متعاقدو اللبنانية يلوّحون بإقفال الجامعة في حال عدم البت بتفرّغهم


2022-02-23    |   

متعاقدو اللبنانية يلوّحون بإقفال الجامعة في حال عدم البت بتفرّغهم
المصدر: المفكرة القانونية | تصوير هدى زبيب

على بعد أيام من انتهاء المهلة التي وعد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي البتّ خلالها بملف التفرّغ، أعلن الأساتذة المتعاقدون في الجامعة اللبنانية توجّههم إلى تصعيد تحرّكاتهم واللجوء إلى خطوات غير مسبوقة مؤكدين عدم العودة إلى التدريس إلاّ بعد تفريغهم.

وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعد الأساتذة بإدراج ملف التفرّغ على جدول  أعمال جلسات مجلس الوزراء قبل نهاية شباط الحالي الملف وتمّ تسجيله في  الأمانة العامة لمجلس الوزراء بعد أن رفعه وزير التربية عباس الحلبي الأسبوع الماضي، غير أنّه لم يدرج على جدول أعمال جلسة اليوم 23 شباط 2022.

وبالتزامن مع انعقاد جلسة اليوم، نفذ الأساتذة المتعاقدون اعتصاماً في أقرب نقطة إلى مدخل السراي الحكومي التي يسمح فيها التجمّع، للمطالبة بـ”إقرار ملف التفرغ للأساتذة”، وهددوا بأنّه اعتصام نهائي، “لأننا بعده اتخذنا قراراً باقفال الجامعة والالتزام التام بالإضراب إلى حين إقرار ملف التفرغ”، وفق ما قاله أحد المعتصمين الدكتور حامد حامد أستاذ اللغة العربية وآدابها في الجامعة اللبنانية في حديث لـ “المفكرة القانونية”.

وتزامناً مع الاعتصام، توقف وزير التربية عباس الحلبي بسيارته بالقرب من الأساتذة المتعاقدين ليبلغهم أنّه تتم دراسة ملفهم “وسيوضع على جدول أعمال مجلس الوزراء قريباً”. 

التفرّغ ضروري لاستمرار الجامعة

وشرحت الدكتورة ماريا الدويهي واقع الأساتذة المتعاقدين بالساعة في الجامعة اللبنانية المرشحين للتفرّغ، “رفعنا الصوت وأعلنّا الإضراب المفتوح منذ بداية هذا العام لاسترداد حق الأستاذ الجامعي في التفرغ حفاظاً على استمرار الجامعة الوطنية”، معتبرة “حجب هذا الحق المكتسب والبديهي هو تخلّف للمعنيين عن الالتزامات القانونية والأكاديمية تجاه شعب لبنان ومواطنيه”.

ومن أجل أداء دورها الوطني والمحافظة على المستوى التعليمي الرائد الذي يليق بطلاب لبنان، تحتاج هذه الجامعة، وفق الدويهي إلى موازنة كافية لتلبية حاجاتها وإلى كادر تعليمي يشعر بالأمان والاستقرار الوظيفي”.

ويعمل الأستاذ المتعاقد وفق ما يسمّى عقد مصالحة يتقاضى على أساسه بدل ساعاته كل سنة وسنة ونصف السنة. ويتراوح بدل ساعة الأستاذ المتعاقد ما بين 64 إلى 104 آلاف ليرة لبنانية، أي بين 3 إلى 5 دولارات حسب سعر الصرف الحالي، يدفع منها 7%  ضريبة دخل، أي أنّ دخله السنوي، وبحسب الساعات المحددة والرتبة، يتراوح ما بين 10 إلى 30 مليون ليرة، ولا يستفيد من أي ضمان صحّي أو اجتماعي ولا يتقاضى بدل نقل.

وكان تأخّر إقرار ملف التفرّغ  دفع الأساتذة إلى الإضراب منذ بداية العام الدراسي ما أدّى إلى شلّ الجامعة كون 80% من أساتذتها متعاقدون، وأثر على تعليم 40% من الطلاب الجامعيين في لبنان. كما أدّى عدم البتّ بملف التفرّغ في الجامعة اللبنانية  إلى نزوح أساتذتها إلى جامعات خاصة وهجرة آلاف المتعاقدين ما عطّل عمل عدد من الأقسام ولاسيّما في كليّات العلوم.

ورأت  الدويهي أنّ ثمة محاولة جدية “لدفع الجامعة اللبنانية نحو الإنهيار الذي أصبح وشيكا، ليس بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية فحسب، إنما بفعل الخيارات التي اتخذتها السلطة وامتناعها غير المبرر عن إقرار ملفات الجامعة”. واعتبرت إن عمل الحكومة الحالية وفق النهج السابق في ما لو استمر، سيقضي على حق الأجيال المقبلة في التعليم العالي، وبالتالي على نسيج اجتماعي بكامله، لافتة إلى أن “الخطر الاستراتيجي والأكبر الذي يتهدد الجامعة اللبنانية اليوم يطال بشكل مباشر ثروتها البشرية التي تستنزفها هجرة الأساتذة بفعل حجب الحق بالدخول إلى التفرغ والملاك عنهم، وهذه خسارة لا يمكن تعويضها”

وذكرت الأستاذة الدويهي الرأي العام بأن المعتصمين هم “أساتذة لبنان الجامعيون، ويقع على عاتقنا القسم الأكبر من المهمات الأكاديمية في الجامعة الوطنية. نحن نشكل حاجة فعلية لها، بخاصة أن أقساما أكاديمية باتت مكونة بكاملها من أساتذة متعاقدين بالساعة. في المقابل، نحن مستثنون من كل أشكال التغطية الصحية والاجتماعية، ومحرومون من الحقوق التقاعدية، ولا نتلقى راتباً شهرياً بل دفعة مالية غير منتظمة تراوح قيمتها بين 15 و25 مليون مليون ليرة سنوياً”. وأكدت أنّ الأساتذة المتعاقدين اليوم “لا يطالبون إلا بحقهم في الاستقرار الوظيفي لكي نستطيع إتمام واجباتنا الأكاديمية والبحثية”. 

وانطلاقا من عدم حق الأستاذة المتعاقدين الانتساب إلى “رابطة الأساتذة”، أشارت الدويهي إلى أن إضرابهم “تعرض لشتى أنواع الضغوط. وعلى رغم ذلك، نجحنا في طرح قضيتنا وأوصلنا ملفنا إلى رئاسة مجلس الوزراء بفضل تضحيات الأساتذة وتعاون رئيس الجامعة ووزير التربية”، مشيرة إلى أن الحكومة الحالية تتحمل الآن وحدها مسؤولية هذا الملف. بيدها اتخاذ قرار تصفية مستقبل الجامعة في حال تعمدت حجب التفرغ عبر اختلاق عراقيل واهية، ويمكنها إعادة الروح إلى هذا الصرح الوطني العريق”. وأكدت “أن ملفنا مُنجز وموجود في الأمانة العامة لمجلس الوزراء”. 

 وطالبت  الدويهي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بإدراج تفرّغ الأساتذة المتعاقدين على جدول أعمال الجلسة المقبلة”، مؤكدة، باسم الأساتذة “الاستعداد لخوض المعركة حتى النهاية في سبيل الوصول إلى حقنا في حال لم تستشعر الحكومة خطورة إضاعة الوقت وتبديد الجهود المتراكمة في بحر الإهمال واللامبالاة”.

كما ذكّرت الرئيس ميقاتي بـ “أنّ المهلة التي أعطاها لنفسه لإقرار الملف تنتهي في الأول من شهر آذار المقبل”. وعليه، دعت “الزملاء إلى الاستعداد للتصعيد، والمشاركة في التحركات الميدانية، والتزام الإضراب إلى حين إقرار ملف التفرّغ”.

مدربو الجامعة

وانضم إلى اعتصام الأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية عدد كبير من المدربين في كليّاتها، أتوا إلى مدخل السراي من كل المناطق شمالاً وجنوباً وساحلاً وجبلاً لإيصال صرختهم، وهي صرخة حق وغبن طال أمده.

واللافت أنّه رغم الغبن اللاحق بالمدرّبين وصل كتاب تنبيه من عميدة كلية الفنون الجميلة والعمارة الدكتورة نهى الغصيني  إلى المدربين فراس ابو شقرا،  يونس محمد حمية، فاطمة البابا، نور هاشم رضا وتوفيق صعب، بسبب ممارسة حقهم في الإضراب.

ويشرح حسان زكريا، وهو مدرب في الجامعة ضمن الأعمال الفنية،  لـ “المفكرة” بأنه وزملاؤه يقومون  بأعمال موظف وبدوام كامل من دون أجر، مشيراً إلى أنّ المدرّبين لم يتقاضوا أي راتب منذ 1/9/2012.

وأوضح رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة العاملين حبيب حمادي في كلمة  في الاعتصام أنّ المدربون هم العصب الأساسي للهيكلية الإدارية في الجامعة، ومع ذلك هم مقصيون عن استلام المناصب الإدارية ومحرومون من راتب شهري يبنوا على أساسه سياسة إنفاقية لهم ولأسرهم بناء على مدخول شهري ثابت أسوة بباقي الموظفين في الادارات والمؤسسات العامة.

لذلك، ووفق ما قال “جاءت هذه الصرخة في وجه القيّمين والمسؤولين عن قرار إصدار عقود شرعية للمدربين في الجامعة للحد من معاناتهم ورفع المظلومية عنهم ليتمكنوا من قبض رواتب شهرية بكرامة وحق، علما ان هذه العقود لا تكلف الدولة اي أعباء مالية إضافية، فهي متوفرة في موازنة الجامعة، وإنما تكلفها وقفة ضمير واعتراف بالحق”.

وحذر حمادي المسؤولين من عدم ادخال هذا الملف في البازار السياسي والطائفي والمذهبي وان الجامعة أصبحت في حالة انتفاء للجسم الإداري بسبب تقاعد العدد الأكبر من كوادرها “ولا يمكن أن تستمر بكافة تفرعاتها وركائزها بدون تدعيم وحماية هذه الركيزة الاساسية”. 

تحويل قضية المتعاقدين إلى قضية رأي عام دولي

وكانت اللجنة التمثيلية للأساتذة المتعاقدين رأت خلال مؤتمر صحافي عقدته في 22 شباط 2022 في الجامعة اللبنانية في الحدث، أن الجامعة الوطنية “تتعرض لأزمة وجودية كبرى تصل إلى حدود الكارثة الوطنية، إذ تم تصنيفها خارج إطار الأولويات بالنسبة إلى الحكومة، التي تعقد جلسات خاصة للكهرباء والنفايات والاتصالات وغيرها من القضايا الخدماتية والمعيشية المطلوبة على مستوى المادة، في حين أنها تجاوزت وأهملت قضايا العقل والمعرفة والإبداع عن سابق تصور وتصميم”.

واعتبرت اللجنة في بيان لها أنّ “تصريحات المسؤولين أغرقت الجامعة اللبنانية وقضيتها في مستنقع الاتهام الخاطىء وحصرت مشكلتها وأزمتها بمطالب التقديمات الاجتماعية، في حين أن قضيتها وطنية، قضية هوية ثقافية، ومؤسسة للوحدة الوطنية على مستوى التعليم واللقاءات، وهي تشكل مع مؤسسة الجيش والقوى العسكرية، نوافذ للتواصل والتعارف. من هنا يشكل إهمالها وحصارها جريمة كبرى على مستوى الإنسان والوطن”.

ورأت اللجنة أن الأولوية خلال الأزمة الراهنة تكمن في حماية الكادر التعليمي للجامعة اللبنانية لكي يستطيع النهوض مجددا بعد العبور المنتظر إلى الاستقرار، محذرة من نزف الأدمغة، وهجرة الأساتذة، بخاصة المتعاقدون منهم، لأنهم محرومون من الاستقرار الوظيفي، ولا يحق لهم الانتساب إلى رابطة الأساتذة وصندوق التعاضد، وهم مستثنون من كل أشكال التغطية النقابية والصحية والاجتماعية، وكذلك من الحقوق التقاعدية، الأمر الذي يولد لديهم شعورا بالغبن والظلم، ويؤثر سلبا في مختلف نواحي حياتهم المادية والنفسية والمعنوية، بالاضافة إلى شعورهم بعدم الاعتراف بوجودهم في مؤسسة تقوم أساسا على كواهلهم”.

 وطالب بيان الأساتذة رئاسة مجلس الوزراء بشخص الرئيس ميقاتي بإدراج ملف التفرغ على جدول أعمال الجلسة المقبلة للحكومة لمناقشته وإقراره بعد انتظار طال لأعوام”.

ويضمّ ملف التفرغ الذي رفع إلى الأمانة العامّة لمجلس الوزراء ما بين 1300 و1400 اسم من أصل 3320 متعاقداً منهم فقط 1900 أستاذ مستحق للتفرّغ، أي يستوفي الشروط المحدّدة بحيازة الدكتوراه وإتمام 220 ساعة تدريس فضلاً عن سنتين خبرة.

ولن يكون تفرّغ هؤلاء الأساتذة مرّة واحدة، إذ سيكون مجدولاً على مراحل تمتدّ حسب ما هو متداول حتى اللحظة لثلاث سنوات دراسية، على أن تضمّ الدفعة الأولى ما بين 600 و700 أستاذ متعاقد.

وفي حين أكّد  رئيس الحكومة للأساتذة حرصه التامّ على اعتماد مبدأي الكفاءة والأحقية في اختيار الأساتذة المرشحين للتفرّغ في الملف بخاصّة لناحية النصاب التعليمي (عدد ساعات التعليم)، إلّا أنّ مبدأ التوازن الطائفي سيكون حاضراً، الأمر الذي يعني إلحاق الظلم بعدد من الأساتذة.

اللجوء إلى منظمات دولية

“نحارب بأظافرنا باللحم الحي، ليس فقط من أجل إنهاء ملف تفرغنا، بل من أجل صمود الجامعة الوطنية وحمايتها في ظل الوضع المتأزم” يقول الأستاذ الجامعي يوسف سكيكي المتعاقد مع الجامعة منذ 13 عاماً، معبرا في حديث مع “المفكرة القانونية” عن شعور الأساتذة بوجود مؤامرة لضرب الجامعة اللبنانية وخصخصتها الأمر الذي يدفعهم للمطالبة بإعادة صلاحيات الجامعة اللبنانية ورفع موازنتها ودعم صندوق التعاضد وكل ما يخص الجامعة ويخص حقوقنا الأساتذة ولاسيّما المتعاقدون ومصالح الطلاب”.

وفي انتظار وضع هذا الملف، المؤجل منذ عام  2014 على جدول الأعمال، يستعد الأساتذة المتعاقدون بالساعة، وحسب سكيكي، للتواصل مع مؤسسات دولية ومنظمات حقوق الإنسان واليونيسكو والأمم المتحدة، لتحويل هذه القضية إلى قضية رأي عام دولي.

ويكلّف تفرغ الأساتذة حوالي 50 مليار ليرة لبنانية، بحسب سكيكي “وهذا مبلغ ضئيل بالنسبة لأساتذة جامعيين، ففي كل دول العالم يتم الاستثمار بالتعليم، وبالتالي فهو يرد مردوداً مالياً لخزينة الدولة وينعش الاقتصاد، لكن للأسف السلطة تمعن في إنكار هذا الواقع”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

الحق في الصحة والتعليم ، عمل ونقابات ، البرلمان ، سلطات إدارية ، أحزاب سياسية ، منظمات دولية ، حرية التجمّع والتنظيم ، الحق في التعليم ، لبنان ، مقالات ، حراكات اجتماعية



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني