حرمان طلاب الطب في اللبنانية من متابعة تخصّصهم: أعيدوا لنا المستشفيات الحكومية الجامعية


2020-07-01    |   

حرمان طلاب الطب في اللبنانية من متابعة تخصّصهم: أعيدوا لنا المستشفيات الحكومية الجامعية

سيُحرم 76 طالباً من أصل 126 من خريجي السنة السابعة من كلية العلوم الطبية في الجامعة اللبنانية من متابعة تخصّصهم الطبي في اللبنانية، وذلك لكون الكلية ستحصر أعداد المقبولين في الاختصاصات الطبية بـ51 طالباً بعد أن كانت تقبل في السابق كافة طلاب الجامعة ممن نالوا دبلوماً في الطب العام.  يضاف إلى هؤلاء حرمان 41 طالب اختصاص من متابعة دراستهم Fellowship بسبب حصر أعداد المناصب بـ8 اختصاصات طبية فقط.

منع هؤلاء من متابعة تخصّصهم الطبي يعود إلى عدم قدرة الجامعة على تأمين مناصب في المستشفيات لكافة الطلاب والأطباء المتخصصين كما كان يحصل في الأعوام الفائتة.

يقول عميد الكلية بيار يارد في اتصال مع “المفكرة القانونية” أنّ هذا القرار يعود إلى انخفاض القدرة الاستيعابية للمستشفيات الحكومية والخاصة على حد سواء. ويشير إلى عدم وجود دعم كاف من قبل وزارة الصحة للمستشفيات الحكومية وخاصة مستشفى بيروت الحكومي الجامعي ومستشفى بعبدا الحكومي الجامعي، في حين تمرّ المستشفيات الخاصة بوضع مالي صعب أجبرها على تخفيض العدد الذي تستقبله عادة من الجامعة اللبنانية.

إلى ذلك، فضلّت مستشفيات خاصة عدّة الاستغناء عن طلاب الجامعة اللبنانية لصالح طلاب من جامعات خاصة، لكون الأخيرة تدفع الأجر الشهري الطبي من ميزانيّتها، ما يخفف الأعباء المالية عن المستشفى. وقد علمت “المفكرة” أنّ مستشفى جبل لبنان قرر وقف استقبال طلاب من الجامعة اللبنانية لصالح جامعة البلمند.

إضراب الطلّاب

وكان طلاب السنة السابعة في كلية الطب في اللبنانية، نفّذوا يوم الجمعة الماضي، إضراباً عن العمل لمدة ساعة ونصف الساعة في المستشفيات، بالتزامن مع اعتصام أمام مبنى الكليّة في مجمّع الحدث الجامعي. وكان من المفترض أن ينفّذ طلاب السنة السابعة بالإضافة إلى طلاب سنوات الاختصاص اعتصاماً يوم الإثنين أمام مبنى الإدارة المركزية للجامعة اللبنانية، الّا أنّهم تلقّوا اتصالاً من وزير الصحة حمد حسن متمنياً عليهم التريّث لكي تعمل الوزارة على فتح مناصب لهؤلاء في المستشفيات الحكومية.

يشار إلى أنّ طلّاب كلية الطب في اللبنانية كانوا ولا يزالون خط الدفاع الأول في مواجهة فيروس كورونا في لبنان، وبخاصة طلاب سنوات الاختصاص الذين شكلّوا طوعاً، فريق وحدة الكورونا في مستشفى بيروت الحكومي. وعمل هؤلاء في دوامات عمل طويلة وظروف عمل قاسية، بدون أن يتقاضوا أجرهم المفترض كأي طبيب متمرّن والبالغ مليون ومئتي ألف ليرة لبنانية فقط.

وسأل الطالب علي مشيك في بيان ألقاه باسم زملائه خلال الإعتصام الجمعة: “من أعطاكم الحق؟ وإذا كنتم تريدون أن تُغرقوا سفينتنا في البحر فلماذا جعلتمونا نصعد على متنها منذ البداية؟”، داعياً المعنيين من وزيري الصحة والتربية ورئيس الجامعة اللبنانية وعميد كلية العلوم الطبية إلى العمل على إيجاد حلول لهذه المشكلة بعيداً عن الذرائع المرتبطة بـ”الأزمة المالية والضغوط السياسية”.

وأبلغت عمادة الكلية عدد من الطلاب الذين راجعوها بأنها غير مسؤولة بالأساس عن تأمين مناصب لهم داخل المستشفيات، من بينهم ميشلين (اسم مستعار) وهي طالبة في سنة التخصّص الثالثة. وتقول ميشلين لـ”المفكرة”: “درست لعشر سنوات في الكلية لكي أتمكّن من تحقيق ما أطمح إليه في مهنة الطب، لا أن أجد نفسي وزملائي عاجزين عن الحصول على حقّنا في استكمال تعليمنا بعد سنوات صعبة من الدراسة والتعب”. وصل الحال بميشلين لأن تطلب من عمادة الكلية تأمين منصب لها في أي مستشفى كان، وبدون أن تحصل على أجر شهري، إلّا أنّ طرحها جوبه بالرفض على اعتبار أن أنظمة الكلية لا تسمح بذلك.

حلول قيد الدّرس

وفي هذا السياق، وبالإضافة إلى مساعي وزير الصحة، يسعى عميد الكلية بيار يارد للتجاوب مع مطالب الطلاب، وهو يجري بالاشتراك مع رئيس الجامعة اللبنانية فؤاد أيوب سلسلة من اللقاءات والاجتماعات مع عدد من المراكز الطبية والمستشفيات الجامعية. ويعد يارد الطلاب بأنه سيؤمّن عدداً إضافياً من المناصب ليتم توزيعها عليهم، إلّا أنّه لن يستطيع أن يحدد بشكل دقيق عدد المناصب الإضافية التي سيتم تأمينها إلّا بعد حوالي أسبوع.

يطرح هذا الملف تساؤلات حيال أسباب عدم رفع عدد المناصب في المستشفيات الجامعية المرتبطة قانوناً بكلية العلوم الطبية؟ بالإضافة إلى الأزمة المالية ونقص الدعم من قبل وزارة الصحة، لا يتخطّى عدد الأسرّة في مستشفى بعبدا الحكومي 70 سريراً، وتقلّص كثيراً عدد الأسرّة في مستشفى بيروت الحكومي وخاصة بعد أزمة كورونا، ما قلّل من عدد المناصب المتاحة لخرّيجي الدبلوم في الطب العام، بحسب ما يقول يارد.

اللافت أنّ يارد يخبرنا في الوقت نفسه أنّ مستشفى الحريري الحكومي المرتبطة قانوناً بالجامعة اللبنانية، تستقبل طلاباً من جامعة بيروت العربية ومن الجامعة اللبنانية الأميركية.

وبحسب مصادر طلابية فإنّ بداية الحل تكون بإعادة إحياء المرسوم 4690/1988، وهو مرسوم صدر لربط الجامعة الوطنية بمستشفيي بيروت الحكومي وبعبدا الحكومي، أي ليكونا مركزين طبيين تابعين للجامعة اللبنانية يؤمنان الاستشفاء للمرضى وتعليم الطلاب وتدريبهم. على أن تتزامن هذه الخطوة مع زيادة الدعم المالي لهذه المستشفيات. كما يناقش الطلاب حالياً تقديم اقتراحات عدّة يمكن لها أن تسهم في حل مشكلتهم كتقليص عدد المستشفيات المتعاقدة مع الجامعة من 20 إلى 6 كستشفيات، في مقابل رفع أعداد طلاب الاختصاص في هذه المستشفيات.

ولكن يبدو أن كلا الاقتراحين غير مقبولين من قبل إدارة الكلية ورئاسة الجامعة اللبنانية، إذ تسعى الجامعة لتوسيع دائرة التعاقد مع المستشفيات لتشمل مستشفيات جديدة، ولم تُطرح بشكل جدي مسألة مستشفى بيروت الحكومي وبعبدا الحكومي لناحية استعادتهما أو على الأقل الضغط لتقديم الدعم اللازم لهما واستفادة طلاب الجامعة من هذا الدعم.

هذا وترد مصادر من داخل الكلية ذلك لكون كبار الإداريين ورؤساء الأقسام في الكلية هم من مديري المستشفيات الخاصة ومن رؤساء الأقسام فيها.

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، لبنان ، الحق في الصحة والتعليم ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني