توابيت أمام منزل فهمي.. وحرس الوزير و”المكافحة” يعتدون على الأهالي

،
2021-07-14    |   

توابيت أمام منزل فهمي.. وحرس الوزير و”المكافحة” يعتدون على الأهالي

أعاد أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت بث الروح في ثورة “17 تشرين” بعد أن حشدت وقفتهم الاحتجاجية أمام منزل وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي يوم أمس الثلاثاء عشرات المتظاهرين من مجموعات الثورة. وكان الأهالي ناشدوا في وقفاتهم الأخير الشعب اللبناني إلى مؤازرتهم في مطلبهم برفع الحصانات عن المدّعى عليهم في تفجير بيروت.

بدأت الوقفة الاحتجاجية باستقدام توابيت فارغة ورميها عند مدخل منزل فهمي في قريطم، في رسالة مفادها “مثل ما حطيتوالنا أولادنا بالتوابيت رح نحطكم نحن بالتوابيت عن قريب” بحسب ريما الزاهد شقيقة الشهيد أمين الزاهد. وما لبث أن انضمّ متظاهرون من مجموعات 17 تشرين إلى الأهالي بعضهم كانوا ينفّذون وقفة أمام مجلس النوّاب. وتحوّلت الوقفة إلى مواجهات مع حرس الوزير وقوى مكافحة الشغب استمرّت إلى ما بعد منتصف الليل وأسفرت عن إصابة ثلاثة من أهالي الضحايا جرّاء استهداف القوى الأمنية وحرس الوزير لهم بالضرب المباشر بالإضافة إلى عشرات الإصابات في صفوف المتظاهرين. 

كتف بكتف مع المتظاهرين 

أسلوب جديد اتّبعه أهالي الضحايا لتنفيذ وقفتهم الاحتجاجية أمس أمام منزل فهمي، فعمدوا إلى تضليل القوى الأمنية عبر نشر دعوة وهمية مفادها أنّ الأهالي سيشاركون في تحرّك  المجموعات الشبابية الداعية للتظاهر أمام مجلس النواب، في الوقت عينه عمدوا إلى تنظيم أنفسهم في مجموعاتٍ ثلاث، توجّهت كل واحدة منها بشكل منفصل إلى مكان الهدف في قريطم. حيث قامت مجموعة يقودها إبراهيم حطيط الناطق باسم الأهالي بإجراء مناورة صغيرة حيث توقّفوا عند منزل الوزير نهاد المشنوق المدّعى عليه من قبل المحقق العدلي القاضي فادي  بيطار ما أوحى للقوى الأمنية أنّ هذا المكان هو المكان المقصود، وبعدما اطمأنّ بالهم، التحق الأهالي ببقية المجموعات المنتظرة أمام منزل فهمي مع شاحنة التوابيت. 

المكافحة في وجه المتظاهرين

اقتحمت الشاحنة مدخل بناية فهمي وقام الأهالي برمي التوابيت على المدخل الأمر الذي أثار حفيظة الحراس والقوى الأمنية التي قامت باستقدام تعزيزات، وراحوا يتعرّضون للأهالي بالضرب المباشر حيث أصيبت والدة الشهيد أحمد قعدان التي قام أحد العناصر بضربها على رأسها ويدها الأمر الذي دفع بإبراهيم حطيط شقيق الشهيد ثروت حطيط إلى الدفاع عنها. وفي جولة المواجهات الثانية عمد حوالي 5 عناصر إلى إستهداف حطيط وقاسم المولى والد الشهيد يوسف المولى وضربهما ضرباً مبرحاً على رأسيهما وكامل أنحاء جسمهما ما استدعى تدخّل الصليب الأحمر اللبناني.

مشهد ضرب الأهالي أثار حفيظة المتظاهرين الذين هبّوا من كل حدب وصوب، منهم من كان معتصماً أمام مجلس النواب والتحق باعتصام منزل فهمي، منهم من أتوا من منازلهم مباشرة. وللمرّة الأولى منذ التفجير لم يكن أهالي ضحايا وحدهم في الشارع، كبرت كرة الثلج كثيراً وبدأت تقتحم منازل الزعماء الرافضين التعاون مع التحقيق والقضاء

بدأت القوى الأمنية في التقدّم في محاولة منها لإبعاد المتظاهرين قدر الإمكان عن مدخل بناية فهمي، من هنا بدأت مواجهات عنيفة بين المتظاهرين والقوى الأمنية استخدمت خلالها الأخيرة القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم.  

ويروي المتظاهر هاشم بأنّهم كانوا في اعتصام أمام مجلس النواب وحين بلغهم خبر الأهلي المعتصمين أمام منزل محمد فهمي قرّروا الالتحاق بهم وبدأت الأعداد في التزايد، ويقول هاشم لـ”المفكرة” ان “إنسان مثل فهمي عم يفرض حماية على حدا مطلوب عالتحقيق بأكبر جريمة إرهابية بتاريخ البلد، هيدا الزلمي ما لازم قاعد مرتاح ولا ليلة ببيته”. ويعتبر سلمان أنّه على الرغم من الأزمة المعيشية والاقتصادية التي تراهن الدولة عليها لضبط الشارع إلّا أنّ المجتمع فيه الكثير من القوى الحيّة والمقاومة. ويتوقّع أنّه خلال الشهر المقبل ستتزايد وتيرة التحرّكات وسيكون شهراً يتذكّره السياسيون جيّداً. 

يقول متظاهر آخر أتى لمؤازرة الأهالي في تحرّكاتهم: “هول لي فوق مجرمين، كلّ السياسيين مجرمين وكل أهل شهيد حقّهم يطلعوا يجيبوا أي مسؤول من تخته، الانفجار قتلّنا شبابنا، لازم الكلّ ينزل مع الأهالي، السؤال ليه بقية الناس مش عم تنزل معهم”. 

فهمي “تنصّل من وعوده لأهالي الضحايا”

وتحدّث الناطق باسم الأهالي إبراهيم حطيط عن أسباب التظاهر عند منزل فهمي قائلاً: إنّ “الوزير قام بخداعنا ولم يكن صادقاً معنا”، وأوضح أنّه خلال اجتماع للأهالي معه أحال فهمي المسؤولية في اتخاذ قرار منح الإذن باستدعاء اللواء إبراهيم إلى الدائرة القانونية في الوزراة، إلّا أنّ هذا الكلام غير دقيق بحسب حطيط، فبعد المتابعة مع المحامين تبيّن أنّه يستطيع اتّخاذ قراره من دون العودة إلى أحد. واستنتج قائلاً: “من هنا يتبيّن أنّ فهمي يقوم بخداعنا وهذا ما لن نرضاه أبداً، بالنهاية الحصانات بدها تسقط وهالمرّة مش مثل كل مرة، مش ح يقدروا يتجاوزا دمائنا، لازم يستقيلوا”. 

وفيما انسحب الأهالي بعدما أرهقهم الضّرب وعمليات الكرّ والفرّ، بقي المتظاهرون حتى وقت متأخّر من الليل يردّدون شعارات حراك شعارات “حراك 17 تشرين” كما ارتفعت شعارات “دم الشهداء بيسأل دمّي لا ما منرضى الحل السلمي”، “حصانات حصانات تحت إجرينا الحصانات”. “الشعب يريد اسقاط النظام”..

من أمام مجلس النوّاب: “لتسقط الحصانات” 

وأمام مجلس النوّاب في وقت سابق من التحرّك أمام منزل فهمي، شارك عدد من المتظاهرين بدعوة من مجموعات 17 تشرين بينها “لحقّي”، في وقفة للتعبير عن دعم المحقّق العدلي طارق بيطار والمطالبة بكشف الحقيقة وراء كارثة التفجير ومحاسبة المسؤولين، لأنّ “قضية تفجير مرفأ بيروت لا تخصّ أهالي الضحايا فقط، بل تخصّ كلّ اللبنانيين”، بحسب ما أجمعوا. ولكنّ طموح المتظاهرين يصل إلى حدّ أن “تكرّ السبحة”، فيتمّ الإطاحة بكلّ “المنظومة الفاسدة” التي حكمتنا لثلاثين عاماً، وكان هذا هدفهم من انتفاضة 17 تشرين. 

وشدّد المتظاهرون على ضرورة رفع الحصانات عن كلّ نائب يستدعيه بيطار للتحقيق معه في قضية التفجير، مستنكرين: “إذا ما عليك شي لي ما بتروح عالتحقيق؟”. وهتفوا: “لتسقط الحصانات وحامي الحصانات”، وسمّوا سياسيين بأسمائهم داعين إياهم إلى “تسليم أنفسهم”، كما خصّصوا لمجلس النواب، “حامي الإرهاب”، كما وصفوه، حصّة من هتافاتهم. فيما حمل البعض لافتات كتب على بعضها: “ما في بريء بخاف يمثل أمام القضاء”، و”ما في آدمي عايز حصانة”، و”الحصانة = جريمة والمسؤولين = مجرمين”.  

هيثم الحكيم، “الثائر”،  كما يعرّف عن نفسه، قال في كلمة في الوقفة “إنّنا جميعاً تحت سقف القانون، ولن نسمح لأي موظف في الدولة ألّا يمتثل أمام القضاء في جريمة العصر، كما أننا لن نسمح بالمناكفات السياسية والطائفية”، مضيفاً، “لسنا في شريعة غاب بل في دولة قانون، لذا سنحاسب رؤساء الكتل النيابية ممّن يحمون أي مطلوب للعدالة والذين يتقاعسون عن إصدار قانون رفع الحصانات”. 

تحرّك أمس كان للضغط في سبيل رفع الحصانات النيابية “على أمل أن تكرّ سبحة كشف الفاسدين”، وفق لمى رمضان. إذ يأمل المتظاهرون أن يؤدي كشف حقيقة التفجير والمسؤولين عنه إلى كشف فساد الطبقة السياسية كلّها. “دائما هناك أمل بمحاسبة الفاسدين الذين حكمونا طوال ثلاثين عاماً. ولا نتوقع أن يتنحّوا عن مناصبهم بسهولة، لذا لا بد من أن نكافح في سبيل ذلك”، تقول لمى. هذا يعني أنّ “المعركة ستتركز في البداية حول قضية تفجير المرفأ ثم ستكبر كرة النار لتطال كل ملفات الفساد”، برأي المتظاهرين.   

المتظاهرون يدعمون بيطار

وعبّر المتظاهرون عن دعمهم للقاضي بيطار، إلى أبعد الحدود، “في قضية الشعب اللبناني أمام منظومة فاسدة جرّدت القضاة من سلطاتهم وجرّدت القضاء من استقلاليته”، كما يقول إلياس الذي نزل من الشوف وكان أوّل الواصلين إلى الوقفة حاملاً علم لبنان. إلياس “المقتنع بضرورة تنفيذ هذا التحرّك وأهميّته”، طلب من اللبنانيين المشاركة معهم في التحرّكات التي “تخبّر الرأي العام العالمي أننا محرومون من حقنا في معرفة الحقيقة حول التفجير ومحاكمة المجرمين، وأننا بالمقابل لن نكفّ عن المطالبة بهذا الحق”. وهتف المتظاهرون لبيطار: “قوّي قلبك يا قاضي”، وشجّعوه على المضي في معركته. ودعم بيطار هو “مسؤولية” على عاتق المتظاهرين لأنّه “إيد وحدة ما بتزقف”، على حدّ قول إلياس.    

قضية التفجير “وطنية” و”تخصّنا كلنا”

في 17 تشرين “نزلنا ضد السلطة الفاسدة لنطالب بجملة من المطالب، لكن منذ وقوع حادثة تفجير المرفأ صارت هذه الحادثة قضيتنا الأولى في وجه الطبقة السياسية نفسها”، يختصر أحد المتظاهرين الهدف من الوقفة. 

ويرفض المتظاهرون اعتبار وقفتهم تضامناً مع أهالي ضحايا التفجير، لأنّه “كلنا ضحايا التفجير”، برأيهم. وعن ذلك يشرح الشاب باسل “أنا أعتبر نفسي متضرراً جرّاء التفجير” فالمواد المتفجرة كانت في مرفأ بيروت، ما يعني أنّه “كان من الممكن جداً أن أتأثّر أنا أو أحد من عائلتي بالتفجير”. ويضيف: “تدمّرت عاصمة بلادي بيروت لذا من حقي أن أعرف من أتى بنيترات الأمونيوم ومن أدى إهماله إلى حلول كارثة العصر”. إلياس أيضاً يشير إلى أنّ “كلنا تأثرنا بالانفجار من قريب أو من بعيد”، لذلك “أنا لم أشارك في الوقفة لأدعم أهالي الضحايا فحسب بل لأدعم نفسي وأهلي والشعب اللبناني كلّه ووطني لبنان”. 

ويقول المتظاهرون إنّهم ضحايا التفجير أيضاً بسبب الضرر المادي الذي لحقهم جرّاءه، “فالتفجير أدى إلى تسريع حدوث الانهيار الاقتصادي الذي نعيشه والذي أوصلنا إلى حد أن نفقد أولادنا بسبب انقطاع الأدوية. لذا نحن معنيّون بجريمة المرفأ”. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، أجهزة أمنية ، البرلمان ، أحزاب سياسية ، استقلال القضاء ، لبنان ، مجزرة المرفأ



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني