اقتراح منع المواطنين من الطعن على عقود بيع شركات القطاع العام في مصر: استكمال لسياسة حماية المستثمر وتحصين الحكومة


2014-03-06    |   

اقتراح منع المواطنين من الطعن على عقود بيع شركات القطاع العام في مصر: استكمال لسياسة حماية المستثمر وتحصين الحكومة

قبل ايام من استقالاتها، أعلنت حكومة الببلاوي عن نيتها اجراء تعديل في قانون الاستثمار ليقتصر حق الطعن على عقود بيع شركات القطاع العام المبرمة بين الحكومة والمستثمر على طرفى العقد فقط[1]. يجب الاشارة أن التعديل المقترح لم يرسل الى مجلس التشريع بمجلس الدولة لإبداء الرأي فيه[2] قبل استقالة الحكومة، بالاضافة الى ذلك لم تبد الحكومة الجديدة برئاسة ابراهيم محلب حتى الآن أي تصاريح بخصوص الموضوع.

حق التقاضي: ترف يجب حرمان المواطن منه 
خلال السنوات الماضية، ومنذ فترة حكم الرئيس الأسبق مبارك، قام العديد من المحامين، ومن أبرزهم محامو المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، برفع دعاوى أمام مجلس الدولة للطعن على بيع بعض شركات القطاع العام لمستثمرين فيما يعرف “بالخصحصة”، وذلك بوكالتهم عن عمال في هذه الشركات. وقد حصل محامو المركز على أحكام قضائية ببطلان عقود البيع، على سبيل المثال الحكم الصادر ببطلان عقد خصخصة شركة طنطا للكتان الصادر من محكمة القضاء الاداري بتاريخ 21-9-2011[3].

ويبدو أن الدولة قد رأت أن لجوء عمال هذه الشركات الى القضاء لتضررهم من البيع وصدور أحكام قضائية ببطلان العقود وعودة الشركات للدولة يعيق مسيرة الاستثمار في مصر؛ ولجذب الاستثمار، ارتأت الحكومة أن تمنع المواطنين من الطعن على عقود البيع بدلا من أن تبرم عقود بيع سليمة تحمي المال العام وتحفظ حقوق العمال.

وينص الاقتراح الذي تمت مناقشته في الحكومة السابقة على أن “يكون حق التداعي أمام القضاء لدعاوى بيع شركات القطاع العام، للدولة والأطراف المتعاقد معها ولا يكون للأغيار صفة في الطعن على هذه العقود”[4]. وقد قامت الحكومة بذلك الاقتراح بتحصين العقود التي تبرمها من أى طعن عليها، وهو الأمر الذي يخالف المادة 97 من الدستور المصري التي تنص على أن “التقاضي حق مصون ومكفول للكافة. وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضي، وتعمل على سرعة الفصل في القضايا، ويحظر تحصين أى عمل أو قرار اداري من رقابة القضاء”.
كما أن التعديل المقترح قصر حق التقاضي على الدولة والمستثمر فقط، دون “الأغيار”، وهو بذلك يهدف بالواقع الى حرمان أشخاص لهم مصلحة شخصية أكيدة وفق مبادئ قانون مجلس الدولة[5] في اقامة دعوى من عدم اقامتها في انتهاك واضح لمبادئ القانون وسيادته.

بعد الثورة: خطوات جدية لحماية الحكومة والمستثمر من المحاسبة 
هذا الاقتراح لتعديل قانون الاستثمار ليس الأول الذي يهدف الى تحصين المسؤولين الحكوميين وحماية المستثمر. فقد قام المجلس العسكري بتعديل قانون الاستثمار عام 2012 ليجيز التصالح مع المستثمر اذا لم لم يصدر بحقه حكم قضائي بات واسترداد “كافة الأموال أو المنقولات أو الأراضي أو العقارات محل الجريمة أو ما يعادل قيمتها السوقية وقت ارتكاب الجريمة اذا استحال ردها العيني”[6]، كما نص التعديل على تشكيل لجنة لتسوية المنازعات الناتجة عن العقود المبرمة بين الجهات التابعة للدولة والمستثمرين[7].

بالاضافة الى ذلك، جرى التحدث خلال الشهور الماضية على اقتراح اصدار قانون عرف اعلاميا بقانون “حسن النية” وهو يهدف الى تحصين كل مسؤول حكومي يوقع على عقد من عقود الاستثمار طالما لم يثبت سوء نيته[8]، ولكن لم يخرج مشروع القانون الى النور بسبب رفض العديدين له.

كذلك، تباطأت الحكومات المصرية المتعاقبة منذ الثورة في تنفيذ الأحكام القضائية التي تنص على بطلان عقود البيع وعودة الشركات للقطاع العام.
وكل ما سبق يدعو للتفكير حول اتجاهات الحكومة المصرية وسياستها حول الاستثمار بعد الثورة، وللاحتراس من أي تعديل على قانون الاستثمار ولا سيما حق التقاضي المكفول للمواطن، خشية أن يؤدي الى تحصين المسؤولين والمستثمرين واستمرار اهدار المال العام ومنظومة الفساد التي قام مجلس الدولة في أحكامه المختلفة بادانتها.

للإطلاع على النسخة الإنكليزية من المقال، إنقر هنا  

الصورة منقولة عن موقع المصر اليوم



[1] نشر الخبر على الموقع الالكتروني لجريدة الشروق بتاريخ 24-2-2014.
[2] تقوم السلطة التنفيذية بارسال القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية لمجلس الدولة لمراجعتها وصياغتها قبل اصدارها وذلك حسب نص المادة 190 من الدستور المصري التي تحدد اختصاصات مجلس الدولة.
[3] راجع “باسم الشعب- أبرز أحكام التقاضي الاستراتيجي للمركز المصري”، اعداد خالد علي وعلاء الدين عبد التواب، صادر عن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
[4] راجع برنامج “اخر كلام” للاعلامي يسري فودة، حلقة يوم 26-2-2014.
[5] شرط “المصلحة الشخصية” ضروري لاقامة دعوى امام القضاء، وقد نص قانون مجلس الدولة في المادة 12 منه على هذا الشرط.
[6] راجع المادة 7 مكرر من قانون الاستثمار المضافة بالمرسوم بقانون رقم 4 لسنة 2012 الصادر بتاريخ 3-1-2012.
[7] راجع المادة 66 مكرر من قانون الاستثمار المضافة بالمرسوم بقانون رقم 4 لسنة 2012 الصادر بتاريخ 3-1-2012.
[8] حسب تصريح المحامي الأستاذ خالد علي في برنامج “أخر كلام” مع الاعلامي يسري فودة، حلقة يوم 26-2-2014.
انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد البرلماني ، مصر ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني