فنيانوس يتبرأ من جريصاتي بشأن قضية كهرباء قصور العدل، والأخيرة مهترئة


2018-07-09    |   

فنيانوس يتبرأ من جريصاتي بشأن قضية كهرباء قصور العدل، والأخيرة مهترئة

تستمر أزمة انقطاع التيار الكهربائي عن قصور العدل وبخاصة في بعبدا وبيروت وسط تراشق للمسؤوليات وغياب لأي بادرة حل. آخر فصول هذه الأزمة، التراشق الكلامي بين وزير العدل سليم جريصاتي ووزير الأشغال العامة والنقل يوسف فينيانوس. فمن جهة، رفع جريصاتي المسؤولية عن وزارة العدل بكتاب أرسله إلى فنيانوس يطلب منه إجراء الأشغال الفورية والملحة في تاريخ 28 حزيران 2018، وعاد ليذكره بضرورة معالجة المشكلة في تاريخ 2 تموز 2018، خلال حديث تلفزوني لقناة الجديد. وتبعا لذلك، تصاعدت حدة المواقف بين الوزيرين إلى أن تبرآ من زمالة كلهما للآخر. ومن اللافت أن جريصاتي أدلى بأن قصر العدل يعاني من إغفال شبه تام من وزارة الأشغال، وبأنه أرسل عدة كتب إلى الوزارة بموضوع عدلية بعبدا. وأضاف، بأنه وصله معلومات بأن وزارة الأشغال لا ترغب بأن تمد اليد التقنية اللازمة لإجراء التصليحات بالرغم من توافر الإمكانيات. في التقرير نفسه، رد عليه فنيانوس مشيرا إلى أن “جريصاتي لا يستحق كلمة زميل”. ورأى بأن “جريصاتي يرسل كتبا ككل الوزارات، لكن وزارة الأشغال لديها ميزانية 15 مليار لإصلاح كافة وزارات الدولة، مشيراُ إلى أنه “علي أن أكون عادلا بتوزيعها، لكن اليوم اضطررت أن أضع 8 مليار لتأهيل قصور العدل”. وأدلى فنيانوس بأنه “سيقوم بالحد الأدنى لإزالة الخطر، وإزالة المياه الآثنة” (المتسربة إلى محولات الكهرباء في عدلية بعبدا). فسرعان ما رد عليه جريصاتي بتغريدة جاء فيها: “المخبرون يشتمون والمسؤولون يتساءلون. سألنا وزير الأشغال عن قصر العدل المنكوب، فشتمنا، حقاً إني لا أستحق زمالته ولا أرغب بها”.

أمام تقاذف المسؤوليات بين الجهتنين، قرر محامو بيروت التحرك عبر الإعتصام أمام وزارة العدل نهار الجمعة القادم في 13 تموز 2018. ويأتي هذا التحرك بعدما شهد قصر العدل في بعبدا انقطاعا تاما للكهرباء على مدى أسبوعين، وإنقطاعا في أجزاء من مبنى قصر العدل في بيروت. واللافت تراكم شكاوى المحامين بشأن معظم قصور العدل في لبنان. فلفت البعض إلى أن قصري صيدا وطرابلس والنبطية يعانون أيضاً من تقنين الكهرباء. والحال أنه في بعبدا انقطعت الكهرباء في 26 حزيران بعد حصول عطل نتيجة وصول المياه الآثنة إلى المحول الرئيسي، إلى أن عادت الكهرباء، بعد مرور أسبوعين من العمل في المحاكم والأقلام على ما تيسر من أضواء الهواتف الخليوية والبطاريات.

وقد لفتت المؤسسة اللبنانية للإرسال بأن جريصاتي قد وضع حلاً مؤقتا لبعبدا عبر استقدام مولدات كهربائية بشكل ظرفي إلى حين إصلاح الأعطال، وذلك بانتظار تنفيذ الخطة الشاملة لتأهيل الإمدادات الكهربائية كافة[1]. ومن ناحية ثانية، فإن “حكومة تصريف الأعمال لا تتمكن من إجراء التلزيمات لإجراء الصيانة والتأهيل، إنما تمكن فنيانوس من الحصول على موافقة من رئيس الحكومة لأجل إنقاذ إنارة قصر عدل بعبدا.

وبموازاة ذلك كان قصر العدل في بيروت يواجه أعطالاً كهربائية متكررة، حيث عملت أقلام التمييز لأيام عدة في الظلمة. ونقلت بعض وسائل الإعلام بأن مرد انقطاع الكهرباء في بيروت هو أن مولد الكهرباء التابع لمبنى نقابة المحامين المجاور لعدلية بيروت كان يحول الكهرباء إلى القصر. إلا أن النقابة قررت مؤخراً التوقف لعدم قدرة المولد على استيعاب متطلبات المبنيين معاً.

لا تفسير واضح لإنقطاع الكهرباء في كلا العدليتين معاً، لربما تختلف الأسباب لكن النتيجة واحدة.

 فقد أودى انقطاع الكهرباء في بعبدا تحديداً إلى إقفال الصندوق المالي نهائياً بسبب إنعدام النور، وعرقلة مكتب تلقي الشكاوى. وبشكل عام فإن العمل في العدليتين كان شبه معطل، نتيجة غياب الضوء، وإرتفاع درجات الحرارة. وقد نقل المحامون الذين تواصلوا مع المفكرة، بأنهم لم يتمكنوا من القيام بأبسط المهام، فتم تأجيل المراجعات، ولم يتمكنوا من تصوير الأحكام، بحيث يُمنع إخراج الملفات إلى خارج القصر لتصويرها. أما الجلسات فكانت تُشكل تحدياً على القاضي ومساعده، كما المحامين والمتداعين.

وعلمت المفكرة أن قضاة عدة لجأؤا إلى العمل من المنزل هرباً من الظلمة وإرتفاع الضغط نتيجة عدم التمكن من تدوير المكيفات الكهربائية.

وتروي محامية للمفكرة أنه “كاد موقوف أن يختنق من شدة الحر في نظارة بعبدا، فاضطر وكيله أن يرفع شكوى إلى الرئيس الأول الذي أمر بإيصال خط كهرباء من خارج قصر العدل إلى النظارة لتشغيل المكيف في الزنزانة”.

أما بشأن قصر العدل في بيروت، ينقل المحامي أنطوان نعمة أن أحد القضاة الذين شارفوا سن التقاعد، شكى له الجهد الذي عاناه للوصول إلى مكتبه في التمييز في الطابق الرابع، وذلك بسبب معاناته من آلام في الركبة وقد أوصاه الطبيب ألا يصعد السلالم. فيتسأل نعمة، كيف لقاض أن يستمر في العمل وأن ينظر في القضايا على اختلاف أهميتها، وهو في الوقت نفسه يصارع ساعات النهار في الحر الشديد والظلمة، وما يليه من انقطاع المياه عن الحمامات، وخلو معظم مكاتب القصر من نوافذ تتيح دخول الهواء؟

يقول نعمة بأن قصر العدل هو مرفق عام وإلزامي، ومن المفترض تأمين ظروف استمراره. كما يلفت إلى أن تدهور وضع قصور العدل على مدى السنوات السابقة ينطبق عليه جرم إهمال الوظيفة العامة.

كذا ويربط محامون عدة بين أزمة انقطاع الكهرباء ومشروع تأهيل قصر العدل في بيروت الذي بدأ منذ نحو عشر سنوات وما زال مستمراً. إذ يرجح البعض وجود قرار مسبق لتأزيم الوضع وبالتالي تمرير صفقة، مشابهة لمشرع التأهيل، تبعث برائحة الفساد. فتدلي إحدى المحاميات ساخرة بأنه كان بالإمكان بناء 5 مشاريع سكنية في هذه المدة الزمنية. وتضيف، إن تأهيل عدلية بيروت لم يصل إلى نتيجة. فالمصاعد الكهربائية دائماً تتعطل، والحمامات غير مؤهلة، إضافة إلى عدم التقدم حتى الآن بتأهيل الطابق الأخير حيث محكمة التمييز، علماً بأنه تم دفع أموال طائلة لهذا المشروع.

 


[1]  قرارات تصدر على ضوء الشمعة أو الخلوي في قصر العدل ببعبدا، المؤسسة اللبنانية للإرسال، 6 تموز 2018، https://goo.gl/FN33zh.

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، بيئة وتنظيم مدني وسكن



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني