اليونيسيف: 4 آب سرق أمان أطفال لبنان و64% منهم بحاجة إلى دعم سريع


2021-08-06    |   

اليونيسيف: 4 آب سرق أمان أطفال لبنان و64% منهم بحاجة إلى دعم سريع
(الصورة من موقع كارنيغي الشرق الأوسط)

 آب سرق أمان الأطفال، هذا ما خلصت إليه “اليونيسيف” بعد مسح ميداني أجرته خلال شهر تموز الماضي على عيّنة من حوالي 1200 أسرة لبنانية متضرّرة من التفجير. وأعلن المدير الإقليمي للمنظمة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تيد شيبان أنّ التفجير “حطّم الحياة الطبيعية للأطفال وسرق الأمان منهم”، فقد خسر كثير منهم قريباً أو رفيقاً،  كما حرموا من الخدمات الجيّدة بعد أن “تعرّضت البنية التحتية من مياه، ومدارس ومستشفيات لأضرار كبيرة”. ودعا لأن يكون الأطفال أولويّة، مشدداً على ضرورة حمايتهم من خلال توفير الحاجات الأساسية الصحية والغذائية، بالإضافة إلى الحماية من العنف.

ووصف شيبان في مؤتمر صحافي عقدته المنظمة نهار الثلاثاء 3 آب في حديقة الكرنتينا العامّة، التفجير بأنّه “هو واحد من أضخم الانفجارات في التاريخ الحديث”، و”قلب حياة عشرات الآلاف في لحظة واحدة”. وأشار شيبان إلى أنّ “الانفجار لم يكن متوقعاً، ولكنّه جاء نتيجة تقصير لسنوات في مجالات الاقتصاد والإدارة”، ملاحظاً أنّ “الوضع صار أسوأ” لأنّ “لبنان في حالة انهيار كبير، ويعاني من 3 مستويات من الأزمات، الاقتصادية، والسياسية، وكوفيد – 19”.

الأرقام مخيفة

أكّد شيبان أنّ حوالي 600 ألف طفل تأثّروا نفسياً من الانفجار، منطلقاً من مظاهر الانهيار المتسارعة، ليتوقّع بأنّ “كل طفل في لبنان سيحتاج إلى المساعدة بسبب ما يحصل من انهيار للخدمات الأساسية”. وبحسب تقرير المنظمة فإنّ “أكثر من 30% من الأسر في لبنان لديها طفل واحد على الأقلّ، تخطّى إحدى وجبات الطعام الأساسية أو نام بلا عشاء! و77% من الأسر تقول إنها تفتقر الى ما يكفي من طعام أو ما يكفي من المال لشراء الطعام. وبالنسبة إلى الأسر السورية فإنّ الوضع أسوأ بكثير، حيث ترتفع النسبة إلى 99%. وتفتقر أسرة واحدة من كلّ خمس أسر إلى ما يكفي من مياه الشرب”.

وأشار التقرير إلى أنّه بحسب تقييم شهر نيسان 2021، تبيّن أنّ 40% من الأطفال ينتمون إلى أسر لا يعمل فيها أحد، وأنّ 77% منهم ينضوون في أسر لا تتلقّى أيّة مساعدة اجتماعية. لذلك ونظراً إلى عدم وجود بوادر حلّ في الأفق، تعرب المنظمة عن قلقها تجاه هذه الأرقام خصوصاً على مستقبل 1.2 مليون طفل يعيشون في لبنان، 64% منهم بحاجة إلى دعم سريع.

وأضاف المدير الإقليمي لليونيسيف في المؤتمر الصحافي أنّ 71% من المقيمين مهدّدون بعدم الحصول على مياه نظيفة أي حوالي 4 ملايين نسمة بسبب تدهور الخدمات، كما تطرّق إلى المعاناة من التغذية الكهربائية التي تتراوح مدّتها بين الساعتين والأربع ساعات. في موازاة ذلك، أشار البيان الصحافي الصادر عن المنظمة أنّه “بعد مرور عام كامل على تفجير مرفأ بيروت، تستمرّ احتياجات الأطفال الشديدة، وتبقى أكثر من 98% من الأسر في حاجة ماسّة إلى الدعم”.  كما ذكّر البيان بأنّ “التفجير أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص، بينهم 6 أطفال، وإصابة أكثر من 6500 شخص، بينهم 1000 طفل”. وأنّه “مع الدمار الكبير الذي لحق قطاع الاقتصاد والأعمال في لبنان، فقد عشرات آلاف العمال وظائفهم، ما جعلهم يعانون في سبيل توفير الطعام إلى أسرهم وتقديم الرعاية الصحية التي يحتاج إليها أطفالهم”.

أظهر المسح الذي أجرته اليونيسيف أنّ أسرتين من كلّ ثلاث أسر أي ما يعادل 68,6% لم تحصل على الرعاية الصحية أو الأدوية منذ عام كامل. وبيّن الاستطلاع أنّ 30% من الأطفال لا يتلقّون الرعاية الصحية الأوّلية التي يحتاجون إليها. في المقابل، 76% من الأسر قالت إنّها تأثرت بارتفاع أسعار الأدوية الهائل.  

الأطفال خائفون

تضمّن المؤتمر الصحافي عرضاً توثيقياً لشهادات مجموعة من الأطفال الذين عايشوا لحظات رهيبة في 4 آب، وما زالت الذكرى راسخة في مخيلتهم، ومؤثرة في حياتهم وعلاقتهم بالمحيط. عبّروا عن ذلك اليوم بطرق مختلفة. بعض الأطفال جسّدوا ذاك اليوم برسمة “أم تحمل طفلها، أب ينزف دماً من كافة أنحاء جسمه، وأطفال خائفون. دخان ورماد يملأ الأرجاء”. فيما تحدّث أطفال آخرون عن تلك اللحظات، ميرا ابنة الـ8 سنوات، فجأة ومن دون سابق إنذار وجدت نفسها وسط كومة من الركام، “كل شيء بدأ يقع عليها، انفتح رأسها”، عاد شقيقها محمد، ولم يعد شقيقها الآخر، وفي هذه الأثناء انشغل ربّ العائلة بالبحث عن “جثة ابنه”. وتضيف ميرا أنّ “أسنانها تحطّمت من الانفجار، ولم تتمكّن من إصلاح سوى سنّ واحد فقط، ولذلك أصبحت عرضة للتنمّر بسبب تحطّم أسنانها”.

أما غنوة 15 عاماً، فتحدثت عن خوفها من “كلّ شيء”، وتحديداً الأصوات التي تسبّب لها “رجفة”، قائلةً “إذا حصل معي أي شيء، تجدني أصرخ، وتنتابني الرجفة”. أدّى الخوف بمحمد ابن الـ8 سنوات إلى النوم بجانب والدته باستمرار، لأنّه “أصبح يخاف من الانفجار”. في المقابل، تخشى مارلين 12 سنة من تكرار الانفجار نفسه ومن “أن تطير بالسماء”، لافتةً إلى أنّها الكبيرة في البيت لذلك يركض أخوتها الصغار “يتمسّكون بها ويحضنوها عند سماع أي صوت، وهي تقوم بتهدئتهم”.

لبنان في سقوط حر

تعتقد جولييت توما المديرة الإقليمية للإعلام في “اليونيسيف” أنّ الآثار السلبية لانفجار المرفأ على الأسر ما زالت مستمرة، فعدد كبير منهم يعيش في أماكن إقامة مؤقّتة، لافتةً إلى حجم الضرر النفسي الواقع على العائلات والأطفال، حيث “يعاني هؤلاء من الخوف، الكوابيس، البكاء الشديد، وغيرها من الآثار النفسية”. وأكدت توما في حديث لـ”المفكرة القانونية” أنّ هناك احتياجات متزايدة للمساعدات النقدية، بالإضافة إلى الحاجة للدعم النفسي، مضيفةً أنّ “الأوضاع تسوء باستمرار، ولبنان في حالة سقوط حر باتجاه الهاوية”، كما أنّ “الآثار السلبية تفاقمت بسبب الأزمة الاقتصادية وكورونا، والأزمة السياسية التي يعانيها لبنان”.

تشيد جولييت توما بدور المجتمع المدني اللبناني، وعلى حد تعبيرها “لولا المجتمع المدني والمؤسّسات الشبابية لكانت البلاد سقطت منذ أمد بعيد”، وتستذكر أنّه عندما وصلت بعثة اليونيسيف إلى بيروت في أعقاب تفجير 4 آب “وجدنا الشباب والصبايا الذين خرجوا إلى الشوارع، وساهموا في تنظيف الشوارع، وإزالة الزجاج المحطم، وإعانة الكبار في السن وتنظيف البيوت وتأمين الغذاء”. تستدرك توما بأنّ “دور المجتمع المدني المحلي والدولي ليس كافياً لوحده لإنقاذ البلاد، لأنّ هناك واجبات تقع على عاتق الحكومة وأجهزتها لإنهاء خلافات السياسيين، وتشكيل حكومة، وإعطاء الأولوية لمصلحة الوطن”. تتحدّث توما عن “خدمات أساسية جداً يفترض على الدولة تأمينها مثل المياه، الكهرباء، والمازوت، ولا يجب لبلد مثل لبنان أن يعاني من نقص في القرن الواحد والعشرين”.   

وتوضح توما لـ”المفكرة” أنّ اليونيسيف عملت على إعانة “المجتمعات المستضعفة” وتحديداً “الأطفال المهمّشين من لبنانيين وسوريين، بالإضافة إلى أطفال المخيّمات الفلسطينية”. فقد جاء تفجير 4 آب ليزيد الأعباء، ومعاناة العائلات، وازداد الفقر والبطالة، لذلك “زاد اعتماد الناس على المساعدات الإنسانية”. وقدّمت المنظمة مساعدات في إطار الإستجابة لكورونا، كما قدّمت هبة هي عبارة عن لقاحات، وخدمات تعليمية من أجل مساندة الناس للحصول على فرص متكافئة في التعليم عن بعد من خلال سد الفجوة الرقمية، بالإضافة للمساهمة في أعمال ترميم مستشفى الكرنتينا بعد أن تضرّر على نحو كبير.

مساعدات نقدية

تكشف جولييت توما المديرة الإقليمية للإعلام في اليونيسيف عن الاتجاه نحو المساعدات النقدية، لذلك تم إطلاق برنامج “حدّي” من أجل “إعانة العائلات المحتاجة والتي لديها أطفال. فيتمّ منح مبالغ مالية لمساعدة الأطفال اللبنانيين، السوريين، والفلسطينيين، من أجل تأمين الحاجات الأساسية اليومية، وسدّ رمق أطفالها”. وأوضحت أنّ الهدف من هذه المساعدات “تشجيع العائلات على إكمال التعليم للأطفال، ولكي لا تضطرّ لإرسالهم للعمل في أعمال زراعية، صناعية، أو في المقاهي لتأمين حاجاتهم”. انطلق هذه المشروع في تموز من العام الجاري ليركز على الشق النقدي، وليس على المساعدات العينيّة، وتقوم المنظمة بتحويل هذه المبالغ بالدولار ونقداً. وتخلص توما إلى أنّ “هذه المساعدات عبارة عن نقطة في بحر لأنّ الاحتياجات هائلة في هذه البلاد، ولكن الحلّ يكون بالوصول إلى نهاية هذه الأزمة السياسية والاقتصادية”. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

الحق في الحياة ، الحق في الصحة ، حقوق الطفل ، لبنان ، الحق في الصحة والتعليم ، مجزرة المرفأ



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني