حكومة لبنان تطرق أبواب المحكمة الجنائية الدولية


2024-04-27    |   

حكومة لبنان تطرق أبواب المحكمة الجنائية الدولية
من موقع المحكمة الجنائية الدولية

أصدر مجلس الوزراء أمس قرارا بتكليف وزارة الخارجية بتقديم إعلان إلى سجلّ المحكمة الجنائية الدولية سندًا للفقرة 3 من المادة 12 من نظامها الأساسي في قبول اختصاصها للتحقيق والملاحقة القضائيّة لكلّ الجرائم المرتكبة على الأراضي اللبنانية منذ 7 تشرين الأول 2023 والتي تدخل في نطاق ولايتها القضائية بما فيها تلك التي طالتْ المُسعفين ومتطوّعي الدفاع المدني وعلى أن تلتزم الحكومة بالتعاون مع المحكمة وفقا للباب التاسع من نظامها. وقد صدر القرار بعدما رفعتْ وزارة الإعلام إلى مجلس الوزراء التقرير الذي أعدّته المنظمة الهولندية للبحث العلمي التطبيقي بناء على طلب وكالة رويترز والمتعلّق باستشهاد المصوّر عصام عبدالله طالبة منها اعتماده واتخاذ الخطوات اللازمة لتسهيل الوصول إلى العدالة. ويلحظ أن القرار لم يتضمن اعتراض أو تحفظ أيّ من الوزراء عليه.

وعليه، تكون الدولة اللبنانية قد قبلتْ اختصاص المحكمة الجنائية الدولية للنظر في الجرائم المرتكبة على أراضيها ابتداء من 7 تشرين الأول 2023، والمشمولة في نظامها (وهي تحديدا جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضدّ الإنسانية وجرائم الحرب والتعدي)، وأيضا قبولا بالتعاون مع هذه المحكمة بشأنها. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه سيكون للمدّعي العام انطلاقا من هذا الإعلان إمكانية التحقيق ليس فقط في الجرائم المذكورة في قرار مجلس الوزراء، إنما في مجمل الجرائم التي يعدّها داخلة ضمن مجال اختصاص المحكمة، بما فيها الجرائم المعزوة للبنانيّين أو المرتكبة انطلاقا من أراضيه. وبمعزل عن أهمية الانضمام إلى المحكمة الذي قد يحصل في وقت آخر مستقبلا، فإن تقديم الإعلان على غرار ما فعلته الحكومة اللبنانية يبقى شرطا ضروريا لكي يشمل اختصاص المحكمة الجرائم الحاصلة في الماضي. وهو قد يحصل أصلا في معرض تهيؤ دولة ما للانضمام لنظام روما. هذا مثلا ما فعلته دولة فلسطين في 2015 حين أعلنت قبولها اختصاص المحكمة في كانون الثاني 2015 للتحقيق في الجرائم المرتكبة منذ 13 حزيران 2014، لتقدم بعد يوم واحد فقط طلب انضمامها إلى نظام روما. وفيما قد يحرج هذا الإعلان السلطات اللبنانية لاحتمال اصطدامها بعوائق واقعية أمام توفير المعلومات المطلوبة من الادّعاء العام أو تسليم أشخاص مشتبه بهم، فإنّه قد يشكل بالمقابل وسيلة حماية قانونية في وجه الاعتداءات الإسرائيلية وربما الوسيلة الوحيدة للوصول إلى العدالة في قضايا تتوفر عليها أدلّة حاسمة مثل قضيّة مقتل الصحافي عصام عبدالله. يُضاف إلى ذلك أنّ الانخراط في نظام روما إنّما يشكّل لبنانيّا التسليم الأول بالمعايير المعتمدة دوليا في تصنيف الجرائم وفق خطورتها، وفي مقدمتها جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. إذ أن لبنان الذي لم يجرِ أيّ عدالة انتقالية في أعقاب حرب (1975-1990)، شمل هذه الجرائم (وضمنها المجازر وجرائم القتل والخطف على الهوية المرتكبة هنا وهنالك) في قانون العفو العامّ 1991، ليستثني بالمقابل الجرائم المرتكبة ضد القادة السياسيين والدينيّة منه. ومن هذه الزاوية، يشكل الإعلان محفزا لتعزيز الوعي الوطني إزاء خطورة هذا النوع من الجرائم واستثنائيتها ورادعا إضافيا عن ارتكاب أي منها في أي ظرف. فلا يتكرر ما شهدناه من فظائع ومجازر خلال حرب 1975-1990.

ويأتي هذا الإعلان في وقت نشهد فيه تطورا في محاسبة إسرائيل أمام المحاكم الدولية، وفي غضون أقلّ من أسبوع من تصاعد حدّة تحذيرات الحكومة الإسرائيلية للمحكمة الجنائية الدولية على خلفيّة تخوفها من احتمال إصدار مذكّرات توقيف بحقّ مسؤولين سياسيين وعسكريين إسرائيليين. وكان مكتب المدعي العامّ تحرّك للتحقيق في الجرائم المرتكبة منذ 7 تشرين الأول وذلك ضمن التحقيق الذي باشره منذ سنوات بشأن الجرائم المرتكبة في فلسطين منذ 2014.

يذكر أخيرا أن الدول العربية التي انضمّت إلى نظام روما هي تونس والأردن وفلسطين وجيبوتي حصرا.

للاطّلاع على قرار مجلس الوزراء

انشر المقال



متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، المحكمة الجنائية الدولية ، جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني