رفع الإقامة الجبرية عن ضحاياها في تونس: نصرٌ للخطاب الحقوقي


2021-10-10    |   

رفع الإقامة الجبرية عن ضحاياها في تونس: نصرٌ للخطاب الحقوقي
الصورة نقلاً عن موقع chabiba.tn

في صباح يوم 10-10-2021، أعلمتْ الجهات الأمنيّة من أُخضعوا بعد 25 جويلية 2021 لقرارات الوضع تحت الإقامة الجبرية برفعها عنهم. ويبدو هذا الحدث هامّا طالما أنّه يعكس تراجع رئيس الجمهورية قيس سعيّد عن اعتبار هذه القرارات مؤسّسة على معطيّات موضوعيّة ومبرّرة قانونا. وهو يظهر كثمرة لنضال حقوقي تؤكد مناعة المجتمع الديمقراطي وقدرته على مقاومة النوازع الاستبدادية.

 

تراجع جديد من رئيس يدعّي أنه لا يكترث بما يقول معارضوه

بعد 25 جويلية، فرض سعيّد قيود سفر على كل الشخصيات العامة وكبار الموظفين والقضاة ومنع عددا منهم من مغادرة البلاد. وبناء على تعليمات منه، أصدر من كلّفه بإدارة وزارة الداخلية قراراً بوضع 50 شخصيّة عامّة تحت الإقامة الجبرية. وقد برّر قراره بالحالة الاستثنائية التي تجيز تقييد الحريات وبأن الغاية منه هي إنجاح ما وعد به من حرب على الفاسدين.

ذاك الحديث ورغم نبرة التهديد التي حرص الرئيس في كل مرة أن يشحنه به واجه معارضة من المجتمع الحقوقي التونسي الذي تمسك بقيم المجتمع الديمقراطي ونبّه لغياب أيّ سند قانوني لتحاجير السفر التي وُصفت بالاعتباطية وبعدم دستورية الأمر عدد 50 لسنة 1978 المنظم لحالة الطوارئ والذي استند له لفرض قيدا على حق من منعوا من التنقل. وقد فرضت قوة الخطاب على من ظنّ أنه بات حاكما مطلقا لتونس أن يتراجع المرة تلو الأخرى.

في تاريخ 17-09-2021، حصل التراجع الأوّل الذي تمثّل في طلب الرئيس من وزيره للداخلية عدم منع أيّ شخص من السفر خارج البلاد ما لم يكن موضوع “بطاقة جلب أو إيداع بالسجن أو تفتيش” وبما كان يعني تراجعه عن اغتصاب صلاحية تحاجير السفر وعن اعترافه بأنّ القضاء وحده من يختص بذلك. في ذاك الحين، كان يُعتقد أن مقرّرات الإقامة الجبرية ستكون بعيدة عن نطاق ما حصل من تنازلات من قبل سعيّد وبخاصة بعدما حصّنها الرئيس الأول للمحكمة الإدارية محمد مهدي قريصيعة برفضه إيقاف تنفيذها. لكن خلافا لهذه التوقعات، كان التنازل ضرورة فرضه صوت الرفض العالي الذي ارتفع أكثر وبلغ صداه الخارج بخاصة بعد صدور قرارات هذا الأخير.

الوضع تحت الإقامة الجبرية من عنوان قوّة إلى مصدر حرج

في تاريخ 01-10-2021، أُعلن عن قرارات رفض كلّ المطالب التي قُدّمت لإيقاف تنفيذ مقررات الوضع تحت الإقامة الجبرية. وقد برّر هذا الأخير قراراته بأنه لم يرَ في تدابير الإقامة الجبريّة مسّا كاملاً بحقّ التنقّل. وفي حين اعتقدتْ السلطة حينها أن الأمر حُسم لفائدتها، فإن ارتفاع الأصوات القضائية والحقوقية التي أدانتْ ما عدّته تراجعا عن ثوابت قضاء الشرعية وتفريطا في دور القضاء حماية الحقوق والحريات أعطى زخما جديدا للمطالبات برفع مقرّرات الإقامة. وما زاد من حدّة هذه الأصوات هي المؤشرات على تعرّض القضاء الإداري لضغوطات وُصفت بالسياسية وعُدّتْ مؤشّرا على مخاطر باتت تستهدف استقلالية القضاء. وبذلك، أسفرت تكون هذه الضغوطات قد انقلبتْ في حال صحتها إلى ضغوطات ضدّ الجهة التي انوجدت لتحقيق أهدافها.

تبعا لذلك، يكون رفع الإقامة الجبرية منجزا مهما للحراك الحقوقي الذي كان القضاة الإداريون وفي طليعتهم رئيسة اتحادهم رفقة المباركي من أعمدته. كما أنه يمثل في هذا الحين درسا قاسيا لجانب من القضاء حاول التغطية على تجاوزات السلطة فلم يفلح في ذلك.

انشر المقال

متوفر من خلال:

حريات ، أجهزة أمنية ، محاكم إدارية ، قرارات إدارية ، حرية التنقل ، مقالات ، تونس ، حراكات اجتماعية ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني