تحت عدسة الكاميرا، حديث غاضب عن نيابة عمومية لم تفهم ما يريد الرئيس


2022-04-16    |   

تحت عدسة الكاميرا، حديث غاضب عن نيابة عمومية لم تفهم ما يريد الرئيس

مساء يوم 15-04-2022، استقبل الرئيس التونسي قيس سعيد وزيرته للعدل ليلى جفال ليسجل في حضورها الصامت مقطع فيديو حدثها فيه[1] عن استيائه من تعاطي النيابة العمومية في قضية النواب المتهمين بالتآمر على أمن الدولة لعقدهم جلسة عامة لمجلسهم رغم قراره تجميد عملهم. كما استنكر في الفيديو نفسه عدم مبادرة النيابات العامة لتتبّع من قال أنّه يريد أن يؤسّس برلمانا في الخارج أو من يدْعون لحكومة إنقاذ وطنيّ. وبعد أن استذكر أنه حلّ المجلس الأعلى للقضاء وغيّر تركيبته حفاظا على استقلالية القضاء، رأى أن هذا الأمر لم يتحقّق بعد بدليل حصول سابقة لم يشهدها القضاء في العالم وهي أن تؤخر سماعات النواب لأجل غير محدد وأن يستمرّ نشر القضايا من دون صدور أحكام ممّا يضيّع حقوق الناس ويمكّن من نهبوا خزائن الدولة وفقّروا الشعب من الإفلات من العقاب.

واللافت أن خطابه التحريضي ضد القضاء ورد بعد ساعات من إعلان النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس بأنها أحالت إلى عميد قضاة التحقيق قضية التآمر على أمن الدولة، وهي تشمل 121 نائبا شاركوا في جلسة عامّة افتراضية لمجلسهم عقدت بتاريخ 31-03-2022. وهي القضية التي باشرتْ النيابة العمومية الملاحقة فيها بناءً على تعليمات وزيرة العدل طبق أحكام الفصل 23 من مجلة الإجراءات الجزائية[2]. ونفهم من ذلك أن غضب سعيّد من القضاء يتجاوز ملف انعقاد مجلس نواب الشعب ليتعلق أساسا بتطورات الحراك السياسي المناوئ له في اتجاه الحديث عن بدائل سياسية لمنظومة الحكم التي يؤسس لها من دون أن تتحرك النيابة العمومية لردع المشاركين فيه. وهو ما أشار إليه بوضوح في حديثه عن مطالبة من سمّاه أحدهم[3] بحكومة إنقاذ وطني.

هنا يبدو من الواضح ما ينتظره الرئيس من دور للقضاء في حسم معاركه مع معارضيه وما نستشفّه من مقاومة صامتة من القضاء المهني لذلك بدرجة أو بأخرى. وهي أمور تستدعي الوقوف عندها لئلا يترك القضاة وحدهم في مواجهة سلطة سياسية ملّكت نفسها كلّ وسائل الضغط عليهم ومن أهمها التلويح بإعفاء من لا ينسجم منهم معها وإجراء حركة تعيينات في الخطط القضائية تبعد بها من لا ينفذون توجيهاتها من مواقع القرار وتستبدلهم بمن لهم الاستعداد لخدمتها.


[1] وكان من أهم ما ورد في قوله أنه تم حل مجلس القضاء وتغيير تركيبته لأجل الحفاظ على استقلالية القضاء للأسف ما نراه اليوم من قبل عدد من القضاة وليس من قبل أغلبيتهم اغتيال للعدالة. لا يمكن أن يستمر الوضع.. هذه محاولة انقلاب.. لم يتم اعتقالهم ولم نطلب اعتقالهم.. اليوم نعيش في ظرف يجب فيه على النيابة أن تقوم بدورها: شخص يريد أن يقيم برلمانا في الخارج وآخر يريد أن يؤسس حكومة إنقاذ وطني.. ولم هي لا تمارس دورها؟ الحق واضح والتلاعب بالحقوق أيضا واضح والدولة ليست لعبة”.
[2]  صباح يوم 15-04-2022 أعلن مكتب الاتصال للنيابة العمومية لدى المحكمة الابتدائية بتونس عن صدور قرار بذات التاريخ عن وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس ب “فتح بحث تحقيقي ضد كافة المشمولين بالتتبع في قضية التآمر على أمن الدولة المنسوبة إلى عدد من النواب وتعهيد البحث في القضية لعميد قضاة التحقيق.
[3]  يبدو أن المقصود هنا هو رئيس الهيئة السياسية لحزب أمل والناشط السياسي البارز أحمد نجيب الشابي الذي دعا لتكوين جبهة وطنية للإنقاذ الوطني.
انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، أجهزة أمنية ، البرلمان ، استقلال القضاء ، مقالات ، تونس ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني