بعد 5 سنوات من إقرار قانون معاقبة التعذيب، لا يوجد تقدّم ملموس في تطبيق القانون


2023-06-26    |   

بعد 5 سنوات من إقرار قانون معاقبة التعذيب، لا يوجد تقدّم ملموس في تطبيق القانون
رسم رائد شرف

بيان مشترك إلى السلطات اللبنانية

في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، نحن المنظمات الموقعة أدناه، ندعو السلطات اللبنانية إلى إنفاذ قانون معاقبة التعذيب في لبنان بجدية وفاعلية. من الضروري على السلطات أن تتابع بشكل حثيث التحقيقات في كل حالة من حالات التعذيب وسوء المعاملة المبلغ عنها، وتضمن محاسبة المسؤولين عن ذلك من خلال الملاحقة القضائية والمحاكمات العادلة، والحكم عليهم بالعقوبات المناسبة إذا ثبتت إدانتهم.

صادق لبنان على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في عام 2000، إلى جانب بروتوكولها الاختياري في عام 2008. في 19 أيلول 2017، أصدر مجلس النواب اللبناني القانون رقم 65/2017 الذي يجرّم التعذيب ولكن لا يفي بالتزامات لبنان بموجب اتفاقية الأمم المتحدة.

على الرغم من مرور أكثر من خمس سنوات على سنّ قانون معاقبة التعذيب، إلّا أنّ السلطات لم تنفّذه بالكامل بعد. في تموز 2019، عيّنت الحكومة الأعضاء الخمسة في اللجنة الوطنية للوقاية من التعذيب، والتي تم إنشاؤها بموجب البروتوكول الاختياري. إلّا أنّ السلطات لم تعتمد بعد المراسيم التنفيذية اللازمة لبدء عملها، والتي تشمل القيام بزيارات منتظمة ومفاجئة لجميع مراكز الاحتجاز ورصد شكاوى التعذيب.

في أحد الأمثلة البارزة، توفّي بشار عبد السعود في 31 آب 2022، وهو لاجئ سوري. جاء ذلك بعد يوم واحد من اعتقاله من قبل جهاز أمن الدولة اللبناني، بعد ادّعاءات عن تعرّضه لتعذيب بقساوة في فرع أمن الدولة في تبنين، جنوب لبنان. في 2 أيلول 2022، أمر مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية في بيروت باعتقال ضابط وأربعة من عناصر فرع أمن الدولة في تبنين بتهمة تعذيب السعود. وأحال مفوض الحكومة القضية إلى قاضي التحقيق العسكري لمزيد من التحقيق. وفي 7 أيلول قدّم محامي السعود شكوى تعذيب إلى النيابة العامة التمييزية.

ومع ذلك، فقد تمّ إحالة الشكوى إلى القضاء العسكري وذلك خلافًا لأحكام قانون معاقبة التعذيب، الذي ينصّ على رفع مثل هذه القضايا أمام المحاكم المدنية. في 29 تشرين الثاني 2022، أصدرت قاضية التحقيق العسكري المكلفة بالقضية قرارًا اتهاميًا في حق الخمسة، بموجبه أحالت الضابط وعناصر أمن الدولة الأربعة للمحاكمة، لكن القاضية أكدت أن المحكمة العسكرية مختصة بالنظر في القضية. في 5 نيسان 2023، أمرت المحكمة بالإفراج المؤقت عن جميع المحتجزين المتورطين في القضية، باستثناء متّهم واحد من الأدنى رتبة. لا تزال القضية قيد المحاكمة، مع تحديد موعد الجلسة التالية في 17 تشرين الثاني 2023.

وفي قضية أخرى، في 11 كانون الثاني 2022، قرّر النائب العام في بيروت حفظ شكوى التعذيب المقدّمة من قبل الفنان المسرحي زياد عيتاني ضد عناصر من أمن الدولة، وصدر القرار من دون أي تعليل ومن دون إجراء تحقيقات كافية في القضية. وكان عيتاني قد تم توقيفه من قبل أمن الدولة في العام 2017 بشبهة التجسس لإسرائيل وأفاد بتعرضّه للتعذيب، ثم تمّت تبرئته من هذه التهم.

في عام 2020، عدّل مجلس النواب المادة 47 من قانون اصول المحاكمات الجزائية، حيث منحت هذه المادة المحامين صراحة حق التواجد مع المحتجزين أثناء الاستجوابات الأولية من قبل الأجهزة الأمنية. ومع ذلك، فقد انتهكت الأجهزة الأمنية هذه المادة بشكل متكرر، حيث وفقًا للمفكرة القانونية، حرمت هذه الأجهزة المحتجزين من حق التمثيل القانوني أثناء استجوابهم. تعرّض بعض المعتقلين للعنف الجسدي، كما في قضية السعود.

منذ كانون الثاني 2023، قام الجيش اللبناني بترحيل اللاجئين السوريين من دون إجراءات قانونية إلى سوريا، في انتهاك للمادة 3 من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب والتزامات لبنان بموجب مبدأ القانون الدولي العرفي بعدم الإعادة القسرية.

في إحدى القضايا البارزة في أوائل عام 2023، قام الجيش اللبناني بترحيل أكثر من 200 سوري كان قد أنقذهم آنذاك أثناء غرق قارب  قبالة سواحل شمال لبنان، وكان قد سبق أن سجّل العديد من المرحّلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

إزاء كل ما تقدّم، نحث السلطات اللبنانية على اتخاذ الإجراءات التالية:

1. ضمان الالتزام بالمادة 47 من أصول المحاكمات الجزائية، لا سيما لناحية ضمان الاستعانة بمحام وعرض جميع الموقوفين للمعاينة الطبية أثناء استجوابهم الأوّلي من قبل الأجهزة الأمنية؛

2.  احترام مهل التوقيف الاحتياطي المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية؛

3. إجراء تحقيقات فورية ومستقلة ونزيهة وفعالة في الشكاوى والإخبارات المتعلقة بالتعذيب، فضلًا عن المعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة؛

4. إحالة جميع قضايا التعذيب إلى المحاكم العدلية المنصوص عليها في المادة 15 من قانون أصول المحاكمات الجزائية وضمان حق جميع الأطراف في محاكمة مستقلة وعادلة وشفافة؛

5. الكف فورًا عن الترحيل القسري للاجئين السوريين، والسماح للأشخاص المعرضين لخطر الترحيل بالحصول على المشورة القانونية، والتواصل مع ممثلين عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والاعتراض على قرارات الترحيل أمام القضاء؛

6. إقرار قانون يضمن استقلال القضاء وفق المعايير الدولية؛

7. تعديل قانون معاقبة التعذيب بما يتماشى مع التزامات لبنان الدولية واتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب؛

8. إصدار المراسيم الحكومية الضرورية للسماح للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، بما في ذلك الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، بالوفاء بمهامها؛

9. تقديم التقرير الدوري الثاني للبنان إلى لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، والذي تأخر تقديمه منذ أيار 2021، وقبول طلب المقرر الخاص المعني بالتعذيب في الأمم المتحدة بزيارة لبنان والمعلقة منذ شباط 2017؛

10. الاعتراف باختصاص لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة في تلقي الشكاوى الفردية المقدمة من الضحايا والنظر فيها، على النحو المنصوص عليه في المادة 22 من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب؛

11. نشر التقارير المحالة من قبل اللجنة الفرعية لمنع التعذيب التابعة للأمم المتحدة إلى لبنان.

قائمة الموقعين:

  • المركز اللبناني لحقوق الإنسان
  • المفكرة القانونية
  • براود ليبانون
  • جمعية الأيادي المساعدة
  • جمعية عدل ورحمة
  • مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب
  • مركز سيدار للدراسات القانونية
  • منّا لحقوق الإنسان
  • هيومن رايتس ووتش

لقراءة البيان باللغة الإنكليزية

انشر المقال

متوفر من خلال:

محاكمة عادلة وتعذيب ، لبنان ، مقالات ، احتجاز وتعذيب



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني