هكذا رضخت الجامعة اللبنانية الأميركية لاستغلال النفوذ: بيان دفاعًا عن “الحرية الأكاديمية”


2023-02-21    |   

هكذا رضخت الجامعة اللبنانية الأميركية لاستغلال النفوذ:  بيان دفاعًا عن “الحرية الأكاديمية”

فسخ رئيس الجامعة اللبنانية الأميركية ميشال معوّض الشراكة مع مركز الدراسات اللبنانية CLS، وهو قرار اعتبره المركز ومتابعون ردًا على البيان الذي أصدره الأخير في 20 كانون الثاني الماضي ويدين بشكل واضح انتهاكات حقوق الطلاب النازحين السوريين في التعلّم، من خلال  القرار الذي أصدره المدير العام لوزارة التربية والتعليم العالي عماد الأشقر في 10 كانون الثاني الماضي بشأن تعليق الدروس المسائية للطلاب السوريين في المدارس الحكومية. وسبق القرار بيان صدر عن وزارة التربية والتعليم العالي في تاريخ 27 أيلول، يؤكد أنه لن يسمح للطلاب اللاجئين السوريين بالاندماج في قطاع التعليم الخاص. وكان القراران قوبلا بإدانة واسعة محليًا ودوليًا لانتهاكه الحق في التعلّم. 

وقال مصدر مطّلع على تفاصيل القضية لـ “المفكرة القانونية” إنّه إثر البيان الذي أصدره مركز الدراسات اللبنانية وهو شريك مع الجامعة اللبنانية الأميركية مع أعضاء الشبكة اللبنانية لسياسات ودراسات النزوح LPRND ضد قرار تعليق الدروس وحمل عنوان “الطلاب السوريون كبش محرقة وزارة التربية لابتزاز الجهات المانحة”، “انتفض واتصل برئيس الجامعة الأميركية، ممارسًا الضغوط عليه لأخذ إجراءات في حق مركز الدراسات اللبنانية، وعمليًا هذه الإجراءات هي فسخ الشراكة بين الجامعة ومركز الدراسات، وهذا يعني قمع الحريات وقمع حرية التعبير في مراكز الأبحاث والمؤسسات الاكاديمية وهذا أمر خطير جدًا”. وأشار المصدر إلى طريقة تعاطي وزير التربية مع المعارضين له، وقال: “رأينا نماذج من قبل الوزير في ما يتعلق بقمع الرأي وذلك من خلال ما حصل مع نسرين شاهين وحسن مظلوم، عندما اتخذ الوزير في حقهما إجراءات عقابية، إلى جانب عدد آخر من الأساتذة المعارضين، وهذا يدلّ على أسلوب يتعاطاه الوزير في قمع وإسكات أي صوت يتعارض مع مواقف وممارسات الوزارة”.

ورأى المصدر نفسه أنّ الموضوع يتعدّى الإجراءات العقابية، بل هو بالفعل قمعٌ لحرية التعبير لكلّ صوت معارض، علمًا أنّ حرية التعبير هي ركيزة النهوض بالقطاع التعليمي والذي لا يمكن أن يقوم من دون مشاركة المؤسسات الأكاديمية ومراكز الأبحاث والمعلمين والأهالي الذين هم اليوم فعليًا مستهدفون بالقمع.

“المفكرة” حاولت معرفة موقف الوزير واستيضاحه عن علاقته بفسخ العقد، فنفى مكتبه الإعلامي أي تدخّل للوزير، مكتفيًا بالإشارة إلى بيان أصدره في 8 شباط الحالي ردًا على بيان ClS وLPRND، يؤكد (أي بيان الوزارة) أنّ موقف كل من وزير التربية والتعليم العالي والمدير العام للتربية في موضوع تعليق التعليم في الدوام المسائي قد تم تفسيره في غير سياقه.

عذر أقبح من ذنب

بحسب رئيس الجامعة اللبنانية الأميركية الدكتور ميشال معوّض يعود سبب إنهاء الشراكة بين المؤسستين والمستمرة منذ 5 سنوات إلى استخدم بيان المركز لوغو (شارة) الجامعة مع لوغو CLS وهو اللوغو المشترك بينهما بدون موافقة مسبقة.

وتوضح مديرة المركز الدكتورة مها شعيب في اتصال مع “المفكرة”: “بالنسبة لنا إنّ هذا اللوغو مشترك بيننا ونستخدمه في كلّ نشاطاتنا وكل ما نقوم به خلال عملنا في لبنان. لذا يبدو أنّ المشكلة الرئيسية هي في البيان الذي اعتبر الوزير أنّه ضدّه. ليس لدينا علم بما نقله الوزير لرئيس الجامعة ولكن رئيس الجامعة أرسل لنا كتابًا يُعلمنا فيه أنّ الجامعة ستضطر إلى فسخ الشراكة معنا بسبب استخدام اللوغو المشترك على الحملة وهذا الشيء يضرّ بمصالح الجامعة وعلاقتها مع الوزارة وبناء عليه يجري فسخ العقد مباشرة. أصلا، الاتفاق بيننا وبين الجامعة يقول إنّه يجب إعطاءنا إنذارًا لمدة 30 يومًا وإذا لم نستجِبْ يمكنه فسخ الشراكة. وفي الواقع أبلغنا رئيس الجامعة قبل فترة عبر الهاتف مشكلة اللوغو وعلى هذا الأساس سحبناه عن البيان، وأضفنا توضيحًا أنّ الجامعة غير معنية بموقفنا. وكذلك أرسلت له عبر البريد الإلكتروني استعدادنا للتعاون ولكن الحرية الأكاديمية تهمّنا جدًا، ومع ذلك لم يغيّر رأيه وأصرّ على فسخ الاتفاق”. 

وكان المركز ضمّن البيان توضيحًا بأنّ “الجامعة اللبنانية الأميركية لم تشارك بأيّ حال من الأحوال في صياغة البيان أو نشره ولا تؤيده بأي شكل من الأشكال”.

مركز الأبحاث سيواصل عمله: لا ذنب للطلاب والأساتذة

فور إعلان فسخ العقد، أصدر مركز الدراسات بيانًا أشار فيه إلى أنّه “وبصفتنا أكاديميين وصانعي سياسات وأشخاص معنيين بحالة التعليم في لبنان، فإننا نشعر بقلق عميق إزاء الانتهاكات المتزايدة ضد الحريات الأكاديمية وحرية التعبير في لبنان. علاوة على ذلك، فإنّ حجة الرئيس بأنّ البيان عرّض مصالح LAU وعلاقتها بوزارة التربية والتعليم العالي للخطر، يثير مخاوف في ما خصّ احتمال لجوء الوزارة إلى استخدام تدابير عقابية تجاه مؤسسة للتعليم العالي بسبب بيانات صادرة عن باحثين تابعين لها”.

وأعلن البيان “الالتزام بمواصلة إجراء الأبحاث التي يمكن أن تساعد قطاع التعليم في لبنان، وهو قطاع يعاني من واحدة من أسوأ الأزمات في تاريخه في حين أنّه يمثل العمود الفقري لمستقبل لبنان. وبصفتنا باحثات/ين ومعلمات/ين، فإنّ من واجبنا تقديم أبحاث مستقلّة ومستندة على الأدلة، والتي متى وُضعت في أيد أمينة يمكن استخدامها كأساس لصنع السياسات بدلاً من قمعها، بالإضافة إلى العمل على استعادة قطاع التعليم لعافيته وجعل التعليم في متناول جميع الأشخاص المقيمين في لبنان”.

ودعا إلى دعم وحماية الحرية الأكاديمية والاعتراف بأهمية الأبحاث وإنتاج المعرفة النقدية لتعافي جميع القطاعات في لبنان، والالتزام بحق الوصول إلى تعليم نوعي والحفاظ على مصلحة جميع الطلاب والمعلمين/ات في لبنان، واحترام كرامتهم/ن. ولكي لا يستخدم التعليم كورقة تفاوض لمصالح سياسية.  كما دعا إلى اعتماد الشفافية من قبل وزارة التربية والتعليم العالي وجميع أصحاب الشأن في ما خص التمويل والإنفاق على التعليم في لبنان.

وأعربت د. مها شعيب عن مفاجأتها بفسخ العقد “خصوصًا بعد مرور 5 سنوات من الشراكة، كانت فيها العلاقة جيدة مع الجامعة قدمت لنا خلالها الدعم بشكل مستمر. كأكاديمية أستغرب أن يقوم رئيس الجامعة بخطوة كهذه بسبب بيان أزعج الوزير. أكيد هذا الأمر لا نقبله وليس طبيعيًا ونحن كباحثين كنا نتمنى من رئيس الجامعة أن يقوم بتوليفة بيننا ليقنع الوزارة أن هدف دراساتنا هي بناء الوزارة ومساعدتها بخاصّة أنه ليس لديها قدرات مادية لإجراء الأبحاث ونحن نقوم بهذا الدور. وقد دعونا في البيان إلى الجلوس للتفكير وإيجاد الحلول للمشكلة وليس توقيف الطلاب السوريين عن التعليم ونعتبر أنّ هذا الأمر جيّد وسيأتي الخير منه. كان عليه أن يعتبر أنّنا نصوّب الأمور ولا نطلق النار على أحد. ولكن للأسف لم يكن هناك أي تجاوب وكنت آمل من رئيس الجامعة أن يقوم بهذا الأمر”.

وتكشف شعيب أنّ “وزير التربية سبق أن أرسل لنا ردًا على الحملة شكك فيه في أرقامنا وردّيت عليه وتمنّيت عليه أن يرسل أرقامه الدقيقة إذا كانت أرقامنا ليست كذلك، وأوضحت أنّ لا أرقام رسمية بهذا الخصوص. وأخبرته عن دراسة قمنا بها وستصدر بعد أسبوعين عن مصروف الدولة، كقطاع عام وخاص على التربية في لبنان، وأثرها على النوعية، فإذا كنتم تشككون في أرقامنا تفضّلوا واجلسوا معنا وأعطونا الأرقام الصحيحة. لم يصلنا أي جواب منه حتى الآن”. وتمنّت أن يصار إلى حوار إيجابي “نصل فيه إلى مكان وهذا هدفنا”.

وتعرب عن قلقها من أن يفكّر رئيس الجامعة اللبنانية الأميركية بأنّ باستطاعته إقفال مركز دراسات بإمضاء،  فهذا خطر  كبير على الأفراد الذين يعملون في الجامعات. وهكذا يصبح بمقدور رؤساء الجامعات التفكير أنّ باستطاعتهم إقفال أي مكان أو مركز أبحاث.  كلّ ما يهمّنا هو حماية الجامعات ومراكز الأبحاث والأهم نريد شفافية في التعليم وبالأرقام من الوزارة ومن المموّلين”.

وأكدت استمرار المركز “بتغطية منح الطلاب والتدريبات والعمل بشكل طبيعي كأنّ شيئًا لم يكن وبخلفية أنّنا لا نريد أن نعاقب الجامعة وبالتأكيد ليس هدفنا معاقبة الطلاب ولا الأساتذة المستفيدين من نشاط المركز، ونأمل الاستمرار بذلك”.

تضامن وتأكيد على التمسّك بالحرية الأكاديمية

أمس الإثنين صدر بيان تضامني مع مركز الدراسات اللبنانية، من عدد من الداعمين والعاملين في حقل التربية من أكاديميين وناشطين ومدرّسين وأعضاء في منظمات غير حكومية جاء فيه: “نحن الموقعات والموقعين أدناه، ممن نعمل في حقل التربية من أكاديميين وناشطين ومربين وأعضاء في منظمات غير حكومية، لا يسعنا إلا التعبير عن دعمنا وتضامننا مع مركز الدراسات اللبنانية في ظل التطورات الأخيرة. نشعر بالقلق العميق بسبب قرار رئيس الجامعة اللبنانية الأميركية الدكتور معوض، إنهاء الشراكة مع مركز الدراسات اللبنانية، مشيرًا إلى الضغوطات التي تلقاها من قبل وزير التربية والتعليم العالي كسبب لإنهاء هذه الشراكة”.

وأيّد البيان بشدّة “نداءات مركز الدراسات اللبنانية لحماية الحرية الأكاديمية والاعتراف بالدور الحاسم للأبحاث في تعزيز عمليات الانعاش وإدارة الأزمات، وخاصة في القطاع التعليمي. كما ندعم بقوة نداءهم للالتزام بتوفير تعليم ذي جودة ورفاهية لجميع الطلاب والمعلمين في لبنان على حد سواء، مع احترام حقوقهم الإنسانية وكرامتهم” وحثوا “وزارة التربية والتعليم العالي والمؤسسات الأخرى في الوطن، إضافة إلى المانحين الدوليين على إظهار الشفافية في تمويلهم وإنفاقهم على التعليم في لبنان”.

وختم البيان “نؤمن بضرورة الوقوف معًا لدعم الحرية الأكاديمية في لبنان، ونأمل أن يعبّر هذا البيان التضامني عن مدى التزامنا الثابت بهذه المسألة الحيوية”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

حريات ، حرية التعبير ، الحق في التعليم ، لبنان ، مقالات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني