“المقدس” في تونس


2012-11-01    |   

“المقدس” في تونس

تقدمت كتلة حركة النهضة الإسلامية المؤلفة من 89 نائبا (من أصل 217)، بمشروع  تعديل قانون العقوبات من خلال إقرار تجريم الاعتداء على المقدسات، و ذلك "بهدف سدّ الفراغ التشريعي الذي قد يؤدي إلى انفلاتات أمنية". وقد جاء هذا الاقتراح في يونيو/حزيران 2012 نتيجة مهاجمة سلفيين لمركز الفنون بدعوى وجود رسوم فيها تعد على المقدسات. وقد عاقب المشروع المسّ بالمقدسات بطريقة "السب أو الشتم أو السخرية أو الاستهزاء أو الاستنقاص أو التدنيس المادي والمعنوي سواء كان المس بالكلمة أو الصورة أو الفعل" بالسجن لمدة سنتين مع غرامة مالية توازي 1265 دولارا، على أن يضاعف العقاب عند التكرار. أمّا في ما خصّ المقدسات المعنية فقد عرّفها المشروع بـ"الله سبحانه وتعالى والرسل والكتب السماوية والسنة النبوية والكعبة الشريفة والمساجد والكنائس والبيع". و لم تكتف الكتلة بالمشروع الجزائي وإنما طالب نوّابها وبإلحاح بتنصيص هذا التجريم في الدستور الجديد.
وبعد أخذ وردّ، صرّح أخيرا (أكتوبر/حزيران 2012)حليف الحركة ورئيس المجلس مصطفى بن جعفر، أن هذا التجريم لن يذكر في الدستور "لأن من الصعب جدا تحديد المقدسات" وذلك من دون الدخول في أي جدل حول هامش الحريات أو التراجع الصريح عن المشروع، هذا وقد أفادت تسريبات لراشد الغنوشي رئيس حزب حركة النهضة ومؤسسها، مفادها أن الحركة أجّلت طرح المشروع "لحين تمام سيطرتها على اجهزة الدولة". والواقع أن هذا الرجوع تم تحت ضغط عاملين اثنين: حادثة السفارة الأميريكية والمواجهات بين الأمن وعناصر سلفية جهادية وما سببته للحركة من حرج ديبلوماسي، والثاني، زخم الانتقادات التي واجهها المشروع من قبل منظمات محلية ودولية، أبرزها "هيومن رايتس ووتش" و "مراسلون بلا حدود".
وعلى صعيد مواز، وفي تجسيد للصراع المستمر بين التيارين العلماني والديني، وقّع 75 نائبا من المعارضة على عريضة دعوا فيها إلى حل حركة النهضة الإسلامية "لتآمرها على مدنية الدولة". وترافقت هذه الخطوات بدعوى تقدم بها محام تونسي ضد رئيس الحركة بتهمة «التآمر على أمن الدولة الداخلي».

م.ع.ج
 
نُشر في العدد السادس من مجلة المفكرة القانونية

انشر المقال

متوفر من خلال:

غير مصنف



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني