التمديد باطل(2): الرد على حجة جديدة لشرعنة التمديد


2016-05-12    |   

التمديد باطل(2): الرد على حجة جديدة لشرعنة التمديد

تناولنا في مقالنا السابق، انعكاس اجراء الانتخابات البلدية على دستورية التمديد لمجلس النواب وأظهرنا كيف سقط الشرط الذي وضعه المجلس الدستوري للقبول بالتمديد. وقد تبنى العديد من الباحثين هذا الموقف ودعوا لاجراء انتخابات نيابية جديدة فورا علما أن البعض كرر موقفنا بإمكانية اجراء هذه الانتخابات دون صدور قانون جديد لتقصير ولاية المجلس بينما رأى البعض الآخر أن صدور مثل هكذا قانون ضروري. وذهبت المفكرة القانونية إلى تظهير مضمون المقال في فيديو مصور.

وإذا كان الجميع سلم تقريبا بهذا المنطق، صدر مؤخرا رأي من بعض السياسيين يتصدى لهذا الاتجاه عبر تبني حجة ترمي للإلتفاف على قرار المجلس الدستوري من خلال التفريق بين الانتخابات البلدية والانتخابات النيابية. وسند هذه الحجة القول أن الانتخابات البلدية هي محلية وأهدافها انمائية بينما الانتخابات النيابية هي سياسية بامتياز وتمتد على مساحة الوطن كلها. وجوهر هذه الذريعة هو القول أن انتخاب أعضاء المجالس البلدية والاختيارية لا يؤدي إلى شرخ حاد بين المواطنين ما يساهم في التخفيف من المخاطر الأمنية بينما انتخاب أعضاء مجلس النواب قد يؤدي إلى فتنة بين مكونات الشعب. فالظرف الاستثنائي ينتفي في الحالة الأولى بينما يظل قائما في الحالة الثانية، ولا يمكن الاستنتاج بالتالي أن اجراء الانتخابات البلدية في جو من الأمن والطمأنينة سوف ينسحب حكما على الانتخابات النيابية.

ولا شكّ أن الرد على هذه الحجة قد يتخذ أشكالا عدة كالتأكيد مثلا على الطابع السياسي للإنتخابات البلدية لا سيما في الظرف الحالي حيث بات واضحا للجميع أن المنافسة الانتخابية كانت سياسية بامتياز واتسمت بحدة قل نظيرها بين الأحزاب السياسية ومختلف مكونات المجتمع. لكن الرد الأبلغ على هذا المنطق المتهافت لا يكون فقط من خلال الحجج العملية التي تنطلق من الواقع بل عبر الاستناد على سند قانوني يتمتع بحجية قاطعة.
فهل من حجة أفضل من تلك التي يقوم المجلس الدستوري بتبنيها؟ وبالفعل سبق للمجلس الدستوري أن حل هذه الاشكالية. ففي قرارين له (رقم 1/97 ورقم 2/97 تاريخ 12/9/1997) عالج المجلس مسألة التمديد للمجالس البلدية والاختيارية عبر الطعن المقدم ضد القانون رقم 654 والقانون رقم 655 الذي تم بموجبهما تمديد ولاية البلديات والمجالس الاختيارية حتى 1999. وقد أورد المجلس الدستوري في حيثيات كل من القرارين الفقرة نفسها فقال: "وبما أن هذا التمديد  لم يبرر بأية ظروف استثنائية، ولا توجد على كل الأحوال ظروف استثنائية تبرره بدليل قيام الدولة باجراء انتخابات نيابية سنة 1992 وسنة 1996 وانتخابات فرعية سنة 1994 وسنة 1997…". وهكذا يتبين لنا بشكل لا يحتاج إلى مزيد من الشرح أن المجلس قام بالمساواة بين الانتخابات البلدية والنيابية من كافة جوانبها واعتبر أن الدعوة لاجراء أي انتخابات هو دليل كاف لانتهاء الظرف الاستثنائي. وهكذا تتهافت هذه الذريعة الجديدة التي يتستر بها البعض بغية الاستمرار بمجلس نواب فقد قانونيته اليوم بعدما فقد شرعيته منذ التمديد الأول له.

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، دستور وانتخابات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني