النادي العلماني يكتسح في “اليسوعية” و”القوّات” تستعيد “هوفلان”


2021-11-10    |   

النادي العلماني يكتسح في “اليسوعية” و”القوّات” تستعيد “هوفلان”
الصورة من موقع الجامعة على الإنترنت

لا يزال النادي العلماني محافظاً على حضوره في جامعة القدّيس يوسف وعلى ثقة الطلّاب، ممّا أثمر اكتساحه تمثيل المجلس الطلابي في الجامعة بـ 98 مقعداً وفوزه تحت لائحة “طالب” برئاسة الهيئات الطلابية في عشر كلّيات من أصل 15 كليّة ترشّح إليها. وتقدّم بذلك النادي العلماني على حزب القوّات اللبنانية، منافسه الأوّل في معظم الكليات بفارق 49 مقعداً. الأخير يخوض الانتخابات تحت عنوان: “من اليسوعية نبدأ”، بحسب رئيس مصلحة الطلاب في الحزب طوني بدر، ليحضّر للانتخابات النيابية المزمع إجراؤها بعد أشهر، وحصد 49 مقعداً بالإضافة إلى رئاسة الهيئات الطلابية في خمس كليات متقدّماً بشكل ملحوظ عن العام الماضي (24 مقعداً وعدم الفوز برئاسة أيّ كليّة آنذاك). واعتبر حزب القوّات استعادة حرم الأشرفية المعروف بـ”هوفلان” الذي خسره في العام الماضي “انتصاراً” وذلك بعد “معارك طاحنة” خاضها في كلّيتي الحقوق وإدارة الأعمال. ولكنّ تسمية “انتصار” لم ترق للنادي العلماني لأنّ القوّات حصدت العدد نفسه الذي حصده النادي أي خمسة مقاعد، وفازت برئاسة الكلية بفارق صوت واحد فقط.

وشارك التيار الوطني الحر بشكل خجول في الانتخابات هذا العام، إذ ترشّح لـ 30 مقعداً فقط وفاز بـ21، 13 منها بالتزكية و8 عن طريق المنافسة. ومع أنّه ربح رئاسة الهيئات الطلابية في 4 كليات، إلّا أنّه فاز بجميعها بالتزكية من جهة، ومن جهة ثانية خسر حضوره في كليات حرم بيروت لا سيّما كليّة الهندسة التي يراها “قلعته التاريخية” ولم يخسرها سوى ثلاث مرات في تاريخ الجامعة. وحصد حزب الكتائب 15 مقعدا ورئاسة كليّة واحدة، أما مجموعة الطلاب المستقلّين الذين خاضوا الانتخابات في لوائح متعدّدة، فحصدوا عشرين مقعداً ورئاسة كلّيتين، فيما قاطع كلّ من حزب الله وحركة أمل وتيار المستقبل الانتخابات الطالبية هذا العام.

 وجرت الانتخابات في 21 كليّة من أصل 25 في حرم بيروت، وفي كلّ من حرمي البقاع وطرابلس وصيدا نهار السبت الماضي في 6 تشرين الثاني منذ الثامنة صباحاً وحتى الرابعة عصراً، بعد تأجيلها ثلاثة أسابيع على خلفية أحداث الطيونة التي وقعت قبل يومين من الاستحقاق. وجرت وفقاً للنظام النسبي، حيث ينتخب الطلاب لوائح ويختارون صوتاً تفضيلياً. وصحيح أنّ الجامعة اليسوعية تعتمد منذ سنوات، نظام التصويت الإلكتروني، إلّا أنّ الجديد هذا العام هو اعتماد الاقتراع عن بعد لأوّل مرة في تاريخها، “مراعاةً للظروف الصحية والاقتصادية”، كما ورد في بيان الأمانة العامة في الجامعة في بيروت. وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات هذا العام 78.4%، وهي نسبة مرتفعة ما يشير إلى وعي سياسي وانتخابي لدى الطلاب قبل أشهر من الانتخابات النيابية في البلاد.

كيف توزّعت المقاعد ورئاسات الهيئات الطلّابية؟

فاز النادي العلماني بـ98 مقعداً من أصل 133 ترشّح إليها، 56 منها عن طريق التزكية. وبذلك، تقدّم عن السنة الفائتة بـ13 مقعداً. جرّت “أم المعارك” وفق رئيس النادي العلماني طارق غصن، في خمس كليّات، هي: “كليّة الطب، كليّة العلوم، كليّة العلوم الاقتصادية، كليّة الحقوق، وكليّة إدارة الأعمال”. انتهت المعركة بفوز النادي العلماني بالكليات الثلاث الأولى وفوز القوّات بكليّتي الحقوق وإدارة الأعمال، وهو ما يراه بدر “انتصاراً” لأنّ “هاتين الكليّتين تقعان في حرم هوفلان في الأشرفية الذي يملك رمزية سياسية بالنسبة للقوّات إذ يربطونه بمؤسّسهم بشير الجميل”. لكن النادي العلماني يبدي تحفّظات على اعتبار ما حقّقته القوّات في هوفلان “انتصاراً” لأنّها حصدت عدد المقاعد نفسه الذي حصده النادي العلماني وهو خمسة مقاعد، في حين فازت بالرئاسة بفارق صوت واحد (حصلت على 173 صوتاً مقابل 172 للنادي للعماني). يذكر أنّه في العام الماضي، فاز النادي العلماني في كليّة الحقوق وفاز التيار الوطني الحر وحلفاؤه في كليّة إدارة الأعمال. إلى ذلك، فازت القوّات هذا العام بثلاث كليّات أخرى وبـ49 مقعداً من أصل 110 ترشح إليها، 8 منها بالتزكية، متقدّماً بـ25 مقعداً عن السنة الفائتة عندما فاز بـ24 مقعداً فقط ولم يحصل على رئاسة أي هيئة طلابية.

من جهته، نافس التيار الوطني الحر، النادي العلماني للحصول على رئاسة كليّة الهندسة التي يراها “قلعته التاريخية”، وخسرها. ولم يربح في حرم بيروت سوى رئاسة كليّة الترجمة بالتزكية، مسجّلاً بذلك تراجعاً مدوّياً عن السنة الفائتة عندما فاز وحلفاؤه برئاسة 4 كليات. أما عدد المقاعد التي فاز فيها فهي 21، 13 منها بالتزكية، ما يعني فوزه بثمانية مقاعد عن طريق المنافسة. لكنّ مسؤول جامعات بيروت وبعبدا في التيار الوطني الحر يورغو أبي خليل يشدّد على أنّ التيّار فاز خارج بيروت “برئاسة الهيئات الطلابية في كلّ من مجمّع زحلة – حزّرتا، زحلة – مجدليّا، ومجمّع صيدا، ولو عن طريق التزكية”. ويؤكّد أنّه “دعم لوائح طلّاب مستقلّين وشكّل مع البعض منهم لوائح مشتركة إلى جانب مشاركته بشكل مستقلّ”، وهذا، “لا يعني أنّه يتخفّى وراء مستقلّين ليخوض الانتخابات كما يتهمونه”، وفق ما يقول أبي خليل.

وشارك طلّاب مستقلّون في الاستحقاق الانتخابي ضمن لوائح مشتركة أو خاصّة أو منفردين، وفازوا بـ20 مقعداً وبرئاسة كلّيتين، من بينها الهيئة الطلابية في مجمّع طرابلس. يقول غصن في حديث مع “المفكرة” إنّ “النادي العلماني لم يشارك في الانتخابات في وجه لوائح المستقلّين فعلاً يؤمنون بمبادئ العلمانية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، بل صوّت لهم ودعمهم لأنّه يراهم حلفاء له وسينسّق معهم خلال تنفيذ برامجهم الانتخابية”. وشارك حزب الكتائب في لوائح مشتركة مع مستقلّين، وبشكل منفرد أيضاً، وفازت لوائح الكتائب 15 مقعدا وبرئاسة كليّة واحدة هي كليّة الصيدلة.

حزب الله و”أمل” و”المستقبل” يقاطعون الانتخابات

أمّا حزب الله وحركة أمل وتيار المستقبل فلم يشاركوا في انتخابات “اليسوعية”. الأوّل، أعلن عن مقاطعته بشكل صريح لجميع الانتخابات الطالبية التي تعتمد نظام التصويت عن بعد، ترشّحاً، لأنّها “تفقد قيمتها”، على حد تعبيره، أمّا اقتراعاً فأعلن عن دعمه للوائح التيار الوطني الحر. وتعزو حركة أمل امتناعها عن المشاركة في الانتخابات اقتراعاً وترشيحاً إلى “نظام الانتخابات الذي يحتّم وجود حليف في حين أنّ حليفها حزب الله امتنع عن المشاركة”، كما أفاد مسؤول مكتب الشباب والرياضة في حركة أمل علي ياسين “المفكرة”. وفي بيان صدر لاحقاً عن دائرة الطلاب في المكتب أعلنت “أمل”، بصراحة، أنّها لم ترغب في “خوض تحالف مع التيار الوطني الحر”.

أما تيار المستقبل فقاطع الانتخابات الطالبية في جميع الجامعات أيضاً اقتراعاً وترشيحاً نظراً لـ”عدم فعالية المجالس الطالبية وتصرّف إدارات الجامعات الخاصّة بأحادية لا سيما خلال رفع الأقساط من دون العودة إلى المجالس الطالبية”، كما يقول منسّق عام قطاع الشباب في تيار المستقبل بكر حلاوي لـ”المفكرة”. يسأل حلاوي: “ما فائدة هذه المجالس الطالبية؟ هل نخوض الانتخابات من أجل التمثيل السياسي فقط؟ وهل المطلوب أن نضع برامج انتخابية دعائية وغير واقعية”؟

اتهامات بتحالفات “تحت الطاولة”

قبل انطلاق الاستحقاق الانتخابي ووقوع أحداث الطيّونة، أشيع في أوساط الجامعة عن “تحالف غير معلن بين القوّات وحركة أمل بخاصّة في كليّة إدارة الأعمال حيث جرت منافسة شرسة بين النادي العلماني والقوّات”، كما نقل طلّاب في الجامعة لـ”المفكرة”. وبعد صدور النتائج “كشف” التيار الوطني الحر في بيان لقطاع الشباب عن “تواطؤ ثنائي الطيّونة انتخابياً، بحيث لبّت حركة أمل نداء القوّات في حرم الأشرفية تأكيداً على تحالفهما السياسي الذي ما عاد خفيّاً على أحد”، كما ورد في البيان. فردت أمل في بيان صدر عن دائرة الطلاب في مكتب الشباب والرياضة المركزي على ذلك بكلام عالي اللهجة: “تدّعون الأكاذيب لتبرّروا هزيمتكم في كل الانتخابات الطلابية. وهذه الخسارة هي نتيجة حتمية ومتوقعة لفشلكم السياسي ولعهدكم المزوّر”، كما كذّب حزب القوّات اللبنانية اتهامات التيار الوطني الحر، “فنحن لا نتحالف مع أمل لأننا نعتبرها جزءاً من السلطة ولأنّها حليفة خصمنا السياسي حزب الله”، كما يقول بدر “للمفكرة”.

الاتهامات بالتحالف مع القوّات طالت أيضاً تيار المستقبل من خلال تقرير ورد في نشرة الأخبار المسائية في قناة “الجديد” بعيد صدور النتائج. فنفى “المستقبل” الخبر في بيان صدر عن قطاع الشباب. أكثر من ذلك، اتهم النادي العلماني حزب القوّات بالتحالف مع حزب الكتائب في كليّة إدارة الأعمال، “ما أدّى إلى فوزه”، بحسب غصن. لكن القوّات أكدت لـ”المفكرة” “عدم وجود أي لائحة مشتركة تجمعها بالكتائب”، وفق بدر الذي يشير إلى “منافسة القوّات للوائح الكتائب في عدد من الكليات مثل كليّة الحقوق”. “المفكرة” سألته عن سبب عدم التحالف هذا فردّ: “يؤسفنا ذلك لأنّنا نتّفق معهم في السياسة لكنّنا لا نعرف لماذا يرفضون التحالف معنا، ربما يحاولون إيجاد تموضع سياسي جديد”. وعن اتهام النادي العلماني للقوّات بعقد “تحالفات غريبة عكس التحالفات التقليدية المعلنة مع التيار الوطني الحر في وجه النادي العلماني في كليّة الطب”، يجيب بدر: “المرشحون في كليّة الطب أعلنوا استقلاليّتهم عن كلّ الأحزاب ونحن لم نصوّت لأحد في كليّة الطب”، مضيفاً: “ألف صوت للنادي العلماني ولا صوت واحد للتيار الوطني الحر، فنحن نجد الأول أقرب إلينا سياسياً بأشواط ولا نعدّه منافساً لنا على الإطلاق”.

العلماني: “الأحزاب استغلّت أحداث الطيّونة لشدّ العصب الطائفي”

 كان مقرّراً أن تجري الانتخابات الطلابية في الجامعة اليسوعية السبت 16 تشرين الأوّل، لكن اندلاع أحداث الطيونة قبل يومين من التاريخ المحدد دفع إدارة الجامعة إلى تأجيله إلى السبت الماضي في 6 تشرين الثاني. وكان النادي العلماني قد أبدى تخوّفه من أن تستغلّ الأحزاب السياسية التقليدية زيادة الفترة الفاصلة بين تاريخ الإعلان عن أسماء المرشحين واليوم الانتخابي للضغط على المرشحين. بعد صدور النتائج عبّر غصن عن “تضرّر النادي العلماني من الأثر الذي خلّفه هذا التأجيل”، ويعزوه إلى سببين، أوّلهما “اتّساع فترة الحملة الانتخابية التي أنهكت ماكيناتنا الانتخابية المتواضعة ولم تؤثّر على ماكينات أحزاب السلطة التي تمتلك القدرات اللوجستية”، وثانيهما “استغلال الأحزاب لأحداث الطيّونة لشدّ العصب الطائفي”. يؤكد غصن أنّ “طلّاباً بدأوا يميلون إلى الفكر العلماني وكانوا في صدد التصويت لهم عدلوا عن قرارهم وصوّتوا للبيئة الحاضنة لهم على مدار سنوات بعد شدّ العصب والتحريض الطائفي الذي قامت به بعض الأحزاب عليهم”.

لكن حزب القوّات، بحسب بدر، “لا يرى أنّ أحداث الطيونة أثّرت على أداء الناخبين وخيارهم الانتخابي، ولا يجد أنّ القوّات استفادت من هذه الأحداث لأنّها حصدت فوزاً كبيراً في انتخابات الجامعة اللبنانية الأميركية التي جرت قبل أحداث الطيونة”، وفازت بـ10 مقاعد في حرم جبيل من أصل 11 ترشحت إليها وبالمقعدين الذين ترشحت إليهما في حرم بيروت، علما أنّ المجلس الطلابي في الجامعة يضمّ 30 مقعداً موزعاً مناصفة بين الحرمين.

كما سبق وذكرنا، جرت الانتخابات وفق النظام النسبي وحدّدت إدارة الجامعة للمرّة الأولى في تاريخها نظام التصويت عن بعد. وأعلن التيار الوطني الحر عن رفضه للنظام التصويت الإلكتروني، في حين سجّل النادي العلماني ملاحظاته حول “منع إدارة الجامعة تواجد ممثلين عن اللوائح في الحرم الجامعي لمراقبة سير العملية الانتخابية”، وراجعت الإدارة به من دون أن تصل إلى نتيجة.

 

السياسة حاضرة في مشاريع الفائزين كما الأهداف الأكاديمية

لا يخفي حزب القوّات أهميّة الانتخابات الطالبية له سياسياً، ويركّز بدر في حديثه مع “المفكرة” على “أهمية التغيير الذي يبدأ من الجامعات قبل الانتخابات النيابية”. من هنا “سنسعى إلى عقد جلسات حوار ونقاش سياسي، وسنتناول أهمية انخراط الشباب في إدارة الشؤون السياسية قبل الانتخابات النيابية وبعدها”. مما لا شكل فيه أن “البرنامج الانتخابي للقوات يحمل مشاريع أكاديمية تخصّ كل كليّة، وحل مسألة الأقساط، وتعديل قانون الانتخابات لتأمين التمثيل الصحيح”.

على المقلب الآخر، لخّص غصن البرنامج الانتخابي للنادي العلماني بأربع نقاط، وهي:

  1. التوصّل إلى عقد طالبي بين إدارات الجامعة والطلاب للحصول على حقوقهم والتأثير في القرارات التي تمسّهم.
  2. البحث عن جهات مموّلة لتأمين الدعم للطلاب الذين لم يعد بمقدورهم تسديد الأقساط الجامعية بعد أن حدّدت إدارة الجامعة سعر صرف الدولار 2700 ليرة لبنانية.
  3. إقرار قانون يمنع التحرّش والتنمّر داخل الحرم الجامعي.
  4. فتح مراكز أبحاث مجهّزة للطلّاب الراغبين في متابعة دراساتهم العليا بالتعاون مع الجامعة من أجل تأمين التمويل اللازم.

يذكر أنّ النادي العلماني في جامعة القديس يوسف تسجّل رسمياً عام 2011، لكن “منذ العام 2005 بدأت مجموعة من الطلاب بنشر الفكر العلماني داخل الجامعة”. بعد انتفاضة 17 تشرين الأوّل، طرأ تغيير على تمثيل النادي العلماني، “فالانتفاضة أثارت وعياً سياسياً لدى الشباب وأدّت دوراً كبيراً في فضح الأحزاب، لكننا نتيجة العمل التراكمي كنا جاهزين لاستقبال الطلاب الذين تخلوا عن الثوب الحزبي والطائفي، واستيعابهم وتمثيلهم”، بحسب غصن.

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، حركات اجتماعية ، الحق في التعليم ، لبنان ، حراكات اجتماعية ، الحق في الصحة والتعليم



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني