يوم غضب لأساتذة الأساسي: نحن أيتام ومتروكون


2022-04-28    |   

يوم غضب لأساتذة الأساسي: نحن أيتام ومتروكون

بعد ربط نزاع كانت أعلنته روابط الأساتذة في التعليم الرسمي منذ أشهر وعادت على أساسه إلى التعليم مخفضة سقف مطالبها إذ ارتضت حينها بوقف الإضراب مقابل رفع بدل النقل والمنحة الاجتماعية، يعود الأساتذة اليوم إلى الشارع انطلاقا من مقولة “رضينا بالهم والهم ما رضي فيني” إذ لم تلتزم السلطة حتى بما ارتضى به الأساتذة وما كان ضئلا.

وكان أساتذة التعليم الرسمي أطلقوا منذ بداية العام الدراسي حراكاً احتجاجياً تحت عنوان “لا عودة” إلى التعليم قبل تحقيق مطالبهم التي لا ترقى برأيهم إلى مستوى الحقوق، وإنما تمكّنهم من الاستمرار فقط. وتلخّصت حينها برفع  بدل الساعة وإقرار العقد الكامل وبدل النقل والضمان الاجتماعي والقبض الشهري بالنسبة للمتعاقدين، وتصحيح الأجور وبدل النقل بالنسبة للملاك، فضلاً عن إعطاء المساعدة المالية المحدّدة بـ 90 دولاراً شهرياً والتي وعدوا بها قبل بداية العام لجميع الأساتذة.

ولم تُحقق المفاوضات بين وزارة التربية والأساتذة إلا جزءاً قليلاً من هذه المطالب، إذ رُفع بدل النقل وبدل أجر الساعة بينما استُبدل موضوع تصحيح الأجور بـصرف مساعدات بقيمة 75 % من أساس الراتب على أن لا تقل المساعدة عن مليوني ليرة ولا تزيد عن 4 ملايين، إلّا أنّ هذا الأمر لم يتحقّق عمليا وبقي بعظمه حبرا على ورق، كما يؤكّد الأساتذة.

يوم غضب

تحت شعار “يوم الأربعاء يوم الغضب” في الشارع وليس على وسائل التواصل الاجتماعي والاختباء في البيوت، لبّى أساتذة التعليم الثانوي والمهني والتقني الأساسي أمس الأربعاء، دعوة رابطتهم للاعتصام أمام مصرف لبنان احتجاجا على “سياسات الترقيع والعطاءات بالقطارة”، خصوصا بعد المماطلة بدفع المساعدة الاجتماعية التي تشكل نصف الراتب الأساسي، وعدم فتح اعتمادات بدل النقل، والتأخير في تحويل حوافز شهري شباط وآذار.

وأوضج رئيس رابطة التعلبم الأساسي حسين جواد لـ “المفكرة” أن ” التحرك جاء بمثابة إنذار للحكومة، على أمل أن يسمع المسؤولون الصوت حتى لا يضطر الأساتذة إلى اتخاذ مواقف سلبية لا  أحد يعرف نهايتها”، مضيفا أنّ التحرّك يحمل ثلاث رسائل واحدة لوزير المالية يوسف الخليل ومفادها أنّ عدم صرف بدل النقل غير مقبول مهما كانت الأسباب، كما أن تأخير صرف المساعدة الاجتماعية غير مبرر.

ووجهوا الرسالة الثانية إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ليستخدم صلاحياته على المصارف بهدف إيقافها عن إذلال المعلمين المودعين عبر امتناعها عن تنفيذ القرارات بإعطائهم حقهم في سحب كامل رواتبهم مع الحوافز من دون أي سقوف ودفعة واحدة. أما الرسالة الثالثة فهي تحذير للمصارف التي تحدّد سقفا لسحوبات الراتب وتمعن في إذلال المعلمين.

وكان وزير المال يوسف الخليل أعلن في بيان له قبل الاعتصام أنّ الوزارة “تعمل بكل طاقتها لإنجاز الجداول ودفع المساعدة الاجتماعية لمستحقيها في أقرب وقت ممكن، فضلا عن العمل مع الجهات المعنية لتسهيل قبض الحوافز وتأمين قبض بدلات النقل حفاظا على الحقوق وتحقيقا لانتظام واستمرارية العمل الدراسي”.

وجاء البيان بعد استقبال وزير المالية وزير التربية عباس الحلبي في حضور كل من رئيسة رابطة اساتذة التعليم الثانوي الرسمي ملوك محرز ورئيس رابطة أساتذة التعليم المهني والتقني الرسمي سايد بو فرنسيس وحسين جواد، قبل الإعتصام.

وكانت الحكومة أقرت مساعدة اجتماعية للأساتذة كما لموظفي الإدارات العامة، كذلك أقرت منذ ثلاثة أشهر رفع بدل النقل من 24 ألفاً إلى 64 ألفا لتأمين كلفة الانتقال إلى الثانويات والمعاهد والمدارس، ولكن منذ حينها مارست السلطة سياسة المماطلة والتأخير بدفع هذه المستحقات.ويقول أساتذة التعليم الرسمي أن رواتبهم لا تكفي البعض، وخصوصا من يسكنون بعيدا عن أماكن عملهم، للإنتقال إلى ومن العمل.  

وسأل جواد خلال كلمة ألقاها في الاعتصام باسم روابط التعليم الرسمي، الحكومة ووزير المال   إن كانوا فكّروا كيف سيصل الأستاذ والمعلم إلى الثانوية أو المعهد أو المدرسة من دون بدل النقل مضيفا: “أم حسبتم أن راتبه سيكفي لإطعام عائلته وسيزيد عنه ما يكفي ليستمر في عمله؟

هل تظنون أن الانتقال إلى المدرسة مجاني ومن دون كلفة؟ كيف سوّلت لكم أنفسكم بوقف صرف بدل النقل؟

وطلب جواد من وزير المالية أن يوضح في مؤتمر صحافي وعلى الملأ، سبب التأخير في عدم دفع بدل النقل والمساعدة نصف الراتب في أوانها قائلا: “إذا كان السبب أن الدولة مفلسة ساعتئذٍ لن نطالبكم بشيء لأن فاقد الشيء لا يُعطيه”.

وشدّد جواد على أنّ الأساتذة لن يقبلوا أعذارا عن التأخر كالأخطاء في داتا المعلومات ودائرة الشكاوى وأنّ المطلوب تكليف المديريات المختصة أن تقوم بواجبها بإحصاء أسماء الذين لم يستفيدوا وبالسرعة القصوى كي تصل الحقوق إلى أصحابها، فضلا عن صرف مستحقات المتعاقدين عن الفصل الثاني ودفع بدل النقل المستحق خلال أيام.

 وتطرّق جواد إلى الدوام المسائي وتعليم الطلاب النازحين مشيرا إلى أنّ السنة الدراسية وصلت إلى الربع الأخير ولم تصل المستحقات إلى الأساتذة ولم يتم تسديد مستحقات صناديق المدارس ومجالس الأهل عن العام الماضي متسائلا: “إلى متى يجب أن ننتظر كي تتكرم علينا الدول المانحة وتدفع ما عليها من واجبات؟ وهل يعتقدون أن المعلمين المستعان بهم قادرون على تعليم النازحين على نفقتهم؟ أم أنهم سوف يرمون بتبعات تعليمهم على الدولة اللبنانية الفاشلة والمفلسة؟”.

واعتبر جواد أنّ المصيبة الأكبر تكمن في المصارف إذ إنّ ما تم تحويله من المستحقات والحقوق والحوافز تحتجزه المصارف عبر وضع سقف للسحوبات مضيفا: “ستأتي الساعة التي نعطي الضوء الأخضر فيها للمعلمين والأساتذة لمهاجمة الفروع  والمصارف التي تمتنع عن صرف كامل الراتب”.

مطالبة بالتصعيد

تقول فاديا فهد، وهي مدرسة في متوسطة الحدث الرسمية، أنّ ما يطالب به الأساتذة هو أبسط الحقوق مضيفة في حديث مع “المفكرة القانونية” أنها كانت تتوقع مشاركة أكبر من الأساتذة وحتى من أهالي التلامذة ومن المواطنين معتبرة أنّ الشعب اللبناني بات إما مستسلما وراضخا وإما هو مُسيس ولا يتحرك إلا وفق أجندات زعيمه.

وتشير فهد إلى أنها إذا مرضت لن تستطع دخول المستشفى، وإذا احتاجت دواء فلن تستطع الحصول عليه، فراتبها لا يتعدى ال90 دولارا”.

وفي السياق نفسه يقول الأستاذ في رابطة التعليم التقني سلام حرب إنّ هذه السلطة “دايرة دينتها الطرشا ولن تفهم إلا بالعين الحمرا” معبرا في حديث مع “المفكرة” عن غضبه من ضيق أحوال الأساتذة المعيشية.

 وانتقد الأستاذ في رابطة التعليم التقني سلام حرب اقتصار التحركات المطلبية على الاعتصامات والخطابات المهادنة قائلا:” إذا بقينا نهادن سنموت من الجوع. المسؤولون غائبون عن السمع، لنعي جميعنا أن هذه السلطة ترتكب جريمة في حق الاساتذة والتلامذة. إنهم يدمرون المدارس الرسمية لمصلحة التعليم الخاص الذي لديه مرجعياته، كنائسهم وجوامعهم تدعمهم وتساندهم، أما نحن فأيتام متروكون، بعد 10 سنوات لن يكون هناك تعليم رسمي”.

وبدوره،  يقول حسين جابر مدير مدرسة برج البراجنة الثانية في حديث مع “المفكرة”: “في أول الشهر تقاضيت راتبي، لم يتضمن بدل النقل ولا المساعدة الاجتماعية ولا أي حوافز. كيف يمكنني الاستمرار والراتب يكاد لا يكفي ثمن اشتراك مولّد الكهرباء في منزلي، وكيف أصل الى مدرستي وكيف علي أن أؤمن الطعام لعائلتي؟.

أما  رويدا طربية، الآتية من الشوف، وهي خريجة دار المعلمين وتعمل مدرسة في متوسطة كفرحيم الرسمية فتروي لـ “المفكرة” معاناتها اليومية بالانتقال من منزلها الى مكان عملها وتقول: “لم انس طوابير البنزين اليومية لأتمكن من مواصلة الذهاب الى المدرسة لأقوم بواجبي، واليوم تكبر المعاناة مع الأسعار المرتفعة لصفيحة البنزين، راتبي يكاد لا يكفي ثمن “تفويلتين” في الشهر، عدا عن أنني كمعلمة يجب أن أبدو في مظهر لائق أمام تلامذتي، لم نعد نستطع تأمين الطعام فكيف بالأمور الاخرى التي لها علاقة بمظهرنا الخارجي؟”

انشر المقال

متوفر من خلال:

عمل ونقابات ، تحقيقات ، الحق في التعليم ، لبنان ، حراكات اجتماعية ، الحق في الصحة والتعليم ، حقوق العمال والنقابات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني