حساسية مفرطة لنادر الحريري إزاء النقد السياسي: فصل جديد من لعبة الاستدعاء والاستبقاء والتعهد


2018-09-21    |   

حساسية مفرطة لنادر الحريري إزاء النقد السياسي: فصل جديد من لعبة الاستدعاء والاستبقاء والتعهد

تستمر موجة الاستدعاءات على خلفية رسالة صوتية أو تغريدة، مراعاة لحساسية هذا النافذ أو ذاك. آخر هذه الفصول الشكوى التي قدمها نادر الحريري ضد هاني نصولي على خلفية رسالة صوتية تنتقد اجتماعه المثبت بالصورة مع مقربين من النظام السوري (وهي رسالة تنم عن نقد سياسي يفترض أنه يدخل في خانة النقد المباح الذي يتعين على كل سياسي في بلد ديمقراطي قبوله). وكما في كل مرة، ينتج عن الشكوى استدعاء وتحقيق واستبقاء لساعات ريثما يعطي المدعي العام إشارته. وكما في كل مرة، لا بد أن ينتهي حفل التحقيقات وطقوسه بتعهد: الجديد هذه المرة أن النيابة العامة أبدت مرونة فائقة في ترك الخيار للمدعى عليه للتعهد بما يرغب من دون إملاء توجه معين عليه. بالطبع، تواصل هذه اللعبة هو بمثابة قضم متواصل لأصول الديمقراطية والحريات، قضم أسوأ ما فيه أنه يحصل على حساب الأمن. لإدراك ذلك، حسبنا أن نحسب الوقت الذي بات يتعين للأجهزة الأمنية والقضائية تخصيصه لها. المفكرة تطالب السياسيين وعموم النافذين والنيابات العامة بوقف هذه اللعبة التي ما عادت تسلي أحدا (المحرر).

بتاريخ 19 أيلول 2018، مثل الكاتب في مجلة الشراع هاني نصولي أمام قسم المباحث الجنائية المركزية بإشارة من النيابة العامة التمييزية، وذلك للتحقيق معه في قضية رفعها ضده نادر الحريري المدير السابق لمكتب الرئيس سعد الحريري. تأتي هذه الدعوى على خلفية رسالة صوتية أرسلها النصولي منذ نحو 20 يوماً على مجموعة واتساب كان قد أسسها بنفسه منذ أشهر تدعى “بيروت قضيتي”، وتجمع نحو 150 شخصاً. في الرسالة الصوتية، انتقد النصولي صورة لنادر الحريري وهو بمعية رجل أعمال وزعيم سياسي لبنانيين مقربين من النظام السوري، علماً أن آل حريري من المعارضين السياسيين لهذا النظام. فجاء في الرسالة التي أرسلها النصولي دعوة إلى اللبنانيين بأن “يروا كيف هي سياسة تيار المستقبل، يقوم بالتحريض السياسي من فوق الطاولة ضد حزب الله ومن تحت الطاولة يجتمعون سويا”. كما أدلى في الرسالة أيضاً بأنه “سيبلغ المملكة العربية السعودية بهذا الموقف… ومن يريد اللعب في الفتنة المذهبية فمصيره السجن”.

في بادئ الأمر، حينما ورد النصولي اتصال من المباحث للتحقيق، اعتقد بأن الاستدعاء على خلفية مقال كتبه قبل أسبوع من تاريخ الاتصال، يناشد فيه الجيش اللبناني حماية اللبنانيين للقيام بثورة ضد الفاسدين. فتوجه النصولي إلى القسم دون أن يوكل محاميا، ومتوقعاً التحقيق معه بسبب مقالاته. وبهدف مؤازرته، تداعى عدد من داعميه أمام قصر العدل في بيروت وانتظروه إلى حين خروجه من التحقيق الذي استمر لنحو 7 ساعات.

لم يتوقع أحد من داعمي النصولي أن تكون رسائلهم التي يتداولونها عبر تطبيق واتساب في مجموعة “بيروت قضيتي” هي سبب الاستدعاء. فراحوا يرجحون تارة بأن التحقيق مع النصولي على خلفية كتابة مقالاته وكتاباته على وسائل التواصل الاجتماعي، وتارة أخرى يشيرون إلى أن هناك من يريد كم أفواه أهالي بيروت المعارضين. داعمو النصولي معظمهم يطلقون على أنفسهم تسمية “البيارتة المستقلين”. استحضروا خلال وقفتهم الأزمات التي يعاني منها أهالي بيروت وخاصة ما آلت إليه الأمور في السنوات الأخيرة. فتطرقوا إلى مسألة تهجير سكان بيروت إلى المناطق المجاورة، وإلى اهمال بلدية بيروت لحاجات السكان وإسرافها في تمويل الأمور السطحية مثل زينة الأعياد. كما لم يغب عنهم ذكر استباحة الأملاك العامة، وهدم الأبنية التراثية، وانخفاض عدد المشاركين في الانتخابات النيابية، كما فقدان الثقة بآل حريري.

أما قضية استدعاء النصولي، فتبين أن الرسالة الصوتية أخذت مسارها لتصل إلى نادر الحريري، الذي رفع دعوى ضده بتهم القدح والذم، وتعكير العلاقات مع دولة شقيقة بالإضافة إلى إثارة النعرات الطائفية. يشرح النصولي للمفكرة بأن التحقيق كان مريحاً ولم يجر التعامل معه بطريقة غير لائقة. ويوضح بأنه سئل خلال الاستجواب عن علاقته مع نادر الحريري، فشرح بأنه كان يعمل معه كمستشار، لكن العلاقة انقطعت منذ سنتين لأسباب يجهلها. لذا، تمت مسائلته من قبل المحققين عن الرسالة الصوتية التي أرسلها منذ نحو 20 يوماً إلى مجموعة الواتساب. فشرح بأنها “لم تتناول نادر الحريري بالشخص، بل تناولت الاجتماع الذي حضره مع مقربين من النظام السوري”. وهو ما يعتبره النصولي “إهانة لشهداء 14 آذار” كما يلفت إلى أنه “ليس ضد الاجتماع مع السياسيين من 8 آذار إنما يرفض استغلال فكر 14 آذار لتحريض الشارع من ثم يجتمعون معهم”. لذا يعتبر أن الرسالة فيها سعي إلى تفادي حدوث فتنة مذهبية وليس العكس.

وقد أكد بأنه من خلالها “يفضح التناقض بين الخطاب السياسي لتيار المستقبل المبني على التحريض، وبين أفعاله المتمثلة بالاجتماعات التي يقوم بها مع معارضيه”. كما رد النصولي على المحققين حول اتهامه بتعكير العلاقات مع السعودية، مؤكداً على أن علاقته هو شخصياً بالسعودية جيدة. وعلى العكس، يرى النصولي أنه بعد تحول العلاقة في السنوات الأخيرة بين آل حريري والسعودية فإن الشارع البيروتي ما عاد يثق بأن آل حريري قادرون على توحيده. ومن هذا المنطلق يوضح النصولي أنه أنشأ مجموعة واتساب “بيروت قضيتي” التي تجمع المستقلين سياسياً من أهالي بيروت ومن مختلف الطوائف، وهؤلاء يبحثون عن قيادة جديدة للشارع البيروتي بعدما خذلتهم قيادة الرئيس سعد الحريري، وفقاً لتعبيره.

أمام ذلك، أوضح المحققون للنصولي بأن نادر الحريري أدلى في نص الدعوى أنه اعتزل العمل السياسي، الأمر الذي أنكر النصولي علمه به بحسب ما يروي للمفكرة. من ثم طلبوا منه الانتظار ريثما يتم التواصل مع مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود للوقوف عند قراره من هذه القضية. فانتظر النصولي لنحو أربع ساعات، من ثم أرسل إليه القاضي حمود بأنه ترك له القرار بأن يتعهد بما يراه مناسباً.

لذا وقع تعهداً “بعدم التعليق على نشاطات نادر الحريري ما دام الأخير خارج العمل السياسي”، من ثم خرج من التحقيق بسند إقامة.

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، حريات عامة والوصول الى المعلومات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني