حين سطا قاضٍ على ملف قضائي إرضاءً للمصارف


2023-03-27    |   

حين سطا قاضٍ على ملف قضائي إرضاءً للمصارف

أعلنت جمعية المصارف في تاريخ 9 آذار 2023 معاودة المصارف إضرابا شاملا احتجاجا على قرار رئيس دائرة تنفيذ بيروت فيصل مكّي تنفيذ حكم قضائي بإلزام بنك ميد بتحويل 210 ألف د.أ إلى الخارج. وقد بررت جمعية المصارف إضرابها بصدور قرارات قضائية تعسفية جديدة تلزم  المصارف بتسديد أو تحويل الودائع بالعملة الأجنبية نقداً وبالعُملة نفسها، ولمصلحة بعض المودعين على حساب سائر المودعين. واللافت أن الجمعية أصرت على إضرابها ولم تتراجع عنه إلا بعد قرابة أسبوع رغم أن الرئيس المنتدب لمحكمة استئناف بيروت حبيب مزهر سارع في اليوم التالي إلى ضمّ المعاملة التنفيذية إلى الطعن المقدم من بنك ميد أمامه في هذه القضية معطلا بذلك تنفيذ الحكم. ويلحظ أن المحكمة ما تزال تحتفظ حتى اللحظة بهذا الملف والمعاملة التنفيذية من دون أن تفصل في أي من الطلبات المقدمة إليها. هذه القضية بتفرعاتها وتطوراتها تستوجب الملاحظات الآتية: 

أولا، الاستئناف غير قانوني وضمّ المعاملة التنفيذية هو بمثابة سطو على الملفّ

عند النظر في الملف، نلحظ أنه ليس لبنك ميد تقديم استئناف ضدّ قرار دائرة التنفيذ إنما له فقط الاعتراض أمام دائرة التنفيذ نفسها، على أن يستأنف قرار هذه الأخيرة في حال ردت اعتراضه. وعليه، فإن وضع القاضي مزهر يده على الاستئناف رغم بطلانه وضمّ المعاملة التنفيذيّة إليه إنّما يشكّل في عمقه سطوا على الملف القضائي من دون أي مسوغ مشروع ومسعى واضحا لعرقلة تنفيذ قرار دائرة التنفيذ إرضاء لجمعية المصارف وخلافًا للقانون ولصلاحيّات المحكمة. 

ويجدر التذكير هنا أن القاضي مزهر نفسه كان سلك مسلكا مشابها في تشرين الثاني 2020 في قضية المرفأ وفق ما أسهبت المفكرة القانونية في تبيانه آنذاك. وما أن تمّ انتدابه للنظر في ملفّ ردّ أحد القضاة الناظرين في طلب ردّ المحقق العدلي طارق بيطار حتى قرر أن يضمّ إليه ملف ردّ المحقق العدلي نفسه وليطالب بتسليمه ملفّ المرفأ برمّته. ورغم أن تصرفه هذا أدّى إلى تعليق التّحقيقات آنذاك لأكثر من شهر ورغم أن محكمة استئناف بيروت تثبّتت فيما بعد من جسامة المخالفة المرتكبة منه، فإن التفتيش القضائي لم يتّخذ أيّ إجراء بحقّه لغاية اليوم على الرغم من تقديم شكاوى ضده من عدد من ضحايا المرفأ. 

وبالطبع، ما كان لهذا القاضي أن يكرر في هذه القضية المصرفية ما كان فعله في قضية المرفأ لولا إفلاته التام من أي مساءلة، لتصح فيه عبرة: “من أمن العقوبة أساء الأدب” (المقفع). 

ثانيا، محكمة الاستئناف في بيروت تحرس خزنات المصارف 

سبق للمفكرة القانونية أن تساءلت من قبل عن الأسباب التي تدفع رئيس محكمة بيروت القاضي حبيب رزق الله لانتداب القاضي مزهر للنظر في القضايا الحساسة، من قضية طلب الرد المتصل بالمرفأ المذكورة أعلاه إلى قضايا المصارف. فكأنما هذا الرجل الذي طلب رئيس المجلس النيابي نبيه بري من وزير العدل هنري خوري تعيينه في مجلس القضاء الأعلى تحوّل إلى أحد حماة نظام الحكم ورموزه ومصالحه بما فيها امتداداته المصرفية داخل المجلس كما في محكمة استئناف بيروت. بل كأنه تحول إلى ما يشبه قاضي المهمة أو الجوكر الذي يعيّن بانتظام في هذه القضايا منعا لأي خرق في منظومة الإفلات من العقاب.  

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، مصارف ، قرارات قضائية ، لبنان ، مقالات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني