تطورات في دعوى مكب برج حمود: تجاوز لمبدأ الإحتراس إزاء المخاطر البيئية


2016-12-09    |   

تطورات في دعوى مكب برج حمود: تجاوز لمبدأ الإحتراس إزاء المخاطر البيئية

بتاريخ 22/9/2016، ادّعى عدد من المحامين والناشطين المتضررين من مكب برج حمود للنفايات، ضدّ شركتي جهاد العرب للتجارة والمقاولات"، وشركة خوري للمقاولات". وطالب المدعون بالتحقيق "بمجمل أعمال هاتين الشركتين في هذا المكب، والكشف على جبل النفايات، والتأكد من إمكانية احتوائه على مواد سامة ومشعة"، وذلك لـ"إنارة المحكمة بالمعلومات لجهة الأعمال والمواد الكيميائية التي تضر بصحة الإنسان والسلامة العامة". وعقدت جلسة الاستجواب الأولى أمام محكمة الأمور المستعجلة في جديدة المتن، برئاسة القاضي رالف كركبي بتاريخ 10/11/2016.

 

الأسبوع الفائت انضمّ إلى الأطراف المدعية، حزب الكتائب اللبنانية، طالباً التّدخل في الدعوى لتأييد الادعاءات والمطالب المساقة بوجه الشركتين. ويوضح المحامي بشير مراد في اتصال مع المفكرة القانونية أن الإستثناء الوحيد لناحية ما أيدته الكتائب "يتعلق بالبراميل السامة. فهذه الناحية لا تزال بالنسبة الينا محل تدقيق".

 

وفي أساس الدعوى ، تراجع القاضي كركبي في 26/11/2016 عن قرار وقف الأعمال التي تقوم بها شركة الخوري للمقاولات الصادر في 15 من الشهر نفسه، وذلك في إثر الإعتراض المقدّم من قبل محامي شركة خوري مارك حبقة خلال الجلسة التي انعقدت بعد يومين على وقف الاعمال (17/11/2016). اللافت أن القاضي كركبي بنى تراجعه حصراً على أقوال حبقة خلال هذه الجلسة. وكان هذا الأخير قد أكد "عدم قيام الشركة برمي الأتربة الممزوجة بالنفايات في البحر". كما أكد أن "كاسر الموج الذي يتم بناؤه يشكل حماية كافية من تسرب النفايات" . بهذا المعنى، يخلو قرار تراجع القاضي كركبي عن وقف الأعمال من أي دليل يثبت أن الخطر الذي استدعى اصداره غير موجود أو انتهى. بالمقابل يغفل القرار مضمون جواب ممثل شركة خوري المدون في محضر جلسة 17، على سؤال المحامي حسن بزي حول قيامها "بطمر النفايات بشكل مغاير للمعايير الفنية المطلوبة كما هو ظاهر في الصور الجوية". حيث أكدت الشركة أنها "ليست المعنية بموضوع توضيب النفايات بل شركة سوكومي وأنها تطمر النفايات كما تصل لها". وأيضاً أنها "ستستمر بالطمر طالما أنها غير معنية بهذا الشق لا سيما أنها غير مسؤولة تعاقدياً عن هذه الأمور".

 

في مطلق الأحوال، فإن قراري وقف الأعمال والسماح بإعادة استئنافها يرتبطان حصراً بمسألة رمي الأتربة في البحر، من دون التطرّق لاحتمال وجود براميل تحوي مواد سامة قد يؤدي تضررها من الأعمال الجارية إلى كارثة بيئية. بالتالي فإن الخطر لم ينتهِ، والقرارات الصادرة عن كركبي لا تحاكي المخاطر الفعلية بعد، لا سيما أن قراره بالسماح للشركة بالعودة لاستكمال اعمالها، يتضمن بالاضافة الى ذلك، تكليفاً للخبراء "للتواصل مع الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية من أجل البدء بأسرع وقت بعملية رصد إمكانية وجود البراميل السامة في الجبل". ليظهر القرار وكأنه قبول بالمخاطرة بالتعامل مع مواد على مستوى عال من الخطورة، لمصلحة عدم الإطالة بوقف أعمال شركة "تتكلف خسائر يومية" وفقاً للمنطق الذي يتمسك به حبقة. وموقف القاضي في هذا المجال يتعارض تماماً مع مبدأ الإحتراس principe de precaution المكرس في قانون 444/2002 الخاصّ بحماية البيئة (المادة الثالثة) الذي يقضي بضرورة "إعتماد تدابير فعّالة ومناسبة بالإستناد الى المعلومات العلمية وأفضل التقنيات النظيفة المتاحة الهادفة إلى الوقاية من أي تهديد بضرر محتمل وغير قابل للتصحيح يلحق بالبيئة".

 

على صعيد لجنة الخبراء المعينة من قبل المحكمة، تطوران أساسيان حصلا ما بين جلسة 17 الفائت وجلسة 8 من الشهر الحالي. فقد رد القاضي كركبي طلب رد الخبراء المقدم من قبل حبقة، ذاهباً إلى "إحداث تعديل في اللجنة عبر إدخال خبيرة إضافية اليها". وكانت اللجنة المذكورة قد توجهت إلى موقع المكب في 26 تشرين الثاني، إلا أنها مُنعت من الدخول لاتمام أعمالها لولا تدخل القاضي كركبي نفسه. هذه المسألة كانت محل أخذ ورد خلال الجلسة الأخيرة (8/11/2016)، حيث شككت الجهة المدعية بالنتائج التي ستتوصل اليها لجنة الخبراء كونها لم تتمكن من معاينة أكثر من "3 أمتار من الجبل". وذلك في تعبير مجازي عن عدم تمكن اللجنة من أخذ عينات كافية من كل انحاء المطمر.

 

أما كركبي، فقد حدد مهلة 3 أسابيع للخبراء ليضعوا تقريرهم الأولي بالتنسيق مع الهيئة الوطنية للطاقة الذرية. كما حدد 26/1/2017 موعداً للجلسة المقبلة.     

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، لبنان ، بيئة وتنظيم مدني وسكن ، الحق في الصحة والتعليم ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني