انكماش حراكات المجتمع المدني في 2017 عنها في السنوات السابقة: “المرصد” يوثق تعرية عمال لبنان ومكتسباتهم ومؤسسة الضمان


2018-04-16    |   

انكماش حراكات المجتمع المدني في 2017 عنها في السنوات السابقة: “المرصد” يوثق تعرية عمال لبنان ومكتسباتهم ومؤسسة الضمان

بتاريخ 12/4/2018 أطلق المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين  تقريره السادس حول التحركات والانتهاكات والتشريعات التي سجلها خلال العام 2017 ، خلال مؤتمر صحافي عقد في مركز المرصد في بيروت.

 تميزّ تقرير الرصد لعام 2017 عن غيره من التقارير السابقة لجهة إضافة محور ثالث الى محوريّ التحركات والإستشارات، تمثل برصد التشريعات والقوانين التي صدرت عن مجلس النواب اللبناني في العام 2017.

أما الثابت في التقرير، كما التقارير التي سبقته، هو غياب الدور الفعال للإتحاد العمالي العام على الرغم من التبديل الحاصل في قيادته إثر الإنتخابات التي أتت بالدكتور بشارة الأسمر خلفا لغسان غصن، وبقي أيضاً تمركز "التحركات الإحتجاجية  بشكل أساسي في منطقة بيروت الكبرى بنسبة 52.11%، تليها التحركات في جبل لبنان بنسبة 9.8%".

وقد عرضت حنان يونس نبذة موجزة عما يتضمنه تقرير المرصد لهذا العام.

في التشريعات:

وفيما خص عملية رصد القرارات والمراسيم الوزارية والتشريعات والقوانين ذات العلاقة بحقوق العمال والموظفين فقد اعتبر المرصد أن"العام 2017 شهد عودة بطيئة للتشريعات بعد تغييب طويل لدور مجلس النواب بالرغم من تمديد ولايته".

 ومن أبرز هذه التشريعات:

  • قانون الايجارات رقم 2/2017، والذي يقوم على تحرير تدريجي للعقود، ورأى المرصد أن هذا القانون "يكلف الخزينة العامة أكثر من 800 مليون دولار، ولا يضع رؤية إسكانية، ولا يؤمن بدائل سكنية للمستأجرين القدامى".
  • قانون الضرائب رقم 66، ويأتي هذا القانون كتعديل على قانون الضرائب رقم 45 والمطعون فيه أمام المجلس الدستوري، واعتبر المرصد أن هذا القانون "رفع العبء الضريبي على أصحاب الدخل المحدود، إلا أنه، وللمرة الأولى، فرض ضرائب على عقود البيع العقاري".
  • قانون إقرار سلسلة الرتب والرواتب رقم 46، "الذي أقر بعد صراع طويل خاضته هيئة التنسيق النقابية بقيادة النقابي حنا غريب(الأمين العام للحزب الشيوعي حاليا)".

في الإستشارات ورصد الانتهاكات

يسجل تقرير العام 2017 إلى "تلقي المرصد نحو  169 استشارة، وسجلت الاستشارات المتعلقة بالصرف التعسفي ما نسبته 43.7% من مجمل الاستشارات". ووثق "تدني نسبة طلب الاستشارة من الاناث حيث بلغت نسبة الاناث طالبات الاستشارة فقط 36%، فيما يلاحظ أن النساء يركزن اهتمامهن على ساعات العمل والاجازات، ولا يعطين أهمية للأجر والضمانات الاجتماعية".

وعلى صعيد القطاعات جاءت "أعلى نسبة انتهاكات في القطاع التجاري بنسبة 37% ويليها قطاع الاعلام بنسبة 12%"، وكان مستغرباً احتلال قطاع منظمات المجتمع المدني المرتبة الرابعة بنسبة 10.6% فيما يفترض أن يكون هذا القطاع راعيا ومدافعا عن حقوق الإنسان".

في الإحتجاجات والقضايا المطلبية

واللافت ايضاً إنكماش لدى المجتمع اللبناني بالنسبة للتحركات برغم الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي تشهدها البلاد، إذ شهد العام 2017 ادنى نسبة تحركات بالمقارنة مع الاعوام الماضية، حيث بلغت 71 تحركا فقط.

واستحوذ القطاع العام، وفق التقرير، على أعلى نسبة تحركات بنسبة 49% من مجمل التحركات. وتركزت التحركات الاحتجاجية في المؤسسات العامة لاسيما قطاعي الاستشفاء والطاقة". ويرى معدو التقرير في "تكرر الاحتجاجات في هذين القطاعين بشكل سنوي ما يدفع للاعتقاد أن الحكومات المتعاقبة تتعمد إضعاف هذين القطاعين تمهيدا لخصخصتهما".

 من جهة ثانية، وبرغم من أن "القطاع التجاري يستحوذ على أعلى نسبة انتهاكات، إلاّ أن هذا القطاع سجل أدنى نسبة من التحركات الاحتجاجية التي وصلت إلى 4.2% من مجمل التحركات". أما أبرز التحركات في هذا المجال فكانت "لـعمال الـ TSC بعد أن أقفلت المؤسسة أبوابها. كما بلغت نسبة التحركات في القطاع الصناعي 7% وأيضا كان التحرك مرتبطا بعمال شركة فليفل بعد ان صرفوا من العمل".

وأوضح التقرير أن"الأغلبية الساحقة من التحركات الاحتجاجية في القطاع الخاص لم تأت للمطالبة بتحسين شروط العمل، ولا من أجل الدفاع عن المكتسبات، بل وصلت حالة التردي العمالي والنقابي  إلى مرحلة أصبح التحرك مرتبط بالصرف من العمل".

وفي فصل خاص بالاحتجاجات في القطاع التربوي، سُجلت التحركات التي قام بها أساتذة التعليم الثانوي والمتعاقدين وهيئة التنسيق النقابية كافة، إلاّ أنه غاب عن هذا الفصل رصد التحركات التي قام بها أهالي الطلاب في المدارس الخاصة تحت راية هيئة تنسيق لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة، والتي كان لها العديد من الأنشطة والتحركات في خلال العام 2017 والتي توصلت في العام 2018 إلى إطلاق الحملة الوطنية لدعم لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة في لبنان "نعم لأولادنا".  

مطالب نسيها الاتحاد العمالي العام

واللافت أيضاً غياب "مطلب الحماية الاجتماعية الشاملة لكل اللبنانيين عن مجمل التحركات ، في ظل التضييق المستمر على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي سواء من خلال عدم إصدار مراسيم تنفيذية لتشغيل فروعه كافة، أو لجهة عدم ملء الشواغر خصوصا أن 50% من العاملين في لبنان غير مسجلين في الصندوق بسبب ضعف جهاز التفتيش وعدم وجود عدد كاف من الموظفين لملاحقة المؤسسات والشركات المتخلفة عن التسديد ودفع الاشتراكات".

ويرى معدو التقرير أن"الضمان الإجتماعي يواجه اليوم معركة تفليسه حيث تسعى السلطة إلى نهب أموال الضمان المقدرة بـ15 مليار دولار تمهيدا لإعلان إفلاسه وخصخصة أحد أهم مؤسسات الحماية الاجتماعية في لبنان".

وكان للاتحاد العمالي العام حصته من النقد سواء في التقرير أو خلال المؤتمر الصحافي، فعلى سبيل المثال في موضوع "الحد الادنى للأجور"، سجل المرصد "غياب الاتحاد العمالي العام عن هذا المطلب بالرغم من مرور 6 سنوات على تعديل الحد الادنى للأجور، فيما لم يفكر الاتحاد العمالي العام أن يستغل إقرار سلسلة الرتب والرواتب من أجل إطلاق موجة جديدة من التحركات في القطاع الخاص لحماية القدرة الشرائية".

ومن أبرز المطالب التي على الاتحاد العمالي العام الاطلال عليها، وفق معدو التقرير، تحسين وتفعيل عمل مجالس العمل التحكيمية حيث يبقى العمال أمام هذه المحاكم لسنوات طويلة ما يتيح لأرباب العمل الضغط على العمال وإجبارهم على قبول ما هو أقل من حقوقهم كي لا يضطروا إلى انتظار صدور الحكم".

كما تمت الإشارة الى أن "أزمة مجالس العمل ليست مرتبطة بعدم اهتمام الاتحاد العمالي بالجانب القانوني والضامن لحقوق العمال فقط، بل ما يزيد الطين بلة أن الاتحاد جزء من المشكلة حيث أن أغلبية ممثلي العمال في هذه المجالس من الذين ينتدبهم الاتحاد لهذه المهمة يعوزهم الكثير من المعرفة والكفاءة النقابية والقانونية".

أفلام توعية حول الحقوق

و تحت شعار "تما يضيع حقك" عرض رئيس قسم التحرير والدراسات في المرصد أسعد سمور ثلاثة أفلام ترويجية للاشخاص الذين يحتاجون الى استشارات. تتناول هذه الأفلام ثلاث مواضيع هي إجازة الأمومة، انتساب الموظف الجديد الى صندوق الضمان الإجتماعي والصرف التعسفي من الخدمة. وكان لافتاً هذه المرة الابتعاد عن الرسوم المتحركة حيث أن هذه الأفلام قدمت بواسطة الممثلين عايدة صبرا برناديت حديب وعبدو شاهين. وقد لفت سمور الى أنه سيتم نشرها تباعاً عبر شاشات التلفزة ابتداءً من الاول من أيار.

كما ذكّر برقم المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين الذي بإمكانه تقديم المزيد من التوضيحات والاستشارات 05951573

 

مداخلات الحضور

وبعد العرض كانت مداخلة للحضور ومن أبرزهم الدكتور غسان صليبي الذي رأى أنه "حان الوقت كي لا يبقى عرض نتائج تقرير الرصد السنوي محصورة في مؤتمر صحافي، بل من المفيد، ولندرته وأهميته في لبنان أن تجري في السنة المقبلة ندوة يعرض خلالها التقرير مع عدد من الاشخاص الذين يعلقون عليه".

وبعدما أشاد مارون خولي بالتقرير توقف عند عدد من الثغرات فيه مطالباً بأن "يكون التقرير معمقاً اكثر ويقوم بتشخيص المشكلة وتقديم الحلول". كما رأى أنه"كان على التقرير أن يطرح مسألة إقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ويطرح بعض الأسئلة ومنها لماذا هذا المجلس توجه الى أصحاب العمل ولم يتوجه للعمال؟ والاضاءة على هيكلية المجلس بعيداً عن المحاصصة". واقترح أن"يتم في العام المقبل تشكيل لجنة من المعنيين تشرف على التقرير وتضع اقتراحات على الثغرات الموجودة فيه".

أما السفير المتقاعد سمير خوري فرأى "ضرورة في أن يتناول التقرير موضوع عمل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان" وقال:"نحن في حالة جمود منذ العام 2010 الى اليوم وقانون العمل وضع وتعدل ولكن لم ينفذ التعديل خاصة على صعيد الضمان الاجتماعي، فصاحب العمل يدفع 23.5% ولكن مع ذلك فإن العمال الفلسطينيون لا يضمنون إلاّ تعويض نهاية الخدمة".

وسأل الأب ألبير عازار"إن تمت الاشارة في التقرير الى نقابة عاملات المنازل ورصد أنشطتها".

ورد منسق المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين الدكتور أحمد ديراني على أسئلة الحضور وتعليقاتهم معتبراً أن" التقرير يتضمن العديد من النواقص ولكن في كل عام يكون هناك تطور في عملية الرصد". ولفت إلى أنه"في بداية تقرير المرصد كانت تتم عملية رصد الاحتجاجات وحسب، بينما الآن بات هناك تشريعات وشكاوى وكل الملاحظات المقدمة تؤخذ بعين الاعتبار ويتم الإستعانة بها  لسد الثغرات رويداً رويداً وستأخذ مسارها مع الوقت". وفيما خص العمال الفلسطينيين ذكر بإطلاق صفحة خاصة للمرصد  منذ نحو الشهر تعنى بشؤون العمال الفلسطينين في لبنان".

وأوضح أسعد سمور أن"التقرير الذي يجري إطلاقه في كل عام هو تقرير كمي أكثر مما هو نوعي يقوم بتعداد عدد المظاهرات والاضرابات التي تحصل ويعمد إلى دراستها من الناحية الكمية. وبناء على التحركات التي تحصل تتحدد الخطوات المزمع القيام بها في السنة اللاحقة". ورأى أن"قيمة هذا التقرير بالنسبة لنا كمرصد هو أنه يعطينا القاعدة التي يجب الانطلاق منها لرؤية ما هي السياسة التي يجب مواجهتها أو العمل معها".

وفي ختام المؤتمر أعلن ديراني عن ورشة عمل تعقد  في الاسبوع الثاني من شهر أيار لإجراء  قراءة نقدية لواقع المجتمع المدني، يعقبها قراءة نقدية لواقع الحركة النقابية.

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، حقوق العمال والنقابات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني