الجباية في دولة الاستقلال: أداة للتمويل والسيطرة لا لتحقيق العدالة


2021-10-06    |   

الجباية في دولة الاستقلال: أداة للتمويل والسيطرة لا لتحقيق العدالة

رغم أنّ الثورة أتاحت لنا أن نفكّر ونبحث ونكتب بحرّيّة لا تزال دراسة تاريخنا المعاصر أمراً صعباً، لا نُقبِل عليه بدون تردّد. إذ لم يترك الجدل السياسي الطاغي طيلة السنوات الفارطة، بين من يخوّن الدولة الوطنية ونخبتها ولا يعترف لها بأيّ مكسب، ومن يقدّس زعماءها ويتجنّد في دفاع أعمى عن منجزاتها، مكاناً للنقاش الرصين والموضوعي. فقد حلّ أتباع النظرة المانوية، من الجهتين، محلّ رقابة الدولة وجهازها القمعي، وإن بأدوات مختلفة. لكنّ قراءة الحاضر تبقى دائماً منقوصة بدون إضاءة التاريخ، فما بالك بمواضيع لم يغيّر الحاضر فيها شيئاً كثيراً. فالمنظومة الجبائية الحالية ليست سوى استمرار للمنظومة الجبائية لدولة بعد الاستقلال، في بنيتها العامّة وفلسفتها وتوازناتها، وكذلك في عللها. وقد عجزت النخب الحاكمة منذ الثورة على إحداث أيّ إصلاح جذري، لتظلّ الجباية رهينة مقاربة محاسبيّة قصيرة النظر، لا ترى في الضريبة سوى أداة لتمويل الخزينة العامّة، بأسهل الطرق، ولو كانت أقلّها عدلاً وإنصافاً.

المقاربة ذاتها طغت في دولة ما بعد الاستقلال، رغم تعدّد “الإصلاحات”، سواء بدفع داخلي أو بضغط خارجي. نظرياً، ليست الضريبة أهمّ أداة لتمويل الميزانية العامّة فقط، إنّما تتميّز أيضاً بدور اقتصادي يتيح للدولة توجيه استثمارات الخواصّ والتأثير على خياراتهم، ودور اجتماعي لا يقلّ أهمّيّة، يتمثّل في إعادة توزيع الثروة والحدّ من الفوارق الاجتماعية. لكنّ المنظومة الجبائية في تونس أهملت، بدرجة كبيرة، هذا الدور الاجتماعي في حين أساءتْ تأدية الدور الاقتصادي عبر امتيازات ضريبية لا يضاهي كَرَمَها سوى ضُعف نجاعتها. في المقابل، لم تتردّد الأنظمة الحاكمة في استعمال الجباية أداةً لإحكام سيطرتها على المجتمع، سواء عبر القمع أو العلاقات الزبونية.

 

لم تكن الجباية في سلّم أولويّات دولة الاستقلال

لئن كانت السنوات الأولى بعد الاستقلال فترة إصلاحات كبرى، أبرزها مجلّة الأحوال الشخصية وتوحيد القضاء وإصلاح التعليم، فإنّ الإرادوية السياسية والروح الإصلاحية للنخبة الجديدة الحاكمة لم تشملا قط المجال الجبائي. إذ حافظت دولة الاستقلال على المنظومة الجبائية التي وضعتها سلطات الاستعمار الفرنسي في فترة ما بين الحربين. وكانت هذه المنظومة ضعيفة المردوديّة وغير متوازنة[1]. فرغم اشتمالها على ضرائب نوعية على الدخل (حسب أصنافه) بالتوازي مع ضريبة ثانية إجمالية وضرائب على رأس المال، تحديداً عند انتقال الملكيّة، كانت الضرائب غير المباشِرة خصوصاً الضرائب على الاستهلاك – وهي أقلّ أنواع الضرائب إنصافاً – توفّر، قبل الاستقلال، أربعة أخماس الموارد الجبائية.

ورغم الصعوبات الاقتصادية الكبيرة، التي تسبّب فيها بالأخصّ رحيل رؤوس الأموال الأجنبية، لم تشهد السنوات الأولى بعد الاستقلال إحداث ضرائب جديدة، فاقتصرت الإجراءات على ترفيع بسيط في بعض النسب. قد يُفسَّر التعامل المحافظ مع المسألة الجبائية بوجود أولويّات أخرى، مثل تَوْنَسَة الإدارة واستكمال مسار الخروج من الاستعمار، لكنّه يعكس قبل كلّ شيء غياب الرؤية الاقتصادية لدى النخبة الحاكمة، التي تشكّلت بخاصّة من خرّيجي الحقوق والآداب العربية[2]. ولعلّ العجز أمام المسألة الاقتصادية هو الذي دفع بورقيبة إلى الاستنجاد بأحمد بن صالح وبرنامج الاتّحاد العامّ التونسي للشغل، لتتزامن فترة التعاضد مع بداية التفكير في الجباية كأداة تشتغل وفق أهداف سياسية.

 

فترة بن صالح: طموح المشروع لم يجد ترجمة جبائية حقيقية

كانت باكورة إنجازات بن صالح، منذ تولّيه الشأن الاقتصادي في البلاد، إصدار مخطّط عشري (الآفاق العشرية للتنمية، 1962-1971). تضمّنت هذه الوثيقة المرجعية أهدافاً طموحة جدّاً، وهي تونسة الاقتصاد ووقف تبعيّته للاقتصاد الفرنسي والرفع من مستوى الإنسان التونسي، ما يتحقّق عبر زيادة الدخل الفردي السنوي، وإصلاح البنى الاقتصادية والاجتماعية والإدارية، والتنمية الذاتية التي تقي من الحاجة إلى الاقتراض الخارجي. وقد اقتضى المخطّط ذاته ترفيع الضغط الجبائي، من 17% إلى 27% في آخر تلك العشريّة. نتيجة لذلك، جاء الإصلاح الجبائي الأوّل بعد الاستقلال في شكل سلسلة من القوانين المؤرَّخة في 31 ديسمبر 1962، معلناً ثلاثة أهداف تعكس المهامّ التقليدية للضريبة، وهي ترفيع الموارد وتسهيل الاستخلاص، وتحقيق العدالة الجبائية، وتوجيه الأداة الضريبية لخدمة توجّهات المخطّط الاقتصادي. لكنْ، قلّما تطابق الواقع مع الخطاب الرسمي، فلم يسعَ الإصلاح الجبائي في الحقيقة إلّا إلى تحقيق الهدفين المالي والاقتصادي وتغاضى عن الدور الاجتماعي. وكأنّ السلطة، كما كتب الأستاذ الحبيب العيّادي، كانت مقتنعة أنّ العدالة الاجتماعية ستتحقّق بصفة طبيعية عبر النموذج التنموي التعاضدي[3].

لم تغيّر إصلاحات 31 ديسمبر 1962 بنية المنظومة الجبائية[4] إنّما اكتفت بتنقيحات شملت نسب الضرائب وطريقة استخلاصها تحديداً. ورغم مراجعة “الضريبة الشخصية الدولية”، لتشمل أكثر من 30 شريحة دخل بنسب تصل إلى حدود 80%، واعتماد التصاعديّة في الأداء على المرتّبات والأجور، كان واضحاً أنّ الهدف لم يكن إعادة توزيع الثروة بقدر ما كان تحصيل أكبر قدر من الموارد. فقد تضمّنت الإصلاحات تقليص الطروحات بعنوان الأعباء العائلية، ممّا يعني تحديداً زيادة العبء على كاهل ضعاف الدخل بالضرائب. وظلّ الأجراء يتحمّلون الجزء الأكبر من الضرائب على الدخل بينما ساهم ارتفاع النسب، في ظلّ ضعف الرقابة، في تشجيع بقيّة المطالَبين بالأداء على التهرّب، على عكس الأجراء الذين لا قدرة لهم على التهرّب لأنّهم خاضعون لنظام الخصم من المورد.

كذلك، شهدت ستينيات القرن الماضي ترفيعاً مستمرّاً في نسب الضرائب غير المباشرة بدون تحسين مردوديّتها المالية. كانت النتيجة استمرار ارتكاز الأعباء العمومية على الضرائب غير المباشِرة التي ظلّت تشكّل 69% من الموارد الجبائية (مقابل 71% سنة 1961). في المحصّلة، أدّت هذه السياسات إلى ترسيخ ثقافة التهرّب الجبائي، وبقاء من سمّاهم بن صالح سنة 1956 “المتحايلين الأبديين على الضرائب”[5] على حالهم، وزيادة تركيز العبء الجبائي على الأجراء.

 

تشجيع الاستثمار الخارجي، وهمُ السبعينيات الذي لم نَفِقْ منه بعدُ

لم يبدأ استعمال الجباية لتشجيع الاستثمار مع الهادي نويرة. فقد سعتْ دولة الاستقلال، أمام غياب قطاع خاصّ تونسي وخروج رؤوس الأموال الأجنبية وهجرة نسبة كبيرة من التونسيين اليهود، إلى الدفع في اتّجاه تكوين قطاع خاصّ يساهم في التنمية. وكانت الامتيازات الجبائية أهمّ أداة لذلك، حتّى في فترة أحمد بن صالح، رغم الأولويّة المعطاة للاستثمار في القطاع العامّ والتجربة التعاضدية.

مع انتهاء هذه التجربة، وتولّي الهادي نويرة للوزارة الأولى في نوفمبر 1970، لم تكتفِ السياسة الجديدة بإعطاء الأولويّة للقطاع الخاصّ، وإنّما ارتكزت على تشجيع الاستثمار الأجنبي والاستثمار الموجَّه إلى التصدير، وكان ذلك مرّة أخرى بالاعتماد على الجباية. فقد وضع القانون عدد 38 لسنة 1972، المعروف إلى الآن باسم “القانون 72” نظاماً خاصّاً بالمؤسّسات المصدَّرة كلّياً، تتمتّع بموجبه بإعفاءات ضريبية كبيرة، أبرزها عدم دفع الضريبة على “الباتيندة”، أي ما يقابل الضريبة على الشركات، طيلة السنوات العشر الأولى من النشاط، بالإضافة إلى تخفيضات وإعفاءات أخرى مهمّة تشمل معظم الأداءات وذلك طيلة 20 سنة. كما خصّ هذا القانون المؤسّسات غير المقيمة، أي التي يكون 66% من رأس مالها مملوكاً لأشخاص غير مقيمين، بحرّيّة إخراج أرباحها بالعملة الصعبة من تونس.

ورغم تواتر التدخّلات التشريعية وتعدّد النصوص في مجال التشجيع على الاستثمار، التي كان من أبرزها مجلّة التشجيع على الاستثمار الصادرة سنة 1993، استمرّت الفلسفة ذاتها، لا بل الامتيازات الجبائية ذاتها، حتّى الألفينيات، عبر تمديدها في كلّ مرّة. استمرارها لا يعني نجاحها ونجاعتها بل، على العكس من ذلك، فشلها في تحقيق أهدافها، وهي الوصول إلى بناء نسيج صناعي تونسي يمتلك مقوّمات المنافسة، بما فيها التكنولوجية.

لكنّ هذه السياسة ارتبطت في ذهن النخب الحاكمة بنسب النموّ القياسية التي تحقّقت إلى حدود سنة 1975، والتي ساهم فيها ارتفاع أسعار الطاقة ووفرة الإنتاج الفلّاحي بسبب عودة الأمطار بعد الجفاف الذي رافق سنوات بن صالح. حتّى أنّ نويرة نفسه اعتبر حينها أنّ “المطر قد صوّت له”. ولو كان للاستثمار الأجنبي أثر إيجابي في المدى القصير على ميزان المدفوعات، فإنّ ارتداداته السلبية لا تتأخّر كثيراً في الظهور، حتّى من وجهة النظر الاقتصادية البحتة، بخاصّة عندما تقترن الإعفاءات الجبائية السخية بحرّيّة إخراج الأرباح المحقَّقة[6].
وبغضّ النظر عن مدى ارتباط النموّ المحقَّق في أوائل السبعينيات بالخيارات الاقتصادية الجديدة، فالمؤكَّد أنّ الاستفادة منه لم تكن عادلة ولا شاملة، حيث ركّزت السياسات على تشجيع خلق الثروة وتناسَتْ استحقاق إعادة توزيعها. حتّى الإجراءات الاجتماعية التي تمّ اتّخاذها، من قَبِيل إعفاء أصحاب الأجر الأدنى من الضريبة على الدخل، وإنشاء صندوق التعويض عن المواد الأساسية، وبغضّ النظر عن محدوديّتها، تُفهَم على وجه الخصوص كأحد شروط سياسة الأجور المتدنّية التي أرادتها الدولة “ميزة تفاضلية” بالمقارنة مع منافسيها من دول الجنوب، لجذب الاستثمار الأجنبي، والتي لا تزال قطاعات واسعة وجهات عديدة إلى الآن تدفع ثمنها.

فرغم تحسّن الموارد الجبائية للدولة بشكل كبير في النصف الأوّل من السبعينيات، لم تستغلّ السلطة ذلك لإصلاح المنظومة الجبائية بالتروّي والتدريج اللازمَيْن أو لتوجيهها في اتّجاه أكثر عدلاً وإنصافاً.

 

قانون الماليّة لسنة 1977 وجباية المهن الحرّة: الرضوخُ المؤسِّس

بعد النموّ القياسي لبداية السبعينيات، شهد الاقتصاد التونسي أزمة منذ أواخر سنة 1975، بسبب الانكماش العالمي الذي أعلن نهاية الثلاثينيات المجيدة واقترن بانخفاض أسعار الفسفاط وزيت الزيتون، عماد الميزان التجاري للبلاد، واعتماد الدول الأوروبية سياسات حمائية حدّت من إمكانيّة تصدير السلع التونسية. انعكست أزمة الميزان التجاري على الماليّة العمومية، ممّا دفع الحكومة إلى التفكير في إجراءات جديدة لتعبئة الموارد الجبائية، ليس فقط عبر الزيادة في الضرائب بل عبر تحسين المراقبة والاستخلاص أيضاً. فجاء قانون الماليّة لسنة 1977 حافلاً بالإصلاحات الجبائية التي هدفت إلى إحكام فرض الواجب الجبائي على مَن كان معفيّاً أو متهرّبا منه. من بين هذه الإجراءات إرساء ضريبة جديدة على المرابيح الزائدة عند التفويت في الممتلكات العقارية، وإجراءات لترشيد الانتفاع بالامتيازات الجبائية، وأخرى لتحسين الرقابة على بعض الفئات المتهرّبة من الضريبة على الدخل، كأصحاب الأرباح الصناعية والتجارية وتحديداً المهن الحرّة.

كانت هذه الأخيرة خاضعة للأداء على أرباح المهن غير التجارية، الذي يفتح الخيار بين نظام حقيقي يلزم الاحتفاظ بمحاسبة تظهر فيها المداخيل والمصاريف، ونظام تقديري “تُقدَّر” فيه أعباء الاستغلال بـ20%، والمرابيح الخاضعة للضريبة بـ80% من الدخل الخام (رقم المعاملات) الذي يصرّح به المُطالَب بالأداء، بدون الحاجة إلى إثباته! وكانت الغالبيّة الساحقة من أصحاب المهن الحرّة منضوية تحت النظام التقديري، ليس لما يتيحه من فرص للتهرّب وحسب، إنّما بسبب تشجيع الدولة نفسها لهم على ذلك. فقد كانت النسب الضريبية، حسب قانون الماليّة لسنة 1968، 30% في النظام الحقيقي، و11.5% فقط في النظام التقديري. حتّى أنّه كان بإمكان المنضوين في النظام التقديري الاستفادة في نفس الوقت من امتيازات النظام الحقيقي عبر طرح أعباء تتجاوز 20% من رقم المعاملات المصرَّح به، بمجرّد إظهار فواتير المصاريف.

احتاجت السلطة إلى سنوات عديدة، وأزمة في الماليّة العمومية، لتكتشف فداحة خطئها وتحاول إصلاحه عبر آليّات رقابة فعلية على جباية المهن الحرّة. أهمّ هذه الآليات، في ما يخصّ الأطبّاء وأطبّاء الأسنان والبياطرة، فرض استعمال وصفات طبّية مرقّمة ومصادَق عليها من إدارة الجباية. أمّا بالنسبة إلى للمحامين، فقد كان الحلّ في أن يحتفظ كتبة المحاكم بمذكّرة لكلّ محامٍ تُبيِّن عدد القضايا التي ناب فيها. بالإضافة إلى ذلك، قلّص قانون الماليّة لسنة 1977 من مجال المصاريف القابلة للطرح من المرابيح الخاضعة لضريبتَيْ “الباتيندة” (الأرباح الصناعية والتجارية) والمهن غير التجارية، وفرض تسوية الوضعيّة الجبائية لتسلّم رخص البناء وشهادات تسجيل السيّارات وحتّى الاشتراكات في الهاتف، وغيرها من الرخص والخدمات.

واجهت هذه الإجراءات ردّ فعل عنيفاً من طرف الفئات المعنيّة. فقرّر الأطباء، ببساطة، عدم الالتزام بنظام الوصفات الطبّية المُرقَّمة. أمّا المحامون فطالبوا، بشدّة، بمراجعة القانون. كذلك، توقّف أصحاب المال عن إيداعه في البنوك، وتراجع المُلّاك العقاريون عن عمليّات بيع الأراضي، خشية دفع الضريبة الجديدة[7]. أمام هذه المقاومة، فضّلت الحكومة التراجع خطوات إلى الوراء فقرّرت تعليق عدد من الإجراءات، وتخفيف بعضها الآخر. بذلك، انتهت المحاولة الجدّية الأولى لدولة الاستقلال فرضَ الواجب الجبائي على الفئات التي تتمتّع بدخل مرتفع، برضوخ محتشم أثبت ضعف الدولة، حتّى في تَسَلُّطها، أمام المصالح المادّية للنخب. تكرّرت المحاولة في الثمانينيات مع أطبّاء الممارسة الحرّة، لكنّها اصطدمت مرّة أخرى بمعارضة أصحاب المصلحة ولم تمرّ، لتبقى مساهمة المهن الحرّة أقلّ بكثير من قدراتها الإسهامية. وحصل تراجع مماثل في شأن السرّ البنكي، حيث نقّحت السلطة سنة 2002 الفصل 17 من مجلّة الحقوق والإجراءات قبل دخوله حيّز النفاذ، في اتّجاه تضييق حقّ الاطّلاع الذي تتمتّع به الإدارة الجبائية في ما يخصّ المؤسّسات البنكية، وذلك خوفاً من سحب أصحاب الثروات أموالهم منها. عليه، ليس قانون الماليّة لسنة 1977 مجرّد فرصة ضائعة بل لحظة مؤسِّسة رسَّخت اقتناع فئات واسعة من النخب باستحقاق الإفلات من الواجب الجبائي.

 

نهاية الثمانينيات: نصوص جبائية جديدة بروح الإصلاح الهيكلي

أدّى ارتفاع الحاجة إلى تمويل عجز الميزانية والميزان التجاري أواخر السبعينيات إلى ارتفاع التدايُن الخارجي بشكل كبير. بلغت الأزمة أَوْجَها أواسط الثمانينيات، وسط سياق سياسي متعفّن بسبب شيخوخة بورقيبة واشتعال حرب خلافته، وعوامل دولية أدّت إلى اندلاع أزمة التداين الخارجي حينها في جلّ دول الجنوب[8]. لجأتْ هذه الدول، ومنها تونس، إلى صندوق النقد الدولي الذي فرض عليها، مقابل قروضه، الوصفة الجاهزة نفسها القائمة على الخصخصة وتراجُع دور الدولة وتحرير الاقتصاد. لذلك، كانت سنة 1986 محورية في التاريخ السياسي والاقتصادي التونسي[9]، حيث حدّد “برنامج الإصلاح الهيكلي” التوجّهات الجديدة التي شملت المجال الجبائي.

بالتالي، شرع نظام بن علي في سنواته الأولى في إدخال “إصلاحات” جبائية كبيرة، تحت عناوين التبسيط والتحديث والتخفيض في النسب. بدأت هذه الإصلاحات في صيف 1988 عبر إنشاء الأداء على القيمة المضافة، ليعوّض حزمة كبيرة من الضرائب غير المباشِرة بأنظمتها المُتشعِّبة ونِسَبِها الكثيرة التي بلغ عددها 45[10]. وبعد سنة ونصف، صدرت مجلّة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات، بالفلسفة نفسها. فقد تمّ التخلّي عن الضرائب المتنوّعة والمتوازية على الدخل، مقابل إنشاء ضريبة واحدة بأنظمة متعدّدة حسب نوع الدخل. فساهم الإبقاء على هذه الأنظمة الخاصّة في مفاقمة العبء الجبائي على الأجراء، الذين أصبحوا يتحمّلون أكثر من ثلاثة أرباع موارد الضريبة على الدخل في التسعينيات والألفينيات، بعدما كانت حصّتهم لا تتجاوز الثلثين.

وشمل التغيير كذلك النسب، فتمّ التراجع بصفة لافتة عن تصاعديّة الضريبة على الدخل باسم التبسيط. وانتقلنا من 16 شريحة للدخل إلى 6 شرائح فقط، أعلاها “50 ألف دينار فما فوق”، ومن نِسَب تصاعدية كانت تصل إلى حدود 68% إلى نسبة قصوى لا تتجاوز 35%.

كذلك، أفردت المجلّة ذاتها الشركات بضريبة خاصّة على أرباحها، بنسب تتراوح بين 10% (الفلاحة والصناعات التقليدية) و35% للبقيّة. بذلك، ألغت الضريبة الجديدة التمييز الذي كان قائماً بين النشاط الصناعي والنشاط التجاري، حيث كان الأوّل يحظى بنسبة ضريبية أقلّ (38% مقابل 45%)، ممّا زاد منذ التسعينيات في تشجيع الفاعلين الاقتصاديين على الاستثمار في التجارة والتوريد بدل الصناعة وخلق القيمة المضافة. كذلك، صدرت سنة 1993 مجلّة معاليم التسجيل والطابع الجبائي التي، وإن وسّعت في مجال تطبيق المعاليم، لم تتميّز هي الأخرى بنفس تصاعدي، حتّى في المواريث، ممّا يدلّ على ضعف هاجس إعادة توزيع الثروة والعدالة الاجتماعية لدى الحاكمين.

 

الشراكة مع الاتّحاد الأوروبي والمواصلة في خيارات جبائية غير عادلة

أوّل الترجمات الجبائية لبرنامج الإصلاح الهيكلي كانت جمركيّة، حيث باشرت تونس منذ 1987 تخفيض معاليمها الديوانية. في السنة ذاتها، بدأت مفاوضات الانضمام إلى “الغات” (GATT)، الاتّفاقية العامّة للتعريفة الجمركية والتجارة، لتصبح تونس عضواً فيها منذ 1990، ثم عضواً مؤسِّساً في منظّمة التجارة العالمية (1995). وبعدما أدّى برنامج الإصلاح الهيكلي، حسب الوثائق الرسمية التونسية، إلى تحرير 90% من التجارة الخارجية، جاء اتّفاق الشراكة مع الاتّحاد الأوروبي سنة 1995 تتويجاً لهذا المسار، الذي لم تكن المنظومة الجبائية بمعزل عنه[11]. إذ إنّ إرساء منطقة تبادل حرّ مع الاتّحاد الأوروبي، بما يعنيه من تقليص تدريجي للمعاليم الديوانية على السلع المورَّدة من أوروبا، حتّى إعفائها تماماً، سبّب نقصاً كبيراً في الموارد الديوانية، وجب تعويضه بموارد جبائية أخرى. فقد انخفض نصيب الموارد الديوانية من الموارد الجبائية، من 23% قُبَيل اتّفاق الشراكة إلى 14% سنة 1998، وصولاً إلى 5% سنة 2008[12]. التراجع الحادّ في الموارد الديوانية قابله ارتفاع في الضرائب الأخرى غير المباشِرة، بخاصّة الأداء على القيمة المضافة. فقد تضمّن قانون الماليّة لسنة 1996 الذي عجّلت بموجبه تونس تطبيق اتّفاق الشراكة قبل سنتين من دخوله حيز النفاذ، بالتوازي مع تخفيض المعاليم الديوانية على السلع الأوروبية، توسيعاً لافتاً لمجال تطبيق الأداء على القيمة المضافة. كانت النتيجة ارتفاع حصّة الأداء على القيمة المضافة من الضرائب غير المباشِرة بين 1995 و2008 من الثلث إلى النصف.

ويبقى الأداء على القيمة المضافة أقلّ الضرائب عدلاً رغم احتوائه على ثلاث نسب مختلفة حسب المنتوجات. إذ لا يتعلّق الأمر فقط بضريبة غير مباشِرة يدفعها المستهلك، تُوصَف “بالعمياء” لأنّها لا تأخذ بعين الاعتبار وضعيّته وقدراته الإسهامية، بل هي ضريبة تتسلّط أكثر على الطبقات السفلى، بما أنّ كلّ دخلها يذهب في الاستهلاك، على عكس الفئات الأغنى التي لا تستهلك سوى بنسبة قليلة من دخلها. وبغضّ النظر عن التقييم الاقتصادي لاتّفاق الشراكة مع الاتّحاد الأوروبي – الذي لم يُنجَز بعد – من المؤكّد أنّ أثره على الماليّة العمومية وعلى القدرة الشرائية كان سلبياً. فحتّى لو سلّمنا أنّه ساهم في انتعاش التصدير، فإنّ ذلك لا يدرّ بالضرورة مداخيل جبائية أكبر، نظراً إلى سياسة الإعفاء الكلّي للمؤسّسات المصدَّرة. فاستفادت هذه الأخيرة أكثر ودفع المستهلكون التونسيون الثمن كاملاً.

 

جباية تستنزف الأجور والاستهلاك، وتترك رأس المال

تشكّل حصّة الضرائب غير المباشِرة من الموارد الجبائية مؤشِّراً مهمّاً على مدى عدالة منظومة ضريبية، أو بالأحرى، على عدم عدالتها. تكون هذه الحصّة في الدول المتقدِّمة أقلّ من الضرائب المباشِرة، وتتراوح عادة بين 20 و50%. في تونس، ورثت دولة الاستقلال منظومة جبائية غير عادلة يأتي قرابة أربعة أخماس مواردها من الضرائب غير المباشِرة. لكنّ هذه التوازنات لم تتغيّر كثيراً منذ أكثر من نصف قرن، حيث بقيت الضرائب غير المباشِرة تشكّل في 2010 أكثر من 60% من الموارد الجبائية. هذا التطوّر، على محدوديّته، لا يعكس تعميماً للواجب الضريبي، بقدر ما هو نتيجة ارتفاع مساهمة الأجراء نظراً إلى ارتفاع عددهم. إذ كان مجموع الضرائب غير المباشِرة ومساهمة الأجراء، إلى حدود الثورة، يشكّل أكثر من ثلاثة أرباع الموارد الجبائية. علاوة على ذلك، بلغت هذه النسبة حدود 90% في بداية التسعينيات. كما شمل الاستنزاف الأجراء الأقلّ دخلاً، إذ لم تتمّ مراجعة الشريحة الأضعف من الجدول الضريبي طيلة العقدين اللذين تليا إصدار مجلّة الضريبة على الدخل، ممّا جعل أصحاب الأجر الأدنى، إلى غاية 2013، خاضعين للضريبة على الدخل.

إنّ ضُعف مساهمة الشركات (بخاصّة المصدَّرة) وأصحاب الدخل من غير الأجراء كان ولا يزال علّة أساسية في المنظومة الجبائية في تونس، تجعلها أداة لمفاقمة التفاوت بدل معالجته. فعوض أن تخضع مداخيل المطالَبين بالأداء إلى عمليّة إعادة توزيع تقتطع أكثر من الفئات الأكثر ثراء تمهيداً لتوزيعها في المرافق العامّة والمساعدات الاجتماعية، يتهرّب معظم أصحاب الدخل المرتفع في تونس من الضرائب، ليتركّز الضغط الجبائي، وهو ضعيف مقارنة بالدول المتقدّمة، على الأجراء والمستهلكين.

يظهر ضعف الهاجس الاجتماعي للمنظومة الجبائية كذلك في ضعف الضرائب على رأس المال. إذ لم يفكّر المشرّع التونسي، حتّى عندما مرّت الماليّة العمومية بصعوبات وأزمات، في ضريبة على الثروات الكبرى لا تكون مجرّد مصدر للموارد إنّما والأهمّ أداة للحدّ من تمركز الملكيّة في أيدي أقلّيّة من الأثرياء، ووسيلة لدفع المالكين لاستثمار عقاراتهم وإدخالها في الدورة الاقتصادية بدل مراكمتها. فالضرائب على العقارات تكاد تقتصر على ضرائب محلّية تشكو من ضعف كبير في نسبها واستخلاصها، والأهمّ في تصاعديّتها. أمّا عمليّات انتقال الملكيّة، خصوصاً عبر الميراث والهبة، فتخضع لمعاليم نسبية لا تتجاوز 5% إلّا بابتعاد درجة القرابة، في حين لا تؤثّر قيمة العقارات والمنقولات على النسبة التي تخضع لها. على سبيل المقارنة، عادة ما تكون المعاليم على التركات والهبات في الدول المتقدّمة تصاعدية، وقد تراوحت نسبها الأقصى في العقود الأخيرة بين 30 و60 %، بعد أن وصلت في خمسينيات وستينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان إلى 80 و90%. هذه الأمثلة، وجميعها لدول ليبرالية، تثبت أنّ فرض نسب عالية على تركات الفئات الأكثر ثراء ليس اعتداء على حقّ الملكيّة، بل استحقاقاً في أيّ مجتمع هدفه الحدّ من التفاوت[13]. في المقابل، يثبت ضُعف الضرائب على رأس المال في تونس وتركيز الضغط الجبائي فيها على الأجراء والمستهلكين أنّ دولة الاستقلال، رغم بعض المكاسب الاجتماعية التي حقّقتها، لم تجعل من العدالة الاجتماعية هاجساً في سياستها الجبائية.

 

الرقابة الجبائية أداة للقمع والزبونية

لا يكفي ضعف الهاجس الاجتماعي وحده لتفسير تقاعس السلطة، طيلة أكثر من نصف قرن بعد الاستقلال، أمام وجود قطاعات واسعة خارج دائرة الالتزام الجبائي. ويكمن أحد مفاتيح فهم هذا التقاعس في طبيعة النظام الاستبدادية وتعامله مع المراقبة الجبائية كأداة للسيطرة على المجتمع وقواه الحيّة. إذ استفاد النظام من حالة التهرّب الجماعي، إذ منحته وسيلة سهلة وقانونية “لتأديب” مَن يخرج عن الطاعة، سواء لدى النخب من أصحاب المهن الحرّة، أو أصحاب الأعمال. فكانت المراجعة الجبائية، وكذلك رقابة الصناديق الاجتماعية، تُستعمَل أحياناً لتكميم الأفواه، وتوَجَّه لأسباب سياسية ضدّ كلّ من تُشتَمّ منه معارضة النظام[14]. وقد وثّق تقرير اللجنة الوطنية لتقصّي الحقائق حول الرشوة والفساد كيفيّة استعمال مصالح الجباية من طرف الرئيس الراحل زين العابدين بن علي وسيلةَ ضغطٍ على بعض الفاعلين الاقتصاديين، إذ كان يتدخّل في التفاوض حول نتائج بعض المراجعات الجبائية للشركات الكبرى، ويعطي التعليمات للتقليص فيها بدرجة كبيرة[15]، مقابل تجديد الولاء والدخول في شراكات اقتصادية مع أصهار الرئيس. كما كانت المساهمات السخيّة في صندوق 26-26 عديم الشفافيّة وسيلة للإفلات من سطوة الرقابة الجبائية[16]. هذا لا يعني، بالطبع، أنّ معظم عمليّات المراقبة الجبائية كانت محكومة بتعليمات سياسية، ولا أنّ هذا السلاح كان مستعملاً بكثرة، وإنّما هو كان بمثابة سيف دموقليس المسلّط فوق رقاب الجميع تقريباً لضمان ولائهم. أمّا الحلقة الأقرب من السلطة فتتمتّع بكلّ الامتيازات الجبائية، القانونية وغير القانونية. وكانت هذه الأخيرة، كما يشير التقرير ذاته، وسيلة محاباة للمقرّبين من النظام، بدءاً بزوجة بن علي وأصهاره، على حساب الخزينة العامّة للدولة.

لا يتعلّق الأمر بتجاوزات معزولة، وإنّما بتوظيف منهجي للجباية أداةَ تسلّطٍ وزبونيّة. يصف عزيز كريشان، ربّما بشيء من المبالغة، تعامل إدارة الجباية مع القطاع الخاصّ بأنّ لها وجهين، وجه “الجنّة” لزبائن النظام ووجه “الجحيم” للبقيّة[17]. وبغضّ النظر عن دقّة التوصيف، فهو يعبّر عن مدى ارتباط الجباية بعلاقات السلطة ما جعلها، حسب بياتريس هيبو، عصيّة على الإصلاح[18]. فقد كان النظام المستفيد الأكبر من وضعيّة التهرّب الجماعي، بما أنّها تضمن سيطرة أسهل على النخب الاقتصادية والاجتماعية.

ساهمت مقاربة السلطة للجباية، بالإضافة إلى دكتاتوريّة النظام وفساده، في ترسيخ القناعة لدى المتهرّبين من الضرائب بمشروعيّة تهرّبهم. لم يكن هؤلاء مستفيدين مادّياً فقط – ولو كان الثمن التزامهم الصمت وانخراطهم في المقايضة – بل مؤمنين بأنّ عدم دفع الضرائب هو حقّ، هذا إن لم يكن “فعل مقاومة” يتغذّى من سرديّة تستعمل حلقات من التاريخ الحديث، ومنها “محلّة الساحل”، لإسقاطها على الواقع[19].

 

يبقى أنّ السياسات الجبائية هي انعكاس لموازين القوى داخل المجتمعات، لذلك كثيراً ما تقوم في الأنظمة التسلّطية على استنزاف الطبقات الأضعف، فتُفاقم الفوارق الاجتماعية بدل محاربتها. وقد ارتبط تطوّرها في اتّجاه أكثر عدالة، تاريخياً، بترسيخ الديمقراطية وافتكاك القرار الجبائي من قبل البرلمان، وتغيّر موازين القوى بفضل تنظّم الطبقات السفلى ونضالها، وكذلك بالأزمات الكبرى التي تحتّم على الدولة تعبئة أكبر قدر من الموارد. في تونس، كانت الثورة التي جعلت من العدالة الاجتماعية أحد أبرز عناوينها، وفتحت المجال أمام انتقال ديمقراطي، وتزامنت مع صعوبات كبيرة في الماليّة العمومية، فرصة تاريخية لإعادة بناء جباية عادلة وشاملة. ولعلّ فشلنا في هذا الاستحقاق تعبير بليغ عن أزمة بناء ديمقراطي غاب عنه العمق الاجتماعي.

 

نشر هذا المقال في العدد 22 من مجلة المفكرة القانونية، تونس. لقراءة العدد انقروا على الرابط:

الجباية غير العادلة

 

[1] Habib Ayadi, «Les tendances générales de la politique fiscale de la Tunisie depuis l’indépendance», Revue tunisienne de droit, 1980, p. 24.

جلّ المعطيات التي استندنا إليها للرجوع إلى المنظومة الجبائية إلى حدود السبعينيات تستند إلى هذا المقال المرجعي.

[2] “الاستعمار الداخلي والتنمية غير المتكافئة”، الصغيّر الصالحي، الطبعة الثانية، 2019، ص. 219.

[3] Habib Ayadi, op. cit., p. 26.

[4] باستثناء إلغاء الأداءات الفلاحية التي كانت موجودة وتعويضها بضريبة على الدخل الفلاحي.

[5] كان ذلك في خطاب ألقاه بن صالح في تجمّع نقابي في سوسة في تاريخ 31 جويلية 1956، جريدة “لوموند” الفرنسية في تاريخ 1 أوت 1956. اُنظر طارق الكحلاوي، أحمد بن صالح، سيرة زعيم اجتماعي ديمقراطي، منشورات سوتيميديا للنشر والتوزيع، ص. 125.

[6]الاستثمار الأجنبي المباشر؛ حكاية شعار فضفاض“، حفاوة الربحي، ترجمه من الفرنسية محمّد سميح الباجي عكّاز، موقع نواة، أوت 2016.

[7] Habib Ayadi, op. cit., p.

[8]صندوق النقد وذاكرة الإصلاحات المفقودة (جزء 1)“، وليد بسباس، موقع انحياز، أفريل 2021.

[9] Baccar Gherib, «Les classes moyennes tunisiennes entre mythe et réalité. Éléments pour une mise en perspective historique», L’Année du Maghreb, 2011,

[10] Abdelaziz Mahjoub, «Le système fiscal tunisien: un diagnostic», Document de travail DIRAM n°22, Université Paris I Panthéon-Sorbonne, 2001.

[11] Neji Baccouche, «Les implications de l’Accord d’association sur le droit fiscal et douanier», in Mélanges en l’honneur de Habib Ayadi, CPU, 2000, p. 5.

[12] مصدر هذه النسب الأرقام المتاحة في بوّابة وزارة الماليّة حول تطوّر الموارد الجبائية بين 1986 و2021.

[13] Thomas Piketty, «Capital et idéologie», Editions du Seuil, 2019.

[14] “يوميّات وزير في المرحلة الانتقالية”، حكيم بن حمّودة، ترجمة عبد العزيز بسباس، رضا بسباس، ورضا بن سعيد، دار محمّد علي الحامدي، 2016، ص. 249.

[15] تقرير اللجنة الوطنية لتقصّي الحقائق حول الرشوة والفساد، أكتوبر 2011، ص. 283 وما يليها.

[16] Béatrice Hibou, «La force de l’obéissance, économie politique de la répression en Tunisie», Editions La Découverte, Paris, 2006, p. 170.

[17] Aziz Krichen, «La gauche et son grand récit. Comprendre l’économie rentière», Editions Mots passants, Tunis, 2021, p. 24.

[18] Béatrice Hibou, op. cit., p. 174.

[19] Ibid., p. 173.

انشر المقال

متوفر من خلال:

حقوق المستهلك ، فئات مهمشة ، مقالات ، تونس ، الحق في الصحة والتعليم ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، اقتصاد وصناعة وزراعة ، مجلة تونس



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني