إشارة بتوقيف المودع الذي لجأ إلى عدالته الخاصة ولا ادّعاء من المصرف ضدّه


2022-08-12    |   

إشارة بتوقيف المودع الذي لجأ إلى عدالته الخاصة ولا ادّعاء من المصرف ضدّه
من الوقفة التضامنية مع بسام الشيخ حسين أمام المصرف

بعد أقلّ من عام على حادثة عبد الله الساعي المودع الذي انتزع من بنك بيروت والبلاد العربية خمسين ألف دولار أميركي بالقوّة والتهديد بعدما رشّ البنزين على نفسه وفي أرجاء المصرف، استطاع المودع بسام الشيخ حسين أمس أيضاً انتزاع 35 ألف دولار بالطريقة نفسها من فرع مصرف “فيدرال بنك” في الحمرا، ليعود ويسلّم نفسه تماماً كما فعل الساعي.

وأصدر النائب العام التمييزي في بيروت القاضي غسان خوري إشارة بتوقيف بسام الشيخ حسين بعد انتهاء التحقيق الأوّلي معه والذي أجري أمس بحضور المحامي في رابطة المودعين في لبنان المحامي رفيق غريزي.  وهذا بحسب شقيقه عاطف “نكث بالاتفاق بين بسام والمفاوضين على تركه حراً بعد وقت وجيز من نقله إلى شعبة المعلومات”.

وكان ذوو بسّام ومحاموه مُنعوا من الدخول لرؤيته، فنفّذت عائلته اعتصاماً عند طريق عام الأوزاعي، حيث يسكن، وقطعت الطريق احتجاجاً على توقيفه ومنعهم من رؤيته، ليعود ويُسمح لأخيه بالتواصل معه عبر الهاتف.

ومساء اليوم أفاد الشقيق “رابطة المودعين” أنّ بسّام بدأ إضراباً عن الطعام احتجاجاً على استمرار توقيفه.

تفاصيل اليوم الطويل

“لم يكن بسّام يريد اللجوء إلى العنف” يقول شقيقه عاطف “ولكن لم يتركوا له خيارات، لديه التزامات، قرض للطاقة الشمسيّة، عائلة، ووالدنا مريض يدخل المستشفى بشكل دوري، والعلاج مكلف، أراد فقط أخذ ماله، لعلاج أبيه”. 

ويروي عاطف أنّ بسّام توجّه صباح أمس إلى “فيدرال بنك” ليطلب 400 دولار من وديعته البالغة 210 آلاف دولار استناداً إلى تعميم مصرف لبنان رقم 185 ولكنّ مدير الفرع رفض إعطاءه المبلغ تماماً كما فعل لمدة ثلاثة أشهر سابقة، فطلب بسّام تغطية مصاريف المستشفى لوالده فأجابه مدير الفرع بأنّ الموضوع عند إدارة المصرف وهي رفضت الأمر، وعندما أصرّ بسّام على الموضوع توجّه مدير الفرع، حسب عاطف، بكلام بذيء إليه فما كان من بسّام إلّا وأن خرج من المصرف وأحضر بنزينا كان وضعه في السيّارة وهدّد بحرق نفسه والمدير قائلاً: “بموت أنا وبيّي ما يموت”.

ويضيف عاطف: “والدي مريض، يعاني من ألزهايمر وأمراض أخرى، بسّام هو من يهتمّ به، يدخل والدي بشكل دوري إلى المستشفى، آخر مرّة استدنّا كلفة العلاج، وكنّا نريد مبلغاً من المصرف لإيفاء الدين، أخي حضّر البنزين سابقاً لأنّ مدير المصرف من فترة يرفض إعطاءه الـ 400 دولار”. وكان بسّام ظهر وهو يحمل السلاح داخل المصرف وتضاربت الروايات بين من قال، ومن بينه شقيقه، إنّه أحضر السلاح من السيارة عند إحضار البنزين وبعدما استفّزه المدير، وبينما من قال إنّ السلاح كان موجوداً في الداخل وهو أخذه.

يكرّر عاطف عبارة “أخي ليس مجرماً، أخي طالب بحقّه، لم يتعرّض لأحد بأذى، لا من الموظفين ولا من المودعين” آملاً أن يخرج أخاه ليعود ويهتمّ بوالدهما كما اعتاد.

التفاصيل نفسها يكرّرها شهود عيان التقت بهم “المفكّرة” من دون إخفاء أيّ تعاطف مع بسّام ” الزلمي كان بدّه 400 دولار، أخرج المودعين الذين كانوا في الداخل ولم يتعرّض لأحد بأذى، ومدير البنك استفزّه” يقول أحد الشهود، فيما يخبرنا شاهد آخر بأنّ بسّام عمد إلى إخراج المودعين “أخرج مودعاً كان مريضاً، وأبقى على اثنين خرجا فيما بعد، لم يرد إيذاء أحد، كان يريد ماله”.  

عند الساعة السادسة مساء سمح بسّام للموظفات ومدير الفرع الذين كان احتجزهم بالخروج من المصرف، بعد أنْ أخذ 35 ألف دولار من وديعته وحصل، بحسب شقيقه، على تعهّد من القوى الأمنية بأن ينقل إلى شعبة المعلومات لوقت قصير ثمّ يُترك حرّاً. 

وأوضح رئيس جمعية المودعين حسن مغنية الذي فاوض باسم بسّام لـ “المفكرة” أنّ جمعية المصارف تركت قرار إعطاء الوديعة من عدمه إلى المصرف الذي عرض على بسّام عشرة آلاف دولار بداية ليردّ الأخير بالرفض مصرّاً على الوديعة كاملة ثمّ رفعت المبلغ إلى 30 ألف دولار ليتمّ الاتفاق النهائي على 35 ألف دولار، وعلى تعهّد من القوى الأمنية بتركه حراً.

ورأى مغنيّة أنّ ما أقدم عليه المودع هو نتيجة اللامبالاة التي تنتهجها السلطة السياسية والمصارف والمصرف المركزي تجاه حقوق المودعين وأنّ الفعل الذي قام به بسّام يدخل ضمن استيفاء الحق بالذات المصان قانوناً، معتبراً أنّ مثل هذه الحوادث ستتكرّر طالما لا أحد يحرّك ساكناً في قضيّة أموال المودعين.

المتضامنون مع بسام أمام فيدرال بنك يهتفون “ردّولوا مصريّاتو”

المسار القانوني

من المفترض وفق المحامية دينا أبو زور والعضوة في رابطة المودعين وحسب المسار القانوني الطبيعي، أن يحوّل ملف بسّام إلى النيابة العامة التميزيّة حيث يتم الادّعاء عليه ليتبيّن السند القانوني، وبعدها يذهب الملف إلى قاضي التحقيق.

وتشرح أبو زور أنّه لن يتمّ اتخاذ أي إجراء قانوني قبل يوم الثلاثاء لأنّ الأيام الثلاثة المقبلة عطلة رسميّة.

ويقول المحامي رفيق غريزي في اتصال مع “المفكرة” إنّ التحقيق كان جيداً وأنّ الموقوف لم يتعرّض لأي ضغوطات وإنّه شعر حتى بتعاطف من المحققين “لأنهم يعانون من الضائقة الاقتصادية ذاتها”، على حد قوله.

وأشارت أبو زور إلى أنّها تواصلت هي وشقيق بسام مع بسام اليوم الذي لم يكن لديه علم بإشارة توقيفه مع العلم أنّ من حقّه أن يعرف بوجود الإشارة. ولفتت أبو زور إلى أنّه حتى أمس لم يكن هناك أيّ ادعاء شخصي لا من موظف في المصرف ولا من المصرف ذاته.

وقفة تضامنيّة خارج المصرف

بينما كان بسّام داخل المصرف، كان المشهد في الخارج أكثر وضوحاً، مواطنون تجمّعوا فور سماعهم الخبر، عشرات الكاميرات المثبّته باتجاه المصرف تنتظر أيّ إشارة تستشف منها ما يحدث داخل المصرف، وطوق أمني لا يُسمح لأحد غير عائلة بسّام بتخطّيه. وحدها السيّدة السبعينيّة التي لا تفوّت تحرّكاً للمودعين إلّا وتشارك فيه كانت خلف هذا الطوق، تجلس على كرسي بفيء شجرة، فهي الواصلة قبل الجميع وبابتسامتها التي لا تفارق وجهها، تمكّنت من حجز مقعدها، جنب القوى الأمنية.

تتضامن هذه السيّدة مع بسّام فهي ربما لو استطاعت لفعلت مثله بعدما عملت لسنوات معلمة في السعودية، وادّخرت مبلغاً بسيطا لآخرتها كما كانت أخبرت المفكرة سابقاً، لتأتي السلطة وتصادر جنى عمرها.

خلف الطوق الأمني وعلى بعد أمتار من المصرف كان المعتصمون يعبّرون عن تضامنهم مع بسّام، يطلقون هتافات تطلب منه الصمود وعدم الخروج إلّا وكامل وديعته معه بالإضافة إلى هتافات لطالما رُدّدت في حراك السابع عشر من تشرين  ضدّ المصارف التي احتجزت أموال المودعين، وضدّ السلطة السياسيّة التي تغطي المصارف وتحميها. 

“بطل هذا الشاب، لو لم نسكت عن حقّنا منذ العام 2019 لما تمادت المصارف” يقول أحد المعتصمين، وهي الفكرة نفسها التي كرّرها عدد من المعتصمين لـ “المفكرة”، فيما اعتبر معتصمون آخرون أنّ ما فعله بسّام هو الحلّ الوحيد المتاح حالياً إذ تقول إحدى المواطنات لـ “المفكرة” “آخر الدواء الكيّ، لا يمكن إدانة فعل بسّام فالمصارف هي التي أوصلته إلى ذلك، هي والسلطة السياسية أجبرته على الأمر”.

بين المواطنين المعتصمين أمام المصرف تقف سيّدة مرتبكة، تخبر أنّ ابنة اختها هي واحدة من الموظفات المحتجزات داخل المصرف، تطمئن من يسألها بأنّ قريبتها لم تتعرّض لأي أذى، وأنّها تجلس مع 4 من زميلتها في غرفة وجدهنّ بينما يجلس بسّام في غرفة أخرى مع مدير المصرف.

من الوقفة التضامنية اليوم مع بسام أمام شبعة المعلومات
انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، حركات اجتماعية ، مصارف ، حقوق المستهلك ، فئات مهمشة ، لبنان



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني