“

أعلنت هيئة الحقيقة والكرامة بتاريخ 31-12-2018 عن تسليمها رئيس الجمهورية باجي قايد السبسي التقرير النهائي لعملها. وينتظر تاليا أن تتولى تسليم نسخ من تقاريرها لكل من رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب إيذانا بالنهاية الفعلية لعملها. تؤكد في المقابل مصادر قضائية لل “المفكرة” أن ذات الهيئة وجهت في ذات التاريخ استدعاءات لعدد هام من القضاة بدعوى سماعهم في شكايات تعلقت بهم، وقد تمّ إعلامهم أنها مجهولة المصدر ومجردة وسيتم بمجرد تلقي إفادتهم في شأنها حفظها.

وتظهر هنا مواصلة الهيئة لأعمال تحقيق بعد إتمام تحريرها لتقريرها النهائي غير مبررة لاعتبارات متعددة من أهمها:

• أنه يفترض أن يكون التقرير النهائي لعمل الهيئة وفق قانون إنشائها خاتمة عملها وأن يتضمن حوصلته،
• أن تسليم الهيئة لذات التقرير لرئيس الجمهورية يمنع أن يلحقه لاحقا عمل إضافي أو تعديل أو إنقاص لأن كل فعل مماثل يعد تدليسا لتقرير اكتسب حجية رسمية،
•  أن التعاطي مع ملف “الفساد القضائي” يرد في إطار الإصلاح الوظيفي لمؤسسات الدولة. وقد فرض القانون أن يكون لهيئة الحقيقة والكرامة دور مركزي في هذا الإطار وأن تخصص له جهدا لبحث ما وردها من شكايات فترة عملها وهو أمر لم يحصل فعليا،
• أن النظر في تهم الفساد يفرض احترام حق من تنسب لهم في دفاع عادل عن أنفسهم وهو أمر لم يتحقق لمن تمت دعوتهم وتلقي إفادتهم بحيث أكد عدد منهم رفض الكشف عن هويته أنه لم يتم تمكينه من الاطلاع على الشكاية وتم الاكتفاء بسؤاله عن وقائعها مع القول له بكون ما يتم بحثه فيه وشاية مجردة ولا داعي للقلق،
• أن الفحص الوظيفي للقضاء كان يوجب أن يتم البحث في كل الشكايات والإفادات بصرامة وجدية والاستعانة في هذا المجال بالمؤسسات القضائية التي سجل لها أنها كانت متعاونة مع هيئة الحقيقة في كل مراحل عملها بدليل أن المجلس الأعلى للقضاء كان الجهة الرسمية التي حضرت مؤتمرها الختامي.

وإذ تؤكد المفكرة القانونية في هذا الإطار على أهمية غربلة القضاء من كل من سيثبت تورطه في الفساد وخدمة منظومة الاستبداد، فإنها تنبه لخطورة أن يتم التعاطي مع هذا الاستحقاق خارج إطار ضمانات المتابعة العادلة التي تكرس حق المشتبه بهم في الدفاع و دون احترام لحق المجموعة في كشف الحقيقة.

“