد إشكال. إذا أراد كل كاشف فساد أن يرسل إخبارا غير محدد فيه من أرسله العوض بسلامتك. وأيّده الرئيس بري قائلاً: “هذا ما نقوله”.

وتم تعديل نص المادة 4 لتصبح كالآتي: على الكاشف أن يتقدم بكشفه بأي وسيلة إلى القضاء المختص بالصيغة التي يقررها على أن تتضمن طبيعة الفساد واسم الشخص المعني بالكشف، المكان والزمان الذي قد حصل أو قد يحصل فيهما الفساد يرفق بالطلب أية وسيلة أخرى من الوسائل المتاحة في حال توفرها كالمستندات والتسجيلات الخ.

فعلق النائب الموسوي على التعديل قائلاً: “ايه عال لكن ما بتضمن اسم الكاشف”. فأجابه الوزير خليل: “اسم الكاشف يذهب فقط إلى القاضي”. لكن النائب الموسوي أشار إلى أن “النص يقول بأن الاسم يتحول الهيئة وليس القاضي”.

وتحدث وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي قائلاً: “نحن نتحدث عن قانون مكافحة الفساد بواسطة هيئة ولا نتحدث عن إخبار أمام القضاء، والكاشف يتوجه إلى هذه الهيئة. وعليه لماذا نقول قضاء مختصا أو غير مختص؟ الموضوع لا علاقة للقضاء به إلا إذا أحالت الهيئة الملف إلى القضاء”.

وأردف الرئيس بري بأن ما يقوله وزير العدل صحيح. ثم طلب التصديق على المادة الرابعة برفع الأيدي، فصدق عليها وجرى الانتقال إلى المادة 5.

مع الانتقال لمناقشة المادة 5، رأى الرئيس بري أن”عرض إسم الكاشف وعنوانه وصفته يعرضه للخطر، ولا موجب للمادة برمتها”. وقال: “هذا الأمر كأنه تحقيق مع الكاشف”. واقترح الوزير خليل حذف المادة بأكملها.

وسجل نائب كتلة لبنان القوي سيمون أبي رميا ملاحظة مفادها أن”من مهام الهيئة حماية كاشفي الفساد” وقال: “بتنا نشكك بالهيئة”.

وكرر الرئيس بري فكرته قائلاً: بلا المادة 5 كلها.

إلاّ أن النائب فياض اعتبر أن حذف المادة 5 يعني”نسف أحد مرتكزات القانون” وقال: “للحفاظ على جدية الإخبار، أنت تعطي كل الضمانات لمن أحضره، لذلك لم يعد هناك إشكالية في الكشف عن الإسم. إن جدية الإخبار مرتبطة بالحفاظ على سرية الكاشف والبنود تكمل بعضها البعض لذا يجب أن تبقى المادة كما هي”.

ونوه النائب في كتلة الوفاء للمقاومة إيهاب حمادة إلى أن”إلغاء المادة 5 سيؤدي إلى نسف مجموعة من المواد التالية في هذا القانون”.

واقترح النائب في كتلة لبنان القوي ميشال معوض وضع الإسم كاملا والهوية كاملة دون أن يكون هناك ضرورة لوضع العنوان. فعلق الرئيس بري قائلاً: “يا عمي كيف بدن يحموه هو وعيلتو؟” ثم طلب التصويت على المادة كما هي برفع الأيدي وتم ذلك.

طلب الرئيس بري حذف هذه المادة. فعلق النائب الموسوي قائلاً:ليش يا دولة الرئيس نحن أعطيناه الحماية.

فرد الرئيس بري قائلاً: أنت تريد أن تعطي رأيك وأنا أريد أن أعطي رأيي. إذا أحضرت الكاشف كشاهد إلى المحكمة، فإن هذا الشخص لديه عائلة وبحاجة للحماية. فعلّق الموسوي قائلاً: أنتو قلتو أنو هذا القانون قانون حماية كاشفي الفساد.

فرد بري:إذا رغب أن يكون شاهد يأتي أما إذا لم يلزم الأمر فلا يأتي.

واعترض النائب الموسوي قائلاً: إذا كنا نتحدث عن قضية لا تستقيم أركانها إلا بشهادة كاشفي الفساد فمعنى ذلك إنه بكل القضايا لن يكون هناك استعداد لدى الكاشف أن يشهد. فرد الرئيس بري: على كل حال هذا رأيك.

ثم أعيدت قراءة المادة فطلب الرئيس بري إجراء تعديل بأنه يتم إحالة الكاشف كشاهد إذا وافق.

وسأل النائب أسامة سعد عن إمكانية أن يكون شاهد سري. فسأله الرئيس بري: كيف يعني؟

فرد النائب سعد قائلاً: أي لا يتم الإفصاح عن اسمه. فرد الرئيس بري: مافي هيك شي. فالشاهد سيمثل أمام المدعي العام والقاضي.

وعلّق النائب جميل السيد مؤيداً الرئيس بري: “مافي شي سري”.

فعاد الرئيس بري واقترح أن يكون اسم الشاهد بموافقته. فقال له الوزير خليل: “اتكل على الله”. فعرض المادة على التصويت برفع الأيدي فصدقت. ثم جرى التصديق على المواد 7 “تعريف الضرر”، 8 “أصول النظر في طلب الحماية”، و9 “الحماية الشخصية للكاشف” دون أي نقاش.

 

أي حوافز للمشترك في الفساد لفضحه؟

أما المادة العاشرة من القانون، فقد أخذت الوقت الأكبر من النقاش وهي تتناول الأعذار المحلة والمخففة لكشف الفساد، واحتدم الجدل على مسألتين أساسيتين “إذا كان الكاشف مشاركا في الفساد من خلال الرشوة، مثلاً فهل يؤدي اعترافه إلى خسارة منفعة اكتسبها؟ وهل يعاقب الكاشف المرتكب لعملية الفساد أم لا؟ وهل يتوجب عليه إعادة أموال سرقها بعد عملية كشفه أم لا.”

تحدث النائب السيد قائلاً (وهو يلمح إلى فساد كان ادعى بحصوله سابقا): “أراد أحد الأشخاص أن يدخل إبنه إلى الجيش ودفع لشخص 10 آلاف دولار وأصبح ابنه في الداخل، ثم توجه إلى الهيئة وقال أنه دفع عشرة آلآف. بحسب القانون فإن أمواله ضاعت وابنه سوف يطرد من المؤسسة. فكيف بهذه الطريقة سيتشجع للحديث عن الفساد؟ إذا كان الكاشف مشاركا بالفساد، تعفيه من العقوبة القضائية ولكن سيخسر أمواله ويطرد ابنه بالتالي هو لن يأتي ويتقدم بإخبار أبداً. لذا إما أن تكون كل تفاصيل المنفعة قائمة ونلاحق الفاسد مثلما يقول قانون حماية الكاشف لنشجعه على التقدم. ونحن من خبرتنا في هذا الموضوع لا نطلب التعديل للمزاج وإنما لنساعد الناس أن تأتي. وأنا بالقانون إذا أمنت له الحماية وبقيت المنفعة متضررة فهو لن يأتي”.

ورأى النائب في كتلة لبنان القوي جورج عطاالله أن” هناك أمراً يحتاج إلى توضيح، فنحن نقول أن الكاشف يستفيد من العذر المحل ولا تفرض عليه أية عقوبة شرط أن يكون قد بادر قبل مباشرة الهيئة، لكن السؤال هل الهيئة ستباشر قبل أن يتوجه الكاشف إليها؟ فكيف ذلك؟”

وأيّد النائب سامي الجميل زميله السيد دون أن يسميه وقال: “ما يحاول قوله الزميل، أنه عملياً صحيحٌ أننا نمرر عملية فساد آنية ولكن نمنع أي عملية فساد بالمستقبل. اليوم عندما نشجع الكاشف على أن يأتي ويعطي المعلومات التي لديه نكون بصدد منع عمليات فساد مقبلة، لذلك من المهم تشجيعه على المجيء وألاّ يخاف أن يخسر المنفعة التي حصل عليها وإلاّ فإن أحداً لن يأتي”.

إلاً أن النائب في كتلة لبنان القوي الآن عون اعتبر أن للتشجيع حدود وقال: “اليوم نود أن نشجع كاشف الفساد على أن يأتي لكن التشجيع له حدود لأن النص عام. نحن نأتي ونقول أنه هناك أحد الأشخاص الذي ارتكب فسادا وأخذ مليون دولار وبمجرّد التصريح عن هذا الأمر بإمكانه أن يبقى المليون دولار معه. هذه القضية فيها الكثير من الاستفهام. واليوم لا يمكن أن نتركها مفتوحة بهذا الشكل لأن النص عام جداً”.

فعلق النائب السيد على كلام عون بقوله: “الذي أخذ المليون لن يأتي ويشتكي”. وتابع النائب عون: “هذه المسألة تحتاج إلى سقف معين وأن تكون مشروطة”.

ولفت النائب نقولا الصحناوي إلى أن”هذه المسألة  ملحوظة في المادة 14 التي تلحظ كاشف الفساد الذي عاد عن فساده بالتوبة. والمادة 251 من قانون العقوبات ملحوظة في البند (أ) من المادة 14″.

وقال الرئيس بري: إذا مرتكب يطاله قانون العقوبات. وأكد النائب شامل روكز على فكرة أن ما تحدث عنه عون ملحوظ في المادة 14 من القانون.

ولفت النائب فضل الله إلى أن”المادة 14 تتحدث عن أن من يكشف الفساد بأية وسيلة وكان مشاركاً بها، فلا يستفيد من شيء حتى المكافآت لا يستفيد منها”. ورأى أنه” بين المادة 13 و 14 والمادة 10 يجب أن يكون هناك مكان محفز على الكشف وبنفس الوقت لا نكون مشجعين على الفساد. إذا كان غرضنا تسهيل الأمور فلا يعني أن نسمح أن يكثر الفساد. إن هذه المادة تحتاج إلى إعادة صياغة بحيث نشجع الآخرين على أن يأتوا ولكن لا نشجعهم على أن ينفذوا. وفي هذه المسألة من الواضح أن هناك غموضاً يحتاج إلى إعادة صياغة”.

وعلّق الرئيس بري قائلاً: أنا برأي هذا النص منو ظابط.

وأردف النائب آلان عون قائلاً: “نحن بحاجة أن نفصل هذه المادة لأنها كما هي الآن تصلح لكشف فساد الغير. فنحن إذا نظرنا إلى المادة 14 نجدها تتحدث عن المكافآت التي يحصل عليها كاشف الفساد وفي الفقر (د) “لا يستفيد من المكافآت و/أو المساعدات كاشفو الفساد المشاركون بأية وسيلة في الفساد المكشوف عنه”. وبالتالي المادة 14 لا تجاوب على ما أنا أتحدث عنه. فما أتحدث عنه هو أن الذي يريد كشف الفساد عن نفسه، فإن النص بمجرد أن يفعل ذلك يسمح له أن “يزمط”.

واعترض النائب الموسوي قائلاُ: “بالعكس الفقرة (د) تقول بأنه لا يستفيد من المكافآت”.

ورأى الرئيس بري ألا ضرورة للمادة 10 وقال: “بلاها هذه المادة في قانون العقوبات يعاقب في هذا الموضوع”.

وسأل النائب فيّاض الرئيس بري:” كيف تشجع الناس؟” أجاب الرئيس بري: “أشجعهم من خلال المكافآت إذا ثبت أن الإخبار صحيح.”

وتابع فياض: هناك أمور تترتب عليها مسؤولية قضائية وقانونية. أنت تفتح له بابا من خلال القول أخبرني وأنا أساعدك. المادة 15 تعطى الهيئة الحق بمساعدة الكاشف قانونياً إذا كان معرضاً للخطر الجسدي. لكل قانون أعراض وسلبيات ونحن مهمتنا الموازنة بين الإيجابيات والسلبيات”.

ورأى النائب عون أنه لا يمكن إلغاء المادة برمتها والاستعاضة بوجود أسباب تخفيفية.

واقترح الرئيس بري الاكتفاء بالعذر المخفف قائلاً: يكتفى بالعذر المخفف.

وتحدث الوزير جريصاتي رافضاً فكرة إلغاء المادة 10 معتبراً أن”هذه المادة جوهرية في القانون لأنها تتحدث عن المشارك بالفساد وتسمح له بعذر محل، فيما لو كشف عن عملية فساد، هو فيها شريك أي جريمة وعمل خارج عن القانون ويعني عقوبة قد يتعرض لها فيما لو اكتشف العمل. إن هذه المادة تحفيزية على الكشف عن الفساد. وقانون العقوبات مستقل لأن هذا القانون  يقول مع مراعاة قانون العقوبات.

وسأل الرئيس بري لماذا لا نكتفي بالعذر المخفف؟ أجاب جريصاتي: لأنه في حالة مشابهة من قانون العقوبات يكون محلا. لماذا في قانون الفساد سنعطيه عذرا مخففا. بالعكس سوف نشجعه أن يفصح عن الفساد.

وعارض الوزير خليل كلام جريصاتي مقدماً مثلاً حصل في وزارته قائلاً: “أنا أريد أن أتعارض مع وزير العدل.اليوم. لدي موظفان ارتكبا خلال الأسبوع الماضي مخالفة: قبضوا أموالا من الدولة مسؤولين عن التصرف بها من غير وجه حق. هؤلاء قبضوا معاشا من مكانين ودخلا إلى النظام system ووضعا اسميهما. لا يهم المبلغ المقبوض. ولكن هل يكفي أن لا أعاقبهم لأنهم أفصحوا عن الأمر إن ذلك سيؤدي بكل شخص لأن يرتكب الفساد بقصد ثم يأتي ويكشف ويعفى من الملاحقة.

ورد جريصاتي: “إذا تم أي إجراء ملاحقة أو أي تدبير مسلكي، فلا يوجد إمكانية لعذر محل، ولكن إذا الوزير لم يعرف بها وإذا أخبر عنها”… فقاطعه الرئيس بري سائلاً: أقول له مع السلامة؟. فأجابه جريصاتي وبنبرة مشددة: أكيد.

ورأى النائب سليم عون أن”المشكلة ليست بالنص، وإنما بالواقعة”، وقال:لا يمكن اعتبار الشخص مرتكبا وبنفس الوقت كاشف فساد. أنا كمهندس إذا أحد الأشخاص قام برشوة للمخالفة بالبناء ثم صرّح عن الأمر هل يصبح البناء قانونيا؟ يجب أن يكون هناك تمييز بين الفاسد الذي يكشف عن فساده ومن يكشف عن فساد الغير.

وطلب الرئيس بري من النواب أن يتقدموا باقتراح.

وتحدث النائب الآن عون قائلاً: بالإمكان الإبقاء على النص مثلما هو، إذا كنا نتحدث عن شخص يكشف عن الفساد كراشٍ وليس كمستفيد. إلاّ أن كلام عون جوبه بمعارضة من عدد من النواب. فتابع قائلاً: اسمعوني شوي. روحية النص هكذا. أما إذا كان الكلام عن شخص هو بالأساس فاسد فهذا الأمر مختلف.

وأيّد النائب فياض كلام عون قائلاً: “إن ملاحظة الآن عون بمكانها والمثل الذي تحدث عنه معالي الوزير بمكانه. إذا شخص تهمته الفساد وقام باختلاس مليون ليرة وبعدها قال أنا اختلست، لا يوجد منطق في إعفائه لكن من شارك بالفساد من ضمن مجموعة ينطبق عليه القانون”.

وقدم نائب الرئيس إيلي الفرزلي اقتراحاً بقوله: “من عذر محل أو مخفف يعود للهيئة القضائية التقدير”.

واقترح النائب فضل الله الإبقاء على المادة كما هي وقال: “بعد طول النقاش اقتراحي أن تبقى المادة كما هي”.

وأيد النائب الصمد إبقاء المادة كما هي أيضاً وقال: “الفساد يحتاج إلى مفسد فمن الأخطر الفساد أم المفسد؟ بعد الشرح الذي قدمه وزير العدل يبقى النص كما هو”.

واقترح النائب في كتلة التنمية والتحرير محمد خواجة أن”يستفيد المشارك بالفساد من عذر مخفف سنداً لأحكام المادة 251 من قانون العقوبات شرط أن يكون قد بادر قبل مباشرة القضاء بأي تدابير استقصاء أو عقوبات مسلكية.

واقترح النائب معوض إجراء مقارنة مع دول الخارج وقال: كوننا لا نخترع البارود والقانون موجود ضمن تشريعات دولية أقترح أن نقوم بتأجيل الموضوع ويكلف وزير العدل بإجراء  مقارنة بينه وبين  مع ما يتم إجراءه في فرنسا وأميركا”.

واقترح النائب في كتلة لبنان القوي إبراهيم كنعان أن”يبقى النص كما هو لأن نية المشرع ليست الشخص بحد ذاته”.

وأيدت النائبة بولا يعقوبيان اقتراح نائب الرئيس الفرزلي وقالت: “أؤيد فكرة إيلي الفرزلي، لأنه يمكن أن يكون الشخص قد مارس الفساد أكثر من مرة وبإمكان ما يريد التراجع عن هذه الممارسة، لذا يجب أن يكون هناك نوع من التحفيز له. فكرة الاستنساب في هذا الموضوع ضرورية جداً حسب الجرم والحالة. وهناك أيضاً الملاحقة بتهمة الذم هذه أيضاً يجب أن تحذف اذا كان واضحا حسن النية لدى كاشف الفساد سواء أكان مشاركا أم لا”.

أما اقتراح النائب السيد فهو أن”يستفيد الكاشف، إذا تبين كشفه عن حالة فساد شارك فيها أو قام بها مباشرة أو بصورة غير مباشرة من عذر محل ولا تفرض عليه أية عقوبة قضائية أو مسلكية شرط أن تبين التحقيقات أنه لم يكن مبادراً بالفساد وشرط أن يكون قد بادر بالكشف عنه قبل مبادرة الهيئة وهكذا نكون قد غطينا كل الثغرات”.

وعلق نائب الرئيس الفرزلي على كلام السيد بقوله: قضى على السلطة التقديرية للهيئة.

واقترح النائب فياض أن”يستفيد الكاشف المشارك بالفساد من عذر محل بعد استرداد الدولة حقوقها”.

وعرض الرئيس بري الاقتراحات على التصويت.

وأعاد نائب الرئيس إيلي الفرزلي قراءة اقتراحه فسقط. ثم جرى التصويت على المادة كما هي فتم تصديقها.

وسجل الوزير علي حسن خليل اعتراضه على المادة قائلاً: نحن ضربنا الإدارة الضريبية للدولة، وصار كل واحد بيروح يسرق وبيجي بيعترف. وقد أيده عدد من النواب.

ثم تم التصديق على المادتين 11 (عقوبة إلحاق الضرر بكاشفي الفساد ) و12(عقوبة مخالفة طلبات الهيئة) برفع الأيدي دون نقاش.

عند المادة 13 علق نائب الحزب القومي السوري الإجتماعي سليم سعادة معتبراً أن”من واجب الموظفين في مؤسسات الدولة كشف الفساد دون حاجة للمادة 13 و 14″.

وطلب الوزير خليل إضافة تعديل بسيط وهو “تعد وتنص حسب الأصول”

أما النائب فضل الله فإقترح استبدال المبالغ المالية بقياس عأساس الحد الأدنى للأجور لأن المبالغ تتغير.

فسأل الرئيس بري:هيدي أي مادة؟ فأجابه فضل الله: 11 و 12 فرد بري: هودي خلصوا. وطلب التصديق على المادة 13 برفع الأيدي وتم ذلك. كما صدقت المادة 14 (المكافآت والمساعدات) دون نقاش.

في المادة 15 توجه النائب ايهاب حمادة بسؤال قائلاً: النص يقول أن الهيئة تساعد الكاشف المتضرر من كشف الفساد إذا كان هو ممن مشارك في الفساد هل يقدم له مساعدة قانونية أو مادية؟ اقتراحي أن نحدد أنه إذا كان كاشفاّ متضرراّ غير مشارك بالفساد.

فقاطعه نائب الرئيس الفرزلي قائلاً حلها المادة التي قبلها.

وعلّق النائب فضل الله قائلاً: “في الفقرة (د) لا يستفيد من المكافآت والمساعدات كاشفو الفساد المشاركون بأية وسيلة من الوسائل المكشوف عنها وهم ملزمون باسترداد الأموال إذا اقترفوا هذا الجرم”. وأيد الرئيس بري ما جاء به فضل الله.

وكرر نائب الرئيس ايلي الفرزلي أن المادة 14 تتناول هذا الموضوع.

أردف النائب حمادة أن “المادة 14 تتحدث عن مكافآت ومساعدات والمادة 15 تتحدث عن مساعدة الكاشف” مقترحاً وضع الفقرة (د) في خاتمة المادة 15. وتمت الموافقة على ذلك.

وصدقت المواد 16(تعدد قرارات الحماية ومنح المكافآت والمساعدات) ،17 (جرم القدح والذم)، 18 (بطلان الأحكام التي تعيق تطبيق هذا القانون) 19 (دقائق تطبيق القانون) كما هي دون تعديل أو نقاش.

التصويت بمناداة بعض النواب

ثم تم التصديق على القانون بأكمله بالمناداة على الأسماء التالية: نزيه نجم، سامي فتفت، بكر الحجيري، عاصم عراجي، سامي الجميل، الياس حنكش، مصطفى الحسيني، جهاد الصمد، فيصل كرامي، سليم سعادة، نقولا نحاس، علي درويش، فادي علامة، إبراهيم عازار، محمد نصرالله،  قاسم الهاشم، محمد الخواجة، علي خريس، ميشال موسى، غازي زعيتر، ياسين جابر.

واكتفى الرئيس بري بهذه الأسماء. فيما لفت أحد النواب إلى أن النائب ياسين جابر تمت مناداته وكان قد خرج من القاعة. وقد سجل النائب جميل السيد اعتراضه على القانون.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد البرلماني ، لبنان ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني