اعتصام أمام قصر العدل: “لا تبرير للتهاون باستقلال القضاء”


2017-10-11    |   

اعتصام أمام قصر العدل: “لا تبرير للتهاون باستقلال القضاء”

"رفضاً للمحاصصة في التعيينات القضائية" نفذ مجموعة من المحامين والناشطين اعتصاما أمام قصر العدل في بيروت بدعوة من حملة "بدنا نحاسب" في تاريخ 10/10/2017. وقد توجه المعتصمون إلى مجلس القضاء الأعلى لإيصال رسالة تلقي الضوء على خطر التشكيلات القضائية التي وصفوها بـ "السم في العسل". إذ أن هذه التشكيلات بالنسبة إليهم تتحقق اليوم بناء على رغبة بعض السياسيين النافذين في لبنان، كما وتكرس الطائفية وتهدد ثقة المواطن بالقضاء. وتبعا للاعتصام، توجه مجموعة من المحامين إلى مكتب مجلس القضاء الأعلى في قصر العدل لتسليمه نسخة عن بيانهم. وبسبب غياب رئيس مجلس القضاء الأعلى جان فهد، إستقبلت المحامين المحامية العامة لدى محكمة التمييز القاضية إيميلي ميرنا كلاس، حيث استمعت إلى مطالبهم وأرائهم. وقد نقل المحامون أن القاضية كلاس أبدت تفهمها للمحامين لكنها التزمت الحيادية إذ قالت "أنا ما فيني احكي بس فيني إسمع".

وقد اغتنم المحامون فرصة تواجدهم في مكتب كلاس لتوضيح موقفهم، إذ اعتبر المحامي نائل قائدبيه أن "ما يذاع في الإعلام عن التشكيلات القضائية التي تمت بإرادة السياسيين وفقاً للمحصصات الطائفية هو فضيحة". يضيف قائدبيه "المتضرر الأكبر من التدخلات السياسية هو مجلس القضاء الأعلى، الأمر الذي ينعكس على ثقة المواطن بالقضاء كما بعدالة أحكام القضاة". من جهته أشار المحامي واصف الحركة إلى أن "القضاء هو العمود الفقري الوحيد المتبقي في الوطن، فإذا انهار هذا العمود فقد انهار الوطن بأكمله". وعليه شدد الحركة على أن المطلوب هو "إقرار قانون قضائي مستقل عن السلطة التنفيذية كلياُ". كما دعا الحركة إلى "حراك قضائي كبير، إذ أن الاعتكاف الذي سبق ما كان يجب أن يتوقف قبل تحقيق الاستقلالية التامة".

من خلال هذا البيان الذي استلمته كلاس أعرب المعتصمون عن عدم رضاهم إزاء الوضع الذي وصلت إليه السلطة القضائية اليوم. وأشاروا إلى أن "القضاء بقي عصياً عن الفرز الطائفي خلال فترة الاقتتال الداخلي" أي خلال الحرب الأهلية. لكن ومنذ إنتهاء الحرب و"السلطة السياسية بشقيها التنفيذي والتشريعي تحاصر القضاء وتسعى لتحويله من سلطة مستقلة إلى إدارة تابعة". كما رأى البيان أن "مساعي السلطة في الفترة السابقة لمحاصرة القضاء كانت تحصل بالخفاء، إلا أن التدخلات السياسية في التشكيلات القضائية اليوم يحصل على المكشوف". فبالنسبة إلى المعتصمين، هذه التدخلات لا تعدو كونها "مقايضات ومفاوضات بين القوى السياسية على المراكز والمناصب، كما فيتوهات وضغوطات على مجلس القضاء الأعلى".

في السياق نفسه رأى البيان أن التعيينات القضائية فاضت بـ "الكيدية والمحسوبية في التعيين وتكريس الطائفية في المؤسسة التي ينبغي أن تكون الأكثر إبتعاداً عنها". وقد تطرق إلى ما تم تداوله في الإعلام عن هذه الطائفية إذ ذاع أنه تم "إستحداث 10 مواقع مخصصة لطائفة معينة". وعلى ضوء ذلك سأل المعتصمون عما إذا "كان القاضي يمثل طائفته، أم أنه يمثل قيم العدالة والتجرد في إحقاق الحق". كما تساءلوا عن "كيفية ترفيع قضاة قد صدرت بحقهم عقوبات تأديبية وآخرين محالين إلى المجلس التأديبي". كما "استمرار قضاة في موقعهم لأكثر من 10 سنوات بسبب قربهم من أحد أطراف السلطة، دون احترام مبدأ المداورة". وقد تخوف المعتصمون من "الضغوطات السياسية السافرة التي مورست في تعيينات المدعين العامين"، إذ توقعوا منها محاولة لـ "استثمار النيابات العامة للضغط على الناس بتوقيفهم أو إخلاء سبيلهم وفق ميولهم السياسية". وإذ أكد المعتصمون أن "التعيينات القضائية ضرورية" إلا أنهم رأوا أن ذلك لا يبرر التهاون بهيبة القضاء وسلطته، وقدرته على إحقاق الحق وإزهاق الباطل". وفي نهاية بيانهم طالب المعتصمون بـ "رفع اليد عن السلطة القضائية، التي تشكل الملاذ الأخير للمواطن في مسعاه لمكافحة الفساد". كذا وإقرار "قانون جديد للتنظيم القضائي، لضمانة استقلالية القضاء والقضاة، ويمنع الضغوط السياسية في التعيينات وينهي المناقلات الإنتقامية".

يؤكد المحامي حسن عادل بزي لـ "المفكرة" أن "الفجور الذي وصل إليه الوضع القضائي كما الوقاحة لم تعد تحتمل". كما يرى أنه "ليس من المنطقي أن تُعين السلطة السياسية القاضي الذي بدوره عليه أن يصدر حكماً باسم الشعب اللبناني". في السياق نفسه، يطالب بزي بـ "إحترام مبدأ المداورة بين القضاة بحسب المناطق، كما واحترام الكفاءة والخبرة في التعيينات". كذا يشدد على ضرورة "رفع اليد السياسية عن القضاء، وترك الجسم القضائي للقاضي النزيه وصاحب الضمير". إذ أنه هناك "قضاة شرفاء انظلموا في لبنان بسبب هذه اللعبة السياسية".

بدروه، يؤكد المحامي واصف الحركة لـ "المفكرة" أن التدخل في السلطة القضائية "يحول القضاء من سلطة إلى إدارة تخضع للسلطة التنفيذية". ويضيف: "إن التدخلات بالقضاء التي تأخذ الطابع الحزبي والفئوي، تجعل القاضي تابعا بشكل تام للسلطة السياسية". بالتالي "يفقد تجرده عند الحكم". وأما لناحية تفعيل دور المجتمع المدني في الضغط لأجل تحقيق استقلالية القضاء، فيرى الحركة أن هذا التحرك هو بمثابة "إشعال الشرارة". فمن خلال هذه الخطوة يتم تحفيز "المجتمع المدني لتنظيم تحركاته لممارسة الضغط لأجل تغيير هذا الواقع". ويؤكد الحركة أن التحركات "لن تقف عند حدود هذا الاعتصام، بل أنه في وقت قريب سوف يلحقه تحرّك آخر للمحامين الناشطين في المجتمع المدني".

يذكر أن مشروع مرسوم التشكيلات القضائية صدر بتاريخ 10 تشرين الأول 2017 بعدما وقعه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

انشر المقال

متوفر من خلال:

استقلال القضاء ، لبنان ، مقالات ، حراكات اجتماعية



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني