هدم مخيّم والتدخل يحمي مخيّمًا آخر: العقوبة الجماعية تهدد السوريين عند كل جُرم


2024-04-18    |   


تفاجأ سكان المخيّم 026 من اللاجئين السوريين في بلدة بر الياس، البقاع الأوسط، قبل ظهر أمس الأربعاء 17 نيسان 2024، بمجموعة من الأشخاص، لم يتمكنوا من تحديد هوياتهم: “يمكن من أجهزة الدولة ما منعرف”، أمهلوهم 3 دقائق لإخلاء نحو 20 خيّمة يسكنها أكثر من 20 عائلة، قبل إزالتها “وإلا ستنزل على رؤوسكم”، وفق ما أفاد سكان المخيّم المفكرة القانونية، اليوم الخميس.

وسريعًا خرج كل سكان المخيّم إلى العراء، حيث عاينت وضعهم “المفكرة” على الأرض، من دون خيم أو سقف يؤويهم، ومن دون أي احتياجات حياتية تعينهم على الاستمرار، وسط بكاء النساء والأطفال. وأفاد بعضهم عن مصادرة هواتفهم “قالولنا في متهمين بجريمة العزونية بالمخيّم، بس شو دخل كل العائلات الباقية؟ نحن صارلنا يومين قاعدين بالبرية، نحن مع معاقبة كل المخلين بالأمن وما منقبل بالإجرام، بس ليش عم يعاقبونا كلنا؟”، أضافوا.

وأدّت الجريمة المرتكبة في بلدة العزونية قضاء عاليه إلى مقتل المواطن ياسر الكوكاش، حيث أصدرت مخابرات الجيش اللبناني أمس بياناً أفادت فيه أنها أوقفت أشخاصا يشتبه بتورطهم في الجريمة “وقد اعترف اثنان منهم بالمشاركة فيها”. وألحق الجيش بيانه الأول، أمس، ببيان ثان اليوم 18 نيسان يؤكد فيه أن وحدة من الجيش “أوقفت بمؤازرة دورية من مديرية المخابرات بتاريخ 18 /4 /2024 السوريَّين (ع.خ.) و(ع.ا.) أثناء محاولتهما الهرب إلى سوريا بطريقة غير شرعية عبر الحدود البرية في منطقة المصنع، وذلك لتورّطهما في الجريمة”.

وتزامناً مع إخلاء مخيّم برّ الياس وإزالة كل خيمه العشرين، تلقى سكان مخيّم 003 من اللاجئين السوريين، في بلدة المرج في البقاع الغربي، وعند العاشرة من قبل ظهر أمس الأربعاء، إنذارًا بضرورة إخلاء مخيّمهم بالكامل خلال ساعة من الزمن تمهيدًا لإزالته. وفعلًا سارع سكان مخيّم المرج، خصوصًا بعد سماعهم بما حصل في مخيّم بر الياس، إلى حمل ما يستطيعون من أغراضهم، بما فيها البرادات، ولجأوا إلى بورة فارغة من الأرض قرب المخيّم. هنا سارع جار المخيّم 026 الشيخ وليد كنعان إلى الاتصال بـ مفتي البقاع الشيخ علي الغزاوي ووضعه في صورة واقع نحو مئة عائلة مهددة بالتشرّد. ووفق ما أفاد الشيخ كنعان “المفكرة”، سارع المفتي الغزاوي إلى الاتصال بقائد الجيش العماد جوزف عون، وبقيادة مخابرات الجيش في البقاع، العميد محمد الأمين، حيث تم احتواء الموقف، بعد توقيف بعض المشتبه بهم في المخيّم في مساعدة المتهمين بالمشاركة في جريمة العزونية، تزامنًا مع توقيف المشتبه بهم بارتكاب الجريمة الذين أعلن الجيش اللبناني عن توقيفهم خلال محاولتهم الفرار إلى سوريا عبر الحدود البرية. وعليه، اقتصرّ الأمر على إزالة خيمتين يسكنهما مشتبه به وعائلته، كما تم توقيف شاب مع والده في المخيم للاشتباه بهما في مساعدة المتهم بارتكاب الجريمة، كما أفاد سكان المخيّم، 003 -المرج، “المفكرة”. ولم تتم إزالة خيمة الأخيرين (المتهميّن بالمساعدة). وأفاد أهل المخيّم عن مصادرة نحو 10 سيارات تعود ملكيتها لأشخاص من المخيّم “رغم أن أوراقها نظامية”. 

وتذكّر حادثة هدم خيم مخيّم برالياس 026 بالكامل وتشريد عائلاته بسياسة العقاب الجماعي التي يواجهها اللاجئون السوريون في لبنان عند حصول أي حادثة يشار إلى تورط سوري أو أكثر فيها أو اتهامهم بارتكابها، أو حصول إشكالات بين لبنانيين وسوريين على غرار ما حصل في بلدة بشرّي، شمال لبنان، إثر إقدام شاب سوري على قتل أحد أبناء البلدة في تشرين الثاني 2020، وفي بلدة جب جنين البقاعية، وفي بلدة بحنين في كانون الأول 2020، شمال لبنان.. وغيرها، واليوم في البقاع.

وينفي محافظ البقاع القاضي كمال أبو جودة في اتصال مع “المفكرة” الحديث عن عقوبة جماعية ضد السوريين “نحن في المحافظة وفي وزارة الداخلية وكل الأجهزة الأمنية لا يمكن أن نتخذ أي إجراء ضد أي سوري مقيم في لبنان لا يخالف القانون”. ويؤكّد أبو جودة أن بعض سكان المخيّم 026 في بر الياس تركوا المخيم بدافع الخوف وأزالوا خيمهم، وأن المستهدفين أمنيا انحصروا بمن يشتبه بهم في المشاركة في جريمة العزونية.  ويؤكد أن لا قرار بعودة هذا المخيّم في الوقت الحالي “لأنه ثبت، أكثر من مرّة، وجود أشخاص من بين من يسكنونه مرتبطين بمخالفة القانون أو يأوون مخالفين للقانون فيه، وهو ما يشكل خطرًا على الأمن”، مشيرًا إلى أنّ السكان الآخرين يمكنهم إيجاد مكان بديل أخر يسكنون فيه غير المخيّم، ونحن لا نمنعهم من ذلك”. وأشار المحافظ أبو جودة إلى أن السلطات اللبنانية تمنح فرصة لمن لا يمتلكون أوراقًا نظامية للإقامة “بتسوية أوضاعهم أو للقانون وفق الإجراءات والقرارات الرسمية الصادرة عن الدولة اللبنانية ومؤسساتها، على غرار كل الدول الأخرى التي لا تقبل بوجود مُخالفين نُظم الإقامة فيها”. وأكّد أبو جودة أنّه هو من أصدر القرار بعدم إزالة كل مخيّم المرج بعد أن أوقف الجيش اللبناني المشتبه بهم في جريمة العزونية “صحيح صار في اتصال بالجيش اللبناني من قبل مفتي البقاع، ولكنني اتخذت قرار عدم إزالة المخيم بعد إتمام المهمة الأمنية لجهة المشتبه بهم، إذ أنّ القصد لم يكن استهداف المخيّم كله، ولكن لا يمكن أن تتغاضى أي دولة، بما فيها لبنان، عن القبض على متهمين بجرائم”.

في المقابل، ما زال العديد من عائلات المخيّم 026، الذي أزيل بالكامل في بر الياس، في العراء، يطالبون الدولة اللبنانية بعدم معاقبتهم جماعيًا. ويسكن بعض هؤلاء بين خشبتين غطيتا بما توفّر من قماش أو نايلون لرد الشمس عن أطفالهم، مشيرين إلى عدم امتلاكهم حتى لقمة خبز أو ما يقتات به أطفالهم بما فيهم الرضع من بينهم، فيما لم يتمكن بعضهم من تأمين حتى خشبتين، من دون أن يتلقوا مساعدة من أحد. وتنفي مصادر أمنية في اتصال مع “المفكرة” علمها بالجهة التي أزالت المخيّم 026، موضحة “أن مداهمة المخيّم حصلت للقبض على المشتبه بهم بالمشاركة في جريمة العزونية فقط لا غير”. وتوضح مصادر أمنية أخرى أنّ القبض على هؤلاء، سواء في المخيّم 026 أو المخيم 003 هو من ساهم بتبريد الأجواء في بلدة العزونية ضد السوريين الذين يسكنونها والتخوّف من أي ردود فعل ضدهم.

ويتخوّف البعض أن يكون ما يحصل في البقاع اليوم مرتبطا بكل الحملة التي تقاد على الصعيدين الرسمي والشعبي ضد السوريين في لبنان إثر جريمة مقتل منسق القوات اللبنانية في جبيل باسكال سليمان، والاعتداءات التي وقعت ضد السوريين في مناطق لبنانية عدة، وترحيل البعض منهم، وإصدار بلديات عدة قرارات تمنحهم عشرة أيام لمغادرة نطاقها.   

انشر المقال

متوفر من خلال:

لجوء وهجرة واتجار بالبشر ، لبنان ، مقالات ، فيديو



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني