عمال وعاملات بنغلادش يريدون العودة إلى بلادهم: الرواتب بالليرة وتدني فرص العمل واستغلال مستمر


2020-02-05    |   

عمال وعاملات بنغلادش يريدون العودة إلى بلادهم: الرواتب بالليرة وتدني فرص العمل واستغلال مستمر

عكس مشهد نحو الفي عامل وعاملة من الجنسية البنغالية، بينهم أطفال ورضع، تجمعوا أمام مبنى سفارة بلادهم في بئر حسن في بيروت، نهار الثلاثاء 4 شباط 2020، بعض ما يعانيه هؤلاء في لبنان عامة، وفي ظل الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد حالياً خاصة. فبينما علت أصوات بعضهم بالبكاء وطلب النجدة في محاولة منهم لتسجيل أسمائهم للمغادرة إلى بلادهم، استنجدت سفارة بنغلادش بالقوى الأمنية لإبعادهم عن المنطقة بحجة "تشكي صاحب االمبنى حيث توجد السفارة، من إزعاجهم للسكان، ومن عدم قدرة فريق عمل ممثلية بلادهم على استيعابهم دفعة واحدة بهذه الأعداد" وفق ما أكد السكريتير الأول للسفير البنغالي في لبنان عبدالله مأمون.

يختصر العامل البنغالي مبارك بعض ما يحصل مع أقرانه. يحمل ورقة تحويل الأموال في يده ليثبت أنه يتلقى المال من ذويه في بنغلادش لتأمين لقمة عيشه وأجرة مكان ينام فيه.  مبارك عاطل عن العمل منذ ستة أشهر بعدما استغنت عنه مؤخراً أحدى شركات التنظيفات بذريعة تراجع عقود التنظيف.

إحدى العاملات، وهي سيدة في أواخر العقد الثاني من عمرها، نتحفظ عن ذكر اسمها حماية لها، تعمل في الخدمة المنزلية في لبنان منذ حوالي ثماني سنوات بحسب ما قالت ل"المفكرة". جاءت إلى السفارة لتساعد شقيقها الصغير الذي استقدمته شركة تنظيفات بعدما قبضت منه عبر وسيط مبلغ خمسة آلاف دولار. وبوصوله إلى بيروت تفاجأ بعدم وجود فرصة عمل في الأساس. تحاول العاملة تسجيل اسم شقيقها لإعادته إلى بنغلادش كونها تجهل، كما كثر من أبناء الجالية، كيفية استخدام الموقع الإلكتروني لتقديم طلبات الرغبة بالمغادرة. وهناك عقبة أخرى تتجلى بطلب السفارة دفع 400 ألف ليرة لبنانية من أجل تسجيل الإسم فقط. من جهته برر ممثل السفارة المبلغ للمفكرة بأنه مخصص لتغطية غرامة المخالفة لمن ليس لديهم أوراق إقامة من الأمن العام، "فنطلب 400 ألف عن العامل و300 ألف عن العاملة في حال مخالفة الأقامة لتسوية أوضاعهم، إضافة إلى 200 دولار ثمن تذكرة السفر".

وبينما تمكن بعض العمال والعاملات من دخول مبنى السفارة لتسجيل أسمائهم، لم يخلو أداء بعض العناصر الأمنية من عنصرية واضحة حيث قال أحدهم لمندوبة المفكرة "البسي كمامة وما توقفي بيناتهم هلأ بيصير معك كورونا". وعليه، حوصر العمال والعاملات بين سدان نرفزة موظفي سفارتهم، ومطرقة إصرار الأمن اللبناني على طردهم وفك تجمعهم إثر استنجاد السفارة البنغالية بهم.  

"ما في مصاري، نحن كلو بدو يرجع بنغلادش"، هذا ما قاله عدد من العمال والعاملات البنغال للمفكرة،  معبرين عن تأثرهم بالحالة الإقتصادية والإجتماعية التي تفاقمت إثر الأزمة المالية التي تعصف بالبلد المضيف لبنان. وبحسب علي، أحد العمال، تجمع هؤلاء منذ الساعة الخامسة فجرا، من أجل تسجيل أسمائهم لدى سفارة بلادهم بغية ترحيلهم من لبنان.

وقال السكرتيرالأول للسفير البنغالي في لبنان عبدالله مأمون ل"المفكرة" أنها "ليست المرة الأولى التي يتجمع فيها العمال والعاملات بهذا العدد، فهم يحضرون يومياً منذ أسبوع بعدما أطلقت السفارة موقعا إلكترونيا يسمح لأبناء جاليتها تسجيل إسماء الراغبين بالعودة إلى بلادهم. ويهدف الموقع، وفق مأمون، إلى تنظيم عملية الترحيل لأن أعداد الجالية كبيرة جدا، لدرجة أنه لا قدرة لدى السفارة على استيعاب هذا الضغط ، خصوصا أن معظمهم فضل القدوم شخصيا، بينما "المكتب صغير جداً ولا يمكن إستقبالهم دفعة واحدة". وأشار إلى أن مالك المبنى وجه ملاحظات خطية مفادها "أن قاطني المبنى أصبحوا منزعجين من كل هذه الفوضى".

ويرد مأمون سبب رغبة العمال والعاملات العودة إلى بنغلادش إلى الأزمة المالية التي يعيشها لبنان، ومن الطبيعي أن ينعكس الأمر عليهم كما المواطنين اللبنانيين، لأنه، "وبحسب عقد العمل يجب أن يتلقى هؤلاء أجورهم بالدولار الأميركي، وعليه نحن نشهد خرقاً لهذا البند من جهة، بسبب شح الدولار، كما يدعي أرباب العمل، فيدفعون مستحقات العمال والعاملات  بالليرة اللبنانية، مما أفقد الرواتب قيمتها المتفق عليها".  

على الضفة الثانية هناك نحو 30 ألف عامل وعاملة من دون أوراق رسمية قانونية من إقامة وإجازة عمل وتأمين صحي، وفق مأمون، مما "يعرضهم للتوقيف من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية، أو سيعملون بظروف غير لائقة لأنهم بطبيعة الحال سيتعرضون للإبتزاز لأنهم الحلقة الأضعف. كما تدنت حظوظ الحصول على وظيفة بشكل عام، ولذا لماذا يبقى هؤلاء في لبنان، إذا لم يحصلوا على عمل لائق ويقبضون رواتبهم بقيمتها الفعلية؟".

ويقدر مأمون أعداد طالبي العودة بين 7000 و8000 عامل وعاملة، معتبراً الرقم كبير "لا يستهان به ولا يمكن للسفارة حل الأزمة من دون مساعدة الدولة اللبنانية وخاصة الأمن العام اللبناني، الذي يشكل الحلقة الأساس من حيث تقديم التسهيلات والسماح بالمغادرة".

وتتلقى السفارة البنغلادشية يوميا ما بين 15 إلى 20 شكوى موضوعها عدم دفع الأجور، فترسل كتاباً إلى الجهات المعنية "من دون الوصول إلى نتيجة، لأن الأمر يحتاج إلى فتح تحقيقات وغيره"، كما ذكر مأمون.

وحاولت المفكرة الإتصال بالأمن العام للوقوف على رأيه، إلا أننا لم نصل إلى نتيجة حيث كان يتم تحويل الإتصال من شخص إلى أخر دون جدوى.

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، حقوق العمال والنقابات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني