دعوى ضد دوْلرة تعرفة الاتّصالات: أي أبعاد حقوقية واجتماعية؟


2022-09-15    |   

دعوى ضد دوْلرة تعرفة الاتّصالات: أي أبعاد حقوقية واجتماعية؟

تقدّمت جمعية حماية المستهلك – لبنان والاتّحاد الوطني لنقابات العمّال والمستخدمين وإلسي مفرج (منسقة نقابة الصحافة البديلة) بالتعاون مع المفكرة القانونية بدعوييْن بوجه شركتي ميك 1 وميك 2 (وهما الشركتين اللتين تتوليان إدارة شبكتيْ الخليوي وتملك الدولة الغالبية الكبرى لأسهمهما)، وذلك بهدف إبطال التعرفة الجديدة للاتّصالات وإلا إبطال ربط التعرفة بتطور سعر صيرفة. الدعوى الأولى قُدّمت أمام المحكمة التجارية في بعبدا، في حين قُدّمت الدعوى الثانية أمام المحكمة التجارية في بيروت. وعلى خلاف الدعاوى المقدمة سابقا للطعن في قرار الحكومة بزيادة تعرفة الاتصالات أمام مجلس شورى الدولة، ترمي هاتان الدعويان إلى الطعن في قرار الشركتين التجاريتين برفع التعرفة تبعا للموافقات الصادرة عن وزارة الاتصالات ومجلس الوزراء.

لا تجادل الأطراف المدّعية في ضرورة رفع التعرفة بالنظر إلى زيادة كلفتها. لكنها بالمقابل تجادل في 3 أمور: أولا، وجوب إجراء دراسة الكلفة والسوق كأساس لزيادة التعرفة، ثانيا، نسبة الزيادة الملائمة، وثالثا، ربط زيادة التعرفة بارتفاع دولار صيرفة بحيث تصبح الزيادة تلقائية بمعزل عن وضع السوق والكلفة الحقيقية. وتستند الجهات المدّعية في طعنها بزيادة التعرفة بشكل خاص على قانون تنظيم قطاع الاتّصالات الذي حدّد آلية ومعايير التسعير (المادة 28 منه). فوفق هذه المادة، يجدر أن تتناسب التعرفة وأي زيادة لها مع أوضاع السوق (أي قدرة المستهلك على تحمّلها) والكلفة التي تتحمّلها الشركة لتقديم الخدمات، وهو الأمر الذي أناط بالهيئة الناظمة لقطاع الاتّصالات (وبغيابها السلطة الإدارية المختصة) مهمة التحقق منه. وقد حاولت الجهات المدعية تبيان الأهداف من هذه المادة وفي مقدمتها التأكيد على أن خدمة الاتصالات هي خدمة عامة، يتوقف عليها حسن سير الاقتصاد اللبناني وتمتع الأفراد بالعديد من الحقوق المضمونة ومنها حرية التعبير وحق التعليم وحق العمل. كما عملت على تفسير مداها على ضوء المعايير الدولية للاتّصالات وبخاصة دراسات الاتّحاد الدولي للاتّصالات والبنك الدولي لجهة التعرفة المقبولة بالنسبة إلى متوسط الدخل العام. وكلها معايير تمّ بالواقع تجاوزها بفعل رفع التعرفة بغياب أي دراسات مسبقة لمتوسط الدخل العام والكلفة. وقد بلغ التجاوز حده الأقصى مع ربط التعرفة بارتفاع سعر دولار صيرفة، بما يؤدي عمليا إلى نسف المادة 28 من القانون المذكور والمعايير التي يستند عليها بالكامل ويجعل الزيادة تلقائية أيا يكن وضع السوق أو متوسط الدخل العام أو الكلفة.

ولم تنسَ الأطراف المدعية التذكير بأن زيادة التعرفة تقررت من دون أن يرافقها أيّ جهد للتخفيف من عوامل الهدر الحاصل داخل الشركتين، والتي أثبتها تقرير ديوان المحاسبة الصادر بتاريخ 5/4/2022 بشأن قطاع الاتّصالات والذي قدّر الهدر الحاصل فيه بقرابة 5.3 مليار د.أ. بمعنى أن الشركتين المملوكتين من الدولة استسهلتا تحميل المواطنين والاقتصاد برمّته مزيدا من الأكلاف بحجّة مواجهة زيادة أكلافهما من دون بذل أيّ جهد لتخفيف هذه الأكلاف المضخمة. وقد سعت الجهات المدعية تاليا إلى الاستفادة من هذا التقرير ومن هذه الدعوى لتحسين الوضع في هذا القطاع، بما ينعكس إيجابا على حقوق المواطنين والاقتصاد اللبناني ويحدّ من حجم الهدر والفساد.

ختاما، استندت الدعويان إلى قانون حماية المستهلك وقانون الموازنة العامة للعام 2020 الذي فرض التسعير بالليرة اللبنانية، كما إلى عدم التزام الشركتين بقرار الحكومة رقم 155 لجهة اعتماد رزم وعروض خاصة بذوي الدخل المحدود.

على أمل أن يستجيب القضاء لهذه الدعاوى.

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، حقوق المستهلك ، لبنان ، مقالات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، تقاضي استراتيجي



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني