تم تعديل هذا المقال في 26 كانون الثاني 2022 لإضافة بيان حملة التوقيع والبرنامج الانتخابي للائحة “مستقلون”.
حلّت انتخابات الهيئة الإدارية لرابطة أساتذة التعليم الثانوي في دورتها المقرّرة يوم الأحد المقبل في 30 كانون الثاني 2022، في ظروف تعتبر الأسوأ ربما على مستوى الأستاذ الثانوي نفسه ومعه تلامذة المدرسة الرسمية، وتالياً التعليم الرسمي من أساسه. مرحلة فقد فيها الأستاذ قيمة راتبه المحدّد بثلاثة ملايين ليرة أي ما يساوي 130 دولاراً اليوم في النصف الثاني من كانون الثاني 2022، وحُرم من التغطية الصحية والاجتماعية لأنّ هذه التقديمات التي هي حقوق مكتسبة له، فقدت قيمتها أيضاً، ومعها العيش الكريم، بعيداً عن زبائنية المساعدات وبطاقاتها التمويلية وغيرها. وهو واقع ينعكس مباشرة على حق نحو 32% من تلامذة لبنان الذين يرتادون المدارس الرسمية، ومعهم التعليم الرسمي، ملجأ الفقراء في هذه البلاد.
وبينما يحتاج الأستاذ والعام الدراسي في التعليم الرسمي غير المنتظم حتى اليوم، سواء بسبب إضراب معلن بشكل رسمي أو بسبب عدم قدرة الأساتذة على الوصول إلى مدارسهم، إلى توحيد الصوت والعمل على انتخاب رابطة مستقلّة بقرارها تعيد دور الأساتذة النقابي الذي لطالما كان رائداً في الدفاع عن حقوق الأستاذ والتعليم الرسمي، وشكّل رافعة حراك سلسلة الرتب والرواتب، لم تنجح قوى المعارضة للسلطة، من مستقلّين ومنتمين لأحزاب معارضة، في الاتفاق على لائحة واحدة يواجهون فيها أحزاب السلطة التي تتّجه من جانبها، ورغم خلافاتها إلى توحيد الصف وإعلان لائحة موحّدة.
وحُدّدت الانتخابات الأحد المقبل (30 كانون الثاني) بعدما أُجّلت مرتين لأسباب حدّدتها الرابطة في بيان بسوء الأحوال الجوية والحرص “على سلامة الأساتذة، لاسيما القادمين من مناطق بعيدة”، بينما يعتبر عدد من الأساتذة المستقلّين أنّ سبب التأجيل الحقيقي هو إمهال مرشحي السلطة لتشكيل لائحة توافقية يخوضون بها الانتخابات.
ويخوض الانتخابات مئة مرشح ومرشحة (101) يتنافسون على 18 مقعداً (أعضاء الهيئة الإدارية التي تنتخب فيما بعد رئيس الرابطة). ولم يتم الإعلان حتى الساعة إلّا عن لائحتين، لائحة “مستقلون” التي تقدّم نفسها خارج الأحزاب من موالاة ومعارضة، ولائحة “قوى التغيير النقابي” التي تضمّ مستقلّين ومجموعات وأحزاباً معارضة للسلطة.
وأطلقت مجموعة من الأساتذة المستقلّين والمعارضين حملة تواقيع تناشد المرشحين بتوحيد لائحتي المعارضة ضمن لائحة واحدة، مشيرة في بيان إلى أنّ الأساتذة وفي ظلّ الواقع الذي يعيشونه كانوا يأملون في “استعادة الرابطة، ليتفاجأوا بعدها أن القوى المعارضة التي استبشروا بها خيرا، غير قادرة على أن تجتمع وتتوحّد في لائحة واحدة، وها هي تتوجه نحو التشرذم والتفرقة وتأخذ معها حقوق الأساتذة نحو الضياع والاندثار”.
واستغرب الأساتذة في بيان حملة التواقيع كيف لم تستطع قوى المعارضة والمستقلون أن يجدوا في قهر الأستاذ وأوجاعه ما يوحدهم، مطالبين “بالتعالي عن الخلافات الشخصية والحسابات مهما كانت دوافعها، وبإيجاد صيغة توافقية يتم اختيار على أساسها المرشحين النقابيين الأكفاء لتكوين لائحة تتجاوز أسباب التفرقة، لكي لا تضيع فرصة استرداد الرابطة التي بها يتحسن الموقع الوظيفي”.
من جهتها، لم تتمكن أحزاب السلطة حتى اللحظة من تشكيل لائحة توافقية وذلك بسبب عدم الاتفاق على رئيس الرابطة الذي، وحسب العرف، يجب أن يكون سنّياً هذه الدورة. وفي ظلّ إعلان القوات اللبنانية مقاطعة الترشح، كان الاتجاه إلى تشكيل لائحتين واحدة تضم مرشحي حركة أمل والإشتراكي والمستقبل وأخرى تضم مرشحي “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”، وتشير مصادر إلى أنّ التوجّه ينحو إلى إعلان لائحة واحدة، وذلك منعاً لتشتّت الأصوات من جهة، و للإفادة من عدم توصل المستقلين ومرشحي الأحزاب المعارضة إلى تشكيل لائحة موحدة.
لائحتان للمستقلّين والمعارضة: تشتيت للأصوات
إذاً يخوض المستقلّون والأحزاب المعارضة الانتخابات بلائحتين: لائحة “قوى التغيير النقابية” التي تضم 18 مرشحاً ومرشحة يمثلون أحزاباً وتجمّعات معارضة للسلطة، و”مستقلّون” التي تضمّ 14 مرشحاً ومرشحة يقدمون أنفسهم على أنّهم “لا موالاة ولا معارضة”.
وتوضح أستاذة التعليم الثانوي سهام أنطون، المرشحة على لائحة “قوى التغيير النقابية”، في حديث لـ “المفكرة القانونيّة” إنّ لائحة “قوى التغيير النقابي” تضمّ “التيار النقابي المستقل” و “لجان الأقضية” (تنظيم مستقلّ معارض للرابطة الحالية وكان لهم دور فاعل مؤخراً في حراك الأساتذة) و”الأستاذ المستقلّ في الشوف” (مجموعة صغيرة في جبل لبنان خارج أحزاب السلطة) و”تربوي عكار” و”مهنيات ومهنيين” و”الحزب الشيوعي” و”الجماعة الإسلامية”. وتشير إلى أنّ هذه القوى والمجموعات توصّلت إلى اتفاق على لائحة مكتملة (18 مرشحاً) حاولت من خلالها أن تضمن التمثيل المناطقي المنصوص عليه في النظام الداخلي، وتمثيل كل المجموعات الصغيرة المعارضة للسلطة والطوائف والتوازن الجندري مع التشديد على أنّ التوازن الطائفي الذي حرصت عليه اللائحة لا يعني التحاصص بل تمثيل صوت جميع الأساتذة.
وعن سبب وجود لائحتين للمستقلّين والمعارضة، توضح أنّه جرى التفاوض على مدى أيام بين القوى والمجموعات المستقلّة لتوحيد المعارضة في لائحة واحدة، ولكن إلّا أنّ أحدّ التجمّعات وهو “لقاء النقابيين الثانويين” خرج من التفاوض في اللحظات الأخيرة رغم الاتفاق على العناوين العريضة، ليتمّ إعلان لائحة ثانية بعدها. وتتساءل عن سبب تشكيل لائحة ثانية ما دام كان هناك اتفاق على العناوين والبرنامج. وتقول: “إذا كنّا متفقين على البرنامج لماذا تمّ إعلان لائحة ثانية؟ هل هناك أهداف شخصية؟”.
وترى أنطون أنّ الأستاذ هو من أكثر الفئات التي تدفع ثمن سياسات الدولة والانهيار الاقتصادي وأنّ الأساتذة يريدون إكمال العام الدراسي، فهم والأهالي والتلامذة في خندق واحد لذلك يجب أن تكون الكلمة موحّدة ويجب التركيز على إحداث تغيير جذري في إدارة المواجهة من أجل الحقوق واحترام قرارات الجمعية العمومية.
وجاءت اللائحة الثانية تحت اسم “مستقلّون” وتضمّ 14 مرشحاً ومرشحة أي أنّها غير مكتملة، “أبقينا لائحتنا غير مكتملة لأنّنا لا نختزل الجميع، ولأنّنا نؤمن بالتعاون صفّاً واحداً مع أساتذة أكفّاء، اللائحة تضم شخصيات مشهوداً لها تربوياً ونقابيّاً” يقول الأستاذ الثانوي زياد علّوه، أحد المرشحين على اللائحة لـ “المفكرة”، مشدّداً على أنّ هذه اللائحة لا تضمّ أحزاباً وهي معنيّة بحقوق الأساتذة خارج أيّ اصطفاف سياسي، “لأنّ الاستثمار في العمل السياسي يضرّ بحقوق الأساتذة” حسب ما يرى.
ويوضح علّوه أنّ البناء في اللوائح على أساس أحزاب معارضة يضعف اللائحة لأنّه سيشكل نفوراً حزبياً هذا غير أنّ جميع الأحزاب حتى المعارضة منها اعتادت البناء على أساس “المحاصصة” ويقول: “هذا ما لا نريده، نحن نتوجّه للجميع انطلاقاً من مطالب وليس من موقف أو تموضع سياسي، لا نريد تحويل الصراع إلى أرقام أو أحجام عند الأحزاب بما فيها الأحزاب المعادية للسلطة، نحن نرفض خوض الانتخابات على أساس حزبي، نحن نريد تمثيل الأستاذ، وأن يكون الانتخاب على أساس البرنامج، مع مراعاة المناطقية انطلاقاً من واقع توزّع الأساتذة الجغرافي”.
ويشير علّوه إلى أنّ انتخابات هذه الدورة تأتي في ظلّ انهيار الوضع المعيشي للأساتذة وفي سياق تعمّد ضرب التعليم الثانوي الرسمي وإضعاف أصول العمل النقابي على المستويات كافة، الأمر الذي أدّى إلى تفريغ الموقع الوظيفي من مضمونه وخسارة الحصانة الوظيفية والتقديمات الصحية والاجتماعية وتردّي مستوى التعليم الرسمي بعدما أصبحت الرابطة في خدمة السياسة عوضاً عن أن تكون السياسة في خدمة التربية”. وانطلاقاً من هذا الواقع، وفق علّوه، “أتت لائحة “مستقلّون” خارج زواريب السياسة وألاعيبها ومحاصصاتها التي أفسدت كلّ شيء، لتكون لائحة عملها تربوي نقابي محض همّها الأوّل كرامة الأستاذ الثانوي والمصلحة التربوية والوطنية”.
ويعتبر علّوه أنّه يجب أن تبتعد رابطة الأساتذة عن نهج المحاصصة الذي يعتبر “انحداراً في المستوى واعتياداً على أنّ النظام عصيّ على التغيير، فالأساتذة موظفو فئة ثالثة وعملهم نقابي لذلك يجب رفض من يريد إسقاط التوزيع الطائفي عليهم ومعه التحاصص المعمول به في النظام”.
وتتبادل اللائحتان، وحسب ما كرّر عدد من الأساتذة، الاتهامات، ففي حين يؤخذ على اللائحة الأولى (لائحة “قوى التغيير النقابية”) تحالفها مع “الجماعة الإسلامية” يتحدث عدد من الأساتذة عن وجود مرشحين في اللائحة الثانية (“مستقلّون”) ينتمون إلى أحزاب معروفة منها “حركة أمل” و”الحزب السوري القومي الاجتماعي”.
وفي هذا الإطار يقول أحد الأساتذة لـ “المفكرة” الذي فضّل عدم ذكر اسمه، إنّ هذه الاتهامات لا تفيد ولا تخدم إلّا لائحة ومرشحي أحزاب السلطة إذ إنّ وجود 32 مرشحاً مستقلّاً على لائحتين سيشتت أصوات الأساتذة الذين لا يريدون انتخاب السلطة، معتبراً أنّه كان من الأفضل وجود لائحة واحدة.
ويشير الأستاذ عينه إلى أنّ اللائحتين تضمّان أسماء أشخاص كفوئين ومعروفين في العمل النقابي وأنّه كان على المتفاوضين أن يكونوا على مستوى المعركة التي يخوضها الأساتذة، فيوحّدون صفوفهم في وجه سلطة أوصلتهم إلى ما هم عليه حالياً.
وليس بعيداً يقول أستاذ آخر إنّ وجود لائحتين للمستقلّين يعني تراجع حظوظ وصول المستقلّين وبالتالي إعادة تجربة الرابطة الموجودة حالياً أو رابطة تشبهها أثبتت التجربة أنّها لا تقف إلى جانب الأساتذة، تماماً كما حصل عند إقرار سلسلة الرتب والرواتب يوم حصل موظفو الفئة الثالثة على زيادة 120% بينما حصل الأستاذ الثانوي على 80%، وكذلك عندما تخلّت الهيئة الإدارية عن الدرجات الست لأي أستاذ ثانوي يُعيّن حديثاً.
ويذكّر هذا الأستاذ، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، بعدم التزام الهيئة الإدارية الحالية بقرار الجمعيات العمومية مؤخرا والمتعلقة بالاستمرار بالإضراب حتى تحقيق المطالب، مضيفا أنّ المعركة الحالية تستوجب توحيد الصفوف ولكن للأسف لم يحصل هذا الأمر.
ويعتبر بعض الأساتذة أنّ أخطر ما يحصل عندما تكون الهيئة الإدارية ممثلة لأحزاب السلطة هو تغييب الموقف السياسي الوطني للأستاذ الذي لطالما كان جزءا من النضال الوطني في لبنان، ولكنّه كان مغيبا مثلاً في حراك “17 تشرين”، وعليه يقول البعض إنّ: “التلامذة بقيوا أشهراً في الشوارع يهتفون ضد السلطة ولم يخرج موقف ضد هذه السلطة من الرابطة “.
أحزاب السلطة لم تتوافق بعد
وإذا كانت القوى “المستقلة” انقسمت إلى لائحتين فإنّ أحزاب السلطة لا تزال حتى اللحظة عاجزة عن تشكيل لائحة موحّدة والخلاف الأساسي كما يردّد الأساتذة هو على هوية الاسم الذي سيُنتخب لرئاسة الرابطة الذي يقضي العرف بأن يكون سنّياً هذه الدورة. وفي حين يريده تحالف “أمل” و “الاشتراكي” و”المستقبل” من تيار المستقبل، يفضّل تحالف “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” أن يكون مقرّباً منه.
إلّا أنّ المرشح فؤاد إبراهيم ممثل “حركة أمل” يعتبر أنّ هذا الكلام غير دقيق وأنّ النقاشات جارية حول الاسم ليس من باب “على من محسوب” إنما مِن باب مَن الأجدر بتمثيل الأساتذة خلال السنوات الثلاث المقبلة، لأنّ رئيس الرابطة عليه مسؤولية كبيرة ولاسيّما في المعركة التي يخوضها الأساتذة حاليا لذلك يجب اختيار الأكثر كفاءة وقدرة على مواجهة من يفكّر في قضم حقوق الأساتذة أو الإعتداء عليها.
ويشير إبراهيم في حديث مع “المفكرة” إلى أنّ التوجه حالياً هو نحو تشكيل لائحة واحدة لأحزاب السلطة منعاً لتشتت الأصوات والموقف النقابي، مع التشديد على أنّه لا يمكن أن تُعتبر هذه اللائحة “لائحة أحزاب سلطة” فعمل الأساتذة هو نقابي واللائحة التي ستشكل تضم نقابيين تواكبهم المكاتب التربوية تحت عنوان عريض نابع من أوضاع الأساتذة والهم المعيشي. ويرى أنّ الأساتذة، ومهما كان انتماؤهم السياسي يجب أن يتوحدوا تحت بند واحد وهو رد الاعتبار لرواتب الأساتذة وتحديدا للقيمة الشرائية للراتب في ظل تدهور كل المقومات والمكونات الاقتصادية والمالية وآخرها الموازنة المطروحة، بالإضافة إلى عناوين تربوية أخرى تصبح تفصيلاً أمام عجز الأستاذ عن الوصول إلى عمله.
ويرى إبراهيم أنه كلما كثرت اللوائح تشتّت الموقف النقابي وضاع الهدف لذلك كانت الدعوة لوحدة الصوت والعمل خاصة في ظلّ الأوضاع الراهنة التي جعلت الأستاذ الحلقة الأضعف فبات راتبه من دون قيمة.
تركيز على تصحيح الرواتب
يركّز برنامجا لائحتي “قوى التغيير النقابية” و”مستقلّون” على نقاط متشابهة وخصوصاً على موضوع تصحيح رواتب الأساتذة كمطلب أساسي فضلاً عن مطالب أخرى تتعلّق بالعمل النقابي واستقلاليته والحفاظ على التعليم الرسمي.
وفي هذا الإطار تقول أنطون إنّ برنامج لائحة “قوى التغيير النقابية” يركّز على ثلاثة مستويات، مستوى اقتصادي اجتماعي يتمحور حول تثبيت القدرة الشرائية لرواتب الأساتذة بحصولهم على زيادات تساوي نسب التضخم، فضلاً عن استعادة الموقع الوظيفي وردم الهوة مع الجامعي عند وضوح نسب الزيادات لكل القطاعات، بالإضافة إلى تعديل الدوام بما يتلاءم مع الأزمة الاقتصادية الراهنة وإجراء مناقلات فورية تسمح بتوزيع الاساتذة بشكل يكونون في أقرب ثانوية من مكان سكنهم، وتأمين الخدمات الضرورية للأساتذة من كهرباء وأجهزة إلكترونية وإنترنت وتدفئة ولوازم حماية صحية، ورفع نسب تغطية العلاج والطبابة والاستشفاء في تعاونية موظفي الدولة لتعادل سعر السوق، وتأمين تغطية كلفة الاستشفاء للأساتذة الذين يصابون بفيروس كورونا.
وتطالب اللائحة بمساواة الأساتذة المتعاقدين بزملائهم في كل التقديمات الصحية والاجتماعية والزيادات والإسراع بتثبيتهم وفقا للقوانين المرعية الإجراء، بالإضافة إلى حماية ودائع الثانويات في المصارف.
أما المستوى الثاني من المطالب التي تركز عليها لائحة “قوى التغيير النقابية” فهو تربوي إذ تطالب بوضع معايير وضوابط تكفل تحسين مستوى إنتاج المناهج الجديدة لتتناسب مع العصر الرقمي ومع حاجات سوق العمل، فضلاً عن إشراك الأساتذة وروابطهم في عملية تطوير المناهج.
وفي ما خصّ المستوى الثالث وهو نقابي، فتشير أنطون إلى أنّ اللائحة تضع ضمن برنامجها تحويل رابطة التعليم الثانوي إلى نقابة لتكون أكثر فعالية في الدفاع عن الأساتذة وتمثيل مصالحهم وذلك انسجاما مع الحقوق التي تكفلها الشرعات العالمية، بالإضافة إلى تعديل النظام الداخلي للرابطة/ النقابة خصوصا نظام الاقتراع ليصبح نسبياً.
وليس بعيداً تضع لائحة “مستقلون” ضمن برنامجها الانتخابي رواتب الأساتذة كمطلب أساسي ويقول علوه: نرفض تحويل الأستاذ وهو موظف دولة إلى شخص يعتاش على المساعدات، الأستاذ يقوم بخدمة عامة ويأخذ مقابلها راتبا يضمن له العيش الكريم، وليس المساعدات”.
لذلك يطالب برنامج “مستقلون” باستعادة القيمة الفعلية للراتب وبربطها بمعدل التضخم ومؤشر الغلاء واستعادة قيمة المنح الاجتماعية والمدرسية على اختلافها وتحديثها بما يتناسب مع الواقع المعيشي، وتعديل بدل النقل واستعادة الموقع الوظيفي للأستاذ الثانوي بالمقارنة مع المواقع الوظيفية ذات الصلة تاريخيا كموقع الأستاذ الجامعي وموظف الفئة الثالثة في الإدارة العامة، فضلاً عن استعادة التقديمات الصحية المغطاة من تعاونية الموظفين وذلك برفع نسبة تغطية العلاج والطبابة والاستشفاء خاصة في ما خصّ مخاطر فيروس كورونا.
وعلى صعيد حقوق الأساتذة أيضاً، يتطرّق برنامج لائحة “مستقلون” إلى موضوع توحيد التشريع بين المراسيم المختلفة التي تم على أساسها إدخال أساتذة الثانوي إلى الملاك، والعمل على صدور قرارات النقل مع بداية كل عام دراسي، وإجراء نقل الأساتذة بسرعة بحيث يداومون في الثانوية الأقرب إلى مكان سكنهم، فضلاً عن تسوية وضع المتعاقدين، وتثبيتهم وفقاً للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء لمنع سياسة التعاقد الوظيفي المدمرة التي تضرب دولة الرعاية االجتماعية، ومساواتهم بزملائهم عبر حصولهم على بدل النقل المناسب، وعلى التقديمات الصحية والاجتماعية كافة، ومساواة المتقاعدين بمن هم في الخدمة الفعلية في الزيادات والتقديمات وتحسين أوضاعهم المعيشية.
كما يذكر برنامج “مستقلون” نقاطاً أخرى منها استعادة العمل بأصول العمل النقابي وفقاً للنظام الداخلي للرابطة والعمل على تطوير الرابطة، بالبدء بورشة تعديل نظامها الداخلي، والعمل على استحداث صندوق تعاضد يغطي فارق ما يدفعه الأساتذة ومن هم على عهدتهم، وتفعيل نظام الاقتراع ليكون نسبيًا في مراحل الانتخابات كافة، والعمل على انتخاب الهيئة الإدارية من الأساتذة مباشرة، بالإضافة إلى تطوير دور مجلس المندوبين والفروع والجمعيات العمومية.
ويشدّد البرنامج على ضرورة استكمال العام الدراسي والتعويض على التلامذة، وذلك بعد تحصيل الحقوق، وإنقاذ التعليم الثانوي الرسمي من الانهيار وذلك بالضغط لتأمين الدعم المادي والخدمات الضرورية كافة للعودة الآمنة ( كهربا، وأجهزة الكترونية، وإنترنت، ولوازم الحماية الصحية)، بالإضافة إلى حماية ودائع الثانويات في المصارف.
ويُطالب “مستقلون” بإشراك الأساتذة ورابطتهم في عملية تطوير المناهج التي يجب أن تشق طريقها ووضع معايير واضحة لتتعيين لجان الإمتحانات، وبمواجهة الإستثمار السياسي في المواقع الإدارية في وزارة التربية والثانويات الرسمية وحماية الحصانة الوظيفية للأساتذة من اعتداءات وفبركات هذا الاستثمار غير المشروع ، وكذلك العمل على إلغاء موافقة الرئيس المباشر للتصاريح الإعلامية، كونها تقيّد الأستاذ المؤتمن على تربية الأجيال.
فضلاً عن مواجهة سياسات البنك الدولي التي تؤدي إلى التعاقد الوظيفي في مرحلة أولى وإلى خصخصة التعليم الرسمي في مرحلة ثانية، أي تدمير التعليم الرسمي كإطار يسمح بارتقاء أولاد البيئات الفقيرة والمتوسطة على السلَّم العلمي والإجتماعي والإقتصادي.