إعداد: أنيتا فرح نصار، معهد الدراسات النسائية في العالم العربي-الجامعة اللبنانية الأميركية IWSAW-LAU
(وتم الإنتاج بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان في لبنانUNFPA)

ايماناً منه بحق كل انسان، حتى ولو كان مسجوناً، ان يحظى بعيش كريم ومحترم، بدأ معهد الدراسات النسائية في العالم العربي في الجامعة اللبنانية الامريكية عام 2001 سلسلة مشاريع تربوية وتنموية تهدف الى تحسين وتحصين وضع المرأة في سجون النساء في لبنان.

البداية كانت في سجني بعبدا وطرابلس وبالشراكة مع دار الامل وهي مؤسسة غير حكومية من بين اهتماماتها القيام بمشاريع تصب في مجال تاهيل السجينات. وقد تكللت سلسلة المشاريع هذه بالنجاح كونها حققت الهدف المرجو منه، الا وهو تحسين حياة السجينات من خلال تعلّم مهارات تكسبهن دخلاً يؤمن منه حاجاتهن الاساسية. ولقد تمكن عدد كبير من السجينات في بعبدا وطرابلس من العمل قبل اطلاق سراحهن وبعده، حيث يقمن بتصنيع منتجات تتطلب الالمام بالخياطة وشك الخرز بماء على طلب من اصحاب مؤسسات متخصصة بالخياطة او تصنيع الاكسسوارات النسائية كالجزادين، ويتقاضين اجراً لقاء كل قطعة ينجزنها. وفي سجن طرابلس تمكن المعهد ايضاً، بالشراكة مع دار الامل من تحسين البنية التحتية في الغرف التي تمضي فيها السجينات فترة العقوبة، وتعليم السجينات مهارات حياتية اساسية، وتدريبهن على مهارات مهنية، وتقديم الدعم والمعالجة النفسية. كما قام المعهد منفرداً بتأمين التمويل لمشروع يقضي بتوفير المساعدة القانونية في سجن طرالبس سنة 2010 للسجينات اللواتي لا يملكن القدرة المالية لتوكيل محام للدفاع عنهن امام القضاء. وفي السجن ذاته ايضاً، قامت المرشدية العامة الانجيلية بالتعاون مع المرشدية العام للسجون ومعهد نورتن للكمبيوتر، باقامة دورات في المعلوماتية واللغة الانكليزية.

على اثر هذه الرحلة الطويلة، ورغبة منه في الاستمرار بمساعدة السجينات في لبنان، قرر المعهد توثيق خبراته التي طورها من خلال نشاطه داخل السجون بواسطة “دليل للعمل داخل سجون النساء في لبنان” بهدف مساعدة المرشدات الاجتماعيات والعاملين/ات في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية على انجاح اي مشروع او برنامج يقومون به داخل سجون النساء في لبنان.
وتجدر الاشارة هنا الى ان الدليل لا يتطرق الى العمل مع القاصرات لان لهذه القئة العمرية خصائص على الصعيدين النفسي والاجتماعي من المفروض ان يلم بها كل من يحتك بهن سواء كان بهدف الرعاية او التعليم او التثقيف. كما ان المهارات والاهتمامات ودرجة الادراك والوعي والمشاكل كلها مختلفة، وبالتالي ان الرعاية والمشاريع والبرامج التي تتوجه لهذه الفئة مختلفة ايضاً.

الهدف من الدليل
ان الهدف العام لهذا الدليل هو تعزيز الشراكة مع الجهات المعنية بشؤون السجينات من اجل التوصل الى احترام فعلي وحقيقي لحقوق الانسان. اما الهدف الخاص فهو مشاركة الاخصائيين/ات والمرشدات الاجتماعيات العاملات مع السجينات داخل وخارج السجون في الخبرة التي طورها المعهد من خلال العمل على الارض مع السجينات والحارسات والجهات المختصة ايضاً خلال اكثر من عقد من الزمن، لا سيما فيما يتعلق بـ:
– تخطيط وتنفيذ المشاريع داخل السجن
– مواكبة السجينات ومساعدتهن على مواجهة الصعوبات التي قد تواجههن في حياتهن اليومية داخل السجن
– اعادة تأهيل السجينات على الصعد النفسية والاجتماعية والتربوية والمهنية
– اعادة تأهيل السجينات حتى يصبحن قادرات على العيش بكرامة عند خروجهن من السجن وذلك من خلال تعلم مهارات مهنية ومهارات حياتية اساسية.
كما ان هنالك هدفاً بعيد الامد لهذا الدليل الا وهو التأسيس لمزيد من التعاون بين جميع العاملين/ات في سجون النساء في لبنان وتنظيم وتنفيذ مشاريع وبرامج تؤدي الى تحسين حقيقي في اوضاع السجينات على كل الصعد.
يأمل معهد الدراسات النسائية في العالم العربي ان يساعد هذا الدليل في تحقيق التشبيك الفعال ما بين الاخصائيين/ات في القطاع العام والخاص والمجتمع الاهلي والسلطات الامنية من اجل مساعدة بناءة حقيقية للنساء اللواتي تؤول ظروفهن او افعالهن الى تمضية جزء من حياتهن بعيداً عن اسرهن محرومات من حرية التحرك.

ان هذا الدليل هو نتيجة خبرة طويلة لمعهد الدراسات النسائية في العالم العربي لمساعدة السجينات في لبنان، وبرهان قاطع على التزام المعهد نشر ثقافة احترام حقوق الانسان بين العاملين والعاملات في سجون النساء في لبنان كخطوة اولى، حتى تتوسع وتشمل جميع السجون اللبنانية واكبر عدد ممكن من البلدان في العالم العربي.
(جزء من مقدمة الدليل)

ونظرا لاهمية الدليل المذكور اعلاه (“دليل للعمل داخل سجون النساء في لبنان”)، تنشر “المفكرة” جزءا من الفصل الرابع من القسم الاول منه، والذي يعرض نبذة عن البيئة والاحوال المعيشية داخل سجون النساء في لبنان.