TSC تصرف عشرات العمّال لأسباب اقتصادية؟


2016-02-05    |   

TSC تصرف عشرات العمّال لأسباب اقتصادية؟

اجتمع أربعون موظفاً من شركة TSCنهار الاربعاء 27/1/2016 مع وزير العمل سجعان قزي في مكتبه في مبنى العازارية في بيروت، بعدما أرغمت بعضهم الشركة على توقيع استقالاتهم، لأنها قررت من دون سابق إنذار إغلاق فرعيها في الذوق والدورة.

"انتو يلي كانوا بدن يشيلوكن؟ ايه ممنوع حدا يشيلكن…". بهذه الكلمات المطمئنة استقبل يومها الوزير قزي الموظفين. استمع إلى شكواهم وأكد لهم أن الوزارة اجتمعت بإدارة الـTSCونبهتها أنه "إذا ارادت الشركة القيام بأي صرف جماعي، فيجب عليها أن تقدم مشروع إعادة هيكلية التوظيف لديها والأسباب الموجبة التي تدفعها إلى تخفيض عدد الموظّفين. وقبل ذلك، لا يمكنها أن تتخّذ أيّ تدبير". وأكد أنه فور سماعه أخباراً عن قيام الشركة بتسريح العمّال بعلم وزير العمل، أصدر بياناً دعا فيه "الموظفين الى عدم توقيع أية براءة ذمة أو إستقالة قبل مراجعة الوزارة، وحمّل ادارة "الـ TSC" كامل المسؤولية".

وقد عرض الموظفون مشاكلهم مع الادارة لا سيما أن بعضهم كان عرضة للمعاملة سيئة. وفي هذا السياق، كشفت إحدى الموظفات عن "تحرش" تعرضت له من قبل مدير فرعها. "أنا موظفة في هوم سنتر. في أول يوم لي في فرع فردان، اجتمعت مع مدير الفرع  ع.ع. للحديث عن أمور العمل. وإذا به يسألني فجأة ان كنت مرتبطة أو في حدا بحياتي. فقلتلو ما خصك…". فأجابها قزي "ما قلتيلو شو اسمو الزلمة الموجود بحياتك؟"إعتقد وزير العمل أن جواباً شبيهاً بالمزحة التي أطلقها كفيل بحماية الموظفة من ربّ عملها.

وبعد أن تشابهت الروايات عن ظروف توقيع الاستقالات، إكتفى قزي بتوجيه النصيحة للموظفين. "أنا كأخ وليس كوزير، أقول لكم إن لم يكن لديكم وظائف أخرى، لا انصحكم بالبقاء على استقالتكم. في حال قبلت الادارة بعودتكم الى العمل، في إطار تسوية شاملة وعفا الله عما مضى…". ونبههم الى أنهم إذا قرروا الاستقالة، فيجب عليهم الانتباه إلى أنّ الإستقالة ليست كالصرف من الخدمة. كما أنه شدّد على ضرورة الوصول إلى "حلّ حبّي" مع الشركة لأنه حلٌّ ينتهي بسرعة. "فالمحاكم في لبنان ليست سريعة إلا بإطلاق ميشال سماحة، ولتبيّنوا الإثباتات أمام المحاكم ستذهب الأمور لسنوات وسنوات".

من جهتها، أطلعت رئيسة دائرة التفتيش في الوزارة جمانة حيمورالموظفين على خلاصة الاجتماع مع إدارة الشركة. فأعلمتهم أن" الادارة قامت بتجميد كل قرارات التسريح التي من ضمنها الاستقالات التي وقعت طوعاً او بالإكراه الى حين تقديمها مشروع بالنسبة لسنوات الخدمة والحقوق التي من الواجب على الادارة أن تقدمها". وأملت أن يعود الموظفون عن إستقالاتهم، فـ"الادارة تسعى إلى تخفيض عدد الموظفين ولكن هناك تعويضات معينة للمعنيين بالصرف… وسيتم التشاور معكم". كما طلبت منهم "تشكيل لجنة من ثلاثة أشخاص إضافة إلى المحامي المعيّن من قبلهم من أجل التفاوض مع الشركة". ولفتت إلى أنه سيتم دراسة كل حالة على حدة بالنسبة للمستقيلين. أما بالنسبة للمجموعة الباقية، فسندرس الملف دفعة واحدة وعلى ضوء ذلك يتخذ القرار المناسب".

" بإمكانهم أن يوجهوا لنا 3 إنذارات من بعدها سيخرجوننا من العمل دون تعويض"، هذا ما تخوّف منه أحد العمال. ثم سأل حيمور عن مصير الموظفين الذين لا يريدون العودة الى العمل بعدما وقعوا على استقالتهم لأنهم يخشون من إنذارات قد يتم فبركتها لطردهم. فأجابت أنه "بالقانون لا تحصلون على شيء. الشركة تقول للموظف إرجع إلى العمل حتى لا تدفع له تعويض. وإن أنت لديك قلق بمكان معين فنحن لا نحاسب على القلق".
بعد الإجتماع خرج معظم الموظفين من مكتب الوزير وهم على إقتناع بضرورة القبول بالعودة الى العمل في حال عدم توافر البديل متسلحين بدعم الوزارة لهم. حتى من بقيَ مصراً على الإستقالة، ظل متمسكاً بالمفاوضات التي وعدت الوزارة برعايتها حتى تحصيل كامل الحقوق والتعويضات المناسبة للعمال.

لكن هذه التطمينات لم تدم طويلاً. فقد فوجئ موظفو الـTSCنهار الثلاثاء 2/2/2016، بدعوتهم الى لقاء هاني اسماعيل، الموظف في قسم ادارة الموارد البشرية للشركة في الكويت. فتبيّن لهم أن اسماعيل جاء لطرح حلّ نهائي يقضي بالإستغناء عن خدماتهم. لم يكتفِ اسماعيل بلقاء موظفي فرعي الدورة والذوق بل اجتمع أيضاً بعمال الفروع الأخرى. وحسم الجدال بضرورة قبول عرض الشركة أو اللجوء إلى المحاكم.

لم يجد الموظفون حلّا أمامهم سوى القبول بالعرض. "لقد عرضوا عليّ أربعة أشهر معاش مقابل أربع سنوات خدمة فقبلت". هذا ما نقله لنا الموظف في قسم التسلّم محمد عواد. "كنا قد كلفنا ثلاثة أشخاص للتفاوض مع الشركة والوزارة، فكانوا أول من وقعوا على الاتفاق. فلماذا سنعرقل؟ لكلّ منّا عائلة ومصاريف وديون وارتباطات مع المصارف. كما أنهم قالوا لنا أن الوزارة وافقت على هذا الحل فما كان منّا إلا أن قبلنا".

"لم يعد الأمر متعلقاً بالموظفين الذين ذهبوا الى الوزارة. بل قاموا باستدعاء موظفين من جميع الفروع للإجتماع بالفرع الرئيسي للشركة ومقابلة هاني اسماعيل". هذا ما أكده الموظف علي حمود. "لقد تقرر إعطاء كل موظف شهر عن كل سنة خدمة معتبرين أنه لا يوجد أي صرف تعسفي بهذه الطريقة. وقالوا لنا، إن لم تقبلوا بالعرض إذهبوا إلى المحاكم ولكنكم ستمضون سنوات قبل تحصيل حقوقكم. وقد وصلنا خبر بأن الشركة ستقفل جميع فروعها خلال الأشهر القادمة ولذا يريدون تصفية الموظفين قبل آخر الشهر. كذلك اتّخذوا القرار بإيقاف جميع العمال السوريين عن العمل على اعتبار أنهم أجراء مياومون لا يحصلون على أيّ تعويض. وقد بدأوا بهذا الأمر ولكنهم أبقوا على البعض إلى الآن حتى يستغلوهم في تفريغ كل فرع الدورة". ولفت حمود الى أنه لم يتم جمع الموظفين لإبلاغهم القرار بل يبلغون كل موظف على حدة حتى يتمكنوا من الضغط عليه وإقناعه".

وعلى الرغم مما قاله موظفا الـTSCلـ "المفكرة القانونية"، الا أن محامي الموظفين أ. رامي محمود أكدّ في اتصال معه على استمرار المفاوضات بين وزارة العمل وإدارة الـ TSCنافياً أي حديث عن قيام مندوبي الموظفين بالقبول بعرضموظف الـHRوالتوقيع عليه. وأضاف: "هناك قسم من الموظفين اختار التوقيع لأن لديه التزامات مادية وعائلية. ولكن في المقابل هناك نحو 25 موظفاً ممن فرضت عليهم الاستقالة سابقاً لم يوقعوا على الاتفاق. وما زالت المفاوضات سارية المفعول بين الإدارة والوزارة. وفي النهاية، انا محامي الموظفين وأرضى بقرارهم ولا يمكنني ان أجبرهم على رفع دعوى إن لم يشاؤوا ذلك". 

اذاً، وبعد محاولة صرف أربعين موظفاً على خلفية أسباب اقتصادية، باتت القضية اليوم تنذر بكارثة إجتماعية وإقتصادية على وشك أن تقع في القريب العاجل. فإذا ما أعلنت شركة TSCإقفال جميع فروعها في لبنان، فهذا يعني صرف ما يزيد عن ـ800 عاملاً وموظفاً في بلد يعاني من البطالة وأزمات وخضات بإعتراف وزير العمل نفسه. وهنا السؤال: أي قيمة لمشروع إعادة الهيكلة الذي طالبت وزارة العمل إدارة الشركة به قبل إقدامها على صرف الموظفين؟ أي دور فعلي ستلعبه وزارة العمل في هذه القضية وأي دور ستلعبه في حال أغلقت الشركة أبوابها؟

للأسف، يبقى حتى اليوم دور الوزارة شكلياً كلما تم تبرير الصرف بأسباب إقتصاديّة سنداً للمادة 50 و من قانون العمل. فهي قلما تدقق في مدى صحة الأسباب الإقتصادية أو بمدى مسؤولية الشركة في حدوثها أو قدرتها على تجاوزها. بانتظار تعديل المادة 50 و، ربما يجد غدا العامل اللبناني نفسه وحيداً في وجه شركة عملاقة متعددة الجنسيات.      
      

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، حقوق العمال والنقابات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني