محضر اجتماع المنظمات غير الحكومية مع اللجنة الوزارية المكلفة بالنظر بمشروع “مرسوم المخفيين قسراً”: ووصل النقاش أمام حائط مسدود


2012-11-09    |   

محضر اجتماع المنظمات غير الحكومية مع اللجنة الوزارية المكلفة بالنظر بمشروع “مرسوم المخفيين قسراً”: ووصل النقاش أمام حائط مسدود

 إثر وضع مرسوم انشاء الهيئة الوطنية للمخفيين قسراً على طاولة مجلس الوزراء بتاريخ الثالث من تشرين الأول المنصرم، وعدم إقراره، كلف المجلس لجنة وزارية مؤلفة من وزير العدل شكيب قرطباوي رئيسا، وكلا من وزيري العمل سليم جريصاتي، والشؤون الاجتماعية وائل فاعور ووزير الدولة علي قانصوه، لاعادة النظر في المشروع.
وبعدما عقدت اللجنة إجتماعها الأول، تمت بتاريخ 31-10-2012، دعوة بعض جمعيات المجتمع المدني المعنية، ومنها لجنة أهالي المفقودين والمخطوفين في لبنان" ممثلة بوداد حلواني، وجمعية "المفكرة القانونية" ممثلة بالمحامي نزار صاغية، الى اجتماع للتباحث بشأن مشروع المرسوم. وكانت "لجنة الأهالي" و"المفكرة"  قد نشرتا اعتراضاتهما على هذا المشروع  تزامناً مع عرضه على مجلس الوزراء مما ساهم في التريث بإقراره.
تنشر "المفكرة القانونية" على موقعها محضر الإجتماع.

 

 مشروع مرسوم "المخفيين قسرا":
محضر اجتماع المنظمات غير الحكومية في 31-10-2012
في مكتب وزير العدل شكيب قرطباوي
بتاريخ 31-10-2012، دعيت كلا من "لجنة أهالي المفقودين والمخطوفين في لبنان" ممثلة بوداد حلواني وجمعية "المفكرة القانونية" ممثلة بالمحامي نزار صاغية الى اجتماع حضره ممثلو جمعيات أخرى للتباحث بشأن مشروع مرسوم "المخفيين قسرا". وكانت "لجنة الأهالي" و"المفكرة"  قد نشرتا اعتراضاتهما على المرسوم يوم عرضه على مجلس الوزراء مما أدى الى وقفه. يومها،(تاريخ طرح المرسوم على الحكومة)، كلف مجلس الوزراء لجنة وزارية مؤلفة من وزير العدل شكيب قرطباوي رئيسا، وكلا من وزيري العمل سليم جريصاتي، والشؤون الاجتماعية وائل فاعور ووزير الدولة علي قانصوه، اعادة النظر في مشروع المرسوم. ولكن لم يحضر الإجتماع مع ممثلي المجتمع المدني سوى قرطباوي وجريصاتي.
ويهمنا من منطلق الشفافية اطلاع الرأي العام على أبرز ما تضمنه من وقائع.
بداية افتتح وزير العدل الاجتماع باعادة التأكيد على التزامه الدائم والقديم بقضية المفقودين، طالبا من الجهات المعترضة أن تتحلى بالواقعية. وقد أعلن أن جدول أعمال النقاش لا بد أن يبدأ من نقطة مركزية قوامها ما هي الصيغة الفضلى لحل قضية المفقودين؟ مرسوم أم قانون؟ ولكن سرعان ما بان للحاضرين أن هذا السؤال لا يطرح رغبة حقيقية في النقاش، طالما أن الوزير يرفض تقديم مشروع قانون وفق ما صرح به مرارا خلال الجلسة، وأنه مصر على صيغة المرسوم رغم علمه الأكيد بمحدوديته (التي قد لا تتعدى 10 أو 20% من المطلوب). فالقانون مستحيل لأن"مجلس النواب ليس فقط عاجزا انما هو ميت"،وأن ليس لديه أي استعداد لاعداد مشروع قانون. بل أنه ذهب الى القول بأن أي رفض للمرسوم يكون بمثابة اختيار للصفر بالمئة، محملا اذ ذاك الجهات المعترضة مسؤولية ذلك. ووفق هذا المنطق، سرعان ما أدرك الحاضرون أن النقاش بخصوص نقطة الخلاف (مرسوم أو قانون) ليس جديا، فالخيار المعطى ليس بين قانون ومرسوم، انما بين مرسوم ولا شيء. وهكذا، يصبح أي نقاش حول محدودية المرسوم غير مقبول طالما أن البديل هو اللا شيء. فوزير العدل يريد التوصل الى نتيجة (مرسوم) ولمن يريد أكثر من ذلك (مشروع قانون) فليواصل حربه لأجل ذلك، وهو سيدعمه. ف"وجود مرسوم يسمح بانشاء لجنة، وهو يزيد مشروعية المطالبة بقانون ولا يقلل منها"، وفق رأيه. وأعاد الوزير قرطباوي القول بأن ثمة "عجلة"(ضرورة الإسراع)، خشية أن تنتهي المعركة بانتهاء المحاربين (في اشارة الى موت الأمهات الذي تشهده حركة المفقودين سنويا).
وضمن هذا الاطار، وفي ختام هذا النقاش، أعلن الوزير استعداده لقبول ملاحظات تعديلية على المرسوم فقط وضمن الاطار الذي يسمح به القانون، ومنها مدة عمل الهيئة المنشأة أو أيضا تعريف "المخفي قسرا"، هذا مع العلم أن الوزير أوضح أنه يرفض أصلا أن يكون للهيئة صلاحيات تحقيق واستقصاء سواء وضعت بمرسوم أو بقانون، وأن صدور المرسوم لا يمنع بأية حال المطالبة بمشروع قانون.
كما أعرب الوزير عن انزعاجه من نبرة الملاحظات التي قدمتها الجمعيتان، ولا سيما فيما يتصل بتهميش ذوي المفقودين. فقد اطلع الوزير الحاضرين بأنه كان وجه المرسوم في صيغته غير النهائية للجمعيات بشكل غير رسمي، وهذا ما أكدته حلواني، ولكنها اعتبرت أن ارسال مشروع مرسوم في صيغته غير النهائية وبشكل غير رسمي لا يفيد استماعا لملاحظاتها.
أما الوزير جريصاتي، فقد كانت مداخلته أشبه بمرافعة لتبني المرسوم في أسلوب غلب عليه طابع الخطابة. فالمرسوم "رشيق" ووزير العدل تحلى عند وضعه ب"الرشاقة" (العبارة تكررت مرارا في حديثه) يمكن، وفق جريصاتي، "تعديله عند الحاجة، وذلك بخلاف القانون "الثقيل" الذي يصعب جدا تعديله في حال تضمنه ثغرات. وأي قانون لا يحتوي ثغرات؟ ثم، أن المرسوم ينشئ مؤسسة: وهذا الأمر ينقلنا بحد ذاته من "واقع المأساة" الى "واقع المؤسسات" مهما كانت صلاحياتها". ثم، أخيرا، استفاض في شرح الوضع السوري وصعوباته والذي يفرض الاسراع في وضع المرسوم رغم علله. ومن الحجج المثيرة للاهتمام أيضا الحجة التي أعطاها في اثر مقدمة طويلة خوفا من جرح مشاعر الحاضرين ومفادها أن ربما يكون مرد رفض الأهالي للمرسوم هو "بالدرجة الأولى اعتيادهم الطويل على التعايش مع القضية حتى باتوا متمسكين بهذا التعايش ويؤثرونه على الحل". وقد بلغت خطابة جريصاتي حدها الأقصى من خلال الاشارة الى أن المرسوم يعطي الأهالي امكانية مداعاة الهيئة: فاذا تم اعلامه أن جمعيات الأهالي قد سبق وداعت الدولة أمام مجلس شورى الدولة لرفضها اعطاء العائلات حق الاطلاع على ملف لجان التقصي عن مصائر المفقودين السابقة، سارع الى اصدار الحكم بنفسه قائلا أن الدعوى سترد حكما لأنها "عمل حكومي"، علما أن الدولة لم تثر ذلك في أي من لوائحها في الدعوى المذكورة. كما انتهى الى دعوة المعترضين الى حسن تقويم الظرف السياسي الحالي: فمن جهة، نحن أمام حكومة تضم وزراء ليبراليين مثلهما ويقتضي الاستفادة منها، ومن جهة أخرى، البرلمان عاجز عن اتخاذ أي موقف. ولم ينس الوزير القول بأن سقفه عال جدا، فسقفه هو "المحكمة الدولية" (محكمة الحريري) التي انتقدها.
بالمقابل، استهلت وداد حلواني كلامها بالقول أن المسألة ليست مسألة شكل المشروع انما مضمونه، الذي لا بد أن يشمل آليات قادرة على الكشف عن مصائر المفقودين، والا فان وضعه سيولد خيبة لدى الأهالي، من شأنها أن تزيد عذاب انتظاراتهم. وفي هذا الاطار، أعادت التأكيد بما نصت عليه الملاحظات التي قدمتها لجنة الأهالي مع المفكرة، بأن مشروع المرسوم بصيغته أو بأي صيغة أخرى عاجز عن تقديم اجابات للأهالي، بل عاجز عن الكشف عن مصير أحد. كما صرحت أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تؤدي عملا اليوم في جمع بيانات عن المفقودين سيكون بالتأكيد أكثر أهمية من العمل المزمع اناطته بالهيئة في ظل محدودية صلاحياتها. واشارت إلى أنه من غير الصحيح القول بأن وجود مرسوم يقوي المطالبة بوضع قانون ولا يضعفها، طالما أن اقرار مرسوم سيمنح الدولة حجة تثيرها داخليا، وفي المحافل الدولية بأنها قامت بما يلزم لحل هذه القضية مما يضعف مشروعية المطالبة بقانون. كما ان الأهالي واللجنة لايقبلون بأن تكون حصيلة جهودههم لعشرات السنوات ثمنا بخسا لا يليق بشكل من الأشكال بنضالاتهم واستعدادهم لمتابعة المعركة حتى وضع قانون مناسب. والمعركة تستمر خلافا لما قال الوزير ليس فقط بالأمهات، انما أيضا بالأجيال الصاعدة من أولاد وأحفاد الذين سيدعون الى الالتحاق بهذه اللجان.
كما نددت الجهات المعترضة بالطابع التمييزي لمشروع المرسوم طالما أنه يشمل فئة من المفقودين فقط. كما دار نقاش بين ممثلي هذه الجهات ووزير العدل حول استقلالية الهيئة، فرأى الوزير أن تعيين أعضائها بما فيهم القضاة وممثلي ذوي المفقودين من قبله ووصايته عليها بما تشمله من الموافقة على الاستخدام وعلى الهبات وعلى الموازنة الخ.. ليست مشكلة. كما رأى أن باستطاعة الهيئة الاستعانة بالنيابات العامة (المرسوم يتحدث عن القضاء) وان سلم أن ذلك يجب أن يتم ضمن صلاحيات النيابة العامة التي تتمتع بها الآن من دون أن تقوم بأي جهد.
فضلا عن ذلك، رفضت الجهات المعترضة التسليم بأن البرلمان عاجز أو ميت، فهذا القول غير مقبول من الناحية المبدئية جملة وتفصيلا. فالبرلمان يبقى المكان المناسب للتعبير عن ارادة وطنية جامعة بالاعتراف بضحايا الحرب والسعي الى وضع حد لمعاناتهم.
بالمقابل، عبرت الجمعيات الأخرى عن تأييدها للمرسوم الذي يشكل خطوة الى الأمام بل أن بعضها ذهب الى حد وصفه بالجهد الجبار أو التاريخي، رغم تسليمهم بوجود علل ونواقص مبررة بالظروف السياسية.
ومن هذا المنطلق، وعلى أساس هذه الوقائع، واذ يضع موقعو هذا المحضر الرأي العام والوزراء أمام مسؤولياتهم، تعاود الجمعيتان رفضهما لصيغة مشروع المرسوم، داعية مجلس الوزراء الى رفضه، علما أنه في حال اقراره، ستعمد حكما الى الطعن به لكونه تمييزيا غير دستوري، ولتعارضه مع الحد الأدنى من انتظارات الأهالي، مما يجعله مناسبة لهدر المال العام أكثر مما هو باب لتكريس حق المعرفة.
 
 
 
 


انشر المقال

متوفر من خلال:

غير مصنف



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني