انتخابات رابطة الثانوي: المقاعد للسلطة والأصوات للمعارضة


2022-01-31    |   

انتخابات رابطة الثانوي: المقاعد للسلطة والأصوات للمعارضة
أثناء فرز الأصوات

صحيح أنّ لائحة أحزاب السلطة فازت في انتخابات رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي مستفيدة من انقسام الأحزاب والمجموعات المعارضة والمستقلين، ولكن تشي نسب الأصوات التي حصلت عليها اللوائح الثلاث أنّ الشريحة الأكبر في قاعدة مندوبي أساتذة الثانوي في التعليم الرسمي لا تزال تدور في فلك المعارضة والاستقلالية رغم التغييرات التي طرأت في السنوات الأخيرة نتيجة استفحال الزبائنية والوساطات وطول يد السلطة في التحكم بهذا القطاع توظيفاً وتعاقداً. فقد تجاوزت نسبة الاقتراع في انتخابات الرابطة التي جرت أمس الأحد في 30 كانون ثاني 2022، 87% إذ اقترع 503 مندوبين من أصل 575، وحصلت لائحة السلطة على حوالي 44% من نسبة أصوات المقترعين، فيما حصدت  لائحة “قوى التغيير النقابية” ما يقارب من 34 % ونالت لائحة “مستقلون” نحو 19 %، أما المنفردون فحصلوا على 3%. وعليه، تكون القوى المعارضة والمستقلة المنافسة للائحة أحزاب السلطة قد حصدت 53% من الأصوات، وهي الغالبية التي كانت ستمكّنها من الفوز في ما لو توحّدت اللائحتان.

وعليه،  حقّقت أحزاب السلطة فوزاً  كان متوقعاً في ظلّ تشتّت أصوات المعارضة والمستقلين على لائحتين: لائحة “قوى التغيير النقابية” التي ضمت 18 مرشحاً ومرشحة يمثلون أحزاباً وتجمّعات معارضة للسلطة لم يفز منها أحد، ولائحة “مستقلّون” التي ضمّت 14 مرشحاً قدموا أنفسهم على أنّهم لا “موالاة ولا معارضة”، وفاز منهم مرشح واحد.

وكانت أحزاب السلطة قد تركت الإعلان عن لائحة موحّدة إلى اللحظة الأخيرة وقبل ساعات من موعد الانتخابات.

إذاً، فازت في انتخابات لائحة “العمل النقابي الموحّد”  وضمّت 17 مرشحاً يمثلون “حزب الله” و”حركة أمل” و”الحزب الاشتراكي” و “تيار المستقبل” و “تيار العزم”  و”المردة” كاملة، ليكون لها جميع مقاعد الهيئة الإدارية لرابطة التعليم الثانوي ما عدا مقعداً واحداً سيشغله إلياس المندلق الذي كان مرشحاً على لائحة “مستقلون”.

وعلى الرغم من أنّ المندلق يصرّ في حديث مع “المفكرة القانونية” على أنّه غير مقرّب من أي تيار سياسي وأنّه ترشّح كمستقل، يشير بعض الأساتذة إلى أنّه مقرّب من “التيار الوطني الحر” وأنّ أحزاب السلطة لم تقفل لائحتها وتركت له مقعداً فارغاً حرصاً على “الميثاقيّة” ولاسيّما أنّ “التيار الوطني الحر” و”القوات” كانا أعلنا مقاطعة الانتخابات، الأوّل ترشحاً واقتراعاً والثاني ترشحاً فقط، تاركاً للأساتذة المقربين منه حريّة الاقتراع من عدمه.

ويعتبر المندلق أنّه لو كان حصل على أصوات “التيار الوطني الحر” لكان جمّع أصواتاً أكثر إنما من انتخبه هم من يعرفونه جيداً من الأساتذة، ومن جميع التوجهات وأنّ قلّة قليلة فقط كانت من أصوات المندوبين المحسوبين على أحزاب السلطة.

وحمّل عدد من الأساتذة ولاسيّما المستقلين منهم مسؤولية خسارة الانتخابات إلى المرشحين المستقلين والمعارضين الذين لم ينجحوا في تأليف لائحة واحدة ما شتت أصواتهم. وبدا هذا  الأمر واضحا من خلال متوسط الأصوات النهائية التي حازت عليها كل لائحة، فقد كان متوسط أصوات لائحة “قوى التغيير النقابية” 170 صوتاً فيما كان متوسط الأصوات التي حصلت عليها لائحة “مستقلون” 90 صوتاً بينما كان متوسط أصوات لائحة أحزاب السلطة 220 صوتاً، ما يعني وبحسبة صغيرة أنّه لو صبّت أصوات اللائحتين (المعارضة والمستقلون) في لائحة واحدة لكانت أحدثت تغييراً واضحاً في النتائج لصالحهم.

وجرت الانتخابات في وقت يخوض فيه الأساتذة معركة تحصيل حقوقهم بعدما فقدت رواتبهم قيمتها وبات راتب الأستاذ الثانوي والمحدّد بثلاثة ملايين ليرة يساوي 130 دولاراً، وبعدما حُرم الأستاذ من التغطية الصحية والاجتماعية لأنّ هذه التقديمات فقدت قيمتها أيضاً.

وينفّذ الأساتذة منذ بداية العام الدراسي إضراباً منع انتظام العام الدراسي ولاسيّما مع عدم اتخاذ السلطة والرابطة القديمة أيّ إجراءات عملية تعيد الأساتذة إلى صفوفهم، الأمر الذي منع نحو 32% من تلامذة لبنان (التلامذة الذين يرتادون المدارس الرسمية) من حقّهم في التعليم، إضافة إلى أن وضع التعليم الرسمي، ملجأ الفقراء في لبنان، أصبح برمته على المحك.

وتعقيباً على النتائج،  يقول علي الطفيلي من لائحة “قوى التغيير النقابية”، إنّ الأحزاب المعارضة تعرّضت لطعنة في الظهر من زملاء وشركاء في النضال عبر انفصالهم عن اللائحة الأساسية وتشكيل لائحة يعرفون مسبقاً أنّها غير قادرة على المنافسة، مضيفاً في حديث مع “المفكرة” أنّ إصرار “مستقلون” على خوض المعركة الانتخابية بلائحة منفصلة أفقد المعارضة النقابية إمكانية استعادة القرار النقابي المستقل في رابطة التعليم الثانوي وفي مرحلة مفصلية يمرّ فيها الأستاذ والتعليم الثانوي.

أمّا فيما خصّ إعطاء نسبة لا بأس بها من الأساتذة أصواتهم لأحزاب السلطة يعتبر الطفيلي أنّ هذا الأمر متوقعا لأنّ هذه الأحزاب لا تزال تمارس دورها من حيث الزبائنية السياسية والتعدي على الإدارة والمؤسسات العامة وأنّه للأسف لا يزال بعض الأساتذة متأثرين بهذا الجو.

وعلى الرغم من الخسارة يرى الطفيلي أنّ قوى المعارضة استطاعت الحصول على نسبة لا بأس بها من الأصوات وكانت على وشك أن تخرق لائحة أحزاب السلطة لولا وجود لائحة أخرى مشيرا إلى أنّ هذه النتائج سيبنى عليها في العمل النقابي حماية للأستاذ والتعليم الرسمي.

من جهتها أشارت “لائحة مستقلون” و”لقاء النقابيين الثانويين” في بيان صدر بعد إعلان النتائج إلى أن انتخابات الهيئة الإدارية لرابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي “انتهت إلى فوز الزملاء ممثلي القوى الحكومية النيابية “لائحة العمل النقابي الموحد”، وأنّ هذا الفوز مشوب بطعم الهزيمة بحسب ما تؤشر النسب التي توجب على الجميع المراجعة الجدية.

واعتبرت اللائحة في البيان أنّ الفائزين لا يستطيعون التصرّف كما السابق بعد هذه النِسَب، وأنّهم يجب “أن يضعوا نصب أعينهم العمل وفقاً لأصول العمل النقابي ومصلحة الأساتذة والتعليم الثانوي إذ لا يمكن للفائزين بعد الآن القيام بتحركات شكلية”.

وأعلن البيان أنّ “مستقلون” سيكونون في موقع المعارضة النقابية المستقلة البناءة وفقاً للبرنامج الإنتخابي الذي طرحته لائحتهم، مؤكدين على أنّ ”لائحة مستقلون” و”لقاء النقابيين الثانويين”  قدما نموذجاً نقابياً صرفاً بلا أجندات سياسية، نموذجاً ولد من رحم الأساتذة أنفسهم وليس من المكاتب التربوية الحزبية الموالية والمعارضة، نموذجاً يفتح آفاق العمل النقابي لكل الطاقات والكفاءات، وأنّ هذا النموذج لا يُهزم إنما يستحيل معياراً ومدماكاً يُبنى ويُراكم عليه.

أمّا الفائز عن لائحة “العمل النقابي الموحد” ممثلا حركة أمل، فؤاد إبراهيم فاعتبر أنّ فوز لائحة أحزاب السلطة يعود إلى أنّ اللائحة ضمّت أشخاصا كان لهم باع بالعمل النقابي وأحسنوا العمل، مشيراً في حديث مع “المفكرة” إلى أن الأساتذة باتوا يعرفون أن الرابطة ليست مجلس وزراء ولا مركزا مصرفيا، وأنها أداة نقابية تناضل وتقاتل لذلك أختاروا البرنامج الذي كان أكثر واقعية ولا يحتوي على أحلام طوباوية لا يمكن تحقيقها.

 وشدّد إبراهيم على أنّه وبعد فوز هذه اللائحة هناك مرحلة نقابية جديدة خلال  المرحلة الخطرة التي يمر فيها الأستاذ، لذلك لا بد من توحيد الجهود تحت عباءة رابطة التعليم الثانوي المنتخبة شرعاً من قبل المندوبين.

ومن المقرر أن يجتمع أعضاء الهيئة الإدارية المنتخبة بعد أسبوع على الأقل أو أسبوعين كحد أقصى كما ينص النظام الداخلي لأجل توزيع المهام وانتخاب رئيس الرابطة بالاقتراع السري.

وحتى اللحظة لم تتفق أحزاب السلطة على اسم رئيس الرابطة الذي ينصّ العرف على أن يكون سنّياً هذه الدورة، وفيما يدعم “حزب الله” الفائز حيدر إسماعيل تدعم باقي أحزاب السلطة المشاركة في لائحة “العمل النقابي الموحّد”  ممثلة تيار “المستقبل” في الهيئة الإدارية ملوك محرز، وهي المرشحة التي حصلت على أعلى عدد من الأصوات بين المرشحين ( 255 صوتاً).

انشر المقال

متوفر من خلال:

عمل ونقابات ، تحقيقات ، نقابات ، الحق في التعليم ، فئات مهمشة ، لبنان ، الحق في الصحة والتعليم ، حقوق العمال والنقابات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني