هاتوا اخواتنا من الزنازين: عندما يصبح الهتاف أسلوب حياة


2014-07-02    |   

هاتوا اخواتنا من الزنازين: عندما يصبح الهتاف أسلوب حياة

في الوقت الحالي في مصر، آلاف المعتقلين والمعتقلات بتهمة خرق قانون التظاهر و”التظاهر بدون ترخيص”. آلاف الشباب الذين شاركوا في ثورة 25 يناير ومنهم من شارك في مظاهرات 30 يونيو أيضا.
آلاف الناشطين والناشطات المعروفين وغير المعروفين، ولا تزال القائمة قابلة للزيادة.
 
محمد سلطان:
هو ابن قيادي في جماعة الاخوان المسلمين، ومتهم في قضية معروفة إعلاميا ب “غرفة عمليات رابعة”، رغم تردد مقولات ان الشرطة قد اعتقلته بديلا عن والد صلاح سلطان للضغط على والده[1]. ولكنه ومنذ ذلك الحين لم يفرج عنه ويتم تجديد حبسه.
وقد قام محمد سلطان منذ 26 يناير الماضي بالإضراب عن الطعام، وحتى هذه اللحظة هو مضرب عن الطعام، أي منذ أكثر من 150 يوما، ليسجل بذلك رقم قياسي في الاضراب عن الطعام في السجون المصرية.

الجدير بالذكر ان محكمة الجنايات كانت قد أمرت بنقل محمد سلطان الى المستشفى، ولكن امتنعت وزارة الداخلية عن تنفيذ ذلك[2]، وهو ما يعني بقاء محمد سلطان في سجن طرة مع ارتفاع إمكانية تدهور حالته الصحية الى حد قد يصل الى النزيف حتى الوفاة[3].
ونطرح هنا عدة تساؤلات، كيف تمتنع وزارة الداخلية عن تنفيذ امر قضائي؟ ومن يحاسب المسئول عن ذلك؟ ومن يتحمل مسئولية تدهور حالة محمد سلطان الصحية؟

ان حالة محمد سلطان تعبر بشكل واضح عن موازين القوى الآن في مصر والتي ارتفعت فيها وزارة الداخلية لتكون أعلى من كل مؤسسات الدولة الأخرى.
 
ماهينور المصري:
حكم على ماهينور المصري بالسجن عامين وغرامة مالية 50 ألف جنيه مصري على خلفية اشتراكها بوقفة سلمية يوم 2-12-2013 اثناء محاكمة قتلة خالد سعيد، وذلك وسط انتهاك للعديد من الإجراءات الجنائية ولمعايير المحاكمة العادلة من أبرزها الحق في الدفاع.
وقد تم نظر استئناف ماهينور على الحكم يوم 28-6-2014، وقد شكل فريق الدفاع من عدة متهمين أبرزهم المحامي خالد علي الذي اشتهر بالعديد من قضايا “التقاضي الاستراتيجي” امام مجلس الدولة.

وقد تم تقسيم العمل بين فريق الدفاع ليشمل أوراق القضية، ومضمونها وتفنيد الأدلة، الى جانب مرافعة من قبل خالد علي ضد قانون التظاهر، لتسجل أول حالة من حالات التقاضي الاستراتيجي أمام محكمة الجنايات.

وكان أبرز ما جاء في دفاع علي هو التذكير بانه منذ سنة-في مظاهرات 30 يونيو-خرجت ماهينور ورفاقها للتظاهر، وقد عطل القضاة العمل بالمحاكم لأول مرة بالتاريخ، وتظاهر أمناء الشرطة للمطالبة بحقوقهم مما يبرهن على ان التظاهر والتعبير عن الرأي ليس جريمة.
وقد أكد خالد علي أن مصر أمام “حالة من حالات الانحراف التشريعي في أوضح صوره؛ فالتشريع خول لرئيس الجمهورية أو للسلطة التشريعية عن طريق البرلمان حتى ينظم كيفية ممارسة الأفراد للحقوق والحريات، وليس من اجل أن يضع قيودا وعراقيل تجعل وصول المواطنين لهذا الحق أو لهذه الحرية قيدا أو جريمة وتجعله تحت طائلة العقاب”.
من المنتظر أن ينطق بالحكم في قضية ماهينور المصري يوم 20-7-2014.

الجدير بالذكر أن ماهينور المصري قد حصلت، منذ أيام أي أثناء تواجدها في الحبس، على جائزة “لودوفيك تراريو” التي تكرم سنويا محاميا للدفاع عن احترام حقوق الانسان[4].
 
علاء عبد الفتاح:
تم القبض عليه أثناء وقفة احتجاجية أمام مجلس الشورى في نوفمبر/تشرين ثاني 2013 بتهمة التظاهر بدون تصريح، الاعتداء على موظف عام، احراز أسلحة بيضاء أثناء المظاهرة، قطع الطريق والبلطجة[5]. وقد أخلت سبيله المحكمة في شهر مارس/أذار 2014.
وقد حكمت المحكمة في 11-6-2014 غيابيا على علاء عبد الفتاح وآخرين بالسجن 15 عاما في هذه القضية، وذلك رغم وجود علاء خارج قاعة المحكمة منتظرا السماح له بالدخول لحضور جلسته، ولكنه فوجئ بالقبض عليه بعد صدور الحكم عليه غيابيا[6].
وقد قدم علاء والمتهمون الآخرون في القضية طلبا لإعادة إجراءات المحاكمة، وذلك بسبب الحكم غيابيا عليهم، وتم تحديد يوم 22-7-2014 المقبل لنظر الدعوى.
 
يارا سلام وسناء سيف:
تم تنظيم مسيرة يوم 21-6-2014 بجوار قصر الاتحادية للمطالبة بإلغاء قانون التظاهر والافراج عن المعتقلين. ولكن تم القبض اثناء هذه المظاهرة على 24 ناشط وناشطة من بينهم يارا سلام وسناء سيف.
يارا سلام هي ناشطة حقوقية ومسئولة ملف العدالة الانتقالية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وكانت من قبل مسئولة برنامج “المدافعات عن حقوق الانسان” في مؤسسة نظرة للدراسات النسوية.
الجدير بالذكر أن يارا كانت احدى المشاركات في اعداد تقرير تفصيلي للجنة تقصي حقائق 30 يونيو التي شكلت برئاسة الأستاذ فؤاد رياض[7].

أما سناء سيف فهي ابنة الناشط الحقوق أحمد سيف الإسلام، والشقيقة الصغرى لعلاء عبد الفتاح. وقد تم القبض عليها في نفس المظاهرة بحجة التظاهر بدون ترخيص.

وقد تم نظر أولى جلسات القضية يوم 29-6-2014، وسط حضور عدد كبير من المحامين على رأسهم المحاميين أحمد سيف الإسلام، وخالد علي.

وقد قدم المحامون عددا من الطلبات التي لم يرد عليها القاضي سواء بالقبول أو الرفض، بل أن القاضي لم يبلغ المحامين بقرار تأجيل القضية وترك هذه المهمة لحرس المحكمة الذي بلغ المحامين بتأجيل القضية الى جلسة 13-9-2014، أي أن المعتقلين سيقضون 3 أشهر أخرى في الحبس الاحتياطي[8]. واللافت هنا أن القاضي لم يقم بتبليغ القرار بنفسه، ولم يخرج الى القاعة بعد الانسحاب للمداولة، بل وانه لم يخطر المحامين بقراره في الطلبات التي قدموها، مما يضع علامات استفهام حول قيام قاض بمثل ذلك التصرف.
 
 
الخلاصة:
ان هؤلاء الشباب والشابات هم عينة صغيرة من آلاف غيرهم تم حبسهم على خلفية قانون التظاهر، أو تعسفيا. يوجد الآلاف في السجون المصرية، طبقا لإحصائيات ويكي ثورة، بعضهم نشطاء حقوقيين ومعروفين والبعض الأخر من شباب الجامعات، أو شباب عادي ليس له أى انتماء سياسي أو حزبي خرج للمطالبة بحقه في التظاهر وبالإفراج عن المقبوض عليهم بسبب هذا القانون.

آلاف غيرهم يتعرضون للتعذيب طبقا للتقارير المنشورة من مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب وحملة الحرية للجدعان.
وقد تم تجريد الشباب من أي وسيلة لمساعدة أصدقائهم، فالهتاف الذي كان يرج مصر حتى من قبل الثورة “هاتوا اخواتنا من الزنازين” للمطالبة بالإفراج عن كل معتقلي الرأي والمعتقلين تعسفيا أصبح أسلوب حياة يوميا. أصبح من ينزل ليطالب بإخراج هؤلاء الشباب معرضا لأن يكون واحدا منهم وأن يتم الهتاف له غدا.

أثناء مرافعته ضد قانون التظاهر في قضية ماهينور المصري، قال خالد علي ” نحن أمام نصوص صيغت تحت زعم خلق الاستقرار وبناء دولة، لكن في الحقيقة نتائجها ستعيدنا مرة أخرى لإنتاج الماضي”.

فهل يتدارك القضاء المصري الخطأ الذي وقع فيه المشرع بإصدار هذا القانون، ويقوم بتبرئة المتظاهرين؟ وهل تستجيب المحكمة الدستورية العليا للطعن المقدم من خالد علي ضد المواد 8 و10 من قانون التظاهر التي صرحت محكمة القضاء الإداري له بالطعن عليها؟
 

الصورة منقولة عن موقع www.mbc.net



[4] نشر الخبر على الموقع الالكتروني لجريدة المصري اليوم بتاريخ 26-6-2014.
[5] راجع الموقع الالكتروني لجريدة المصري اليوم بتاريخ 23-3-2014.
[6] راجع الموقع الالكتروني لجريدة المصري اليوم بتاريخ 11-6-2014.
[7] راجع موقع “البديل” بتاريخ 26-6-2014.
انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، حرية التعبير ، حرية التجمّع والتنظيم ، محاكمة عادلة وتعذيب ، مقالات ، حراكات اجتماعية ، حريات عامة والوصول الى المعلومات ، مصر ، احتجاز وتعذيب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني