رئيس المحكمة العسكريّة يترافع عن العميد نادر بوجه ادعاء النيابة العامّة


2023-05-27    |   

رئيس المحكمة العسكريّة يترافع عن العميد نادر بوجه ادعاء النيابة العامّة

جلسة غير عاديّة عقدتها المحكمة العسكريّة الدائمة في بيروت أمس الجمعة 27 أيار في الدعوى المقامة ضدّ العميد المتقاعد في الجيش اللبناني جورج نادر والمعاون المتقاعد يوسف الفليطي بجرم “ارتداء سراويل مرقطة وقبعات عسكرية وتيشيرتات عليها شعار الجيش اللبناني” سندًا للمادة 144 من قانون القضاء العسكري. وكانت النيابة العامّة العسكرية قد ادّعت على نادر والفليطي وغيرهم من العسكريين المتقاعدين على خلفية دخولهم إلى مبنى وزارة الخارجية والمغتربين يوم تظاهرات 8 آب 2020 بعد أيّام قليلة من وقوع تفجير مرفأ بيروت. وقد اتخذ رئيس المحكمة العميد خليل جابر مسارًا استثنائيًا خلال جلسة المحاكمة، تمثل في الدفاع عن المدعى عليهما وعدم إجراء أي استجواب فعلي وكأنّها محاكمة شكلية، وصولًا إلى إصدار الحكم بإبطال التعقّبات بحقهما. 

محاكمة شكلية

قبل أي ملف آخر، وضعت المحكمة العسكريّة جلسة نادر والفليطي على سلّم الأولويات. فالجرم الذي ادّعى بموجبه مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة دفع رئيس المحكمة العقيد خليل جابر إلى إجراء محاكمة شكلية مظهرًا بشكل علني رفضه لهذا الادعاء. فقد قرأ على القوس كلمة مكتوبة بدت أشبه بمرافعة دافع فيها عن نادر والفليطي قائلًا: “إذا حاكمناكم اليوم سنكون وكأننا نُحاكم أنفسنا”. وأضاف متوجهًا إلى نادر “نحن نقدّر تعبك وجهودك، وإذا كانت النيابة العامّة أحالتك أمامنا فأنت في قلوبنا”. وحازت الكلمة التي قرأها العميد جابر على إعجاب الحضور في قاعة المحكمة الّذين صفقوا له بشدّة قبل أن يُنهي الجلسة ويسمح لنادر والفليطي بالخروج. 

وقد مثل نادر والفليطي أمام المحكمة برفقة وكيلهما المحامي والعميد المتقاعد حبيب كيروز، في حين لم يحضر 4 مدعى عليهم آخرين من متقاعدي الجيش. فقرر العميد جابر فصل ملف نادر والفليطي عن ملفات الآخرين بعد أن تبيّن أنّه تعذّر إبلاغهم وأرجأ جلستهم إلى كانون الأول 2023. 

وخلافًا للعادة، لم يقدم العميد جابر على استجواب المدعى عليهما، واكتفى بتوجيه سؤال وحيد لنادر مستفسرًا “هل صحيح أنّك ارتديت البزّة العسكريّة؟” فأجاب نادر بالنفي. وأعرب العميد الرئيس عن تقديره للعميد المدعى عليه الذي حرص على مناداته بـ “سيّدنا”. وبدوره ردّ نادر على جابر قائلًا: “أشكرك بصفتك رفيق السلاح وكرئيس للمحكمة العسكريّة” وتابع: “أنا لبست البزّة العسكريّة 35 عامًا وهي لبستنا”. ووجّه نادر نقدًا لمفوض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة القاضي فادي عقيقي الذي ادّعى في هذه القضيّة من دون أن يُسمّيه سائلًا: كيف لم يرَ من ادّعى “الاستعراضات العسكريّة التي حصلت على بعد أمتار”. فأجابه جابر: “نحن لا نريد تصنيف أحد هنا”. 

وكان من اللافت عدم تدخّل ممثلة النيابة العامّة العسكرية القاضية مايا كنعان في أي مرحلة من مجريات الجلسة. وظهر توجّه المحكمة لإبطال التعقبات عن نادر والفليطي واضحًا، بخاصّة بعدما سمح لهما بالخروج مباشرةً بعد الجلسة بشكل استثنائي إذ تجري العادة أن يُحتجز المدعى عليهم في المحكمة العسكريّة إلى حين صدور الأحكام بعد نهاية الجلسات. 

وتجدر الإشارة إلى تعامل المحكمة العسكرية بشكل استثنائي مع نادر والفيلطي دون غيرهما من المتظاهرين الّذين ادعت عليهم النيابة العامة العسكرية في جرائم “معاملة قوى الأمن بالشدّة” على خلفية مشاركتهم في التظاهرات، غالباً من دون تقديم أي دليل على حصول أي جرم.، وإذ حوكم عشرات المتظاهرين وخضعوا للاستجوابات أمام المحكمة العسكرية منذ 17 تشرين اليوم لغاية اليوم، ذهبت مُعظم الأحكام إلى إعلان براءتهم من التهم الموجهة ضدّهم، وأحيانًا بطلب من ممثل النيابة العامة نفسه، على خلاف ما كان يطلبه المحامون الموكلون بالدفاع عنهم بكف التعقبات لعدم وجود أي جرم بدلًا من إعلان البراءة، وذلك بهدف التصدّي لادعاءات النيابة العامة العسكرية التعسّفية التي تؤدّي إلى هدر المال العام وموارد القضاء العسكري. 

“ادعاء سياسي لإسكات حراكنا”

خرج نادر بعد وقت قصير من انتهاء الجلسة من المحكمة العسكريّة، وسرعان ما لاقاه حشد من الداعمين من العسكريين المتقاعدين الّذين حملوه على أكتافهم. وتكلّم نادر لحظة خروجه من حرم المحكمة معبّرًا عن إعجابه بموقف رئيس المحكمة قائلًا “كان رئيس المحكمة محترمًا”، وأضاف: “اليوم أثبت رئيس المحكمة أنّ هناك قضاة راقين ويمكن الوثوق فيهم”. وأكدّ أنّ “صوتنا لم يرتفع إلّا لخدمة الناس، ولا يُمكن لأحد إسكاتنا”. 

العسكريون المتقاعدين الّذين حضروا إلى الشارع المحاذي للمحكمة العسكريّة بهدف مساندة ودعم العميد نادر، عبّروا عن سخطهم إزاء الادعاء عليهم ووضعوه بصورة التجاذبات السياسية. فاعتبر العسكري المتقاعد في الجيش عبدالله العويد في حديث مع “المفكرة القانونيّة” أنّ الهدف من الادعاء على نادر ورفاقه هو “إسكات الحق وإسقاط حراك المتقاعدين”. ونفى العويد أن يكون أي منهم قد ارتدى البزّة العسكريّة خلال أي حراك نفذوه. 

واستعاد العسكريون المتقاعدون قضيتهم مذكّرين بمطالبهم وعلى رأسها زيادة الراتب التقاعدي. وشرح المؤهل أول المتقاعد محمد حمّود أنّ “المتقاعد يتقاضى اليوم راتبين إضافيين على سعر صيرفة المتحرّك”. وأضاف: “لا يساوي الراتب أي مبلغ يُذكر، مثلًا أنا يصل راتبي إلى 14 مليون ليرة أي لا يتعدى 150 دولارًا في الشهر”. وشرح أنّ “المعاش العائلي لا يزال كما كان منذ زمن، إذ يتقاضى العسكري عن زوجته 60 ألف ليرة وعلى كل ولد 30 ألف ليرة”. 

وبدوره قال المعاون المتقاعد رشيد العس “خدمت 33 عامًا في الجيش، وخرجت وراتبي مليون و100 ألف ليرة، اليوم أتقاضى مع الزيادة 4 مليون ونصف لا يتعدون 50 دولارًا”. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، محاكم عسكرية ، لبنان ، مقالات ، انتفاضة 17 تشرين



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني