برنامج “أول عمل للشباب” في مرسوم نافذ: الدولة في أول عمل ضد “الهجرة”


2012-08-28    |   

برنامج “أول عمل للشباب” في مرسوم نافذ: الدولة في أول عمل ضد “الهجرة”

بتاريخ 10 آب 2012، صدر مرسوم رقم 8691 بناء على اقتراح وزير العمل بانشاء برنامج "أول عمل للشباب". وهو يهدف الى "تشجيع أصحاب العمل على توفير فرصة عمل أولى مستدامة للشباب اللبناني للحد من هجرتهم وتزويدهم بالكفاءات المهنية" حسبما جاء في متنه. وقد تمثل هذا التشجيع بدعم مالي، تقدمه المؤسسة الوطنية للاستخدام لأصحاب العمل من جراء توظيف هؤلاء. ويعادل هذا الدعم كامل قيمة الاشتراكات المتوجبة عليهم تجاه الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي خلال السنة الأولى من توظيف هؤلاء، لينخفض الى ثلثيها خلال الفصلين الأولين من السنة الثانية وثلثها خلال الفصلين الأخيرين من هذه السنة. وكان وزير العمل السابق شربل نحاس قد أنجز مشروع المرسوم المذكور قبل استقالته في كانون الثاني (يناير) 2012.  
وبقراءة سريعة، يستوجب هذا المرسوم ملاحظات عدة:  
الأولى، أنه يشكل محاولة أولى للحد من هجرة الشباب وفق ما ورد في متنه مما يعكس انعطافة هامة في مسار السياسة اللبنانية التي بدت حتى اللحظة حيادية ازاء هذه الظاهرة وازاء الخسارة الفادحة الناجمة عنها على صعيد مشاعر المواطنة والتماسك الاجتماعي ولكن أيضا على صعيد الأدمغة والمهارات الناجمة عنها،
الثانية، أنه يؤدي الى اعادة احياء "المؤسسة الوطنية للاستخدام" ومعها دور الدولة في تفعيل حق العمل. وهو بالطبع أمر يؤشر، في حال الالتزام به، الى اعادة صياغة العلاقة بين الشباب والدولة، بحيث تخرج هذه الأخيرة من دورها اللامبالي أو أقله المحايد ازاء حاجات هؤلاء في دخول سوق العمل وتطور قدراتها المؤسساتية والبشرية والمادية في هذا المجال على نحو ينعكس ايجابا على فئات اجتماعية أخرى ممن يعانون من رفض أو تهميش بنيويين في هذه السوق وعلى رأسهم المعوقين. وبالطبع، هذه السياسة تبقى مجتزأة والى حد كبير "غريبة" في حال اقتصرت على القطاع الخاص، من دون اتخاذ أي تدبير لضمان المساواة في حظوظ المواطنين في دخول القطاع العام. فكيف يعقل أن تخصص الدولة موارد مالية لتحفيز توظيف الشباب في القطاع الخاص، فيما هي تبقي الحواجز قائمة أمام ولوجهم للقطاع العام من خلال لعبة التعاقد على أساس المحسوبية وحصر المباراة بالمتعاقدين "المحسوبين" مع اغلاقها بوجه كل من ليسوا كذلك؟   
الثالثة، أن مدة البرنامج هي خمس سنوات، مما يجعل منه تدبيرا تجريبيا قابلا للمراجعة على ضوء نتائجه العملية. ويتبنى المرسوم من خلال ذلك آلية جديدة من شأنها أن تزيد منسوب العقلانية في القرارات العامة.  وما يعزز ذلك هي التوازنات التي تضمنها المرسوم في عدد من مواده، بحيث يتم تحفيز العمل الأول للشباب من دون أن يتم ذلك على حساب الفئات الأخرى. بل أهم من ذلك أن المرسوم لا يعرف "الشباب" بحيث يترك الباب مفتوحا لتوسيع الفئة العمرية المعنية، أو ربما لانطباقه على كل من لم يتسن له بعد دخول سوق العمل.  
 
بقي أن نتمنى أن يشق هذا المرسوم طريقه الى التطبيق بشكل فعال وعادل. فما نخشاه هو أن يبقى كما الكثير من الحقوق الاجتماعية، حبرا على ورق، بغياب قوة الارادة السياسية التي تبقى بداهة محكومة بمصالح "الزعامات" مع تهميش متزايد لحاجات المواطن. فبماذا تضير الهجرة هذه "الزعامات"؟ بل أليست "الهجرة" مخرجا محبذا وطبيعيا ازاء من يعاند "سياسة الاستزلام"؟
 

انشر المقال

متوفر من خلال:

غير مصنف



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني