السفارة الأميركية تعلن انضمامها للمتدخلين في القضاء في تونس، وسط صمت مريب


2013-05-31    |   

السفارة الأميركية تعلن انضمامها للمتدخلين في القضاء في تونس، وسط صمت مريب

أصدرت السفارة الأميركية بتونس يوم 29 ماي 2013 بلاغا تضمن ادانتها للحكم القضائي الذي صدر في حق المتهمين العشرين بالاعتداء على مقرها يوم 14 سبتمبر 2013 بتونس. وكانت الدائرة الجنائية الرابعة بالمحكمة الابتدائية بتونس قد قضت بجلستها التي عقدت يوم 28 ماي 2013 بسجن المتهمين في أحداث السفارة الاميركية مدة عامين اثنين مع اسعافهم جميعا بتأجيل تنفيذ العقوبة. اعتبرت السفارة الاميركية أن الأحكام "لا تتطابق على نحو ملائم مع جسامة وخطورة الخسائر والعنف"، مؤكدة "تمسكها بإجراء تحقيق معمق وإحالة المحرضين على الهجوم". كما أشارت الى أنه "من مسؤولية الحكومة التونسية وبموجب القانون الدولي حماية البعثات وموظفيها الموجودين في تونس". كشف البيان عن رفض الديبلوماسية الأميركية للحكم القضائي الذي أتى في منطوقه مخالفا لانتظاراتها وعوض أن تكتفي بنقد الحكم وابداء موقفها منه وهو أمر قد يمكن تفهمه باعتبار الضرر الذي لحق بها جراء الجرم المقترف ذهبت التمثيلية الاميركية الى ابراز توجهها نحو الضغط على الحكومة التونسية لتحقيق الصرامة التي ترجوها.
حول البيان السفارة الاميركية من متضرر له الحق بتتبع دعواه عبر الوسائل القانونية الى جهة ضغط ترغب في استعمال ما للدولة التي تمثلها من نفوذ سياسي واقتصادي لفرض أحكام تتطابق مع سياساتها في الموضوع. ورغم البعد الرمزي للبيان والذي يتجاوز نطاق تقييم تلاؤم العقوبات مع الجرائم المقترفة ليصل الى حدود الدعوة لتدخل الحكومة في عمل القضاء بحجة اضطلاعها بواجبها في حماية البعثات الديبلوماسية،فان ردود الفعل الوطنية من البلاغ كانت محتشمة. فقد التزمت المنظمات الحقوقية والأحزاب السياسية وقبلها الحكومة الصمت حياله ولم يخرج عن النسق الا مرصد استقلال القضاء الذي أصدر بيانا حاد اللهجة أدان تدخل السفارة الأميركية في أعمال القضاء بشكل يناقض الأعراف الديبلوماسية وشجب بذات المناسبة صمت الحكومة حياله.
ويبدو توجه السفارة الأميركية الداعي الى تدخل السلطة التنفيذية في عمل القضاء بغاية تصحيح أحكامه بما يتلاءم مع توجهاتها وتقديراتها وبما يحقق ما ذكرت أنه تعهد من الحكومة بالتصدي لدعاة العنف متناغما مع التوجه العام بالبلاد التونسية. اذ يتميز التعاطي العام مع القرارات القضائية بمبادرة الجهات النافذة التي تواجه قضايا أو تلتجئ للقضاء الى اعتبار كل حكم يصدر في دعوى لا يكون لصالحها أو يؤدي الى إدانة أحد الافراد الذين تشملها حمايتهم مؤشرا على فساد القضاء وعجزه وسببا يبرر الدعوة الى تدخل السلطة السياسية في عمل القضاء لتصحيح المسار. وقد يفسر هذا التماهي غياب أي ردة فعل من خارج القضاء على بيان السفارة بما يمكن أن يؤول كترحيب صامت بالموقف الاميركي على اعتبار أنه تأكيد على صحة المواقف السابقة.
كان ينتظر من سفارة الدولة التي تدعي دفاعها عن قيم الديموقراطية بالمنطقة أن تظهر قناعة حقيقية بقيم استقلالية القضاء وأن تتمسك بحقها في مواصلة تتبع الدعوى خصوصا وأنه لم يتبين لها ما يؤكد غياب شروط المحاكمة العادلة في الدعوى وأن تفضح التدخل الحاصل في عمل القضاء ان كان لديها شبهة في ذلك. وكان ينتظر من الأوساط الحقوقية أن تدافع عن استقلال القضاء وان كانت الاحكام في منطوقها تخالف رغباتها وأن تؤكد ايمانها باستقلالية القضاء ولو كان الطريق اليها شائكا. فإصلاح القضاء وحماية استقلاليته الوليدة يستوجبان ابراز الحرص على استقلالية القرار القضائي ولو كان القرار قابلا للنقد ورفض الأحكام القضائية التي تعد برعاية السلطة ولو كانت أكثر اتقانا وملاءمة.
 
بيان المرصد
حول بيان السفارة

انشر المقال

متوفر من خلال:

استقلال القضاء ، مقالات ، تونس



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني