حليمة القعقور: لديّ في كل قرية شركاء وشريكات سأحمل صوتهم إلى المجلس


2022-05-24    |   

حليمة القعقور: لديّ في كل قرية شركاء وشريكات سأحمل صوتهم إلى المجلس

53684 صوتاً حصدتْها اللوائح التي ترشّحت في وجه لوائح السلطة في دائرة جبل لبنان الرابعة، الشوف-عاليه، وحصدت لائحة “توحّدنا للتغيير” ثلاثة حواصل انتخابية، إثر نيلها 42077 صوتاً من أصل 184202 أدلوا بأصواتهم فيما يبلغ عدد التاخبين في الدائرة 367538 ناخباً. وعليه، فاز مارك ضو في عاليه، وكلّ من نجاة صليبا وحليمة القعقور في الشوف.  

وتكاد تكون المعركة التي خاضتها النائبة المنتخبة حليمة القعقور الأشدّ شراسة ضمن دائرة جبل لبنان الرابعة (الشوف وعاليه)، نظراً لتعدّد أخصامها وتنوّع أساليبهم التحريضية وخطورتها. فقد واجهت القعقور منذ ترشّحها، حملات تكفير وتشهير وعنف معنوي وسياسي. وقد رصدت “المفكرة القانونية” قبل الصمت الانتخابي وضمنه، تعرّضها لضغوطات وإشاعات من جهة، ومحاولات تشكيك وتحريف لمواقفها السياسية من جهة أخرى.

تجد دارين دندشلي التي تتشارك وحليمة نضالها وتجربتها السياسية منذ عام 2017، وتحديداً تأسيس حزب “لـنا”، في الحملات الممنهجة استهدافاً سياسياً لحليمة، مستنظراً ومرتقباً، كونها: “مناضلة متحرّرة من أية أجندات داخلية وخارجية، وأستاذة جامعية لا تعرف المهادنة وثائرة لطالما صدح صوتها التغييري في ساحات الثورة، خاصة في زمن درج فيه التخوين والتشكيك وفحوصات الدم”.

خلفية حقوقية ومشروع ديمقراطي اجتماعي

تأتي القعقور إلى السياسة من خلفية حقوقية زادها شهادة دكتوراه في القانون الدولي، هي المتخصصة في حقوق الإنسان، والأستاذة المحاضرة في كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية، لتساهم مع عاملات وعاملين في الشأن العام وناشطين في تأسيس حزب “لـنا” (لا نترك أحداً[1])، إيماناً منها بأنّ: “العمل السياسي لا ينتظم إلّا بوجود الأحزاب السياسية التي تضمن استمرارية العمل والتغيير”.

فـ “بترشّحها تطرح حليمة مشروعاً ديمقراطياً اجتماعياً (مشروع حزب لـنا) يهدف إلى إحداث تغيير جذريّ في السياسة وفي المجتمع، ويتبنّى ثلاثة مبادئ أساسية هي الحرية والعدالة والتضامن، حيث الإنسان هو الركن الأساسي للقوانين والسياسات”، بحسب دندشلي التي تعتبر أنّ كلّ هذه الأمور هي السبب وراء الشراسة في الهجوم على القعقور. وتتابع أنّ مسيرة حليمة في الشأن العام تتميّز بالتدريب على وضع السياسات العامّة انطلاقاً من خبرتها الحقوقية، وإلمامها بقضايا الديمقراطية والحوكمة الرشيدة وأسس بناء الدولة… وتؤكد دندشلي لـ”المفكرة” أنّ: “من عرف القعقور في الجامعة، وساحات النضال والتحالفات السياسية يجد فيها الثائرة التي لا تستكين أمام ظلم وتمييز، لا تساوم، أو تهادن”.

حملة تخوين وتكفير وتشويه سمعة لم تنل من عزيمة القعقور

تصنّف زينة الحلو، مسؤولة الحملة الانتخابية لحزب “لـنا” الحملات الممنهجة التي شُنّت ضدّ القعقور على مستويات ثلاثة: الأوّل، عبر الاستهداف السياسي وتحريف موقف القعقور من سلاح حزب الله، لا سيّما من خلال فيديو مجتزأ انتشر على نطاق واسع ردّت عليه بفيديو أكدت فيه أنّ موقفها “ثابت تجاه المنظومة السياسية والأمنية والاقتصادية، وعلى رأسها مافيا السلطة والمصارف والسلاح”، حاسمة موقفها السياسي بكل وضوح: “ما رح نصوّب على طرف واحد بس لنرضي الطرف الآخر”.

المستوى الثاني تمثّل بحملات التحريض التي شنّها أفراد من عائلة “القعقور”، تمسّكاً منهم بزعامة العائلة الممتدة بجذورها إلى ماضي الإقطاعية السياسية، معتبرين أنّه من غير المسموح لحليمة – وإن كانت لا تسعى لذلك – أن تكون وريثة زعامة “آل القعقور”، انطلاقاً من كونها إمرأة.

أمّا المستوى الثالث فهو حملات تشويه السمعة ضدّها لأنها امرأة تخوض غمار السياسة.

وثمة مستوى رابع رصدته “المفكرة” وهو التكفير الذي شكّل أخطر ما استهدف القعقور سواء من أشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي أو من رجال دين. فقد حرّض شيوخ ضدّها نتيجة مواقفها تجاه الزواج المدني، وكفّرها شيوخ آخرون ودعوا إلى ضرورة حجب الأصوات ووصل الأمر إلى حدّ تكفير من يمنحها صوته.

ولكن رغم شراسة الحملة التي استهدفتها، أبَتْ القعقور إلّا أن يكون ردّها الأخير قبل الصمت الانتخابي بطمأنة التغييريين، داعية إياهم ليوم الاستحقاق: “ما تخافوا من الحملات والتحريض. نحن كتير قوايا وهني اللي خيفانين… مكملين بقوة وبإيمان وبشراكة مع الناس .. هيدا طرحي وملتقانا نهار الأحد”.

نداء لم يتقاعس التغييريون عن تلبيته، فالكلمة الفصل كانت لصندوقة الاقتراع حيث كان لأصوات التغيير الوقع الأقوى والصدى الأنجع في صدّ سلاح التكفير والترهيب والتضليل، فانتصرت أصوات التغيير مسجّلة فوز حليمة القعقور، كممثلة عن الأمة تحمل عبق الشوف لتقول وفق تعبيرها: “لا لسياسات الفساد والسَرقة والمحاصصة والطَائفيَة والزَبائنية”.

البرلمان كساحة إضافية للنضال

التزام حليمة القعقور بحقوق الإنسان هو الدافع الرئيسي وراء ترشّحها للمجلس النيابي. حتى أنّه شكّل بوصلة نضالها الحقوقي والسياسي منذ سنوات التحصيل الجامعي وصولاً إلى انخراطها وتطوّعها في العديد من الجمعيات والمنظمات الحقوقية، حيث كرّست جهودها منذ ما يناهز 25 سنة في مجال التوعية على حقوق الإنسان والنساء، وقضايا البيئة، وفق ما تقول في لقاء مع “المفكرة”. وتضيف: “بعد سنين من النضال… وجدت أنّ لا أحد سيردّ علينا من الخارج (خارج المجلس النيابي)، لسنا في نظام ديمقراطي يتشارك ويتناغم مع هيئات المجتمع المدني ويستجيب لقضاياه… بالتالي رأيت أنّنا في حاجة إلى وجود من يشبهنا في البرلمان”.

لذلك فوجودها داخل المجلس سيجسّد هذا الفكر التشاركي، “ويسمح لنا أن نمدّ أيدينا من الداخل إلى الجمعيات الحقيقية وكلّ من يسعى إلى تعزيز الوعي والمساءلة..”. وتشدد: “أصبح لدينا مسؤولية بتنفيذ برنامجنا الديمقراطي الاجتماعي وتكريس حقوق الإنسان عبر التشريع وليس فقط عبر الجمعيات والضغط”.

ولدى سؤالها عما واجهته في مسيرتها نحو الندوة البرلمانية، أشارت إلى مدى فخرها بما حملته معركتها الانتخابية لجهة التوعية في سبيل بناء الدولة:

“رغم كلّ التعدّيات أنا سعيدة، سعيدة لأنّي في معركتي كنت أنشر الوعي على مفهوم الدولة، على حقوق الإنسان والحريات، على ما الذي يعنيه حقّي وحقّ الآخر، سعيدة لأنّي سوف أكرّس مفهوم الإصغاء للناس والتشريع من أجلهم، وألّا نترك أحداً خارج التشريعات. معركتنا معركة حقوق وسعيدة أن أنقلها إلى داخل المجلس”.

داخل الندوة البرلمانية

تؤكّد حليمة، في حديثها لـ”المفكرة”، سعيها ونواب التغيير إلى تشكيل كتلة نيابية تغييرية واحدة، ذات برنامج مشترك، من دون أن تنفي صعوبة ذلك. إلّا أنّها تشدّد على أنّ الأمر يصبح يسيراً متى اقترن بالإرادة التي تعتبر أنّها موجودة. كما تحسم القعقور موقعها ضمن التيار السياسي “الاجتماعي الديمقراطي”، إذ تؤكّد أنّ المعركة ديمقراطية اجتماعية وأنّها ستلتقي مع كلّ من لديه رؤية واضحة شاملة مرتبطة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية كالعمل والطبابة والتعليم والبيئة، فتأتي هذه الحقوق وفق تصنيفها في سلّم أولويات المرحلة المقبلة.

وتؤكد القعقور أنّ: “معالجة الانهيار مرتبطة بالشق الاقتصادي وحماية المودعين وموضوع الكابيتال كونترول.. وبفرض ضريبة عادلة وتصاعدية.. وبتحرير الاقتصاد من الاحتكارات”.

تنتقل القعقور بهذا الفوز، من ساحات الثورة إلى ساحة النجمة، وتدخل البرلمان وفي جعبتها 6684 صوتاً تفضيليّاً، لتمارس دورها في العمل التشريعي المندرج ضمن ثلاث مهام، وفق ما وصّفته لـ”المفكرة”: “تشريعية، وتشاركية مع الناس، إضافة إلى المساءلة”. وتضيف: “في كلّ قلم كان هناك صوت لي.. وهذا الشيء يعني أنّ لديّ في كل قرية شركاء وشريكات.. سأتحاور وأتناقش معهم في كثير من القضايا… وأحمل صوتهم إلى داخل المجلس”.

تستعيد القعقور مع “المفكّرة” ما صرّحت به لحظة إعلانها الانتصار: “انتصرنا.. انتصرت أحلام الشبّان والشابّات من أبناء هذا الوطن الحزين.. ودقّينا معاً مسامير جديدة في نعش هذا النَظام المجرم”.

وتجدد أخيراً وعدها قائلة: “سأبقى وفيّة لآمالكم، وعلى تواصل دائم وشفّاف معكم.. وأتعهّد بأن أكون المؤتمنة بحقّ على أصواتكم داخل البرلمان، ملتزمة ثوابت لــنـا – حزبي الديمقراطي الاجتماعيّ، وبنود برنامجنا الانتخابي، ومتعهّدة بالعمل الدّؤوب في سبيل لبنان الإنسان!”.


[1] “لـنا” هو حزب ديمقراطي اجتماعي يتبنّى ثلاثة مبادئ أساسيّة هي الحرّيّة والعدالة والتّضامن. ديمقراطي أي يسعى إلى حكم غالبيّة الشّعب وتمثيل مصالحه، وليس لتكريس تحكّم فئة الـ1% وتغليب مصالحها. واجتماعي، أي دولة عادلة تنتج عنها رفاهيّة المجتمع وسعادته. للمزيد يمكن زيارة الرابط: https://lnalebanon.org/principles/

انشر المقال

متوفر من خلال:

البرلمان ، حرية التعبير ، لبنان ، مقالات ، دستور وانتخابات ، انتفاضة 17 تشرين ، المهن القانونية



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني