تقرير عن حكومة تصريف الأعمال في بلجيكا


2022-07-20    |   

تقرير عن حكومة تصريف الأعمال في بلجيكا

عقب صدور الورقة البحثية التي أعدتها المفكرة القانونية حول تصريف الأعمال على شكل كتيّب متوفّر بنسخة مطبوعة ونسخة إلكترونية، ننشر تباعاً الأقسام الرئيسية التي تتألّف منها هذه الدراسة بشكل منفصل كي يتمكّن القارئ من الاطّلاع عليها بسهولة.

فبعد نشر الدراسة الأساسية بعنوان: “تصريف الأعمال: من الموجب الدستوري إلى الاعتباطية السياسية” والدراسة المكمّلة لها بعنوان: “الموافقات الاستثنائية في ظل حكومة حسان دياب المستقيلة” ننشر هنا دراسة الخبيرة البلجيكية دة. أوبي ويرتغن بعنوان “تقرير عن حكومة تصريف الأعمال في بلجيكا” التي تسمح بتحليل ظاهرة تصريف الأعمال انطلاقاً من التجربة البلجيكية التي يتّسم نظامها الدستوري بخصائص شبيهة بالنظام اللبناني لا سيما إشكالية جواز التشريع في ظل حكومة مستقيلة. 

أ .  مقدمة

  1. لا يعرف الدستور البلجيكي مفهوم حالة الطوارئ، كما لا ينصّ على أيّة قواعد تسمح للحكومة، في أوقات الأزمات، بتجاوز القواعد الدستورية المتعلقة بسير العمل الطبيعي للمؤسسات أو بتجاوز بعض الحقوق الأساسية. على العكس من ذلك، تنصّ المادة 187 من الدستور صراحة على أنّه لا يمكن أبداً تعليق الدستور، سواء كلياً أو جزئياً. وبالتالي، فإنّ هذه المادة تتعارض تماماً مع أي إعلان رسمي لحالة الطوارئ أو إدخال البلاد فيها بحكم الأمر الواقع. فهذه المادة لا ترفض حالة الطوارئ فحسب بل وينجم عنها أيضاً استحالة لجوء الحكومة البلجيكية إلى المادة 15 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. ولا يتيح الدستور البلجيكي أيّ مجال لتعليق العمل به لا بشكل كليّ ولا حتى جزئي. يمكن فقط في حال وجود قوة قاهرة حقيقية أو تعرّض استقلال البلاد للخطر، الخروج عن الأحكام الدستورية المتعلقة بالمؤسسات، غير أنّ تعليق الحقوق والحريات الدستورية غير ممكن على الإطلاق.
  • رغم أنّ مفهوم “حالة الطوارئ” غير منصوص عليه في الدستور البلجيكي، غير أنّ حالات الطوارئ تحدث بالفعل (مثل الوباء الحالي مثلاً)، بدرجات متفاوتة من الشدّة، ويتوجّب على الحكومة معالجة هذه الحالات في غضون مدة قصيرة. لذلك، واستجابة لظروف الأزمات التي لم يتوخّاها الدستور، تمّ التوصّل إلى حلول مبتكرة، وبالتالي ابتداع أدوات قانونية أدرِجت ضمن الإطار الدستوري.

ويمكن للأزمة بالطبع أن تكون ذات طابع سياسي. فعلى سبيل المثال، بعد انتخابات البرلمان الفدرالي في العام 2010، بدأ تشكيل حكومة جديدة. واستغرق الأمر 541 يوماً من المفاوضات هي الأطول في تاريخ بلجيكا. ومن أجل التعامل مع هذه الأزمة الحكومية التي طال أمدها، تمّ تطبيق الأداة القانونية المتمثّلة بحكومة تصريف الأعمال التي تتولّى تسيير الشؤون الجارية إلى حين وصول الحكومة الجديدة إلى السلطة.

  • يهدف هذا التقرير إلى شرح كيف أنّ مبدأ تصريف الأعمال الجارية يفسَّر ويطبَّق في الإطار الدستوري البلجيكي، عندما تقدّم الحكومة الفيدرالية استقالتها إلى الملك ويقبل الأخير هذه الاستقالة.

وقبل التطرّق إلى هذه الأمور، سنُسلّط الضوء بإيجاز على إجراءات تشكيل الحكومة وفقاً للقانون العرفي والممارسات البلجيكية، وإجراءات إرغام الحكومة الفيدرالية على الاستقالة وفقاً للدستور البلجيكي؛ والاستقالة الطوعية للحكومة الفيدرالية.

ب . تشكيل الحكومة وفقاً للقانون العرفي والممارسات البلجيكية

  • يتمّ الشروع في تشكيل الحكومة في إحدى الحالتين التاليتين:

– الاستقالة الطوعية للحكومة من دون حل البرلمان.

– استقالة الحكومة بعد إجراء الانتخابات النيابية.

فعندما تنشب أزمة سياسية يصعب السيطرة عليها، يعمد رئيس الوزراء عادةً إلى تقديم استقالة الحكومة الفيدرالية إلى الملك. وفي هذه الحالة، يمكن للملك إمّا رفض الاستقالة، أو النظر فيها، أو قبولها. وعادةً ما يرفض الملك الاستقالة بعد أن ينظر فيها لبعض الوقت، مما يعطي للأحزاب المتحالفة الفرصة لحل الخلاف في الرأي بينها. وبالطبع، قد لا يستغرق الملك طويلاً في النظر في الاستقالة إذ أنّ الحكومة الفدرالية تكون لا تزال تتمتع بكامل صلاحياتها خلال تلك الفترة، في حين تكون آلية الرقابة البرلمانية متوقفة بسبب ظروف الأزمة.

وفي حال قبل الملك الاستقالة رسمياً، فإنّه يولي إلى الحكومة المستقيلة تصريف الأعمال الجارية ريثما يعيّن حكومة جديدة.

  • تقليدياً تتشكّل الحكومة على مراحل مختلفة:
  • يتشاور الملك مع عدد من الجهات الفاعلة السياسية والاجتماعية-الاقتصادية (مثل: رئيس الوزراء المنتهية ولايته، ورئيسي مجلسي النواب والشيوخ، ورؤساء الأحزاب، وحاكم البنك الوطني، ورؤساء نقابات أصحاب العمل والعمّال).
  • يقوم عادة بتعيين “مُبلِغ” (informateur) مهمّته التحقق من الصيغ الائتلافية المحتملة (وهذه إحدى قواعد العرف الدستوري وليست مجرّد ممارسة دستورية متفق عليها (أو ما يعرف بالتعهدات الدستورية)).
  • وتشمل المرحلة الأخيرة تعيين الملك لـ “مشكّل” (formateur) (الشخص الذي يشكّل الحكومة)، مهمّته التوصّل إلى اتفاق حول الائتلاف الحكومي وهو بالتالي المكلّف بتشكيل الحكومة فعلياً. (وهذا عرف دستوري).
  • وفي حال أنهى “المشكِّل” مهمته بنجاح، يؤدي أعضاء الحكومة اليمين أمام الملك. وعادة ما يعطى “المشكِّل” منصب رئيس الوزراء في الحكومة الجديدة.
  • ويرفع رئيس الوزراء الجديد البيان الوزاري إلى مجلس النواب لنيل الثقة في تنفيذ اتفاق الائتلاف. ويجري مجلس النواب تصويتاً لإعطاء الثقة للحكومة الجديدة. (وهذا عرف دستوري).
  • في حال لم تستقل الحكومة الفدرالية قبل حل البرلمان، يقوم العرف المعتاد على أن تقدّم استقالتها إلى الملك في اليوم التالي للانتخابات، حتى وإن احتفظت بالأغلبية أو عزّزتها. ومن العرف أيضاً أن يقبل الملك رسمياً هذه الاستقالة وأن تكون الحكومة الفدرالية مسؤولة عن إنجاز الأعمال الجارية. ويتبع ذلك الإجراء المبيّن أعلاه.[1]

ج . إرغام الحكومة الفدرالية على الاستقالة بحسب الدستور البلجيكي

  • في العام 1993 ، أُدخل عدد من التعديلات على الدستور البلجيكي بهدف تمكين البرلمان الفدرالي والحكومة الفدرالية من استكمال ولايتهما بسهولة أكبر. ومنذ ذلك الحين، حدّد الدستور الحالات التي تُلزَم فيها الحكومة بتقديم استقالتها، وكذلك الحالات التي يمكن فيها للملك أن يحلّ مجلس النواب (قبل الأوان).
  • وتنظّم المادة 96 من الدستور حقّ مجلس النواب في إجبار الحكومة الفدرالية على الاستقالة عن طريق التصويت بطرح الثقة. وتقابل هذه المادة من الدستور المادة 46 التي تنظّم حق الملك في حلّ مجلس النواب.

ووفقاً للفقرة الثانية من المادة 96، فإنّ الحكومة الفدرالية ملزمة بتقديم استقالتها إلى الملك في حالتين:

  • إذا تبنّى مجلس النواب، بالأغلبية المطلقة لأعضائه (أي ما لا يقل عن 76 من أصل 150 عضواً) اقتراحاً بحجب الثقة يقترح على الملك مرشحاً ليخلف رئيس الوزراء.
  • إذا رفض مجلس النواب التصويت على طرح الثقة في الحكومة بالأغلبية المطلقة لأعضائه (أي ما لا يقل عن 76 من أصل 150 عضواً) واقترح على الملك خلفاً لرئيس الوزراء في غضون ثلاثة أيام.

ومن شأن هذه الاقتراحات اختيار خلف لرئيس الوزراء لذلك تسمّى “بنّاءة”، وتؤدّي إلى إرغام الحكومة الفدرالية على الاستقالة.

ولا يمكن إجراء التصويت قبل مرور 48 ساعة على تقديم هذه الاقتراحات.

وعلى الملك تعيين المرشح المقترح من قبَل مجلس النواب كرئيس للوزراء وتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة.

وفي حالة الاستقالة القسرية، لا تتبَّع الإجراءات التقليدية لتشكيل الحكومة، بل يحدّد مجلس النواب من سيحلّ رئيساً جديداً للوزراء.

وإذا فشل رئيس الوزراء الجديد في تشكيل حكومة جديدة، فسيتعيّن عليه تقديم استقالته، مما سيجعله في وضع مشابه  للوضع الذي يتبنّى فيه مجلس النواب مقترحاً بحجب الثقة لكن من دون تقديم بديل (أي خلفاً لرئيس الوزراء).

وإذا لم يقدّم مجلس النواب بديلاً، تعتبر الحكومة الفدرالية حينها غير ملزمة بالاستقالة.

هناك حالة أيضاً حيث يرفض مجلس النواب تصويتاً بالثقة أو يوافق على تصويت بحجب الثقة ويجعل الحكومة الفيدرالية حكومة أقلية. في مثل هذه الظروف، تصبح الممارسة الحكومية الفعالة غير ممكنة، وعملياً تستقيل الحكومة الفدرالية في العادة، حتى وإن لم تكن ملزمة بذلك قانوناً.

ومن شأن تصويت كهذا لمجلس النواب الذي يتسبب بإرغام الحكومة الفيدرالية على الاستقالة، أن يحلّ البرلمان الفيدرالي أيضاً وبالتالي الدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة.

وحتى الآن، لم تطبّق المادة 96 من الدستور البلجيكي مطلقاً.

د . الاستقالة الطوعية للحكومة الفدرالية

  • لا تقيّد المادة 96 من الدستور الحكومة الفدرالية بأيّ شكل من الأشكال بتقديم استقالتها طوعاً إلى الملك. وبما أنّ الحكومات عملياً لا تقدّم استقالتها إلاّ نتيجة خلاف داخلي أو نزاعات بين الوزراء أو أحزاب الأغلبية، فيما لم يغيّر اعتماد المادة 96 من الدستور هذه الممارسة، فإنّ هذا يعني أنّ القواعد الجديدة لم تعدّل في الممارسات القائمة.[2]  كما لم تعدّل هذه المادة الأعراف الدستورية المتعلقة بتشكيل الحكومة الواجب اتّباعها بعد الاستقالة الطوعية.

ولا تعتبر الحكومة الفدرالية ملزمة بإخضاع استقالتها للتصويت في مجلس النواب؛ إذ يجوز لها أن تستقيل في أيّ وقت كان بمبادرة منها. غير أنّه في هذه الحالة لا يمكن حلّ البرلمان، ويتوجّب تعيين حكومة فدرالية جديدة من دون الحاجة إلى إجراء انتخابات مبكرة.[3]

هـ . مبدأ الشؤون الجارية [4]

  • –           القانون العرفي
  1. عندما تقدّم الحكومة الفدرالية استقالتها إلى الملك ويقبل الأخير هذه الاستقالة، تكلَّف الحكومة المستقيلة بتسيير “الشؤون الجارية”.

وفي الدولة الفدرالية، لا ينصّ الدستور على هذا الأمر، إلّا أنّ اقتصار سلطة الحكومة المستقيلة على “الشؤون الجارية” يستند إلى عرف دستوري. وبالتالي، فإنّه مرتبط بقانون دستوريّ غير مكتوب.[5]

وبحسب مجلس الدولة، فإنّ هذا العرف قد دُمج ضمن “النظام العام للدستور”.[6]

أمّا في ما يتعلق بالمناطق والأقاليم، فإنّ هذه القاعدة منصوص عليها في القانون، وتحديداً في المادة 73 من القانون الخاص الصادر في 8 آب 1980 بشأن إصلاح المؤسسات.

  • الأساس القانوني
  1. يستند هذا العرف الدستوري إلى مبدأين أساسيين من مبادئ القانون الدستوري البلجيكي.

المبدأ الأول هو مبدأ الاستمرارية/مبدأ ديمومة الدولة، الذي يتطلّب من الحكومة أن تواصل عملها دائماً ومن دون انقطاع. وبالتالي، يجب أن تؤدّي مهامها بشكل متواصل؛ “يجب أن يستمر العرض”، لذلك ينبغي أن تواصل الحكومة القديمة العمل إلى حين تشكيل حكومة جديدة وتولّيها مهامها، وبعد ذلك يقبل الملك رسمياً ونهائياً الاستقالة.

من ناحية أخرى، يستند هذا العرف إلى مبدأ “الثقة” الذي يرجع إلى نظامنا البرلماني. وينطوي هذا النظام على قيام مجلس النواب بمراقبة الحكومة الفدرالية وعلى وجوب أن تحظى الحكومة دائماً بثقة أغلبية أعضاء المجلس. ولا يمكن للحكومة الفدرالية أن تتخذ أيّة إجراءات من دون الاعتماد على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب التي يمكن للحكومة الفدرالية أن تطلبها من أجل تبرير أو رفض سياستها. وتتمظهر الرقابة البرلمانية القصوى حين ينزع مجلس النواب الثقة من الحكومة الفدرالية مجبراً إياها بالتالي على الاستقالة.[7]

وفي حال عرضت الحكومة الفيدرالية الاستقالة على الملك وقبِل الأخير هذه الاستقالة، فإنّ رقابة مجلس النواب تصبح محدودة للغاية لأنها تفقد قوّتها إن لم يعد بالإمكان إجبار الحكومة على الاستقالة؛ فالتهديدات بالإرغام على الاستقالة لحكومة قد عرضت بالفعل استقالتها على الملك نفسه، لن يكون لها أيّ أثر يذكر، إذ في هذه الحالة، لم يعد بإمكان مجلس النواب التحكّم بالحكومة الفيدرالية ولا فرض أية عقوبة على المسؤوليات الوزارية. ولذلك يجدر بمثل هذه الحكومة أن تقلّص طموحاتها إذ تقتصر سلطتها على معالجة ما يسمى بـ “الشؤون الجارية”[8]، ولم تعد تربطها علاقة ثقة بمجلس النواب ولم يعد بإمكان الأخير إحكام السيطرة عليها.

والهدف هو منع الحكومة الفيدرالية من اتخاذ قرارات غير مقبولة بالنسبة لغالبية أعضاء مجلس النواب. وبالتالي، فإنّ منطق “الشؤون الجارية” يهدف إلى تجنّب الحكم بشكل يعارض الأغلبية البرلمانية، كما أنّ الفلسفة الكامنة وراء هذا المبدأ هو ألّا تتخذ الحكومة قرارات سياسية تضع الحكومة التالية في موقف صعب.[9]

  1. يشكّل هذا المبدأ نوعاً من أنظمة الطوارئ يستخدم في حالتين:

1) عند حل البرلمان (في الفترة التي تسبق الانتخابات وبانتظار انعقاد البرلمان الجديد): حيث لا تكون الرقابة البرلمانية ممكنة[10].

2) عند استقالة الحكومة الفدرالية: سواء إذا كان ذلك نتيجة أزمة داخلها، أو في اليوم التالي للانتخابات (أي نتيجة للانتخابات، وبالتالي أيضاً عندما تكون نتيجة الانتخابات معزّزَة لموقف الحكومة الحالية). وينتهي الأمر بالحكومة إلى تسيير “الشؤون الجارية”، عندما يقبل الملك استقالتها بشكل غير رسمي.[11]

  • فئات “الشؤون الجارية”
  1. تعد الحكومة المكلفة فقط بتسيير “الأمور الجارية” محدودة الإمكانيات. إلّا أنّ مصطلح “الشؤون الجارية” غير معرّف لا في الدستور ولا في القانون المكتوب، بل هو جزء من القانون الدستوري غير المكتوب. وعلى مرّ السنين زادت طبيعة “الشؤون الجارية” وضوحاً في السوابق القضائية لكل من مجلس الدولة والمحاكم المدنية.

ويعتمد اعتبار أيّ شأن من ضمن “الشؤون الجارية” على الظروف التي تؤدي إلى تقييد سلطات الحكومة. ففي حال حلّ البرلمان، تتلاشى كلّ إمكانيات الرقابة على الحكومة (استجواب أحد الوزراء على سبيل المثال). وفي مثل هذه الظروف، فإنّ مسألة تقييد السلطات يجب أن تترجم على أرض الواقع بشكل صارم. أمّا إذا كان البرلمان لا يزال في دورة انعقاده أو انعقد مجدداً بعد الانتخابات، فبالإمكان حينها مواصلة استخدام معظم أدوات الرقابة (مثل الاستجواب)، باستثناء العقوبة المطلقة، أي إرغام الحكومة على التنحي، لأنّ الحكومة باتت بحكم المستقيلة.[12]

تقليدياً، تعتبَر ثلاث فئات من القرارات الحكومية “شؤوناً جارية” في السوابق القضائية والفقه القانوني[13]. ومؤخراً، لزم تمييز فئة رابعة جديدة.[14]

وقبل توضيح هذه الفئات، لا بدّ من الإشارة أولاً إلى أنّ هذا التصنيف قد يبدو أحياناً مصطنعاً بعض الشيء، إذ أنّ بعض الشؤون يمكن  أن تعتبر “جارية” في نواحِ متعددة. [15]

و. شؤون الإدارة اليومية[16]

  1. أوّلاً وقبل كلّ شيء، توجد شؤون الإدارة اليومية التي يمكن للحكومة المستقيلة أن تسيّرها في جميع الأوقات.

وهي تتعلق بشؤون ذات أهمية سياسية بسيطة لا تترتب عليها آثار سياسية ولكنها ضرورية لضمان استمرارية الحكومة الفدرالية. ورغم أنها تنطوي على اختصاص تقديري معيّن، إلّا أنها لا تنطوي على قرار مرتبط بالتوجّه السياسي. ويفترض هذا النوع من الشؤون تنفيذاً أو تطبيقاً عادياً للإجراءات أو للأحكام القانونية، بما يتوافق مع التفسير الثابت لهذه الإجراءات. [17]

فعلى سبيل المثال، اعتبِر منح ترخيص لإنشاء صيدلية أمراً يندرج بلا شك ضمن فئة الإدارة اليومية للوزير.[18] وهناك مثال آخر يندرج ضمن هذه الفئة، يتمثّل بدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية. في المقابل، اعتُبر منح تصريح لتصدير الأسلحة إلى بلد مثل ليبيا، أمراً يحمل في طيّاته تأثيراً سياسياً وبالتالي لا يمكن إدراجه ضمن نطاق “الإدارة اليومية”. ومن شأن مثل هذا النوع من القرارات أن تتأتّى عنها دعوات إلى خيارات سياسية دقيقة، لا يمكن بالتالي تسويتها من قبَل حكومة لا رقابة برلمانية عليها. [19]

ز. التطبيق المعتاد للقرارات السياسية المتخذة

  1. يتعلّق بتطبيق وتنفيذ القرارات التي اتخِذت قبل استقالة الحكومة وفي وقت لم تتأثر فيه إمكانية الرقابة البرلمانية بعد. وهذه هي “الشؤون الجارية” بكل ما للكلمة من معنى؛ أي الشؤون التي انطلقت بالفعل وسوّيت سياسياً قبل إرغام الحكومة على الاستقالة، لكن لم تكتمل بعد من حيث التنفيذ وإضفاء الصبغة الرسمية عليها.

يشار إلى أنّه يمكن للحكومة تنفيذ السياسة التي كان قد جرى إقرارها بالفعل، مع وجوب اتّباع الإجراءات العادية واحترام الحدود الزمنية المعتادة؛ وبالتالي، لا ينبغي التسرّع في ذلك.[20]

فعلى سبيل المثال، من المسائل التي اعتبرت “شؤوناً جارية”: إنهاء الإجراءات التأديبية التي كانت قد بدأت قبل إرغام الحكومة على الاستقالة وقد عولجت بانتظام ومن دون أي تسرّع؛ التعيينات والترقيات في الوظائف العامة شرط أن يكون الإجراء المتبّع لهذا الغرض قد بدأ قبل الدخول في فترة تسيير “الشؤون الجارية” ثم تمّت تسويته بطريقة عادية من دون أية مزاعم وفرضيات[21]؛ الدفاع عن مصالح الدولة الفدرالية خلال التقاضي أمام المحكمة الدستورية.[22]

وبالطبع، لا تندرج تحت هذه الفئة الأمور التي تنطوي على قرارات سياسية مهمة، أو بعبارة أخرى الأمور التي تنطوي على خيارات يدخل الشأن السياسي في جوهرها، بحيث لا يمكن البت فيها إلاّ من قبل حكومة تحظى بدعم البرلمان وهي تخاطر بفقدان هذا الدّعم نتيجة اتخاذها لمثل هكذا قرارات.[23]

ح. المسائل الحكومية العاجلة

  1. تعتبر المسائل الحكومية العاجلة فئة ثالثة من “الشؤون الجارية”. وهي تتعلق بقرارات بشأن مسائل حكومية (قرارات ذات مصلحة سياسية كبيرة) يمكن لحكومة مستقيلة أن تتخذها إذا كانت “عاجلة”، أي إذا كانت تتعلق بمبادرات لا يمكن تأجيلها من دون تعريض المصالح الأساسية للبلد أو فئات معيّنة من الأشخاص للخطر.[24]
  1. انطلاقاً من مبدأ استمرارية الخدمة العامة، يحتفظ الوزراء المستقيلون بصلاحية تسوية المسائل التي يعتبرونها عاجلة. بيد أنّ ممارسة هذه الصلاحية تظل خاضعة للمراجعة القضائية لقرارات الوزراء[25].

وينبغي على المراجعة المذكورة التي يجريها مجلس الدولة بشأن مشروعية اعتبار الحكومة لمسألة ما “عاجلة” أو تتطلب اتخاذ قرار قبل انتهاء مدّة تسيير “الشؤون الجارية”، أن تقتصر من حيث المبدأ على التحقق من أنّ الحكومة لم ترتكب خطأ واضحاً في التقدير. وبالتالي، فإنّ رقابة مجلس الدولة للمشروعية تنطوي على ما يسمى بالمراجعة القضائية الهامشية. [26]

فعلى سبيل المثال، اعتبرت الدائرة القانونية في مجلس النواب أنّ بإمكان الحكومة المستقيلة أن توقّع على أي معاهدة تنصّ على تعديل معاهدات للاتحاد الأوروبي، وبالتالي فالتوقيع على معاهدة لشبونة المقبلة يمكن أن يندرج ضمن نطاق “الشؤون الجارية”. ومن شأن أيّ تأخير في إبرام معاهدة لشبونة أن يتسبب فعلاً بمزيد من الضرر بسبب الاتفاق بين الدول الأعضاء على أنّ هذه المعاهدة يجب أن تدخل حيّز التنفيذ قبل انتخابات البرلمان الأوروبي.[27]

ويمكن كذلك الاستشهاد بقرار مجلس الدولة حول طعن بمرسوم وزاري صادر عن وزير الشؤون الاقتصادية بشأن ارتفاع الأسعار، حيث رأى المجلس أنّ المسائل المتعلقة بتثبيت الأسعار هي بطبيعتها مسائل تحتاج إلى معالجة عاجلة.[28] وفي السياق عينه، رأى مجلس الدولة أنّ بإمكان الحكومة الفدرالية اتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز الاستقرار المالي، بسبب وجود خطر جسيم باندلاع أزمة في عمل النظام.[29]

وهناك أمثلة أخرى تتعلق بقرارات متخذة في سياق أزمة اقتصادية، أو قرارات تتعلق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أو بإرسال قوات إلى الخارج لحماية أبناء الوطن المعرّضين للخطر، أو بهجوم إرهابي.

أما بخصوص المراسيم الملكية المستمدة من القانون فإنّ مجلس الدولة بموجب المادة 105 من الدستور، يثبت عموماً بأنّ شرط “الأمر العاجل” قد استوفي، على أن يكون القانون قد دخل حيّز التنفيذ بالفعل أو أن تاريخ نفاذه قد اقترب.[30] وهكذا فإنّ مجلس الدولة ومحكمة النقض يعتبران أنّ أيّ تأخير في صوغ مرسوم ضروري لتنفيذ قانون بات نافذاً يمكن أن يحدث شللاً في تنفيذ ذلك القانون. وبالتالي، ينبغي اعتبار ذلك مهمّة يجب الاضطلاع بها في أقرب وقت ممكن.[31]

  1. على أيّ حال، كلما طالت مدّة تسيير “الشؤون الجارية”، زاد عدد الأعمال التي تندرج تحت الفئة الثالثة. ومن الواضح أنّ الشؤون التي يمكن اعتبارها عاجلة تتوافق بالفعل مع مدة تسيير “الشؤون الجارية”. ويمكن لمسائل لم تكن تعتبر في البداية عاجلة، أن تصبح لاحقاً عاجلة بسبب فترة طويلة من التقييد لسلطات الحكومة.[32] فعلى سبيل المثال، لا يمكن عادةً اعتبار التعيينات في المناصب الدبلوماسية والقضائية والعامة الهامة جزءاً من “الشؤون الجارية”، لكنها يمكن أن تصبح عاجلة مع مرور الوقت، حين لم يَعد مثلاً بالإمكان تقديم الخدمات العامة بكفاءة.

ومثال على ذلك، حين عيّنت الحكومة محافظاً جديداً للبنك الوطني خلال فترة تسيير “الشؤون الجارية” في العام 2011. وجرى الطعن في هذا التعيين أمام مجلس الدولة؛ بيد أنّ المحكمة الإدارية العليا قبلت هذا التعيين باعتباره أمراً عاجلاً يمكن أن تبت فيه الحكومة المستقيلة بسبب الأزمة المالية التي واجهتها بلجيكا.[33]

ط. المسائل المقترحة أو التي يؤيّدها البرلمان[34]

  1. في السنوات الأخيرة، ظهرت فئة رابعة من “الشؤون الجارية” تمثّلت بالمسائل التي يقترحها أو يؤيدها البرلمان. وتتضمن هذه الفئة الشؤون المدعومة صراحة من البرلمان.[35]  وهي تتعلّق بقرارات حكومية تتماشى مع ترشيح أو توصية أو قرار أو اقتراح من البرلمان. على سبيل المثال، إذا اقترح مجلس النواب أو مجلس الشيوخ على الملك مرشحاً للتعيين في المحكمة الدستورية أو محكمة النقض، أو إذا اقترح المجلسان على الملك مرشحاً للتعيين في مجلس الدولة.

ورغم وجود مبدأ الثقة الذي يقوم عليه مبدأ “الشؤون الجارية”، ليس بالإمكان معرفة السبب وراء عدم تمكّن الحكومة المستقيلة من اتخاذ القرارات التي اقترحها البرلمان نفسه صراحة.

وينطبق ذلك أيضاً على الاقتراحات والقرارات التي يرسلها مجلس النواب بصورة مستقلة إلى الحكومة. ويشير مجلس النواب إلى أنه إذا كان على الحكومة اتخاذ قرار، لحظيَت بتأييده، بل وإنّه يستحسِن اتخاذ الحكومة لمثل هكذا قرار. ومثال على ذلك، قرار مجلس النواب الذي طلب من الحكومة المشاركة في عملية عسكرية للأمم المتحدة في ليبيا في العام 2011، بناءً لتفويض من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي اعتمده مجلس النواب في 21 آذار 2011.[36]

  • في قرار صدر في 18 كانون الأول 2018، بدا مجلس الدولة قد اعترف اجتهاداً بهذه الفئة الرابعة من “الشؤون الجارية”. وجاءت المسألة في أعقاب الخلاف الذي نشأ داخل الحكومة الفدرالية السابقة في عهد رئيس الوزراء شارل ميشال حول ما إذا كان ينبغي على بلجيكا الانضمام إلى ميثاق الهجرة. بعد ذلك، وفي 6 كانون الأول 2018، وافق مجلس النواب على قرار بأغلبية كبيرة طلب فيه من الحكومة الفدرالية الموافقة على ميثاق الهجرة. وقد أوضح القرار عدم وجود مشكلة ثقة، حتى أنّه، كما هي الحال بالنسبة للقرارات التي يكون للبرلمان فيها تصويت حاسم، لم تعد هناك حاجة إلى تقييد الشؤون الجارية. وهكذا أُدرجت الموافقة على ميثاق الهجرة ضمن فئة “المسائل التي يؤيّدها البرلمان”. ورداً على ذلك، قدّم عضو في البرلمان إلى مجلس الدولة طلب تعليق واستئناف لإلغاء الوثائق و/أو القوانين وغيرها التي تتضمن الموافقة على ميثاق الهجرة التي قدمها رئيس الوزراء في مراكش في 10 كانون الأول 2018. إلّا أنّ مجلس الدولة استخدم الحجّة القائلة بأن هذا يتعلق بالفئة الرابعة؛ فئة “المسائل التي يؤيّدها البرلمان”. وذكّر المجلس بأن تقييد اختصاص الحكومة “لا يمكن تبريره إلاّ في حال الرقابة غير الكافية من قبَل البرلمان”. غير أنّ الوضع لم يكن كذلك، نظراً لأنّ مجلس النواب قد طلب في قراره صراحة من الحكومة الموافقة على ميثاق الهجرة. وهكذا، فإنّ الحكومة، وفقاً لمجلس الدولة، لم تتجاوز سلطتها في فترة تسيير “الشؤون الجارية”.[37]
  • ومما لا شكّ فيه أنّه حين تواجه الدولة الفدرالية أزمة طويلة وصعوبات متواصلة في تشكيل حكومة فيدرالية جديدة، كما جرى في العام 2007 و 2010-2011، يمكن للفئة الرابعة من “الشؤون الجارية” أن تقدّم حلاً لشلل السياسي الناجم عن الحد الصارم من الصلاحيات.

ي. الرقابة القضائية

  • كما بات واضحاً، فإنّ حقيقة اقتصار سلطات الحكومة المستقيلة على “الشؤون الجارية” تستند إلى عرف دستوري. وهذا لا ينتقص من حقيقة ارتباط هذا الأمر بقاعدة قابلة للتنفيذ قانوناً. وفي حال تجاوزت الحكومة تلك السلطة المحدودة واتخذت قراراً يتجاوز الإطار المحدد للشؤون الجارية، فإنّ من شأن ذلك أن يعرّضها للمعاقبة.

ويشكّل انتهاك القاعدة القائلة بأن اختصاص حكومة تصريف الأعمال يقتصر على الشؤون الجارية، تجاوزاً للسلطات يحدده مجلس الدولة في إطار مراجعة وقف تنفيذ أو إبطال. كما ويمكن إثبات هذا الانتهاك من قبَل أيّ قاض (مدني) يمكنه على أساس المادة 159 من الدستور رفض تطبيق المرسوم الملكي أو الوزاري ذي الصلة الذي يتجاوز “الشؤون الجارية”.

**

تعريب: فاطمة عطوي


[1] A. ALEN and K. MUYLLE, Compendium van het Belgisch Staatsrecht, Mechelen, Kluwer, 2008, 74-75. 

[2] J. VELAERS, De Grondwet. Een artikelsgewijze commentaar, III, Brugge, die Keure, 2019, 465. 

[3] J. VANDE LANOTTE a.o., Belgisch Publiekrecht, I, Brugge, die Keure, 2015, 881-882. 

[4] C. BAEKELAND, “De bijzondere machtenattributie binnen een periode van lopende zaken: een loopje met de grondwettelijke bevoegdheidsverdeling?”, TWV 2011, 198-234; J. VELAERS, De Grondwet. Een artikelsgewijze commentaar, II, Brugge, die Keure, 2019, 466-477; J. VELAERS en Y. PEETERS, “De ‘lopende zaken’ en de ontslagnemende regering”, TBP 2008, 3-19; A. WIRTGEN, “Réflexions sur la notion d’affaires courantes”, (comments on Council of State, a.s.b.l. Syndicat des Avocats pour la Démocratie, n° 214.911, 31 August 2011), CDPK 2012, 293-299. 

[5] على سبيل المثال: مجلس الدولة، 8 أيار 2014، العدد 227.311،  اقرأ أيضاً C. BEHRENDT, “Le régime des affaires courantes et la Constitution belge”, Rev. b. dr. const., 2020, 382; M. VAN DAMME, Overzicht van het grondwettelijk recht, Brugge, die Keure, 2008, 105; J. VANDE LANOTTE and G. GOEDERTIER, Handboek Belgisch publiekrecht, Brugge, die Keure, 2010, 157, 855; S. WEERTS, “La notion d’affaires courantes dans la jurisprudence du Conseil d’Etat”, APT 2001, 113. 

[6] مجلس الدولة، 14 تموز 1975، العدد 17.131،   vzw Association du personnel wallon et francophone des services publics

[7] C. BEHRENDT, “Le régime des affaires courantes et la Constitution belge”, Rev. b. dr. const., 2020, 382; J. VELAERS, De Grondwet. Een artikelsgewijze commentaar, II, Brugge, die Keure, 2019, 466-467. 

[8]على سبيل المثال: مجلس الدولة، 14 تموز 1975، العدد 17.131، vzw Association du personnel wallon et francophone des services publics

[9] M. PAQUES, Droit public élémentaire en quinze leçons, Bruxelles, Larcier, 2005, 158-159; S. WEERTS, “La notion d’affaires courantes dans la jurisprudence du Conseil d’Etat”, APT 2001, 113. 

[10] على سبيل المثال، مجلس الدولة، 8 تموز  2013، العدد 224.298.

[11] Council of State 31 August 2011, n° 214.910, Pirard; Council of State 31 August 2011, n° 214.911, a.s.b.l. Syndicat des avocats pour la démocratie. 

[12] مجلس الدولة، 08 أيار 2014، عدد 227.311.

[13] For example: Council of State 31 May 1994, n° 47.691 Ory; Council of State 28 October 2010, n° 208.566 Rijmenans; Council of State 7 April 2011, n° 212.559, a.s.b.l. Ligue des droits de l’homme and a.s.b.l. coordination nationale d’action pour la paix et la démocratie; Council of State 31 August 2011, n° 214.910, Pirard; Council of State 8 July 2013, n° 224.298; Council of State 8 May 2014, n° 227.311; Council of State 21 April 2016, n° 234.463, gemeente Ukkel.

Read also: C. BEHRENDT, “Le régime des affaires courantes et la Constitution belge”, Rev. b. dr. const., 2020, 384; P.D.G. CABOOR, “De invloed van een maand ‘lopende zaken’ op de wetgevende functie van de Kamer van volksvertegenwoordigers na de regeringscrisis van december 2018’, TWV 2019, 21-22; E. MAES, “Koning gekneld tussen twee ministers”, Juristenkrant 27 juin 2007, 5; K. MUYLLE, “De Koning tussen hamer en aambeeld? De lopende zaken en de verplichting de wetten uit te voeren”, (comments on Court of Cassation 4 February 1999), Rec. Arr. Cass. 1999, 317; K. MUYLLE, “Lopende zaken en verkiezingen”, Juristenkrant 27 October 2010, 5; P. POPELIER, “Is de uitvoering van de wet een lopende zaak?”, (noot onder Cass. 4 februari 1999), R.W. 1999-2000, 433; P. POPELIER, “Lopende zaken: over een regering zonder vertrouwen en een parlement zonder motor”, C.D.P.K. 2008, 101-102; J. SALMON, Report of J. SALMON before the ruling of the Council of State 31 May 1994, n° 46.028, Leclercq, J.T. 1994, 515-516; M. UYTTENDAELE, Trente leçons de droit constitutionnel, Bruxelles, Bruylant, 2011, 430-431; W. VANDENBRUWAENE and Y. PEETERS, “Lopende zaken en IPA: alibi om het parlement te boycotten?”, Juristenkrant 9 March 2011, 11; J. VELAERS and Y. PEETERS, “De ‘lopende zaken’ en de ontslagnemende regering”, TBP 2008, 5. 

[14] J. VELAERS, De Grondwet. Een artikelsgewijze commentaar, III, Brugge, die Keure, 2019, 468-469. 

[15] M. UYTTENDAELE, Trente leçons de droit constitutionnel, Bruxelles, Bruylant, 2011, 430-431; J. VELAERS and Y. PEETERS, “De ‘lopende zaken’ en de ontslagnemende regering”, TBP 2008, 5-6. For example: Council of State 17 February 2011, n° 211.317, commune de Neerpelt. 

[16] Council of State 9 July 1975, n° 17.128, Berckx; Council of State 21 April 2016, n° 234.463, gemeente Ukkel. 

[17] Council of State 29 January 1980, n° 20.081, Haesaerts. Also read: J. SALMON, Report of J. SALMON before the ruling of the Council of State 31 May 1994, n° 46.028, Leclercq, J.T. 1994, 515. 

[18] Council of State 20 January 1983 n° 22.850, Stuer; Council of State 17 February 2011, n° 211.317, commune de Neerpelt. 

[19] Council of State 7 April 2011, nr. 212.559. 

[20] Council of State 9 July 1975, n° 17.128, Berckx; Council of State 29 January 1980, n° 20.081, Haesaerts; Council of State 28 March 1991, n° 36.772, Van Steenlandt en Kempenaers; Council of State 3 November 1997, n° 69.331, a.s.b.l. het Onderling Steunfonds Syndic; Council of State 14 October 1998, n° 76.434, d’Oultremont; Council of State 16 mars 2010, n° 201.934, Pierson et consorts; Council of State 23 December 2010, n° 210.071, a.s.b.l. Verbond der verzorgingsinstellingen (Zorgnet Vlaanderen); Council of State 25 January 2011, n° 210.670, Vinois; Council of State 31 August 2011, n° 214.911, a.s.b.l. Syndicat des avocats pour la démocratie; Council of State 18 December 2019, n° 246.459, société de droit français AVIC et consorts. Also read: E. MAES, “Koning gekneld tussen twee ministers”, Juristenkrant 27 June 2007, 5. 

[21] Council of State 12 January 2001, n° 92.180, Laloyaux. Also read: Council of State 26 October 2010, n° 208.434, a.s.b.l. Fédération des hôpitaux privés de Belgique; Council of State 23 December 2010, n° 210.071, a.s.b.l. Verbond der verzorgingsinstellingen (Zorgnet Vlaanderen); Council of State 25 January 2011, n° 210.670, Vinois. 

[22] Constitutional Court 20 October 2011, n° 161/2011. 

[23] Council of State 31 August 2011, n° 214.911, a.s.b.l. Syndicat des avocats pour la démocratie; Council of State 18 December 2019, n° 246.459, société de droit français AVIC et consorts. 

[24] Council of State 15 March 1978, n° 18.848, Nationaal Christelijk Middenstandsverbond N.C.M.V.; Council of State 31 May 1994, n° 46.028, Leclercq, J.T. 1994, 515; Council of State 18 December 2007, n° 178.019, Union des Fabricants d’armes de chasse et de sport et S.A. Verrees Co; Council of State 31 August 2011, n° 214.911, a.s.b.l. Syndicat des avocats pour la démocratie. 

[25] Council of State 21 June 1974, n° 16.490, a.s.b.l. Fédération des industries chimiques de Belgique et consorts. 

[26] J. VANDE LANOTTE, “Neem plechtig uw hoofd af. Beschouwingen bij enkele actuele knelpunten van het Belgisch publiek recht”, R.W. 1998-89, 1154; J. SALMON, “A propos des affaires courantes: état de la question”, J.T. 1978, 663. Also read: Council of State 17 March 2008, n° 181.161, Blehen; Council of State 31 August 2011, n° 214.910, Pirard; Council of State 31 August 2011, a.s.b.l. Syndicat des avocats pour la démocratie, n° 214.911. 

[27] Proposal of law ‘portant assentiment à` l’Accord entre l’Union européenne, la Communauté ́ européenne et la Confédération suisse sur l’association de la Confédération suisse à la mise en oeuvre, à l’application et au développement de l’acquis de Schengen, et à l’Acte final, faits à Luxembourg le 26 octobre 2004’, Report of the commission of foreign affairs, Doc. parl. Chamber 2007-2008, n° 489/2, 3. 

[28] Council of State 21 June 1974, n° 16.490, a.s.b.l. Fédération des industries chimiques de Belgique et consorts. 

[29] Council of State 25 March 2013, nr. 222.969. 

[30] J. VELAERS and Y. PEETERS, “De ‘lopende zaken’ en de ontslagnemende regering”, TBP 2008, 10-11. Also read: K. MUYLLE, “De Koning tussen hamer en aambeeld? De lopende zaken en de verplichting de wetten uit te voeren”, (comments on Cass. 4 February 1999), Rec. Arr. Cass. 1999, 317. 

[31] Council of State 25 November 1983, n° 23.716, commune de Schaerbeek. Also read: Council of State 15 March 1978, n° 18.848, Nationaal Christelijk Middenstandsverbond N.C.M.V.; Council of State 21 November 1989, n° 33.430, Penneman et consorts; Cass. 4 February 1999, R.W. 1999-2000, 432, comments by P. POPELIER; J.T. 1999, 601. 

[32] Council of State 8 May 2014, n° 227.311. 

[33] Council of State 30 June 2011, n° 214.358, Annemans; Council of State 4 October 2012, n° 220.878, Annemans. 

[34] J. VELAERS, De Grondwet. Een artikelsgewijze commentaar, III, Brugge, die Keure, 2019, 475-477. 

[35] C. BEHRENDT, “Le régime des affaires courantes et la Constitution belge”, Rev. b. dr. const., 2020, 386-387; W. VANDENBRUWAENE and Y. PEETERS, “Lopende zaken en IPA: alibi om het parlement te boycotten?”, Juristenkrant 9 March 2011, 11; J. VELAERS and Y. PEETERS, “De ‘lopende zaken’ en de ontslagnemende regering”, TBP 2008, 11. 

[36] Y. PEETERS et W. VANDENBRUWAENE, “Mag een ontslagnemende regering tot militaire operaties in het buitenland besluiten?”, Juristenkrant 6 April 2011, 6. 

[37] Council of State 18 December 2018, n° 243.271, Dewinter. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

سلطات إدارية ، تشريعات وقوانين ، دستور وانتخابات ، دراسات ، أوروبا



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني