كي لا يقضي الفراغ الحكومي على حقوق الشباب في دورة ثانية


2013-07-24    |   

كي لا يقضي الفراغ الحكومي على حقوق الشباب في دورة ثانية

نجيب فرحات
في الوقت الذي بدأ فيه التباهي بمرور استحقاق الامتحانات الرسمية في دورتها الأولى بنجاح، وبعد أن انهالت التبريكات على الناجحين والتمنيات بالتوفيق على من لم يحالفهم الحظ، بدأت التساؤلات تثور حول موعد الدورة الاستثنائية للامتحانات الرسمية هذا العام، والتي يبدو أن واقع البلاد المزري قد فرض نفسه على مجرياتها.
فللمرة الأولى في تاريخ لبنان تصدر نتائج الدورة الأولى للامتحانات الرسمية، في ظل وجود حكومة تصريف أعمال، مما قد يكون له تأثير حاسم على مصير الدورة الاستثنائية لهذه الامتحانات، إذ بمقتضى الفقرة الأولى من المادة 3 من المرسوم 5697 تاريخ 15/6/2001 وتعديلاته (نظام الامتحانات الرسمية للشهادتين المتوسطة والثانوية العامة لفروعها الاربعة وفقاً للمناهج الجديدة): «تجرى الامتحانات لدورة عادية واحدة ويمكن تنظيم دورة استثنائية واحدة بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء…».
وهذا الأمر يعني أن تنظيم دورة الإمتحانات الإستثنائية يستحيل أن يتم ما لم يجتمع مجلس الوزراء ويوافق على ذلك، ومن ثم يصدر مرسوما بهذا الشأن بعد استشارة مجلس شورى الدولة عملا بالمادة 57 من نظام المجلس المذكور([1])، وذلك بالنظر لكون المرسوم المنوه عنه من المراسيم التنظيمية، وهذا ما تم السير عليه في جميع الدورات الإستثنائية السابقة([2]).
وعليه فإن استقالة الحكومة الحالية في لبنان ووجودها في مرحلة تصريف الأعمال وتعذر اجتماعها لهذا السبب، يجعل دورة الإمتحانات الإستثنائية في مهب الرياحمن حيث المبدأ، وهذا ما يفرض اتخاذ إجراءات فعالة لتفادي الأضرار الفادحة التي سيخلفها هذا الواقع على مستقبل طلاب لبنان.
وفي هذا الصدد نجد أن هذه المعضلة لا يمكن حلها على المستوى القريب، وبالنسبة للعام الدراسي الحالي، إلا باللجوء إلى أمر من اثنين: فإما أن تتشكل حكومة فتصدر مرسوم إجراء الدورة الإستثنائية كما كان يحصل في السنوات السابقة وهذا الأمر يبدو بعيد المنال بعد مرور حوالي أربعة أشهر على استقالة الحكومة اللبنانية دون أي تقدم ملحوظ في عملية تأليف الحكومة الجديدة، أما الأمر الآخر الذي يبدو ذا وجه عملي ومنطقي أكثر فهو اجتماع حكومة تصريف الأعمال للموافقة على المرسوم المذكور أسوة بالجلسة التي عقدتها، بعد استقالتها، بتاريخ 27/5/2013 لأن مستقبل طلاب لبنان يعد أمراً ضرورياً وملحاً لا يقل أهمية عن الأسباب التي دعت الحكومة إلى عقد جلستها المذكورة أعلاه([3]).
أما على المستوى البعيد، فتبرز الحاجة الملحّة لتعديل المادة 3 من المرسوم 5697/2001 لتواكب الواقع العملي المتمثل بعدم إمكانية الاستغناء عن الدورة الاستثنائية، لذلك من الضروري أن تصبح الإمتحانات الرسمية على دورتين عاديتين بدلاً من واحدة، خاصة وأن هذه الوجهة كانت معتمدة في النصوص الأساسية الناظمة للامتحانات الرسمية قبل تعديلها([4]).
وحتى في حال الإبقاء على نظام الدورة الاستثنائية الحالي، فإنه يقتضي تعديل المادة 3 المشار إليها، ليصبح تنظيم الدورة الإستثنائية بمرسوم عادي([5]) أو حتى بقرار من وزير التربية والتعليم العالي إذ لا مبرر لهذا التشدد في اتخاذ القرار باجراء الدورة الإستثنائية.
وأخيرا نتمنى أن يكون ما كتبناه أعلاه نداء صارخا يصل إلى مسامع أصحاب المسؤولية والحريصين على مستقبل طلاب لبنان توسلا لاتخاذ القرار الحكيم في الوقت المناسب وقبل فوات الأوان.
 
 
 
 



[1]))تنص المادة 57 من نظام مجلس شورى الدولة على أنه: «يجب أن يستشار مجلس شورى الدولةفي مشاريع المراسيم التشريعية وفي مشاريع النصوص التنظيمية وفي جميع المسائل التي نصت القوانين والانظمة على وجوب استشارته فيها...».
[2]))يراجع المرسوم رقم 8743 تاريخ 17/8/2012 المتضمن إجراء دورة استثنائية للامتحانات الرسمية للعام 2012 للمرشحين الراسبين في الشهادة المتوسطة وشهادة الثانوية العامة بفروعها الأربعة والغائبين عنه، المنشور في الجريدة الرسمية، العدد 36،تاريخ 23/8/2012.
[3]))استقالت الحكومة اللبنانية بتاريخ 22/3/2013 إلا أن قرب موعد إجراء الإنتخابات النيابية حتم عليها عقد جلسة بتاريخ 27/5/2013 لاتخاذ بعض القرارات المتعلقة بإجراء الانتخابات وهيتشكيل هيئة الاشراف على الحملة الانتخابية، تأمين النفقات الضرورية للانتخابات النيابية،الاجازة لوزير الداخلية عقد اتفاق بالتراضي لطبع بطاقات الهوية،الموافقة على استئجار مبنى قرب وزارة الداخلية يخصص لهيئة الاشراف على الانتخابات،وتحديد القسم المتحرك لسقف المبلغ الاقصى الذي يجوز لكل مرشح انفاقه اثناء فترة الانتخاب.
[4]))من الإطلاع على نص المادة 4 من المرسوم رقم 4430 تاريخ 28/01/1929 المتضمن انشاء البكالوريا اللبنانية والمعدلة بموجب المرسوم رقم 2465 تاريخ 14/09/1933 يتبين أنها كانت تنص على الآتي: «ان الامتحانات العامة التي تمنح على أثرها رتبة البكالوريا تجري كل سنة في بيروت في دورتين الاولى في حزيران او تموز والثانية في تشرين الاول. ان مدير المعارف العامة والفنون الجميلة يعين تاريخ افتتاح كل من هاتين الدورتين».
وقد تم تعميم ذلك فيما بعد على الإمتحانات الرسمية لجميع الشهادات باستثناء الشهادة الإبتدائية (التي كانت معتمدة آنذاك) وذلك بمقتضى المادة الثانية من المرسوم رقم 6645 تاريخ 10/02/1967 المتعلق بنظام الامتحانات الرسمية إذ كانت تفيد بأن: «تجري امتحانات الشهادات الرسمية في دورتين ما عدا امتحانات الشهادة الابتدائية التي تجري في دورة واحدة».
وقد بقيت هذه الأحكام مرعية الإجراء حتى صدور المرسوم رقم 10772 تاريخ 16/10/1975 الذي أقر اجراء امتحانات الشهادات الرسمية في دورة عادية واحدة ودورة استثنائية لامتحانات البكالوريا دون سواها، وقد بقي ذلك سائداً مع بعض الإستثناءات حتى إقرار المرسوم رقم 5697/2001.
[5]))المقصود بالمرسوم العادي هو المرسوم الذي يتخذه رئيسه الجمهورية ويشترك معه في التوقيع عليه رئيس مجلس الوزراء والوزراء المختصين، دون حاجة لعرضه على مجلس الوزراء وأمثلة ذلك في القانون اللبناني عديدة (منها مراسيم منح العفو الخاص، مراسيم منح الأوسمة، مراسيم دعوة الهيئات الناخبة للانتخابات العامة أو الفرعية، مراسيم تعيين لجان القيد في الدوائر الإنتخابية…).
انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني