أهالي ضحايا 4 آب يرفضون الاستغلال السياسي لقضيّتهم: “لا تقتلونا مرّتين”


2021-09-30    |   

أهالي ضحايا 4 آب يرفضون الاستغلال السياسي لقضيّتهم: “لا تقتلونا مرّتين”
خلال تظاهرة أهالي الضحايا وناشطين أمام قصر العدل

نفّذ أهالي ضحايا تفجير 4 آب وعشرات الناشطين أمس الأربعاء 28 أيلول تظاهرة حاشدة على خلفية كف يد قاضي التحقيق في ملف التفجير طارق بيطار مؤقتاً بموجب المادة 125 من أصول المحاكمات المدنية. وذلك بعد تبلّغه طلب الرد المقدّم من النائب نهاد المشنوق الإثنين 27 أيلول الجاري بانتظار صدور قرار محكمة الاستئناف في بيروت. من أمام بوابة قصر العدل في بيروت وجه المتظاهرون رسالتين، الأولى للقاضي بيطار مفادها: “نحن حدك”، والثانية للقضاء اللبناني الذي “يقف أمام الاستحقاق الأخير لإثبات استقلاليته عن الطبقة السياسية وعدله واستعادة ثقة اللبنانيين به”، على حد قولهم.

حاولت مجموعة من المتظاهرين انتهاز فرصة التظاهرة لتوجيه رسائل سياسية وتضييع بوصلة الأهالي الموجّهة بشكل خاص نحو الحصول على الحقيقة والعدالة فقط. فرفعوا شعارات وهتافات ضدّ حزب الله اعتبرها بعض الأهالي محاولة لتمرير أجندات سياسية على حساب دماء ضحايا 4 آب. والتصرّف الذي اعتبره الناطق الرسمي باسم لجنة أهالي الضحايا، وشقيق الضحية ثروت حطيط، إبراهيم حطيط، “يهدد بتضييع قضية التفجير”، أثار غضب الأهالي الذين رفضوا “أي كلمة تدخلنا في الزواريب السياسية وأيّ اتهام لجهة سياسية خارج من يتهمهم القضاء اللبناني”.

أهالي الضحايا للقاضي بيطار: “نحن حدّك”

لم يترك ذوو الضحايا القاضي بيطار وحيداً في وجه منظومة سياسية تعمل جاهدة للإطاحة به وعرقلة التحقيقات بعد مرور سنة وقرابة شهرين على التفجير. فطالما يسعى بيطار نحو الحقيقة والعدالة، “سنبقى إلى جانبك ومعك في وجه كل من يقف ضدك”، كما تقول أنطونيلّا حتّي، شقيقة الضحية شربل حتّي التي ترى أنّه “لو لم يسكنهم الرعب ممّا توصّل إليه القاضي بيطار لما تخفّوا وراء حصاناتهم السياسية والطائفية واستشرسوا في سبيل عزله وعرقلة التحقيقات”. ووجّهت حتّي في كلمة، رسالة إلى رئيس محكمة الاستئناف في بيروت القاضي نسيب إيليا الذي سينظر في طلب الرد الذي قدمه المشنوق بحق القاضي بيطار، جاء فيها: “اعتبر ضحايانا هم أولادك، وانظر إلى صورهم ثم اتخذ قرارك بعدل وإنصاف لدم الضحايا ودموع ذويهم”. وأكدت حتّي أنّها لا تهدف إلى التدخّل في قرارات القاضي (إيليا)، لكنها تتمنّى أن يأخذ بعين الاعتبار “الجهد الذي قدمه القاضي بيطار من جهة، ومسار التحقيقات الذي أحرز تقدماً لافتاً لم نشهده من قبل من جهة ثانية”. 

من جهته رفض ويليام نون، شقيق الضحية جو نون، عزل بيطار رفضاً قاطعاً، لافتاً إلى أنّه “منذ البداية طالبنا بتحقيق دولي فأجبرتونا على اللجوء إلى القضاء اللبناني. وبعد تنحية قاضي التحقيق السابق في ملف التفجير فادي صوان بحجة الارتياب المشروع بحقه، تسعون اليوم إلى تنحية القاضي بيطار، لا لن نسمح بذلك”. إلى جانب “تخوين القاضي بيطار”، وفق نون، يشير الأخير إلى “حملة تخوين يتعرض إليها أهالي الضحايا على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل جماهير الأحزاب السياسية الذين يتهمونهم بالتجارة بدماء ضحاياهم”. يرد نون على هذه الاتهامات بالقول: “قبل 4 آب كنا جميعنا، أي أهالي الضحايا، ننتمي لأحزاب وطوائف وأديان لكن تفجير المرفأ جمعنا تحت مظلة واحدة وهي قضية 4 آب،”، مضيفاً: “نحن واضحين بمطلبنا الحقيقة فقط لا غير”.

أهالي الضحايا: حذار عزل بيطار..

يعزو محيي الدين لادقاني، ابن الضحية محمد لادقاني، سبب التصدّي لمحاولات نقل الدعوى وردّ القاضي بيطار إلى رضاه عن تأدية الأخير لمهامه “بعد أن افتقدنا وجود قضاة وسياسيين وموظفين في الدولة يؤدون مهامهم كما يجب”، كما يقول. ويرى لادقاني أن أي قاضٍ نزيه سيصار إلى استبعاده عندما يتوصل إلى الحقائق ذاتها التي توصل إليها بيطار، ما يعني “أننا سنصل إلى النتيجة ذاتها”. ف”هل يريدون تعيين قاض يستمع إلى طلباتهم ويرضخ لتهديداتهم؟”، يسأل لادقاني. وعن سؤاله: “ماذا لو تم عزل بيطار؟”، يجيب: “لن نلجأ إلى قاض آخر بل سنسحب ثقتنا بالقضاء اللبناني وسنتوجه إلى المحاكم الدولية أو إلى أساليب العنف”.

إذا تم عزل بيطار “بكونوا قتلونا مثل ما قتلوا إخواتنا”، وفق ريما الزاهد، شقيقة الضحية أمين الزاهد. لا تجد الأخيرة أنّه سيكون لأهالي الضحايا خيار بديل عن القاضي بيطار، كما وافقوا على نقل الملف إليه بعد تنحية القاضي صوان، لماذا؟ تجيب: “كأهالي ضحايا كان لدينا أكثر من مأخذ على القاضي صوان، وقد تظاهرنا مرارا أمام منزله بسبب الركود الذي سيطر على التحقيقات آنذاك”. أما القاضي بيطار فهو قاضٍ “نزيه ولم يخطئ أبداً”، على ما تقول.

“لا تقتلونا مرة ثانية”

بينما كان أهالي الضحايا يلقون كلماتهم، حضر المحامي رامي علّيق للوقوف معهم، الأمر الذي استفزّ بعض المتظاهرين ممن حاولوا طرده من أمام قصر العدل وسط تدافع بين الأهالي ورشق بقوارير المياه. هذه الفوضى سمحت لبعض المشاركين في التظاهرة بدخول قصر العدل بالقوّة، إلا أنهن ما لبثوا أن غادروا المكان.

وبعدها سرعان ما تم تغيير بوصلة أهالي الضحايا الذين حضروا من أجل تحقيق الحقيقة والعدالة. إذ علت هتافات المتظاهرين المنددة “بتدخل حزب الله السياسي وبالحصار الإيراني”، ورفعت شعارات سياسية استهدفت حزب الله بشكل خاص.

عندها توجّه حطيط إلى المشاركين بحزم: “نشكر حضوركم معنا ومساندكم لنا لكن من يريد أن يدعمنا ليفعل ذلك ضمن بوصلتنا التي تأخذنا نحو الحقيقة والعدالة فقط”، مكرراً عدة مرات: “لا نريد أن نضيّع البوصلة”. ورفض حطيط، باسم لجنة أهالي الضحايا “الانجرار نحو الزواريب السياسية وتوجيه اتهام لأي جهة إلّا من يتّهمها القضاء”، وختم بالقول: “لا تقتلونا مرة ثانية”. لكن المشاركين استمروا بهتافاتهم، وتهجّموا لفظياً على حطيط عندما طلب منهم “عدم تسييس القضية”، ما دفع لجنة أهالي الضحايا إلى الانسحاب “حفاظاً على مسيرتها الواضحة برفض أي استغلال أو تسييس لدم فلذات أكبادنا وحفاظاً على قضيتنا من التضييع في زواريب تسجيل النقاط الانتخابية والسجالات الداخلية”، وفق بيان توضيحي للجنة أهالي الضحايا. 

الفرصة الأخيرة للقضاء

أجمع المتظاهرون على أنّ “القضاء يملك فرصته الأخيرة ليضرب بيد من حديد من أجل تحقيق العدالة ومحاسبة المرتكبين”. ويراهن المعتصمون على قرار القضاء في طلب رد القاضي بيطار ليحددوا إن كانوا سيستعيدون ثقتهم في القضاء اللبناني المستقل والعادل أم لا. 

تقول طبيبة في جمعية “القمصان البيض” التي تضم أطباء وطبيبات وممرضين وصيدلانيين ومخبريين إنهم في الجمعية “منذ 4 آب وقفنا إلى جانب أهالي الضحايا في قضية التفجير، فكلنا ضحايا لما عشناه في ليلة 4 آب المشؤومة”. هي ترى أنّه إذا سكت الناس هذه المرة عن التدخل السياسي في القضاء وعرقلة التحقيقات يعني “طار البلد ورحنا عالمشنقة بإجرينا”.

إلى جانب صور ضحايا 4 آب، رفعت في تظاهرة الأمس صور لسياسيين مرتبطة أسماؤهم بجريمة 4 آب، كتب عليها: “كان يعلم”. كما خصصت للمنظمة السياسية لافتات كتب على بعض منها: “منظومة النيترات ساقطة”، و”منظومة القبع بدها قبع”، و”جاي رفع الحصانات عن منظومة النيترات حتى يعفنو بالزنزانات”. وطالب المتظاهرون بالعدالة من خلال لافتات كتب عليها: “العدالة آتية”، و”القصة مش قصة قاضي، القصة قصة عدالة”، و”وراءكم حتى العدالة”، و”لن ننسى”.

 

دخول قصر العدل

قُبيل وصول المتظاهرين إلى قصر العدل، وعند الواحدة ظهراً سبقتهم إلى الداخل مجموعة أخرى للمطالبة بالعدالة وإدانة كل من يحاول يعرقلها. وعلّق المتظاهرون صورة ضخمة مركّبة لعدد من ضحايا 4 آب مكتوب عليها: “لن تقتلونا مرتين”. وهتفوا: “يسقط يسقط حكم الأزعر، نحن الشعب الخط الأحمر”، قبل أن تنضم إليهم مجموعة محامين تضامناً.

أراد المتظاهرون أن تعلو صرختهم داخل حرم قصر العدل ليوجّهوا رسالتهم إلى القضاة، وهي: “سنلاحق أزلام السلطة من القضاة، وندين أي قاض يتآمر بالملف”. وطالبوا رئيس محكمة الاستئناف في بيروت رد طلب الرد المقدم من المشنوق بحق بيطار “لأنّه غير شرعي باعتبار الاستئناف ليست الجهة المخوّلة البت بهذه الملفات، لكنهم لجأوا إليها لتضييع الوقت وتطيير جلسات الاستجواب إلى حين حلول 19 تشرين وعودة حصاناتهم”.

وقال المحامي واصف الحركة: “لا حصانات ولا خطوط حمر أمام دماء الضحايا، ولن نقبل أن تقتلوا بيروت مرتين مرة خلال التفجير ومرة داخل قصر العدل”، مضيفاً: “المواجهة مستمرة ومن واجب كل لبناني شريف أن يخوضها وليس فقط اهالي الضحايا”.

  

انشر المقال

متوفر من خلال:

محاكمة عادلة ، قضاء ، تحقيقات ، أحزاب سياسية ، قرارات قضائية ، استقلال القضاء ، محاكمة عادلة وتعذيب ، لبنان ، حراكات اجتماعية ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، مجزرة المرفأ



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني