بتاريخ 24 تموز 2017، انعقدت جمعية عمومية للقضاة في قاعة محكمة التمييز في قصر العدل في بيروت، بعدما تداعى القضاة إليها بواسطة الواتساب. وكان مرّ ستة أيام القاعة على إعلان القضاة اللبنانيين اعتكافهم عن العمل. غصت بالقضاة، في جلسة مغلقة، طلب فيها رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد من الصحافة الخروج. وقد حضر الإجتماع الى جانب القاضي فهد، رئيس مجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر. وقد خصص الاجتماع لإعلام القضاة بمسار الأمور بما يتعلق بمطالبهم، وقد تولى القاضي فهد هذه المسألة. وبعدما رفع الرئيس فهد من شأن القضاء وأهمية الحقوق المطالب بها وأكد على استمرار الاعتكاف، فإنه أوضح في الوقت نفسه وبطريقة غير مباشرة عدم إمكانية تأبيد الاعتكاف. من جهته، ألقى القاضي صادر كلمة شدد فيها على استقلالية القضاء وأهمية الدفاع عنها، رفعا النبرة عاليا. كذا فعلت القاضية رنده حرّوق التي تكلمت باسم القضاة بموجب تفويض معطى من خلال محادثات الواتساب، متحدثة عن تمسك القضاة بالدفاع عن استقلاليتهم من باب دفاعهم عن حقوق الناس باللجوء إلى القضاء وعن إمكانية تقديم استقالات جماعية في حال الإصرار على التعديل التشريعي الحاصل. ولم يتسنّ بالمقابل لأي من القضاة أن يتكلم.
وصف الرئيس فهد في حديثة للصحافة الإعتكاف بأنه "أبغض الحلال". وهو يؤكد أنهم، أي القضاة، يتعاملون مع السلطات الباقية إنطلاقاً من كونهم سلطة. وهو ما يحتم بالتالي عدم التشكيك بنوايا هذه السلطات، والاستمرار بالخطوات المتخذة تجاه المعنيين. فقد "حصل اتصال مع وزير العدل منذ اليوم الأول وهو مؤيد لمواقف رمجلس القضاء الأعلى". يضيف القاضي فهد: "قابلنا رئيس مجلس النواب نبيه بري وأكد تأييده لمطالبنا، لا سيما في الشق المتعلق بصندوق تعاضد القضاة". كما أن المجلس قد حصل على "وعود من الرئيس بري باستدراك الموضوع من خلال قانون معجل مكرر". أما عن رئيس الجمهورية ميشال عون، فيقول فهد أن "فخامة الرئيس منذ اليوم الأول أوضح له وزير العدل أسباب الموقف المتخذ من قبل مجلس القضاء، والرئيس يؤكد أن السلطة القضائية مستقلة وهو داعم لتعزيز هذه الاستقلالية".
أما على صعيد المطالب، أعلن القاضي فهد أنه تم إعداد مسودة اقتراح قانون سيتم تقديمها لتصدر بصيغة قانون معجل مكرر. وفيما تحفظ فهد عن نشر كامل المسودة، أوضح أن مطالبهم هي بشكل أساسي "تنظيم أوضاع القضاة بقوانين خاصة بالسلطة القضائية وذلك وفقاً لأحكام المادة 20 من الدستور". أما فيما يتعلق بمسألة صندوق التعاضد بشكل خاص فالمطلب وفقاً لفهد هو "استعادة الحماية التي يؤمنها الصندوق فهو الضمانة والحصانة للقضاة لينصرفوا إلى عملهم بصفاء ذهن". كذا بالنسبة إلى رواتب القضاة ومخصصاتهم، يفترض أن يتم "تمييزها عن رواتب موظفي القطاع العام، فتنعكس خصوصية السلطة القضائية في الرواتب".
لم يعلن القاضي فهد في لقائه مع الصحافيين بعد الجمعية العمومية أي موقف واضح ما إذا كان سيستمر الإعتكاف الى حين الإستجابة للمطالب أم أنه من الممكن أن يعلق قبل ذلك على خلفية وعود. غير أنه حتى اللحظة لا يزال الاعتكاف مستمراً. من جهة ثانية، وفي اتصال مع عدد من القضاة، عبر الكثير منهم عن تخوفهم من الرجوع عن قرار الاعتكاف قبل تحقيق مطالب القضاة، والاكتفاء بوعود شبيهة للوعود التي قدمت للمجلس في آذار 2017 وتم نكثها. وقد عبر بعضهم عن تخوفهم من إمكانية رجوع المجلس عن قرار الاعتكاف تحت الضغوط السياسية، مؤكدين نيتهم بالاستمرار في اعتكافهم، حتى في هذه الحالة. ويسجل أن مجموعة الواتساب التي كان طلب المجلس من جميع القضاة الانسحاب منها، عادت ونشطت بقوة وارتفع عدد القضاة فيها إلى حدها الأقصى، مما اضطر القضاة على فتح مجموعة ثانية.
بيان لنقابة المحامين
التساؤل عن سبب عدم صدور موقف حازم من جهة نقابتي المحامين لدعم مطالب القضاة، طرح منذ اليوم الأول. وقد أوضح القاضي فهد أن النقابتين تدعمان المطالب وأنهما أصدرتا بياناً في هذا المجال (لم ينشر على موقع النقابة).
وتبين أن مجلس نقابة المحامين في بيروت، عقد جلسة إستثنائية برئاسة النقيب أنطونيو الهاشم، يوم الخميس في 20/7/2017 أصدر إثره بيان أكد فيه أن "نضال نقابة المحامين هو نضال مستمر مع القضاء" بالتالي "الوقوف إلى جانب القضاء في مطالبه المحقة والهادفة إلى تمكينه من متابعة عمله تحقيقاً للعدالة، تحقيقاً لمشروع الدولة لا لمشروع السلطة، إذ الغاية المرجوة هي قطع رأس الفساد والهدر المستشري في الإدارات".
يشار الى أن البيان بمجمله التزم لغة عامة جداً، لم تتطرق إلى الخطر المحدق بإستقلالية القضاء، كما لم يعلن رأياً من إقحام القضاة في قانون يتعلق بالموظفين الإداريين مع ما يحمله الأمر من تخط للدستور.
بيان وزير العدل
في السياق عينه أصدر وزير العدل سليم جريصاتي بياناً في 24 تموز الجاري أكّد فيه أن "القضاء سلطة دستورية مستقلة على غرار السلطتين التشريعية والإجرائية وأن ضمانات القاضي التي تنص عليها المادة 20 من الدستور إنما تشمل نظام الحماية الإجتماعية الذي يستفيد منه القاضي العامل والمتقاعد والمستحقون معه، تلك الحماية التي يوفرها صندوق التعاضد".
يضيف البيان أن "الوزير يعي بصورة قاطعة ومنعاً لأي تأويل أن القضاة لا يخضعون لنظام الموظفين في الملاك الإداري العام والمؤسسات العامة وللهرميات المنصوص عنها في هذا النظام، كما أنهم مستقلون في رواتبهم ومخصصاتهم وتعويضاتهم، ليس لشيء إلا لأنهم أعضاء في سلطة مستقلة دستورية تمارس وظيفة ناطها الدستور بهم من دون سواهم".
لقاء مع رئيس الجمهورية
في صبيحة هذا اليوم، التقى مجلس القضاء الأعلى رئيس الجمهورية ميشال عون. وعند نشر هذا المقال، تبقى المعلومات مقلة وإن نقلت بعض وسائل الإعلام LBC أن رئيس الجمهورية شدد على الاستقامة وإرادة العمل والكفاءة، وهي عبارات تؤشر على أهميتها على ربط الحقوق المالية بتقييم السياسيين لأداء القضاء.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.