تقدم في محاكمة ملوثي الليطاني: أحكام قضائية قريباً


2019-03-22    |   

تقدم في محاكمة ملوثي الليطاني: أحكام قضائية قريباً

جلسة جديدة انعقدت في قضية تلوث نهر الليطاني تاريخ 20 آذار 2019، أمام القاضي المنفرد الجزائي في زحلة محمد شرف، في إطار الدعاوى التي بدأتها المصلحة الوطنية لنهر الليطاني بهدف رفع التلوث عن النهر ومحاكمة ملوثيها أواخر صيف 2018. وتستمر المصلحة بالادعاء في زحلة على المؤسسات الصناعية والمستشفيات المتهمة بتلويث النهر،  حيث بلغ عدد الدعاوى نحو 90 مؤسسة.

على خط مواز، تستكمل المصلحة ادعاءاتها في محافظة بعلبك حيث بدأت محاكمة مؤسسات صناعية أمام القاضية المنفردة الجزائية لميس الحاج دياب، ومن المقرر عقد جلسة في بعلبك بتاريخ 2 نيسان 2019.

وشارف القاضي شرف  على الانتهاء من بعض الملفات، إثر تسليم العديد من  الخبراء تقاريرهم ، بعدما كلفتهم المحكمة بالكشف على مؤسسات تعهدت باتخاذ الإجراءات اللازمة لتصحيح أوضاعها. وأنهى الخبراء عشرات التقارير التي انقسمت بين قصيرة لا تتعدى العشرة أوراق، وتقارير أخرى جاءت أشبه بالمجلدات، كونها تابعة للمعامل الصناعية الكبيرة مثل “قساطلي شتورة” و”ماستر تشيبس”. واستلم الأخيران  التقارير واُمهلا حتى 2 نيسان للتعليق عليها. مثّل معمل “ماستر تشيبس” موظف يُدعى ميشال ضاهر، وكانت النيابة العامة تمنعت عن تصحيح الادعاء الذي يطال صاحب المعمل، والذي يحمل الاسم نفسه للموظف الذي ادُعي عليه، وهو النائب ميشال ضاهر. ويُشار إلى أن التقارير الكبيرة تُكلف أصحاب المعامل زيادة بدل الخبراء إذ تخطت سقف  الـ 4 ملايين ليرة، علماً أن المحكمة حددت الحد الأدنى بـ 600 ألف ليرة. وكان لافتاً أن أحد المدعى عليهم صرح أمام المحكمة عن عدم قدرته على تحمل أعباء بدل اتعاب الخبير، فتم إمهاله شهراً لدفعها ويستلم التقرير.

على خط مواز، اتجهت بعض ملفات جلسة 21 أذار 2019   إما للحكم أو للمرافعة، فيما ينتظر البعض الآخر ورود تقارير الخبراء، على أن تُعقد جلسات تابعة لهذه الملفات وملفات أخرى الأسبوع المقبل تاريخ 27 آذار.  وحدد نهارا 2 و24 نيسان 2019، لجلسات تابعة في ملف الليطاني حيث ستكون بعض المؤسسات الصناعية على موعد مع صدور أحكام نهائية في ملفاتها.

مرافعة: “الصناعي  ضحية”!

ترافعت وكيلة معمل “مواد تنظيف” المحامية لينا كوكجيان لصاحبته أنطوانيت معلوف وشرحت بأن المعمل هو من الفئة الثالثة وأن عدد موظفيه لا يتعدى الخمسة. وشددت على أن المعمل كان يلتزم منذ تأسيسه في العام 2009 توصيات وزارة الصناعة، وأن وزارة البيئة تقوم بالكشف الدوري سنوياً عليه. وأضافت، “إن صدر بوقت لاحق أية قوانين أو قرارات بيئية جديدة تُلزم المصانع بشروط مستجدة فنحن لم نعرف فيها”. وتابعت كوكجيان “مصلحة الليطاني بتاريخ 5 أيلول 2018 وبناء على إشارة النيابة العامة قامت بالكشف على المعمل مع وفد من الوزارات المعنية (الصناعة والبيئة) وأبلغوا صاحبة المعمل بأن تقوم ببعض الإجراءات البيئة. لذا، أكدت كوكجيان بأنه “لدى تبلغها تم تركيب محطة تكرير للنفايات الصناعية وفلاتر وكلفتهم هذه العملية مبلغ الـ 10 ألاف دولار، ومع العلم أنه مبلغ لا يمكن أن تتحمله مؤسسة صناعية صغيرة إلا أننا قمنا بتنفيذ كافة الإجراءات المطلوبة”. ورأت كوكجيان بأن “التعويضات التي تطلبها المصلحة الوطنية لنهر الليطاني وتصل إلى 100 مليون ليرة هو مبلغ غير منطقي بالنسبة لمؤسسة من الفئة الثالثة، فلو أردنا أن نبيع المعمل بكامله مع موجوداته لن نصل إلى ذلك المبلغ”. واعتبرت أن “المصلحة تدعي على المعمل وتطالبه بعطل وضرر يُناسب المعامل من الفئة الأولى”.

وعيّبت كوكجيان  على المصلحة الوطنية لنهر الليطاني  تقصيرها منذ تأسيسها في العام 1954 عن القيام بأية خطوات لرفع الضرر عن النهر بشكل عام، إذ قالت: “المصلحة لم تنذر ولم تتحرك طوال مدة تأسيسها”. وطلبت  في نهاية مرافعتها “إعلان براءة المعمل من التهم الموجهة على واستطراداً منحه أوسع الأسباب التخفيفية”.

من جهته ترافع وكيل المصلحة الوطنية لنهر الليطاني المحامي علي عطايا وطلب رد ما جاء في المرافعة معتبراً أن “المبدأ العام في القانون والاجتهاد القضائي يقُوم على أنه لا يُعتد بجهل القانون”. وشرح عطايا للمفكرة بأن تقرير الخبير يُشير إلى أن “المعمل كان  يقوم بتلويث النهر سابقا وأن عملية التكرير السابقة غير فعالة”.

نحن لا نكرر بل ننقل النفايات

في ملف تابع لمعمل نبيذ في البقاع، لفت المفوض بالتوقيع عنه خلال استجوابه أمام القاضي بأنه لا يقوم بتكرير النفايات الصناعية الصادرة عنه، انما يتم نقلها عبر صهريج تابع لاتحاد البلديات في البقاع. وبعدما تم الادعاء عليه من قبل مصلحة الليطاني قام بتركيب محطة تكرير ستكون جاهزة قبل بداية الموسم في تموز. من ناحيته شدد عطايا على أنه من واجب المؤسسات الصناعية أن تقوم بتدوير وتكرير نفاياتها لا أن يتم تلزيمها لشركات خاصة أو غيره، بالتالي يرفع عن نفسه أية مسؤولية إن كانت الشركة التي تسحب مياهه الملوثة تصبها في النهر. وطلب عطايا من المحكمة أن تُلزم صاحب المؤسسة بأن يأتي المستندات التي تُثبت قيامه بتلزيم شركة للتخلص من نفاياته.

 

“جلسات صامتة”: متى تُجهز قصور العدل؟

محاولة الوصول إلى معلومات دقيقة في أية جلسات تُعقد في قصور العدل تحتاج أن تجلس بأقرب مقعد لتسمع ما يجري أمام القوس. يعود الأمر إلى عدم وجود أجهزة صوتية لتكريس المحاكمة العلنية في قاعات مزدحمة. لذا  يبقى ترك باب القاعة مفتوحاً الأمر الوحيد الذي يحرص القضاة عليه عند جلوسهم على القوس للتأكيد على علنية المحاكمات. والحظ حليف المواطنين، ومن بينهم صحافيين، يحضرون جلسات في قصور العدل في لبنان، إن تمكنوا من الجلوس على مقعد أمامي. لكن إن كان صوت القاضي منخفض فسماع مجريات الجلسات أشبه بالتحدي. نحن لا نتكلم عن قاض صوته منخفض وآخر صوته مرتفع لننظر في علنية المحاكمات، بل عن تقصير الدولة بتأمين احتياجات قصور العدل بكافة جوانبها، إن كان المكبرات الصوتية، أو الإضاءة والتدفئة والتهوئة والمراحيض وغيرها. وبمقاربة نسبية بين ما تُعانيه معظم قصور العدل في لبنان، وبين ما تتمتع به المحكمة العسكرية في بيروت، يجعلنا نلتفت إلى الحاجة لمثل تجهيزات الأخيرة، خاصةً تجهيزات صوتية وشاشات، وإضاءة وتبريد وتدفئة.

جلسة الأمس في قضية تلوث نهر الليطاني أمام القاضي شرف الذي يتحدث بصوت منخفض،   كانت أشبه بتحد لسماع ما يجري أمام قوس المحكمة. وتضاف عوامل عدة كمعرقل لعقد جلسة علنية طبيعية في قصر العدل في زحلة، ومنها الضجة التي تصل من خارج القاعة وفي أروقة القصر الواسعة والتي   تضج بصدى الصوت، وأيضاً في قاعة المحكمة الواسعة حيث تحدث الهمسة ضجيجاً. وتذمر محام جالساً على المقاعد الأمامية إذ قال: “لشو يحطوا ميكروفون، صحيح نحن في دولة لا يهمها العدل بتاتاً”، تعبيراً  عن عدم قدرته سماع ما يجري أمام القوس. حتى أن إحدى الصحافيات التي تجلس على المقاعد الأمامية، قامت من مكانها وأغلقت باب القاعة، فأشار إليها القاضي شرف بهدوء بأنه “لا يمكننا إغلاق الباب لأنها جلسة علنية”، مبديا تفهمه لشكواها من عدم سماعه، ليشرح أنه لا يمكنه الموافقة على إغلاق الباب.

مقالات ذات صلة:

قضايا تلويث الليطاني بانتظار تقارير الخبراء: النيابة العامة لا تصحح ادعاءها ضد شركة النائب ميشال ضاهر للمرة الثانية

القضاء أمام اختبار إحياء الليطاني: الملوّثون يمثلون للمرة الأولى أمام قوس المحكمة

الليطاني يواجه ملوثيه أمام القضاء: 43 ملفاً أمام المنفرد الجزائي في زحلة

ملوثو الليطاني أمام القضاء وسط أصداء ميموزا: هل بدأ العد العكسي لمحاسبة ملوثي البيئة في لبنان؟

استكمال محاكمة ملوثي الليطاني: سياسيون ونافذون أمام قوس المحكمة

إرجاء دعاوى تلويث الليطاني بانتظار تقارير الخبراء: الطقس العاصف حال دون إنجازها

الليطاني” تتسلح بالقانون لمحاربة المهل الإدارية للملوثين

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، لبنان ، بيئة وتنظيم مدني وسكن



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني