بيان يتناول موضوع الزيجات المدنية في لبنان


2015-01-27    |   

بيان يتناول موضوع الزيجات المدنية في لبنان

إيضاح صادر عن “الهيئة المدنيّة لحريّة الاختيار”:

1- تناقلت وسائل الإعلام، الأسبوع الماضي، أخبار العرقلة التي يفتعلها بعض الموظفين في وزارة الداخليّة للحيلولة دون حصول المواطنين على وثائق بزواجهم المدنيّ المعقود على الأراضي اللبنانيّة.

2- كما تناقلت تلك الوسائل أقوالاً منسوبةً إلى وزير الداخليّة، وهي أقوال مستهترةٌ متناقضةٌ، تنقض أقوالاً له سابقةً، متراوحةً بين ادّعائه الجهل بمضمون هذا الملفّ وبما يفرضه من إجراءات وبين دعوته اللبنانيّين الراغبين بعقد زواج مدنيّ إلى الاحتيال على القانون والذهاب إلى قبرص لعقد ذلك الزواج.

3- وذلك على غرار ما أقدمت عليه وما تقدّمت به مرؤوسته المدير العامّ في مديريّة الأحوال الشخصيّة، والمتمادية في افتعال العرقلة وفي العمل على إحراج رئيسها في مواجهة بعض الذين في صورة غير مشروعة يعارضون إقرار قانونيّة عقود الزواج المدنيّ على الأراضي اللبنانيّة بينما يمارسون النفاق تجاه العقود المماثلة التي يجريها لبنانيّون آخرون على غير تلك الأراضي.

4- وذلك دون أيّ صفة قانونيّة أو أيّ مصلحة مشروعة لهؤلاء المعارضين: فما في سعيهم سوى مفسدة المتاجرة بالأحكام الدينيّة أو فتنة الإكراه على الأخذ بتلك الأحكام في غير مجالها شرعاً وقانوناً، وفرضها على الغير وعلى الدولة. ويكفي، في هذا الصدد، مقارنة فعلات هؤلاء بقولاتهم. وهذه وتلك كثيرة مشهورة.

إزاء تلك التصرفات الملتوية الشائنة لا بدّ من إيضاح الحقائق الثابتة الآتية:

1- إنّ عقود الزواج المدنيّ على الأراضي اللبنانيّة عقود قانونيّة سارية المفعول، من تاريخ توقيع هذه العقود لدى الكاتب بالعدل، مهما يكنْ من تقصير الموظّف المكلّف بنقل البيانات التي تتضمّنها تلك العقود إلى سجلاّت النفوس وتحرير الوثائق المناسبة. وهذا ما سبق إثباته بين وزارتي العدل والداخليّة ولدى كلّ من الوزارتين، كما سبق العمل بموجبه فعلاً، مرّةً بعد مرّة، في المديريّة العامّة للأحوال الشخصيّة وفي دوائر النفوس. فالذي يقوم به الزوجان في هذا المجال إنّما هو واجب التصريح في مهلة معيّنة لا تتعدّى الشهر الواحد وإلاّ تكن الغرامة، والذي يقوم به مأمور الأحوال الشخصيّة ليس سوى واجب التدوين في مهلة معيّنة لا تتعدّى الأربع وعشرين ساعة وإلاّ تكن العقوبة. ولا يغير في صحّة العقد ومفاعيله السارية تقصير الإهمال من قبل الزوجين أو التقصير في أداء الخدمة العامّة من قبل المأمور ورؤساء المأمور الإداريّين والسياسيّين. وفي هذا السياق، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ عقود الزواج المدنيّ على الأرض اللبنانيّة ما زالت متواليةً بين مواطنين لبنانيّين متساوين أحرار، عامرةً بالمحبّين والأصدقاء، يوماً بعد يوم، ، دون خوف أو وجل.

2- إنّ امتناع الموظّف العامّ عن القيام بواجب نقل البيانات أو تحرير الوثائق وتسليمها إلى صاحب العلاقة عند الطلب ليس بدايةً سوى مخالفة يعاقب عليها القانون، إلاّ أنّه يتحول إلى جريمة إضرار مادّي ومعنويّ تستلزم التعويض إذا اقترن ذلك الامتناع بالإصرار عليه وبإثارة الشكوك في صحّة تلك العقود ثمّ بنشر الإشاعات الكاذبة عن طبيعة العلاقات الاجتماعيّة بين الزوجين، بغاية التهويل عليهم وإكراههم على التخلّي عن اختيارهم أو اللجوء إلى السلطات الدينيّة أو الأجنبيّة. وذلك الامتناع والإصرار والتشكيك والذمّ والتشهير والمضارّة والضغط إنّما يأتي ارتكابه بعد أنْ تأكّدت شرعيّة تلك العلاقات وصحّة تلك العقود الخاصّة بها، قانوناً وبالممارسة، من قبل المراجع العدليّة والإداريّة ذات الاختصاص. أمّا بالنسبة إلى وزير الداخليّة فليس له من الأمر والإقدام سوى إلزام مرؤوسيه الاستمرار في تطبيق القانون وتقديم الخدمة العامّة، وإلاّ يكنْ قائماً بخرق الدستور، واقعاً في المشاركة بمخالفة القوانين ومضارّة المواطنين وبما يتعلّق بهذه وتلك من الجريمة. وفي الواقع، إنّ ما كان من قانونيّة الزواج المدنيّ على الأرض اللبنانيّة قد كان، في الاعتبار القانوني وفي الممارسة الإداريّة، قبل وزير الداخليّة الحالي ، وهو كائن معه أيّاً كان تصرّفه، وسوف يكون بعده في أيّة حال لمن يليه. فوزارة الداخليّة وأحكام القانون والممارسة الإداريّة ليست شخصاً مادّيّاً أو حزباً سياسيّاً أو طائفةً دينيّة، ومؤسّسة الزواج المدني أو الدينيّ ليست بالنسبة إلى الأزواج والمجتمع مجالاً مباحاً لبهلوانيّة سياسيّة أو استهتار إعلاميّ. وليس للقائمين بأعمال الحكم والإدارة في وزارة الداخليّة إلاّ الاستناد إلى المرجع العدليّ المختصّ في بيان قانونيّة عقود الزواج عند الشكّ أو التردّد، وهذا ما تمّ على أوضح وجه وتأكيد بين وزارة الداخليّة ووزارة العدل من جانب أعلى هيئة استشاريّة ممّا أدّى إلى العمل به مرّةً بعد مرّة في دوائر الأحوال الشخصيّة. وذلك ما يستلزمه استقرار الأحكام القانونيّة وتطبيقها. وما تعدّى ذلك ليس سوى عدوان ونكاية أو استهتار بمؤسّسات الدولة والمواطنين.

3- إنّ إنكار حقّ اللبنانيّين بالزواج المدنيّ على الأراضي اللبنانيّة وإعاقة حريّة اختيارهم له وعملهم به يشكلان خرقاً للدستور في متنه والمقدّمة وذلك في المادّتين السابعة والتاسعة والبندين باء وطاء. فهذه قد نصّت نصّاً واضحاً على المساواة التامّة بين اللبنانيّين، وعلى حريّة الاعتقاد المطلقة لهم، وعلى التزام دولتهم بشرعة حقوق الإنسان وتجسيدها في شتّى المجالات دون استثناء، وعلى حقّ اللبنانيّ بالإقامة على أيّ جزء من الأرض اللبنانيّة والتمتّع بما في تلك الإقامة من المزايا في ظلّ سيادة القانون، كما أنّ ذلك الإنكار وتلك الإعاقة يشكّلان مخالفة لقانون العقوبات في ما يتعلّق بالحريّات والكرامة الشخصيّة، وقانون تحديد نظام الطوائف الدينيّة في ما يتعلّق بحقوق الأفراد والجماعات، وقانون وثائق الأحوال الشخصيّة في ما يتعلّق بواجبات العمل الإداريّ والخدمة العامّة. وهذا كلّه بتراكمه وبالإمعان فيه إنّما يشكّل نقضاً لسيادة القانون المتضمّن مبادئ العيش المشترك، حيث لا شرعيّة لأيّ سلطة تناقض ميثاق ذلك العيش، تِبعاً لما نصّ عليه البند ياء من مقدّمة الدستور، هذا الدستور الذي يجد مراعاته الخالصة، في مستوى الأحوال الشخصيّة، في صيغة الزواج المدنيّ.

إنّنا نحذّر القائمين بأعمال الحكم والإدارة -ومن يقوم بتحريضهم أو إرهابهم- من عواقب فعلاتهم وإصرارهم أو استهتارهم بحقوق مواطنين لبنانيّين يمارسون حريّاتهم الشخصيّة على أفضل وجه ، ويسعون سعياً كريماً إلى إقامة علاقات اجتماعيّة راقية قائمة على المودّة والمساواة والحريّة، وإلى سيادة دولة يقوم نظامها أساسا،ً وبلا حاجة إلى أيّ تعديل أو تبديل، على هيمنة القانون المدنيّ على سواه من الأحكام، إذْ لا بديل من علوّ هذا القانون وسماحته في نظام العيش المشترك. فلهذه الأسباب العامّة والخاصّة لن يتوانى هؤلاء المواطنون ومن يساندهم عن تحصيل حقوقهم وحمايتها بكلّ الوسائل المتاحة.

ختاماً، تعلن “الهيئة المدنيّة لحريّة الاختيار” عن نيّتها عقد مؤتمر صحفيّ، في أقرب وقت، لإعلام المواطنين كافةً بما كان وسوف يكون في هذه المواجهة.

انشر المقال

متوفر من خلال:

حريات ، مساواة ، لبنان ، مقالات ، حراكات اجتماعية ، لا مساواة وتمييز وتهميش ، حريات عامة والوصول الى المعلومات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني