عدّاد الموت لتفجير 4 آب لا يزال يعمل: ريتا وجولييت ضحيّتان جديدتان


2022-03-29    |   

عدّاد الموت لتفجير 4 آب لا يزال يعمل: ريتا وجولييت ضحيّتان جديدتان
منزل مدمّر في الكارنتينا

يكاد كلّ شيء في البلد يتوقف إلّا عداد الموت لتفجير الرابع من آب. فمع مواصلة السلطة عرقلة التحقيق في جريمة الرابع من آب بكلّ الطرق، ومع محاولة الحكومة اللبنانية طمس معالم الجريمة عبر سعيها لهدم الإهراءات، يأتي شبح الموت مجدداً ليحصد مزيداً من أرواح الجرحى ليرتفع عدد الضحايا إلى 225. إذ بعد أكثر من عام ونصف على التفجير، وبعد مقاومة طويلة، أسلمت بفارق يوم واحد كلّ من جولييت عودة وريتا حرديني الروح متأثّرتين بإصابتيهما نتيجة التفجير، حيث أصيبت الأولى بجروح بينما الثانية لم يحتمل قلبها الضعيف أصلاً  والدها فأصيبت بجلطات وبمضاعفات في القلب. هذا ولا تزال الحكومة غافلةً عن حقوق جرحى التفجير عامةً، والذين أصيبوا بإعاقاتٍ جسديةٍ خاصةً، فلا قانون عادلاً يؤمّن لهم الرعاية الصحية، ولا مواكبة نفسية تراعيهم وأفراد أسرتهم الذين يعانون الصدمة تلو الأخرى. 

ريتا قتلتها الصدمة وخوفها على والدها

قبل التفجير كان لريتا (31 عاماً) حياة خاصة بها، جميلة، هادئة، حاول ذووها جاهدين تأمين كافة احتياجاتها وفق قدراتهم وما هو متوفّر للأشخاص المعوّقين جسدياً، تلقّت تعلميها في إحدى المدارس بمرافقة “معلّمة ظل”.

في الرابع من آب، أصابت الشظايا والدها أنطوان حرديني، فلم تحتمل ريتا رؤيته مغطى بالدماء، فأصيبت على الفور بجلطاتٍ عدةٍ وتورمٍ في القلب نقلت على إثرها إلى المستشفى. مع مرور الوقت استعاد الوالد عافيته فيما بقيت ريتا تعيش بمساعدة ماكينات التنفّس الاصطناعي لتحيا. “الله لا يدوّق حدا الوجع لي اتحملته ريتا طيلة سنة ونصف”، يقول الوالد. وكغيره من الأهالي لا يملك سوى الترحّم والتصبّر، ويروي لـ “المفكرة” إنّ ريتا قبل وفاتها الأحد الماضي بأسبوع سألته ” بابا ليه أنا صار فيني هيك وأيمتى رح إرجع لحياتي الطبيعية”،عجز أنطوان عن الإجابة وتكفّل الموت بذلك. 

ولدا جولييت تحت تأثير الصدمة منذ التفجير وموت والدتهما ضاعفها

ربما تعبت جولييت عودة من الانتظار فهي، لأكثر من سنة ونصف، تنتظر استعادة وعيها الكامل وحركتها، تنتظر رؤية أهلها وأبنائها، لكن كلّ هذا لم يأت. ولم يتمكن ولداها من رؤيتها إلّا بضع مرات، وماتت بعيدة عن ناظريهما، هما اللذان عاشا أيضاً من دون أب بعد وفاة والدهما العسكري قبل سنوات. 

يروي ابن شقيقة جولييت أنّه في الرابع من آب كانت جولييت وحيدةً في المنزل تنتظر عودة أبنائها من المدرسة. أصيبت في التفجير وسقطت على الدرج فاقدةً الوعي، وبقيت فاقدة الوعي لفترة قبل نقلها إلى المستشفى، فترة كانت كافية لإلحاق الضرر في النخاع الشوكي. بعد أسابيع استفاقت جولييت لكن بقيت حركتها مقتصرة على ردّتي فعل: الابتسام والبكاء. في المستشفى بقيت عائلتها بقربها طوال الوقت، لكن الوضع اختلف مع انتقالها إلى دار السلام في شرحبيل المخصّص لأهالي العسكريين، فلم يتمكّن ابنها البالغ 19 عاماً ولا ابنتها (15 عاماً) من زيارتها سوى مرّات قليلة خلال فترة سنة ونصف نظراً لبعد المسافة وللإجراءات المتعلّقة بأزمة كورونا التي فرضتها المستشفى. 

هذا البعد وإصابة والدتهما البليغة خلّفا أثراً كبيراً على ولدي جوليت اللذين يعانيان من الإرهاق النفسي، ورغم ذلك كانا يأملان عودتها مجدداً إلى المنزل، قبل أن يأتيهما خبر وفاتها ليزيد من صدمتهما.

رحلت جولييت السبت الماضي تاركةً ولدين يتيمَي الأب والأم، لم تؤمّن لهما دولتهما شيئاً سوى معاشاً تقاعدياً لا يكفي لإيجار غرفة، وقد بات لزاماً عليهما النهوض رغم المأساة لنفض غبار التفجير وتحمّل تبعات فسادٍ بدأ قبل ولادتهما ربما بعقود متسبباً بانفجار هزّ مدينتهما وهدم بيتهما وقتل والدتهما. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

سياسات عامة ، تحقيقات ، الحق في الحياة ، الحق في الصحة ، لبنان ، الحق في الصحة والتعليم ، مجزرة المرفأ



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني