أهالي ضحايا المرفأ: أي محاولة لإعمار المرفأ قبل معرفة الحقيقة ستكون على أجسادنا


2022-02-05    |   

أهالي ضحايا المرفأ: أي محاولة لإعمار المرفأ قبل معرفة الحقيقة ستكون على أجسادنا
تصوير: هدى زبيب

“لو تحت الرصاص، لن أفوّت  فرصة المشاركة في هذه الوقفة الشهرية”، قالها أجود شيا والد الضحية في انفجار المرفأ المعاون في الجيش جواد، الذي وصل مساء امس، من بدغان في صوفر إلى بيروت، حيث سماكة الثلج فيها تجاوزت  المتر و10 سنتم.
ريما شقيقة الضحية أمين الزاهد، التي لم تتخلّف يوماً عن موعد اللقاء الشهري، ما زال قلبها يخفق بسرعة كلما قصدت المكان: “هنا نحن أقوى، أقل حزناً، لا يهم إن ارتعدنا برداً، فالأمر لا يتعلق بالوقوف تحت المطر، بل هو أكبر من ذلك إنه يتعلق بنا نحن عائلات الضحايا، إذ لن نعرف أي سبيل للراحة أو الدفء إلا إذا عرفنا طريق الحق وسنعلم”.

17 شهراً على انفجار الرابع من آب 2020 ، ولا يزال الزمان لدى أهالي ضحايا انفجار المرفأ متوقفا عند الساعة 6:07 دقيقة، في هذا المكان، أمام مرفأ بيروت. في المقابل لا يزال التحقيق المتعلق بالملف متوقفاً منذ 23 كانون الأول الماضي بعد كف يد المحقق العدلي طارق بيطار مؤقتاً عن تحقيقات المرفأ، نتيجة طلبات الردّ المقدّمة من المدعى عليهما علي حسن خليل وغازي زعيتر.
وفي هذا الشأن، رأى جورج باذجيان والد الضحية جيسيكا ل”المفكرة” أن “التحقيق دخل في شهره الثالث من التعطيل، هم يعرقلون المحقق العدلي، وفي الوقت نفسه يريدون طمس مسرح الجريمة ولا كأنه صار مجزرة في هذا المكان”. وأضاف: “نحن نؤمن أن القضاء وحده يحقق العدالة ويمنع الإفلات من العقاب، لذا لن نسمح لأحد بالعمل لإعادة إعمار المرفأ الذي لا تزال أشلاء الضحايا فيه، إلا إذا صدر القرار الظني وتحوّل إلى المجلس العدلي.  لذا سنتوجه الاثنين المقبل إلى قصر العدل للضغط في اتجاه البت بطلبات الرد”.

إذاً ففي كل رابع من كل شهر، يعود الأهالي إلى موقع الانفجار، يجتمعون أمام تمثال المغترب، ليستذكروا ضحاياهم الذين غادروهم في أفظع جريمة ارتكبت بحقهم وحق الوطن، ويضيئوا شعلة الرجاء والمستقبل، ثابتين على شعار: لن نترك قضيتنا، لن نسامح ولن نساوم على دماء أحبائنا. وفي كل مرة يحملون  قضية مرتبطة بالانفجار وضحاياهم، وهذه المرة كان العنوان الأبرز: “ارواح البشر اهم من إعمار الحجر”، وذلك في إشارة إلى إصرارهم على  المحافظة على مسرح الجريمة حتى جلاء الحقيقة قبل فتح باب المناقصات لإعادة إعمار المرفأ، كما قال وليم نون شقيق الشهيد في فوج اطفاء بيروت جو، ل “المفكرة”.
ورفض نون ما ذكره وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية عن الرؤية الاستراتجية لوزارة الأشغال العامة والمناقصة العالمية العمومية لإدارة وتشغيل محطة الحاويات وموضوع الإهراءات والشركات المهتمة بإعادة اعمار المرفأ، كما المناقشات والمباحثات التي  أجراها مع سفيرتي فرنسا وسويسرا مؤخراً وكذلك مع تركيا بهذا الشأن.

هل الحجر أهم من البشر؟

سؤال طرحته رئيسة جمعية اهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت ماريانا فودوليان شقيقة الضحية غايا، في بيان باسم الجمعية، على  السلطة وتحديداً وزير الأشغال. وقالت:
نقول لكم “أرواح البشر أهم من بناء الحجر. كم كنا نتمنى أن تستهل كلمتك يا معالي الوزير بذكر ضحايانا الذين سقطوا مكان وقوفك وسفكت دماؤهم ظلما وغدرا. هم من عملوا وأفنوا حياتَهم هناك. هم من كانوا اساساً لاستمرارية المرفأ و تفعيله.
لقد كان همكم الإعمار والمناقصات و إزالة ما تبقى من مسرح الجريمة  قبل تبيان الحقيقة وإحقاق العدالة ومعرفة من فجر المرفأَ الذي تريدون إعادة اعماره”.
واكدت ماريانا “لسنا ضد إعمار المرفأ، لكن بعد معرفة الحقيقة ومحاسبة من قتل أولادنا. فالجرح عميق والجريمة كبيرة، ولن يستقيم الوطن قبل إعلان الحقيقة ومحاسبة المتورطين، وأي محاولة لإعمار مرفأ بيروت قبل معرفة الحقيقة ستكون على أجسادنا”.
 وطالبت “القضاء النزيه بالإسراع في البت بطلبات الرد، التي أصبحت من الواضح  أنها ذريعة بغية عرقلة التحقيق ضاربين بعرض الحائط القضاء ومفهوم المحاسبة ومشاعر من فقدوا ذويهم وأبنائهم. نقول لكم  كفاكم مهزل ومراوغة وظلماً ومتاجرة”.
ومن هنا توجهت إلى القاضية رلى المصري، وطلبت منها أن تحكّم ضميرها وتبت بطلب الرد المقدّم من خليل وزعيتر بوجه القاضيين ناجي عيد وروزين غنطوس من الغرفة الاولى لمحكمة التمييز التي تنظر في طلب ردّ بيطار بأسرع وقت. “لقد أضنانا الانتظار شهوراً من التعطيل بسبب شياطين الارض المتمرسين بالكيديات الشيطانية”.
كذلك طالبت رئيس مجلس القضاء الأعلى بإنهاء تشكيل الهيئة العامة لمحكمة التمييز لمعاودة عملها لتغلق باب التعطيل في وجه كل فاسد وعابث ومستهزئ بهذه القضية الوطنية المحقة، “التي واجب كل شريف أن يدعمها”.

وفيما يتعلّق بالانتخابات النيابية، قالت: “نؤكد حيادنا عن كل مرشح، ولا نسمح باستغلال قضيتنا واستجداء العواطف لمآرب سياسية وانتخابية. ولن نسمح بزج دماء ضحايانا وشهدائنا في دهاليزكم السياسية أو تمثيلنا للوصول لغايتكم”. وسألت كل من أعاد تنصيب نفسه والترشح للانتخابات ألم تكتفي بجريمة العصر؟
هل تؤتمن على أرواح وأملاك المواطنين؟ من الناخب الذي سيسلمك مصيره ومصير بلده؟”
مكانك السجن وليس موقعاً نيابياً”.

الاثنين إلى قصر العدل

وفي ظل عرقلة التحقيق في جريمة تفجير بيروت، وتعسّف المطلوبين إلى العدالة باستخدام حق الدفاع، ورفضاً لتكريس ثقافة التهرب من المحاسبة مرة جديد في لبنان، دعا أهالي الضحايا والجرحى والمتضررين من تفجير المرفأ إلى تحرّك عند الساعة الرابعة من بعد ظهر الاثنين المقبل في 7 شباط، أمام قصر العدل في بيروت دعما للعدالة ورفضاً لطلبات الردّ التي تعرقل مسار التحقيق.
وفي السياق نفسه، تمنت لجان ذوي الشهداء والضحايا والجرحى في تفجير مرفأ بيروت في بيان، ألا يتم إقحام قضيتهم في الزواريب الضيقة أو استغلال دمائهم وأوجاعهم لغايات انتخابية. وأكدوا أنه ما من مرشح باسمهم، وقضيتهم بعيدة كل البعد عن التجاذبات السياسية ومنزهة عن أي غايات شخصية مغرضة، رافضين أن يستغل أي فريق سياسي او مرشح هذه القضية واستجداء العواطف لمآرب شخصية، وأن يزج دماء الضحايا بدهاليز سياسية أو انتخابية”.
 
وجدد ذوو الضحايا والشهداء بالإضافة إلى الجرحى والمتضررين ومعهم كل المتضامنين، مطالبتهم بضرورة جلاء الحقيقة وتحقيق العدالة، وتأكيدهم على وجوب الحفاظ على استقلالية القضاء ومثول المطلوبين أمام التحقيق العدلي والمتهمين أمام المجلس العدلي إضافة إلى توقيف كل مطلوب للعدالة وكل من أظهره وسيظهره التحقيق مجرما ومتورطا. وفي هذا الإطار، يعبرون عن رفضهم المطلق لتقديم أي مطلوب أو مدعى عليه ترشيحه للانتخابات النيابية المقبلة”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

محاكم جزائية ، أحزاب سياسية ، حركات اجتماعية ، استقلال القضاء ، لبنان ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، مجزرة المرفأ



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني