قضية الريف ضدّ “التدخل في القضاء”: مماطلة لنسيان فظاعة الجرم؟


2016-12-09    |   

قضية الريف ضدّ “التدخل في القضاء”: مماطلة لنسيان فظاعة الجرم؟

بتاريخ 8/12/2016 انعقدت جلسة جديدة من محاكمة طارق يتيم المتهم بقتل جورج الريف. وكان جورج قد قضى متأثّراً بجراحه بتاريخ 16 تموز2015 بعدما قام يتيم بطعنه في منطقة الصيفي بيروت، أمام أعين الناس وفي وضح النهار على إثر إشكال على أحقية المرور. وقد إهتمّ الرأي العام بهذه القضية بعدما ثبت أن طارق يتيم، الذي كان يعمل مرافقا لدى أحد كبار النافذين ماليا في لبنان أنطوان صحناوي، كان تورط في جرائم أخرى لا تقل خطورة من دون أن يؤدي ذلك إلى إدانته بعقوبات صارمة. وقد علقتالمفكرة القانونيةآنذاك على القضية مشيرةً إلى أنّ التدخل في القضاء يقتل“.

وقد خصصت الجلسة، التي تمت أمام محكمة الجنايات في بيروت برئاسة القاضية هيلانة إسكندر، للاستماع الى جوزيف منصور مرافق أنطوان الصحناوي، الذي ترى عائلة الضحية أن له يداً في تغيير معالم السيارة التي سهلت تنفيذ الجريمة والتي تعود إلى الظنينة لينا حيدر.  وأهمية هذه الواقعة هو أن هذه الأخيرة كانت ادّعت أن سيارة المغدور الريف هي من ضربتها من الخلف ثم لحقت بها، وأن المتهم قتل إذا وهو في انفعال شديد، بينما الكاميرات التي إلتقطت مجريات الحادثة لا تظهر أن سيارة حيدر تعرضت لأي ضرر من الخلف بتاتاً مما يشير إلى أن هناك من قام بتغيير معالمها لتضليل الرأي العام.

وقد اتسمت هذه الجلسة بالهدوء النسبي ولم تصل الى الحدة وحالة الهرج والمرج التي سادت قاعة المحكمة في الجلسة السابقة، مع استثناء بسيط خرقه ذكر اسم أنطوان الصحناوي في أسئلة وكيل جهة الإدعاء زياد بيطار إلى المدعو منصور والتي أثارت حفيظة وكيل طارق يتيم المحامي أنطوان طوبيا.

عدا عن ذلك، فقد بدا الشاهد المنتظر جوزيف منصور هادئاً نسبياً غارقاً في تناقضات أجوبته بين استجواب القاضية اسكندر خلال الجلسة والتحقيقات الأولية التي خضع لها والتي بررها بأنه ناسي“. الجلسة تمت بوجود أرملة جورج الريف رولى أبو صالح التي حضرت الى جانب المحاميين زياد بيطار وبولس حنا. فيما جاءت الظنينة لينا حيدر برفقة المحاميين أنطوان طوبيا وكارل ضو.

وبسؤال المحكمة لمنصور عن طبيعة عمله أجاب أنه يعمل كمرافق شخصي من دون تحديد لمن. وعندما استوضحت القاضية إن كان هناك شخص محدد يعمل لديه. أنكر الأمر وقال:”كذا حدا.. ما في حدا محدد“. التناقض الأول ظهر لدى منصور عندما سألته القاضية اسكندر متى رأيت طارق يتيم قبل الحادثة؟فأجاب:”اجتمعت بطارق يتيم قبل الحادثة بيومين“. ثم عاد وقال أنه يراه يومياً تقريباً“. وبسؤاله ان كان يتيم قد اتصل فيه يوم الحادثة أجاب:” لا أذكر أنه اتصل بي في منتصف الليل. وقد يكون اتصل ولكن لم أرد، لذلك أقول انه لم يتصل بي. وأنا لم أره قبل أن يسلم نفسه“.

وبسؤاله إن كان هو المسؤول عنه في العمل، لفت منصور الى ان يتيم ترك العمل لدى الصحناوي قبل سنة من الحادثة. ثم عاد وقال أنه يوم الحادثة وضع طارق سيارته في المرآب ووضع المفتاح على الدولاب الخلفي كعادته وسلم نفسه“. وقال أنه عرف بالحادثة من وسائل الاعلام ولذلك اتصل بلينا حيدر لتأتي وتأخذ سيارتها. وبسؤال القاضية حول كيف عرف بأن يتيم سلّم نفسه. أجاب بأن:”كل الحي عرف بالأمر.. كل العالم بدأوا يتحدثون بالموضوع والصور انتشرت عبر الاعلام وقالوا انه سلم نفسه“.

وبسؤاله إن قام  بتغيير الأدلة على السيارة. أجاب: “أنا لم أغيّر شيئا. أنا لم أكن أعلم بشيء والسيارة سُلمت في نفس النهار. وأخذت لينا السيارة وسلمت نفسها“. وبسؤاله إن لاحظ تغيراً في علامات السيارة رد: “أنا لم أهتم للموضوع بل كان شاغلي طارق“. وعندما طلبت منه القاضية الاقتراب ليرى التباين بين شكل السيارة أثناء الحادثة وبعد تسليمها علّق قائلاً:”أنا لم أنتبه كيف كانت السيارة ، ربما عند التحرية، حصل التباين“.

التناقض الثاني في أقواله ظهر عندما سألته القاضية إن كانت لينا قد أخبرته بالحادثة عندما اصطحبها من المنزل فرد بأنه لم يأخذها. عندها جوبها بأجوبته في التحقيق الأولي فقال أنا نسيت“.

أما أسئلة محامي زياد بيطار فتمحورت حول معرفة إن كان جوزيف منصور يعمل مرافقاً لأنطوان الصحناوي وحول من يملك المرآب الذي وضع فيه السيارة وإن كان منصور قد إستلم الأغراض من يتيم.

بهدوء رد منصور بالنفي لافتاً إلى أنه لم يعد يعمل لدى الصحناوي وأن المرآب هو عام وأنه لم ير يتيم ولم يسلمه أغراضه. فيما إنتفض المحامي أنطوان طوبيا معترضاً وقال:” كل الهدف من وراء استدراج الشاهد هو جره إلى ذكر انطوان الصحناوي. شو الو بأنطوان الصحناوي“. وبدا هذا الأمر لافتا على خلفية أن المحامي يحضر كوكيل يتيم وليس وكيلا للصحناوي.

وفي ختام الجلسة، لفتت القاضية اسكندر إلى أن وكيل المتهم طلب سماع إفادة خبراء متخصصين بالطب النفسي والصيدلية قام بتحديد أسمائهم،  ليشرحوا طبيعة مشاكل المتهم النفسية والعصبية والعلاجات الموصوفة له وخطر خلط هذه الأدوية مع المشروب الذي شربه يوم الحادثة، علماً أن يتيم سبق أن خصع لفحص من قبل أطباء أثبتوا أنه كان بكامل وعيه. هذا الطلب الذي قوبل بمعارضة المحامي بيطار معتبراً أن الغاية منه، إطالة أمد المحاكمة وتضليل المحكمة خاصة أن المتهم خضع إلى فحوصات نفسية أثناء التحقيق وتبين أنه لا يعاني من أية عوارض تؤدي إلى إرتكاب هذه الجريمة فضلا عن أنه تم استجواب المتهم في جميع المراحل وظهر في حالته الطبيعية “. وقررت المحكمة قبول الطلب جزئياً، بحيث تقرر الإستعانة بشهادة الأطباء الذين سبق أن عاينوا يتيم في مرحلة التحقيق والمعينين من قبل قاضي التحقيق.

وقد حددت المحكمة تاريخ 7/2/2017 موعداً للاستماع لإفادة الأطباء. وأردفت القاضية اسكندر بالقولالمستعجل يتابع التبليغات“. فعلق طوبيا بأنه غير مستعجل. فقال بيطار: “نحن مستعجلون لإحقاق الحق“.

وفي تعليق لأرملة الريف رولى على مجريات الجلسة، قالت:” آسف لأن المدعي العام كمال أبو جودة الذي ادّعى على منصور لم يكن حاضراً لاستجوابه“. كما لفتت إلى التناقضات بأقوال منصور. أضافت:” أنا لا زلت أؤمن بالقضاء وأن مسار القضية سيتابع، لينال كل مواطن لبناني حقه في هذا البلد من خلال هذه القضية، معتبرةً أن مسلسل الإجرام سيستمر إلى أن يؤخذ قرار واحد بالإعدام ليكون عبرة لغيره“. وننقل كلام …. مع رفض كامل للمفكرة القانونية لعقوبة الإعدام.

وبسؤال المحامي  بيطار عن الهدف من وراء الإستماع الى إفادة الأطباء مجدداً، اعتبر بأن الجهة المدعى عليها أسباباً لإضاعة الوقت أملاً أن ينسى الرأي العام فظاعة الجريمة التي حصلت. ونحن نقول لهم مهما طالت القضية الحق سيأخذ مجراه وسينال هذا الشخص أشد العقوبات هو ومن يقف خلفه“.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، لبنان ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني