النائب ياسين ياسين “تغييري” يرفض الزواج المدني


2022-05-26    |   

النائب ياسين ياسين “تغييري” يرفض الزواج المدني
المصدر: صفحة ياسين ياسين على فيسبوك

نشر أحد المواطنين فيديو يوثق عملية إزالة الجدار الفاصل بين مجلس النواب والشعب وفيه يظهر وزير الداخلية بسام المولوي مشرفاً على العمل، فيما يبدو خلفه النائب المنتخب ياسين ياسين يرفع قبضته ويهتف احتفالاً “ثورة ثورة ثورة”. وعلّق المواطن على فعل ياسين بالقول “هلأ صرت نائب بالمجلس ما بعدك بالشارع”.

قد يكون النائب ياسين الشخصية الأكثر إثارة للجدل بين النّواب المحسوبين على التغيير والذين فازوا في الانتخابات الأخيرة. فهو بداية يأتي من خلفيتين متناقضتين: عالم المال والأعمال والتجارة الناجحة، ولكن من نشاط بارز في ساحات ثورة 17 تشرين حتى كان يقال أيامها عن مجموعة شبّان ينزلون من البقاع الغربي “مجموعة ياسين ياسين”. والرجل ترأّس لائحة “سهلنا والجبل” التي أُعلن انبثاقها عن 17 تشرين لتنافس في دائرة البقاع الثانية (البقاع الغربي وراشيا) في معركة حامية مع لائحتين متنافستين لأحزاب السلطة: الأولى برئاسة حسن مراد (الغد الأفضل) متحالفا مع الثنائي حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر والنائب السابق إيلي الفرزلي وطارق الداوود (شقيق النائب السابق فيصل الداوود)، والثانية (القرار الوطني) برئاسة النائب السابق محمد قرعاوي (نائب المستقبل قبل تعليق الحريري مشاركته السياسية) متحالفاً مع الحزب التقدمي الاشتراكي ممثلاً بالنائب وائل أبو فاعور ومع الجماعة الإسلامية ومدعوماً من الرئيس فؤاد السنيورة والنائب السابق والوزير جمال الجرّاح. وتمكّن ياسين من خرق اللائحتين بحاصل جاء تأثيره على قاعدة المثل الشعبي “عصفورين بحجر واحد”. فمن جهة، أسقط النائب إيلي الفرزلي كونه حرم لائحة “الغد الأفضل” من حاصل انتخابي رابع، وهو، أي إسقاط الفرزلي المدافع الشرس عن المصارف وأحد رموز النظام، ضاعف نكهة خرقه وفوزه بين الناس، فيما أطاح فوزه أيضاً بالنائب محمد قرعاوي على لائحة “القرار الوطني”، ليشغل مقعده في البقاع الغربي وهو خرق في قلب أحزاب السلطة أيضاً.

هذا البعد التغييري الإيجابي ينغّصه معطيان اثنان: موقف ياسين الذي أعلنه خلال حملته الانتخابية من بعض الحقوق والقضايا الاجتماعية وعلى رأسها قانون لبناني موحّد لجميع المواطنين خارج الطوائف، وفي قلبه الزواج المدني الذي رفضه صراحة، إضافة إلى بعض السلوكيات التي وضعها التغييريون في خانة سلوكيات السلطة وتحديداً تلك المتعلقة بالإنفاق الانتخابي. إذ أنّ تقديمات ياسين خلال حملته الانتخابية لم تقتصر على مساعدة مجالس بلدية عدة في البقاع الغربي فقط وبعض الأماكن الدينية، بل تخطّتها إلى تركيب أنظمة طاقة شمسية للعديد من المواطنين دفعت بناخبين كثيرين إلى قصده وعرض أصواتهم في مقابل هذه الخدمة، فيما كثر الحديث من حوله عن مال انتخابي كثيف شق طريقه بين الطرق التي اعتمدتها أحزاب السلطة.

مراعاة حيثية المنطقة ومكوّناتها

ولا يمكن فصل موقف ياسين من قانون لبناني موحّد لجميع اللبنانيين ومن ضمنه الزواج المدني عن حركته الانتخابية وتحالفاته قبل الانتخابات، حيث كانت له اجتماعات ولقاءات ونشاط لافت بين المشايخ وزيارات لرجال الدين في منطقته. وهو ما يزيد من التساؤلات حوله كمرشح مدعوم من الحزب الشيوعي وناشطي 17 تشرين واليسار في المنطقة، كما حرصه وبشدة على مراعاة البيئة المحافظة التي يخوض معركته انطلاقاً منها. وهذا ما يفسّر حصوله على 5300 صوت سنّي من أصل 6100 صوت تفضيلي أهّله للفوز بعد أن حصدت لائحة سهلنا والجبل 11397 صوتاً، فيما الحاصل الانتخابي 11024 صوتاً. يضاف إلى ذلك الكلام عن وضع الماكينة الانتخابية لتيار المستقبل في خدمته بعد اتفاق أثيرت حوله التساؤلات والشكوك مع أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري.

وطبعاً استفاد ياسين بحركته المكوكية التي راعت حيثية منطقته ومكوّناتها من تعليق رئيس الحكومة السابق سعد الحريري مشاركة تيار المستقبل المباشرة في الانتخابات، فاجتذب عدداً كبيراً من هؤلاء. كما جاءت مقاطعة عدد وازن ممن التزموا قرار الحريري لتخفّض نسبة الاقتراع وهو ما حرم لائحة القرار المستقل برئاسة القرعاوي من بلوغ ثلاثة حواصل، وحال دون طموح  لائحة الغد الأفضل بلوغ أربعة حواصل.  

 وعلى طريق جمع المتناقضات أيضاً وأيضاً، جذب فئة واسعة من رجال الدين السنّة في راشيا والبقاع الغربي  قبل وخلال وبعد الاستحقاق الانتخابي، من دون أن يفرّط بتأييد غير مسبوق من قوى اليسار في المنطقة وفي مقدّمهم الحزب الشيوعي اللبناني، وحزب الطليعة (البعث العراقي سابقاً)، ومنظمة العمل اليساري التي تمثلت في لائحة سهلنا والجبل بالمرشح القيادي حاتم الخشن، مما جعل من مروحة تحالفات ياسين “حبكة” لم يوفق فيها أيّ سياسي تقليدي على الأقل في البقاع الغربي وراشيا.   

واتّكأ ياسين أيضاً على حالة شعبية معقولة نسبياً مؤيدة لـ 17 تشرين برغم التصويت السنّي المرجّح الذي حظي به. في المقابل، لم يحصل ياسين على أصوات تفضيلية بين الناخبين من الطوائف الشيعية والدرزية والمسيحية إلّا ما ندر. وهذا ما تثبته مثلاً حصيلة فرز أقلام قرية قليّا: 598 صوتاً لمرشح حركة أمل قبلان قبلان، في مقابل صفر أصوات لياسين الذي لم ينتخبه سوى ثمانية مقترعين أيضاً في قرية لبّايا في مقابل 1111 صوتاً لقبلان. أما في التنافس على الأصوات التفضيلية في مناطق محسوبة على التيار الوطني الحر وكتلته الناخبة، فلم يحصل ياسين في خربة قنافار على أكثر من 15 صوتاً في مقابل 270 صوتاً لمرشح التيار الوطني شربل مارون. وسرى المنوال الاقتراعي نفسه على بقية القرى المسيحية والدرزية.

لكن خريطة اقتراع الصوت التفضيلي على أهميتها ومؤشراتها المرتبطة بمستقبل ياسين السياسي في المنطقة، وكذلك تحالفاته التي حبكها بدقة وبمعرفة لصيقة بطبيعة الكتلة الناخبة، لم تحجب احتفالية الفوز بمقعد نيابي للتغييريين، فما أن تكشّف فرز أقلام الاقتراع في دائرة البقاع الثانية عن خرق “سهلنا والجبل” للائحتيْ السلطة، حتى عمّت الشارع احتفالات واسعة، ما لبثت أن انتقلت إلى بيت ياسين في قرية غزة البقاعية.

وكما في الشارع كذلك في منزله، حافظ ياسين على احتفالية تتماهى مع 17 تشرين، فوقف بين مناصريه رافعاً قبضته يردّد أناشيد الثورة ومن خلفه يردّد الحضور صرخة: ثورة.. ثورة.. ثورة. في المقابل، ما أن كان ينتهي من وداع وفد من مشايخ ورجال دين من جميع الطوائف، وآخر من الإسلاميين، حتى يستقبل بحرارة وفداً من قيادة الحزب الشيوعي اللبناني، يعقبه آخر من منظمة العمل اليساري وحزب الطليعة، ثم وفود شعبية تمثّل مكونات المنطقة بنسب متفاوته بين هذا المكوّن وذاك.

سيرة حياة

ياسين ياسين إبن مزارع عتيق عرف تعب الأرض، ولد عام 1971، لامس في مراهقته الفكر اليساري مشاركاً في حلقات تنظيمية للحزب الشيوعي اللبناني من دون أن ينتسب إليه رسمياً، قبل أن تهاجر عائلته في ثمانينيات القرن الماضي إلى الولايات المتحدة. هناك درس العلوم الطبيعية في جامعة أوهايو، وحصل على الجنسية الأميركية وعمل في مجال الاتصالات والتكنولوجيا على نطاق واسع. وحقق مع أشقائه ثروة توّجت بصفقه بيع شركتهم الناجحة للاتصالات في أميركا بمئات ملايين الدولارات.

بعد ثلاثين عاماً من الغربة والنجاح الاستثماري عاد ياسين وأشقاؤه إلى لبنان، وشرعوا بإقامة سلسلة مشاريع استثمارية في القطاعات الزراعية، والصناعية، والتجارية في البقاعين الغربي والأوسط. تزامن ذلك مع مؤشرات تؤكد مغادرة ياسين لنشأته الفكرية اليسارية لصالح تأثره بالحريرية السياسية كأشقائه حيث ربطت الأخوة ياسين علاقه متينة مع رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، توّجت لاحقاً بعقدهم صفقة شراء ممتلكات الرئيس رفيق الحريري في البقاع من ورثته، وأبرزها مستوصف رفيق الحريري في تعنايل حيث طوّره ياسين وأشقاؤه وحافظوا على تسميته. كما توسّعوا في مجال الاستثمار في القطاع الصحي فابتاعوا مستشفى الرحمة من مالكيه في تعنايل، وطوّروه وحدثوه ليصبح واحداً من أكبر مستشفيات البقاع.

أسس وأشقاؤه “مجموعة ياسين الاستثمارية” الناشطة جداً في مجالات الاسثمار العقاري والتجاري والزراعي في البقاع وخارجه، مع مجموعة من المؤسسات والشركات الخاصة التي مكّنته من توفير نحو ألف فرصة عمل لأبناء البقاع الغربي وراشيا والبقاع الأوسط، شكّلوا مع عائلاتهم قاعدة صلبة لأصواته التفضيلية.  

لماذا الدخول إلى المجلس النيابي؟

الجواب يأتي من ياسين: “نحن كعائلة لم ننقطع يوماً عن الوطن، برغم الغربة بقي لبنان حبّنا وهاجسنا الدائم، وحافظنا على إيماننا بإمكانية قيام دولة العدل والمساوة والاستقرار والرخاء إذا ما تضافرت جهود جميع اللبنانيين”. ويضع ترشحه “استكمالاً لما بدأناه في 17 تشرين في مواجهة منظومة الفساد التي جعلت المواطن يلجأ لهم بدلاً من اللجوء إلى الدولة، وهم كبّلوه بقانون انتخابي مفصّل على قياسهم”. ويؤكّد أنّ الهدف من ترشحه “هو تقديم بديل واعد للبنان، بديل من سلطة الفساد والنهب المنظّم لمقدّرات الوطن والناس”.

ينفي ياسين انتماءه إلى أي حزب أو تيار سياسي، مؤكداً انتماءه فقط “إلى ثورة 17 تشرين” وانحيازه التام إلى التغييرين”، لافتاً إلى دوره على هذا الصعيد في ساحات الثورة من بيروت إلى طرابلس والبقاع”. والدليل هو احتضان الناس الذي حظيت به لائحتنا مع دعم ثوار 17 تشرين، كما دعمها الحزب الشيوعي اللبناني، ومنظمة اليسار وحزب الطليعة”.

ماذا عن خطة العمل النيابية؟ 

يثق ياسين في قدرته على المساهمة في مشروع بناء لبنان الدولة، فنجاحه في مسيرته المهنية، وفق ما يرى، “ينمّ عن عقلية مؤسساتية تؤمن بتعاون الكلّ من أجل النجاح”. وبناء عليه، يقول إنّه يحمل إلى البرلمان “خطة تعافي اقتصادية كاملة يكون للبقاع منها حيّز واسع بما يرتبط بمعالجة آفة التلوّث في نهر الليطاني وبحيرة القرعون، وتحقيق ما يمكن تحقيقه من مشاريع إنمائية وزراعية للقرى تحاكي وجع المزارعين على مستوى الإنتاج وتصريفه محلياً وخارجياً”. يقول إنّ لديه خطة تعافٍ كاملة مع كابيتال كونترول الذي يعتبره اليوم “تفصيلاً في خطة التعافي ولا يجب أن يُقّر من دونها، ولا يجب أن يكرّس سطوة السلطة السياسية والمصرفية. فالمشاريع المقترحة والتي نوقشت يجب ألّا تمر كونها تنسف مبادئ عامة قانونية، وتضرب هيبة القضاء وتشرّع لمخالفات المصارف وتحمّل المودعين عبء سياساتهم الخاطئة”.

وهو إذ أكد على أهمية تقديم مشاريع قوانين تحاكي نبض الناس ومبادئ 17 تشرين في وجه الفساد والمفسدين، قال إنه سينقل خبرته في مجال التكنولوجيا والاتصالات والزراعة إلى البرلمان عبر تقديم اقتراحات قوانين بهذا الخصوص، أو عبر لجان نيابية يفضّل دخولها كالزراعة والاتصالات والصحة  كي تكون واحدة من بين الأمور التي تساعد في معالجة الكثير من القضايا التي تهمّ شرائح واسعة من المجتمع “فالتغيير بدأ ولن يتوقف” يختم ياسين.

انشر المقال

متوفر من خلال:

البرلمان ، أحزاب سياسية ، مصارف ، لبنان ، مقالات ، دستور وانتخابات ، حريات عامة والوصول الى المعلومات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، انتفاضة 17 تشرين



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني