كرونولوجيا انقلابات على العدالة


2023-07-11    |   

كرونولوجيا انقلابات على العدالة

  • كانون الثاني 2023: انقلاب عويدات يوقف التحقيق في قضية المرفأ

تبعًا للقرار الصادر عن المحقق العدلي طارق بيطار بالادّعاء على النائب العام التمييزي غسان عويدات في جريمة تفجير المرفأ، انقلب هذا الأخير على السلطة القضائية برمّتها من خلال:

(1) تراجعه عن تنحّيه عن قضية تفجير المرفأ خلافًا لقرار صادر عن محكمة التمييز في تاريخ 29/12/2020،

(2) اتخاذ قرار بإطلاق سراح جميع الموقوفين الـ 17 في القضية المذكورة من دون أن يكون له أي صلاحية في هذا الخصوص،

(3) الادّعاء على المحقّق العدلي بجناية اغتصاب السلطة ردًّا على ادّعاء هذا الأخير عليه، مصدرًا بحقه مذكرة جلب وقرار منع من السفر. وقد برّر عويدات الادّعاء بأنّ المحقّق العدلي مكفوفة يده بموجب دعاوى الردّ المقدّمة ضدّه، ممّا يجعل أي ممارسة له لسلطة التحقيق بمثابة اغتصاب للسلطة. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ ثمة استحالة لبتّ دعاوى الردّ بعدما قدّم بعض طالبي الردّ دعوى مخاصمة ضدّ الدولة على خلفية أعمال رئيس الغرفة الناظرة فيها، مما يؤدي إلى كفّ يده هو الآخر عملًا بالمادة 751 من قانون أصول المحاكمات إلى حين بتّ الهيئة العامّة لمحكمة التمييز في هذه الدعوى. وتتأتّى الاستحالة من كون الهيئة العامّة لمحكمة التمييز عاجزة عن الانعقاد بفعل تعطيل نصابها بعد تقاعد غالبية أعضائها من دون إصدار مرسوم تشكيلات بتعيين بدائل عنهم، بقرار سياسي.

وعليه، عاد المحقّق العدلي ليُرجئ في تاريخ 6 شباط 2023 جلسات الاستماع للمدعى عليهم إلى أجل غير مسمّى.

●       22 شباط 2023: انقلاب ميقاتي والمولوي يوقف تطبيق قانون رفع السرّية المصرفية

بناءً على طلب مصرفيْن مدّعى عليهما، وجّه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام المولوي في حكومة تصريف الأعمال كتبًا إلى هيئات عدّة طلبا بموجبها الامتناع عن تنفيذ أيّ قرار يصدر عن النائبة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون في أيّ ملف يُثبت أنّه قد جرى فيه تقديم دعوى مخاصمة الدولة بشأن أعمالها لحين البتّ بها من قبل الهيئة العامّة لمحكمة التمييز سندًا للمادة 751 من قانون أصول المحاكمات المدنية. وكانت القاضية عون طلبتْ من عدد من المصارف تزويدها بالمعلومات المصرفية المتّصلة بالقروض الممنوحة لها من مصرف لبنان بقيمة 8.3 مليار دولار أميركي بعد 17 تشرين الأول 2019 عملًا بقانون رفع السرّية المصرفيّة الصادر في 2022. وكما حصل في قضية المرفأ، اصطدمت هذه التحقيقات بالغة الأهمية بالدعاوى التي قدّمها عدد من المصارف لردّ عون ومخاصمة الدولة على خلفية أعمالها، وهي دعاوى تؤدّي هي أيضًا إلى تعليق التحقيقات إلى أجل غير مسمّى سندا للمادة 751 المذكورة أعلاه تبعًا لتعطيل نصاب الهيئة العامّة لمحكمة التمييز. وإذ تمسّكت عون بأنّ هذه المادة لا تعلّق صلاحيتها إلّا بعد إبلاغها وهو أمر لا يجوز إلّا بعد إبلاغ الخصوم منعًا لتأخير أمد التحقيق، تدخّل ميقاتي والمولوي ليفسّرا المادة على أنّها تطبّق بصورة فورية من دون حاجة لأن يصار إلى إبلاغها.

وقد شكّلت هذه الكتب تغوّلًا جرميًا من السلطة التنفيذية على السلطة القضائية ومبدأ فصل السلطات من 4 زوايا:

(1) أنّ ميقاتي تقبّل شكاوى تتّصل بإجراءات قضائية وعمد إلى النظر فيها بحجة أنّها تتّصل بالانتظام العام،

(2) أنه عزا في كتابه للقاضية عون رفضها تبلّغ دعوى المخاصمة استنادًا إلى كتب محاميّ المصارف،

(3) أنّه عمد إلى تفسير المادة 751 من قانون أصول المحاكمات المدنية كما سبق بيانه،

(4) أنّه عمد إلى الإيعاز للقوى الأمنية برفض تنفيذ مذكرات صادرة عن مراجع قضائية.

وعليه، نجح ميقاتي والمولوي في وقف تحقيقات المصارف تمامًا كما نجح عويدات في وقف تحقيقات المرفأ، وذلك على أساس المادة 751 نفسها، لتتوارى بفعلهم جميع هذه الجرائم خلف جدار الإفلات من العقاب. وبفعل هذا الانقلاب، تحوّل التعسّف في استخدام هذه المادة أمام المحاكم بهدف الإفلات من العقاب إلى سياسة حكومية. 

●       3 آذار 2023: انقلاب نقابة المحامين في بيروت وتحوّلها من مدافع عن الحرّية إلى رقيب وضابط عليها

أقدم مجلس نقابة المحامين في بيروت على تعديل نظام آداب المهنة بهدف إخضاع الظهور الإعلامي للمحامين إلى إذن مسبق من النقيب، ما شكّل تعدّيًا على جوهر حرّية التعبير واستهدافًا لاستقلالية المحامين وتهديدًا للخطاب الحقوقي. وعلى أثرها، استدعى مجلس النقابة المدير التنفيذي لـ “المفكرة القانونية” المحامي نزار صاغية في 20 نيسان مع التلويح بالشطب الإداري على خلفية اعتراضه على تعديل نظام آداب المهنة. وقد دعا ائتلاف استقلال القضاء وتحالف حرّية الرأي والتعبير إلى “وقفة حرّية” تضامنًا مع صاغية أمام قصر العدل يوم الاستماع إليه، تحت شعار كبير أنّه “لا عدالة من دون حرية”. اكتمل الانقلاب على حرّية المحامين ونموذج محامي الحراك بفعل القرار الذي أصدرته الهيئة المختلطة الناظرة في القضايا النقابية في محكمة الاستئناف المدنية في بيروت بردّ الطعنين المقدّمين من 13 محاميًا ضد قرار النقابة. تضمّن الحكم أخطاء جسيمة تمهيدًا لتبرير إخضاع حرّيات المحامين للرقابة المسبقة. أبرز هذه الأخطاء، شيطنة الحرّية بالنظر “للخطر المتمثّل بالتأثير الكبير لوسائل الإعلام على مسار المحاكمات الجارية والرأي العام” (يراجع ملفّ العدد).

●       26 نيسان 2023: انقلاب وزير العدل

أصدر وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري الخوري تعميمين يهدفان إلى كمّ أفواه القضاة: الأوّل نصّ على وجوب امتناع القضاة عن الظهور الإعلامي بجميع أشكاله وعن اتخاذ أي موقف علني على أيّ منصّة إعلامية أو إلكترونية أو غيرها من دون الحصول على إذن مسبق من المرجع المختص. والثاني طلب من القضاة عدم التواصل المباشر وغير المباشر مع أيّ سفارة أو منظمة حكومية وغير حكومية أو أيّ جمعية بهدف المشاركة في ندوات أو ورش عمل في الداخل أو الخارج قبل تقديم طلبات بذلك من الجهة الداعية إلى وزير العدل، كما فرض على القضاة الاستحصال على إذن مسبق بالسفر من الوزير. وعليه، وفي حين يهدف التعميم الأوّل إلى كمّ أفواه القضاة، يهدف التعميم الثاني إلى عزل القضاة عن أي تواصل مع أي جهة خارج القضاء، على نحو يحبس القضاة بالصمت والعزلة، وهي الشروط المثلى لممارسة الضغوط عليهم. وقد سارع ائتلاف استقلال القضاء إلى التأكيد بأنّ هذين التعميميْن يذهبان في اتجاه قرار نقابة المحامين في بيروت نفسه في تاريخ 3/3/2023 ويؤكدان وجود مخطّط للتعتيم على شؤون العدلية وصولًا إلى تحصين نظام الإفلات من العقاب إزاء أيّ ضوء أو صوت.

انشر المقال

متوفر من خلال:

حريات ، المرصد القضائي ، حرية التعبير ، مجلة لبنان ، لبنان ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، مجزرة المرفأ ، المهن القانونية



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني