استدعاء طالب أمام النيابة العسكرية: التحقيق في إصابات العسكر حصراً


2021-06-24    |   

استدعاء طالب أمام النيابة العسكرية: التحقيق في إصابات العسكر حصراً
الناشط كريم صفي الدين

على الرغم من عشرات أحكام البراءة التي صدرت عن المحكمة العسكرية بحق نحو 57 من المتظاهرين الّذين شاركوا في تظاهرات 17 تشرين، تستمرّ الاستدعاءات إلى التحقيق. فالإثنين في 21 حزيران 2021، استدعت الشرطة العسكرية الناشط في شبكة مدى الطلّابية كريم صفيّ الدين إلى التحقيق في ثكنة الأمير بشير في الأونيسكو – بيروت. وتبيّن أنّ خلفية هذا الادّعاء تظاهرة طلّابية لشبكة مدى حصلت في 19 كانون الأول 2020 رفضاً لـ “دولرة الأقساط” في الجامعات الخاصّة أمام مبنى الجامعة الأميركية في بيروت. ومثل صفيّ الدين كمشتبه به برمي حجارة على عناصر من الجيش اللبناني بحضور وكيلته المحامية ديالا شحادة.

بعد ثلاث ساعات أمضاها في التحقيق، خرج صفيّ الدين من ثكنة الأمير بشير حيث كان بانتظاره عشرات من المعتصمين الّذين نفذوا اعتصاماً منذ الساعة الثامنة والنصف صباحاً بدعوة من شبكة مدى، “دفاعاً عن حريّة التعبير عن الرأي ورفضاً لكلّ هذه الممارسات البوليسيّة الظالمة”. واعتبرت شبكة مدى في بيان نشرته على صفحتها على فيسبوك، أنّ “هذا الإستدعاء الذي يحمل في طياته قدراً كبيراً من الافتراء والتجنّي يحمل اليوم رسائل سياسيّة بغاية الخطورة، وخصوصاً في ظلّ إفلاس النظام وعجزه عن تأمين أبسط مقوّمات الحياة للمقيمين في لبنان”. واعتبر البيان أنّ هذا الاستدعاء “يُعدّ اعتداء سافراً على حق التجمّع وتنظيم الاحتجاجات، يمثّل تحدّياً صارخاً في وجهنا، ونحن قبلنا هذا التحدّي”.

صفيّ الدين أكدّ لـ “المفكرة” أنّ أربعة عناصر أمنيين توجّهوا إلى منزله قبل أيّام وبلّغوه الاستدعاء من قبل النيابة العامّة العسكريّة. وعلى هذا الأساس توجّه صباح الاثنين 21 حزيران إلى ثكنة الأمير بشير، وهنا “حققّت معي محققتان، وكان التحقيق هادئاً”. ويلفت إلى أنّ الأسئلة تمحورت حول “الاشتباه بي بأنّني قمت برشق الحجارة على عناصر من القوى الأمنية خلال التظاهرة”. يُضيف: “نفيت الأمر وأكدت للمحقّقة أنّها كانت تظاهرة سلمية ولكن حصل عنف من قبل العناصر الأمنية المتواجدة في التظاهرة ضد الطلّاب”. ومن جهة أخرى، “تم مساءلتي حول تنظيمي للتظاهرة، وطرحت عليّ أسئلة حول هدف التحرّك، وشرحت للمحقّقة أنّ الهدف هو رفض دفع الأقساط بالدولار في الجامعات الخاصّة”.

والملفت أنّ المحققتين طلبتا من صفي الدين التعهّد بدفع تكاليف علاج العناصر الّذين أصيبوا يوم التظاهرة، ويؤكّد صفيّ الدين”أنّني رفضت كوني غير مسؤول على أيّ من الإصابات المذكورة، مؤكّداً على سلمية تحركاتنا”. وتعلّق المحامية ديالا شحادة التي حضرت التحقيق إلى جانبه على طلب التعهّد هذا بأنّه “ليس من صلاحية القضاء العسكري تحصيل التعويضات بل هو من صلاحية القضاء المدني، فيما عمل النيابة العامّة أن تحقّق وتحدّد المسؤول عن الإصابات، وصفيّ الدين غير مسؤول عن هذه الإصابات كونه لم يلق حجارة على العسكريين من الجيش اللبناني”.  

من جهة ثانية، يشعر صفيّ الدين بريبة حيال هذا الاستدعاء، مشيراً إلى أنّه مؤخراً بدأت “ترد اتّصالات من أجهزة أمنيّة لبعض الأشخاص، وأنا من بينهم، بهدف الاستفسار حول هويّة بعض الطلّاب الناشطين في النوادي العلمانيّة”. ويرجّح أن “يكون ذلك وراءه استدعاءات إضافية لأشخاص شاركوا في النشاطات والتظاهرات التي ننظمها”. ومن ناحية أخرى، لا يستبعد معاودة استدعائه إلى المحكمة العسكريّة، أسوة بكافّة الادّعاءات التي تطال أشخاصاً شاركوا في التظاهرات خلال انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، والتي انتهت غالبيتها بإعلان براءة المدّعى عليهم.

وعلمت “المفكرة” أنّ النيابة العامّة تنوي الاستمرار في استدعاء متظاهرين على خلفية التظاهرة المذكورة، وسيكون هناك نحو 21 شخصاً أمام التحقيق لدى شرطة بيروت.

من جهتها، تؤكّد شحادة أنّ “التحقيق كان هادئاً مع المحققتين، وتمّ احترام المادة 47 المعدّلة (أصول المحاكمات الجزائية) مؤخراً والتي تتيح للمستدعين إلى التحقيق الحضور مع وكيل قانوني”. وعلى خلاف ذلك، تجد شحادة أنّ استدعاء النيابة العامّة لمتظاهرين بسبب إصابات في صفوف العسكريين فقط، رغم وقوع إصابات مضاعفة في الواقعة نفسها في صفوف المدنيين، هو انحياز واضح”. وتسأل، “لماذا لا تحقّق النيابة العامّة العسكرية المولجة بالدفاع عن الحق العام أمام القضاء العسكري في الجرائم التي ترتكب بحق مدنيين خلال التظاهرات؟”.  وتضيف، “لها الصلاحية في التحقيق في الجرائم التي ترتكب بحق مدنيين وعسكريين، لكن لا نشهد لها سوى التحقيق في إصابات العسكريين”.

استدعاءات مستمرّة على الرغم من غياب الأدلّة

يشار إلى أنّ معظم هذه الادّعاءات، كانت تتّصل بمعاملة قوى الأمن بالشدّة وتحقير المؤسّسة الأمنية وغيرها من التهم التي جرّت عشرات الأشخاص إلى المحاكم، من دون تقديم أدلة على ارتكابهم أيّة أفعال جرميّة. وعليه، تبدو هذه الادّعاءات والاستدعاءات وكأنّ هدفها “تربية” كلّ من شارك في تظاهرة ضد السلطات السياسية.

وقد رصدت “المفكرة” عشرات الجلسات أمام المحكمة العسكرية الدائمة أو القاضي المنفرد العسكري في بيروت، وهي جلسات انعقدت على خلفية ادعاءات النيابّة العامّة ضد ناشطين بتهم مختلفة على خلفية مشاركتهم في التظاهرات. وانتهت غالبية هذه الدعاوى إلى إعلان براءة المدّعى عليهم، فلم تقدّم النيابة العامّة أيّة أدلة لتدعم ادعائها، ولم نرصد أي عنصر أمني قدّم شهادته حيال التعرّض له بالشدّة أو شتمه أو أي دليل على التهم التي توجّه له. ونشير إلى أنّ كثر ممّن تمّ الادّعاء عليهم، أدلوا بتعرّضهم للعنف من قبل العناصر الأمنية ومنهم من ادّعى أمام النيابة العامّة بجرائم التعذيب لكن تمّ حفظ الدعاوى فيما تمّ الادّعاء عليهم بمعاملة العناصر الأمنيّة بالشدة.

مقالات ذات صلة:

تهم من دون أدلّة تلاحق متظاهري الانتفاضة: المحكمة العسكريّة تعلن براءة “الجوكر”

“النيابة العامّة العسكريّة تدّعي على المتظاهرين من دون قراءة ملفّاتها”.. البراءة مجدّداً لناشطي 17 تشرين

دعاوى “معاملة قوى الأمن بالشدّة” ضد متظاهرين أمام المحكمة العسكريّة: هدر للمال العام

محامو لجنة الدفاع عن المتظاهرين: أيّ تصوّرات لدورهم ودور نقابتي المحامين؟

ممثّل النيابة العامة العسكريّة يطلب البراءة للناشط خلدون جابر: حكم يفضح تلفيق الأجهزة الأمنيّة التّهم ضد المتظاهرين

أليكسندر يحوّل قمع الأمن إلى عمل فنّي.. وأحكام براءة جديدة للمتظاهرين

 

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، حريات ، أجهزة أمنية ، محاكم عسكرية ، قرارات قضائية ، لبنان ، مقالات ، انتفاضة 17 تشرين



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني