المصادرات في تونس، إلى أين؟


2015-06-10    |   

المصادرات في تونس، إلى أين؟

في 8-6-2015، أصدرت المحكمة الادارية (الدائرة الابتدائية الحادية عشر بالمحكمة الادارية) بتونس حكما بإلغاء قرار مصادرة املاك "بلحسن الطرابلسي" صهر رئيس الجمهورية التونسية الاسبق زين العابدين بن علي. قبلت المحكمة النظر في الدفع بعدم دستورية "مرسوم المصادرة" وخلصت الى القول بأنّ عدم عرض المرسوم الصادرفي 14 مارس 2011 والمتعلّق بمصادرة املاك بن علي وأفراد عائلته على المجلس التشريعي يعيب اجراءاته ويقضي تالياً بالغاء قرار المصادرة الصادر على أساسه.

وتبعا للإعلان عنه، عدّ وزير أملاك الدولة التونسي الاستاذ حاتم العشي الحكم خطيرا وصادما، محذّرا بأنّه على ضوئه، أصبحت جميع المراسيم التي لم يتم المصادقة عليها من طرف المجلس التأسيسي المنحل ومجلس نواب الشعب معرضة للالغاء. كما اعتبر أنه بفعل هذا الحكم، أصبح بإمكان بن علي وعائلته المطالبة باسترجاع أملاكهم وبتعويضات. وذات الرفض لقرار المحكمة عبّر عنه القاضي الاداري السيد احمد صواب الذي اعتبر "أنّ قرار إلغاء المرسوم المتعلق بالأملاك المصادرة سيصيب قانون العدالة الانتقالية في مقتل وسيهدد بقية المراسيم وقد يلغي انتخابات المجلس التأسيسي وما ترتب عنها. وأضاف أنّ من تبعات هذا القرار السياسيّة عودة منظومة الفساد"[1].

ويبقى الدفع الذي استندت اليه المحكمة للتصريح بعدم مشروعية مرسوم المصادرة محلّ جدل قانونيّ، خصوصا وأن المرسوم الذي أرسى المصادرة تمّ سنه في المرحلة الانتقالية بين الجمهورية الاولى والجمهورية الثانية أي بعد تعليق العمل بدستور غرة جوان 1959 وقبل سن دستور 26 جانفي 2014، بما يطرح السؤال حول السند الدستوري لاشتراط مصادقة المجلس التشريعي. ويتعين بالتالي انتظار رأي المحكمة الادارية في قضائها الاستئنافي والتعقيبي لتبين الموقف النهائي من الموضوع. الا أنه وبقطع النظر عن سندات الحكم الإداري الأول الذي ألغى قرارات مصادرة لعدم شرعية مرسوم المصادرة، فإن تعدد القضايا التي تعهدت بها المحكمة الادارية في طلب الغاء قرارات مصادرة وتمسك المدعين في أغلبها بعدم شرعية مرسوم المصادرة قد يؤشر إلى المأزق القانوني الذي باتت تعرفه المصادرة.

ويذكر أن "المفكرة القانونية" كانت سباقة في فتح ملف المصادرة من خلال تحقيق نشرته في عددها الأول من مجلتها التونسية، وقد كشفت فيه أن المصادرة تحولت لملف فساد بسبب سوء ادارة الاملاك المصادرة كما حذرت من مآل قرارات المصادرة لاعتبار تعارضها مع قواعد المحاكمة العادلة.وفي 5-6—2015، أكد رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد في كلمته أمام مجلس نواب الشعب التونسي أن "التصرّف في الأملاك المصادرة غابت عنه الشفافية، و تميز بضُعفَ مصداقية البيانات المتوفّرة، وضُعف التنسيق بين مختلف المتدخلين". ويأتي الحكم القضائي الذي صدر عن المحكمة الاداري ليؤكد ما سبق وأن أكدته "المفكرة" بمناسبة ذات التحقيق من كون "إهمال الدستور تحصين المصادرة من المنازعات القضائية مصدر خطر حقيقي على الأموال المصادرة". ويؤمل أن تولي الحكومة ومعها مجلس النواب هذا الحكم ما يستحقّ من اهتمام، لحماية موارد االشعب التونسي ومصالحه، من دون المسّ بالأسس الأخلاقية والقانونية التي كرّسها من ضمن دستوره.   

الصورة منقولة عن موقع  zoomtunisia.tn 
 



[1]تصريح اذاعي لاذاعة موزاييك ف م. 
انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، تونس ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني